الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المحور الإقليمي لصد و محاربة الإسلام السياسي ( 2 )

آدم الحسن

2021 / 8 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


المحور الإقليمي لصد و محاربة الإسلام السياسي يستهدف كل أجنحة الأحزاب و الحركات السياسية التي تعمل على اسلمة السياسة و الدولة بغض النظر عن انتماء هذه الأحزاب و الحركات المذهبي و هذا ما جعل دول الحصار على دولة قطر الأربعة , الإمارات و معها مصر و البحرين و السعودية تواجه محورا جديدا هو تركيا – ايران - قطر لذلك فشل الحصار الرباعي على قطر في إجبارها على الرضوخ لشروط دول الحصار و المقاطعة حيث بدأ الحصار الغير مدعوم أمريكيا على قطر يتآكل تدريجيا بفعل وجود الممر الإيراني لربط تركيا بقطر , كذلك ساهم في فشل هذا الحصار ايضا الموقف الأمريكي الذي بدا ضعيفا و مترددا و غير منحازا لأي من المحورين , فالموقف الأمريكي بقى متشبثا و يَدورْ حول خياراته السابقة المستندة على ضرورة إيجاد الضد النوعي لمحاربة الحركات و التنظيمات الجهادية المتشددة بواسطة الإسلام السياسي المعتدل .

عند الرجوع الى السمات العامة لنهج المحورين , محور الإسلام السياسي و المحور المضاد له سيصبح فهم بعض المشاكل التي تعاني منها دول منطقتنا اكثر سهولة و وضوحا و من هذه الأمثلة :
اولا : الوضع في ليبا
يتركز الإسلام السياسي في مدن و مناطق غرب ليبيا , في العاصمة طرابلس و المناطق المحيطة بها التي تحظى على دعم واضح من تركيا التي زجت بالمجاهدين السوريين الذين دربتهم و سلحتهم و دعمتهم ماليا و ارسلتهم الى مناطق القتال حول طرابلس لمنع سقوط طرابلس بيد قوات حفتر .
في الجانب الآخر حصلت قوات حفتر المسيطرة على مدن و مناطق شرق ليبيا , في بنغازي و ما حولها وصولا الى سرت على الدعم الإماراتي .
لقد تحركت دولة الإمارات العربية لتقديم الدعم المادي الضروري الذي تحتاجه قوات حفتر و الجماعات السياسية المتحالفة معه من سلاح و مال و دعم سياسي و دبلوماسي بعد أن ظهر على السطح السياسي الليبي حكومة في طرابلس اساسها التيار الإسلاموي و من هذا التيار فرع حركة الإخوان المسلمين في ليبيا حيث صارت حكومة طرابلس المسيطرة على الغرب الليبي جزءا من محور الإسلام السياسي .
و تبع الإمارات في دعم قوات حفتر باقي مكونات المحور الإقليمي لصد و محاربة الإسلام السياسي , حيث ساهمت السعودية و البحرين بالدعم المالي و الدبلوماسي من خلال علاقاتهما الدولية لقوات حفتر و لم يغب الدور المصري عن المشهد المتفجر في ليبيا حيث وضع الرئيس المصري السيسي خطا أحمرا لقوات طرابلس المدعومة من قبل تركيا و المجاهدين السوريين السائرين في ركب التنظيم الأممي لحركة الإخوان المسلمين , حيث كان الخط الأحمر الذي وضعه الرئيس السيسي شديد الوضوح اذ شمل هذا الخط تحذيرا لقوات طرابلس بعدم الاقتراب من مدينة سرت النفطية حيث قام الرئيس السيسي بحشد قوات مصرية على الحدود المصرية مع ليبيا لإسناد خطه الأحمر ليعرف الطرف الآخر أن هذا الخط الأحمر ليس كلاما سياسيا فحسب و انم ورائه قوة عسكرية ساندة .
كان للتدخل المصري في ليبيا اهمية كبيرة لوقف اطلاق النار و جلوس الأطراف الليبية المتصارعة حول طاولة المفاوضات .
و مرة اخرى بان تردد الموقف الأمريكي و تشتته اكثر وضوحا و سبب هذا التشتت وجود اتفاق اوربي ( ممثلا بالموقف الفرنسي ) مع روسيا لغرض دعم قوات حفتر .
فلقد صار الوضع في ليبيا بالنسبة الى امريكا اكثر تعقيدا بعد أن وجدت امريكا أن تركيا و هي عضو في حلف الناتو في طرف و فرنسا التي هي ايضا حليفة للولايات المتحدة الأمريكية في الطرف الأخر , و روسيا التي لها علاقة متنامية مع تركيا تقف بالضد من الموقف التركي من خلال وجود عسكري غير مباشر لها عبر مرتزقة فاغنر .

ثانيا : الوضع على الساحة السورية
مثال أخر يوضح نهج المحورين , محور الإسلام السياسي و المحور المضاد له و صراعهما في الساحة السورية , ففي بداية انتفاضة غالبية الشعب السوري ضد نظام البعث السوري و حاكمه بشار الأسد لم يكن هنالك اي تنافس بين هذين المحورين لكن مع تطور الأوضاع و تنامي عسكرة الانتفاضة صار واضحا أن المحور الإماراتي يدعم الجيش السوري الحر الذي غالبيته من السوريين الذين يسعون الى إقامة حكومة سورية علمانية مدنية بعيدة عن تسيس الدين .
في الطرف الأخر الذي تدعمه تركيا تجمعت كل القوى الإسلاموية و منها حركة الإخوان المسلمين فرع سوريا .
ثم زاد المشهد السوري تعقيدا بدخول ايران للساحة السورية من خلال زجها بميليشيات عراقية و أخرى تابعة لحزب الله اللبناني في هذه الساحة الساخنة حيث فقد المحور الإسلاموي شيء من قوته بسبب انتقال ايران من دعم المحور تركيا - قطر الى قوة مضادة لتركيا و مشاريعها في سوريا .
أما روسيا التي تربطها علاقات جيدة مع تركيا و ايران و إسرائيل و النظام السوري فصار لها دورا مهما و حاسما في الملف السوري بعكس الموقف الأمريكي الذي أخذ يتخبط في خيارات الواحدة منها مناقضة للأخرى و لم يعد يهمها في هذه المعادلة السورية الصعبة سوى العمل على عدم تحول سوريا الى دولة فاشلة تكون مرتكزا للإرهاب و للقوة الجهادية و لإيران و ما يشكله ذلك من خطر حقيقي على أمن دولة اسرائيل , و ليس مستبعدا تخلي امريكا عن وجودها في هذه الساحة و تترك خلفها قوات سوريا الديمقراطية ( قسد ) التي غالبية قادتها من اكراد سوريا المواليين لحزب العمال الكوردستاني التركي لرحمة النظام السوري بمجرد ضمان امن دائم و مستقر لإسرائيل و الذي قد يتم ذلك من خلال تثبيت حكم البعث السوري من جديد و منحه الشرعية العربية و اعادته للجامعة العربية وفق خطة تقودها دولة الإمارات التي اعادت فتح سفارتها في دمشق .
و لغرض حصول النظام السوري على دعم المحور الذي تقوده دولة الأمارات قيام بشار الأسد بخطوات عملية لإنهاء الوجود و النفوذ الإيراني في سوريا , و بالتأكيد أن مثل هذا المشروع سيحظى بمباركة و تأييد و دعم اسرائيل و روسيا و دول المحور الإقليمي لصد و محاربة الإسلام السياسي بالإضافة الى قبول واضح من قبل أمريكا .

ثالثا : الساحة الفلسطينية
أي متابع للوضع السياسي الفلسطيني سيجد أن حماس التي تسيطر على قطاع غزة صارت جزء من محور الإسلام السياسي لذلك ليس غريبا أن تتلقى حركة حماس المساعدة بالمال من قطر و بالدعم السياسي و الدبلوماسي من تركيا و بالسلاح من إيران .
و بالمقابل يمكن لأي متابع للشأن الفلسطيني أن يجد ايضا أن المحور الإقليمي لصد و محاربة الإسلام السياسي الذي تتزعمه دولة الأمارات العربية يقف ضد توجهات حركة حماس و سياساتها و قد تم التعبير عن ذلك من خلال تصريحات بعض المسؤولين الإماراتيين أو من خلال الأعلام المدعوم من قبل الحكومة الإماراتية و اصبح واضحا ايضا أن الأمارات لا تكترث بما يصيب قطاع غزة الفلسطيني من دمار هائل و قتل الكثير من الأبرياء في هذا القطاع المحاصر نتيجة القصف الإسرائيلي العنيف و المبالغ في شدته و كأنها تعتبر ذلك ردا طبيعيا لصواريخ حماس العشوائية و العبثية .

رابعا : الساحة التونسية
لم تتأخر الأمارات و معها مصر و السعودية و البحرين في دعم و إسناد الخطوات الجريئة التي اتخذها الرئيس التونسي قيس سعيّد لتحجيم دور حركة النهضة في تونس .
و لم يتأخر ايضا محور الإسلام السياسي ( تركيا – قطر ) بالتنديد بإجراءات الرئيس التونسي و اعتبرها خطوات تتعارض مع النهج الدستوري و الديمقراطي .
و الملفت للنظر هو التحرك الفرنسي السريع لدعم اجراءات الرئيس قيس سعيّد أما الموقف الأمريكي فظل باهتا غير فاعلا ينتظر نتائج ما سيحصل دون القدرة على المشاركة سلبا أو ايجابا في الأحداث الجارية في تونس .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل تضرب إسرائيل المنشآت النووية الإيرانية؟ • فرانس 24


.. إدانات دولية للهجوم الإيراني على إسرائيل ودعوات لضبط النفس




.. -إسرائيل تُحضر ردها والمنطقة تحبس أنفاسها- • فرانس 24 / FRAN


.. النيويورك تايمز: زمن الاعتقاد السائد في إسرائيل أن إيران لن




.. تجدد القصف الإسرائيلي على مخيم النصيرات وسط قطاع غزة