الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


Voltaire – فولتير

رابحة مجيد الناشئ

2021 / 8 / 15
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


فولتير، واسمهُ الحقيقي " فرنسوا ماري آروويه "، شاعر وفيلسوف ومؤرخ فرنسي عاشَ خلال " عصر التنوير "، وَ عرِفَ بنقدهِ الساخِر وَسُخريتهِ الفلسفية الطريفة. كما عرفَ بالدِفاع عن الحريات المدنية وعلى الأخص حرية الفكر والاعتقاد والمساواة وَكرامة الإنسان.
ولدَ ﭬولتير في 21 تشرين الثاني 1694 في باريس، وتوفيَّ في 30 آيار 1778 في باريس ايضاً.
يُعَد ﭬولتير من الشخصيات المهمة التي جَسَدَت الروح العالمية التي ميَزَت عصر التنوير، الى جانب كل من جان جاك روسو وجون لوك وتوماس هوبز...
حَقَقَ ﭬولتير دراسات رائعة في الفلسفة والبلاغة، ودرسَ القانون، والتاريخ، وعلى الأخص تاريخ الشعوب التي اسهمت في بناء الحضارة البشرية، وعمل دراسات في العلوم الطبيعية. أما في الميدان اللغوي، فقد درس اللاتينية وابدع بها، وكان بارعاً ايضا باللغتين الاسبانية والانجليزية.
اتجهَ ﭬولتير الى مهنةٍ أدبية، على العكس من ارادة والده الذي كان يعتقد بأن ولدَه لن يستطيع العيش من كتاباته الأدبية وأرادَ له ميدان المحاماة.
لَم تأتِ فلسفة ﭬولتير بالصدفة، بل تَغَذَت بما جاءَ به زَرادشت، وكونفوشيوس، وَوليم شكسبير، وافلاطون، وابن طفيل، وجون ليك، واسحق نيوتن وجان جاك روسو وغيرهم، فانضافت معارف كل هؤلاء الى مقدرته الفكرية والادبية فأبدع بتغطية الكثير من الميادين، حيثُ كتب الشعر والنثر والمسرحيات والاعمال التاريخية والعلمية والمقالات والسير الذاتية، كما كتب الآلاف من الخطابات والمنشورات. ومن أهم وأشهر آثارهِ الأدبية والفلسفية :
- " رسائل فلسفية " - 1734،
- " زاديغ " أو " صادق " - 1747،
- " كانديد " أَو " الساذج " - 1759،
- " المعجم الفلسفي " - 1764.
كانَ ﭬولتير كثير الانتقاد للكنيسة وللمؤسسات الاجتماعية الفرنسية الموجودة في عصره، وَلم يَتَوَقَف ابداً عن مُحاربة التعصب الديني وَمُساومات الفكر، والظلم وعدم العدالة، والدعوة الى المساواة والى التسامح. وَ بسبب أنشطته المتواصلة في هذه الميادين، تعرضَ للسجن والنفي لِمراتٍ عديدة، دونَ ان يُحاكم ودون ان يُسمح له بالدفاعِ عن نفسه. لكنَ فولتير استفاد من ظروف المنافي وَمن وجوده في السجن، ففي نفيه الى انجلترا لمدة ثلاث سنوات، كانَ على تَواصلٍ دائم معَ كبار الفلاسفة وعاشَ في اجواء حرية التعبير التي كانت في انجلترا اكبر بكثير مما كانت عليه في فرنسا، فانخرطَ في فلسفة اصلاحية لتغيير المجتمع، وهذا ما عملَ عليه عند عودتهِ الى فرنسا. وفي سجن الباستيل، نَمّى موهبته في كتابة المسرحيات، فَكَتَبَ اول اعماله المسرحية " أُوديب "، وكان نجاح هذه المسرحية بشكلٍ هائل هو اول ركائز شهرته الادبية. وعند خروجهِ من سجن الباستيل، عام 1718، اتخذ الكاتب " فرنسوا ماري آروويه " اسم " فولتير " الذي بقي مشتهرا به حتى مماته وبعد مماته، ويُقال بأنَ اختيار هذا الاسم كان علامة على انفصاله عن عائلته وماضيه ولينسجم مع شهرته التي بدأت بالاتساع.
تعرضَت كتابات فولتير لِرقابةٍ شديدة وَتمَ حَظر مُعظمها، لكنَ ما مُنعَ منها، تَمَ طبعه في الخارج، ثُمَ تَمَ ادخاله الى فرنسا بشكلٍ سري. وَيُعتبر كتابه " كانديد " أَو " الساذِج "، من أهم كتبه، وقد نَشر عام 1759 ، وَأُعيدَ نشره 20 مرة خلال حياة فولتير، والكتاب عبارة عن قصة فلسفية استخدمَ فيها الكاتب الكثير من السخرية، ومن خلالها وجه الانتقاد اللاذع للمجتمع في عصره، يدين فيه الشرور المستثريه فيه، بما في ذلك التعصب الديني والعبودية وعبثية الحروب والعنف والقسوة الانسانية بكلِ اشكالِها، وقد مُنِعَ هذا الكتاب في العديد من الدول.
وفاة فولتير
توفي فولتير في 30 آيار 1778، في باريس، وبسبب انتقاداته للكنيسة والتي لم يتراجع عنها قبلَ وفاته، لَم يُسمَح بدفنه وفقَ الشعائِر الكاثوليكية، وَيُقال بأن اصدقاءه تمكنوا من دفنه سِراً في إحدى الكنائس، لكنَ الجمعية الوطنية الفرنسية في عام 1791، اعتبرته بطلاً ومن المبشرين الأوائل باندلاع الثورة الفرنسية، وتمت استعادة رفاته وَوضعَت في مَقبرة عُظماء الأُمة " البانثيون " تكريماً له.
ماتَ ﭬولتير منذ قرونٍ عديدة، لكن أفكاره مازالت حيَّة، وكأنَ ﭬولتير ما زالَ حيّاً بيننا، يرى ما يجري وينبه الى مخاطره، مثل ما يُشبه الوحي لقراءة الاحداث في الماضي وفي الحاضر...لِنتأمَل ما يقوله ﭬولتير عن اللصوص :
‹‹La politique est le moyen pour les hommes sans principes de -dir-iger des hommes sans mémoire ››
‹‹ إنَ السياسة، هي وسيلة ناس بلا مبادئ، لقيادةِ ناس بلا ذاكرة .››

وَيَرى ﭬولتير، ان في الحياة ، هناكَ نوعان من اللصوص :
- النوع الأول، هو اللص العادي: وهوَ الذي يَسرِق أموالكَ، محفظتكَ، دراجتكَ، مظلتك، الخ...
- النوع الثاني: هوَ اللص السياسي، وهوَ الذي يسرِق مُستقبلكَ، أحلامكَ، مَعرِفتكَ، راتبكَ، صحتكَ، قوتكَ، ابتسامتكَ، الخ... والفرق الكبير ما بين هذين النوعين من النصوص، هوَ أنَ اللص العادي يَختارُكَ لكي يسرق مُمتَلكاتك، بينما اللص السياسي، تَختارَهُ أَنتَ لكي يسرقَ منكَ ما تمتلكه. والفرق الكبير الآخَر، هوَ أن اللص العادي يَتُمَ تعقبهُ من قبل الشرطة، في حين أَنَ اللص السياسي، في اغلب الأحيان يكون مُرافقاً وَمحميّاً مِن قِبَل الشرطة.
نعم، هذهِ هي صفات اللصوص، وليتَ فولتير حيّاً، ليرى بأَنهُم أَصبحوا أَكثَرَ شَراهةُ وَشراسةً واحتيال، وكيفَ اصبحَ مَن جاءَ بِهم، أَكثرَ ضُعفاً ونعومةً وَقَناعة.
هناك قولٌ مَشهور لفولتير:
‹‹ الحياةُ سفينة مُحطمة، لكن علينا أن لا ننسى الغِناء في قَوارِب النَجاة ››
نَعم، يَجِب ان لا ننسى، الفرحةَ والغناء في قَوارِبِ النَجاة الآتية حَتماً معَ فَجر الحياة المُقبِل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التجسس.. هل يقوض العلاقات الألمانية الصينية؟ | المسائية


.. دارمانان يؤكد من الرباط تعزيز تعاون فرنسا والمغرب في مكافحة




.. الجيش الأمريكي يُجري أول قتال جوي مباشر بين ذكاء اصطناعي وطي


.. تايلاند -تغرق- بالنفايات البلاستيكية الأجنبية.. هل ستبقى -سل




.. -أزمة الجوع- مستمرة في غزة.. مساعدات شحيحة ولا أمل في الأفق