الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في التجربة الأفغانية والطوفان الطالباني

فريدة رمزي شاكر

2021 / 8 / 17
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


كان لازم يحدث هذا المشهد في هذا التوقيت! نعم ، فإما نستيقظ أو نموت .
أن تجد الماضي السحيق بكل بربريته و وحشيته وكارثته اللاإنسانية كجثة هامدة أمامك ، وعليك إجترارها لتحيي الفكر الرميم وتنفخ فيه قُبلة الحياة. ومشهد يسجل كيف يمكن للحكم الديني أن يروِّع الشعوب المسالمة، ربما نراه لأول مرة مباشرة على الفضائيات، ولكنه ليست المرة الأولى التي يحدث فيها دخول الناس في دينهم أفواجاً ، فمشاهد الغزو الهمجي تكرر كثيرا على مدار تاريخهم الأسود المأساوي.
مشهد رأيناه في دخول داعش للعراق وتخريبها، مشهد رأيناه في فيتنام الشمالية لحظة إجلاء القوات الأمريكية عنها سنة 1975،وسقوط العاصمة سايجون في يد الجيش وتعلقت الناس أيضاً بالطائرات الأمريكية لحظة إقلاعها من فيتنام، ولكن فيتنام بَنَتْ نفسها بسرعة.

_ ثم يخرج واحد من المؤمنون يفتخر بالمشهد البائس والضحايا الذين يتساقطون، وهو يقول: أرأيتكم كيف إنتقلت السلطة لطالبان بهدوء وبلا مقاومة ؟
شوفتم مافيش أبسط من كده غزو وإحتلال! ولا هنشوف حد بيصرخ فين المجتمع الدولي من إللي بيحصل لإخوتنا المؤمنين، ولا هيستنجدوا بدول الغرب الكافر العلماني !
سيصرخون وسيظلوا يصرخون بأعلى صوتهم، أين المجتمع الدولي، ولكن لا حياة لمن تنادي .
دول أوروبا وخاصة فرنسا وألمانيا إتفقوا على إغلاق الحدود في وجه اللاجئين الأفغان، وصرحوا بأن إيران وتركيا وباكستان أولى بهم.
كيف تطلبون إغاثة العالم لكم ، ومنكم من يتضرع ويسجد شكرا على الحكم الديني لطالبان؟!
والمدهش أنهم يرون في طالبان المنقذ لإحياء دولة الخلافة والنموذج الأمثل والإنتصار لحلم الخلافة والحكم الديني والإنساني المتحضر في تطبيق أحكام الشريعة.. أنهم يرون في طالبان الورد إللي فتَّح جناين تورا بورا !
مش عارفة إزاي هيطبقوا أحكام الشريعة! هل مثلا بدلا من قطع الأيدي والأرجل من خلاف بالسيف سيقطعوها بشويش وبالراحة بعصاية الإستيك بدون ماتخُرّ دم !.

هل نلوم إمريكا لإنسحابها من أفغانستان أم نلوم نظام دولة إعتمد جيشها على الأمريكان إللي كانوا كده كده سيتركون أفغانستان حطاماً بعد عشرين سنة من الحرب والخراب ؟!
ويكون الفرار من الجحيم هو أقصى حلم المسكين الأعظم كما شاهدنا.
فقبل أن تضع طالبان أرجلها في العاصمة كابول طالبت الأهالي بتسليم فتياتهم العذراوات ذات الخامسة عشر سنة لتقديمهم ذبيحة بشرية تلتهمها جنودهم المجاهدين. وسترينا الأيام القادمة كيف تهوى دولة إلى الجحيم وتخرج من سباق الانسانية ومن الزمن ومن التاريخ.
‏ماشوفناش حد هرب من الحكم المدني ولا فروا من العلمانية ولكن شوفنا على الهواء مباشرة كيف يهرب شعب بأكمله من الحكم الديني!

وحتماً ستعود الإعدامات العلنية ورجم النساء بالحجارة وقيادة الغلبان بالسياط على ظهره. وتكثر السيارات المفخخة ذات الرايات السوداء.
إنه مشهد الهروب الأكبر، الذي شاهدنا فيه كيف يهرب الذكور بدياثة ويتركون ورائهم النساء والأطفال ، يتركونهم لمصيرهم المحتوم وهم يعلمون أن مأساة حكم طالبان في التسعينيات ستتكرر ولكن بصورة أكثر وحشية، وأن الطوفان قادم لامحالة وسترتفع صرخات المظلوم والمنتهكة عِرضها وشرفها والمسبية من النساء التي تتحمل مأساة وطن بأكمله، لتحمل على كتفها العار ومجبرة تسير به بطريق الأشواك.

طالما بقيت فتاوي تكفير الأوطان، القنابل الموقوتة المصنعة يدوياً في المؤسسة الدينية ، حامي حما التراث المفخخ.. وكيف لمافيا الدين تسيطر على مقدرات وطن.
ابن لادن لم يمت يا سادة هو فقط كامن تحت جلدنا يتحين الفرصة للإنقضاض وللإلتهام ،
طالما فكره باقٍ ولم يمت، طالما هناك من يصفق وينصر الإرهاب والتطرف الديني.

نحن فقط نعيش اليوم مرحلة التفسخ المجتمعي في دولنا المؤمنة والإنحلال والإنهيارات المتسارعة وإللي بتقذف بنا على حافة الهاوية .. فقط مسألة وقت!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بين الحنين والغضب...اليهود الإيرانيون في إسرائيل يشعرون بالت


.. #shorts - Baqarah-53




.. عرب ويهود ينددون بتصدير الأسلحة لإسرائيل في مظاهرات بلندن


.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص




.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح