الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حين خسر الحزب الشيوعي العراقي طليعيته

سلام عادل
كاتب وصحافي

(Salam Adel)

2021 / 8 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


الرفيق رائد فهمي، وهو فرنسي من أصول عراقية، يتولى قيادة الحزب الشيوعي العراقي منذ عام 2016، وهو من الكوادر المدللة في الحزب، فقد عاش طوال حياته بين سويسرا وفرنسا خلال السنوات التي كان فيها العراقيون يتجرعون الهم وينزفون الدم والدموع.

ولكن الحزب الذي انقطعت صلته بجذوره منذ عام 1980 صار مجرد حزب للمغتربين، وقبل هذا التاريخ لم يكن ايضاً غير حزب للنخبة المتعالية، وهو واقع الحال تحت قيادة سكرتير الحزب الاسبق الكوردي عزيز محمد، الذي جر الحزب منذ عام 1963 الى الشمال ليكون مجرد تابع سياسي لتطلعات القوى الكردستاني، رغم انه كان يعلم ان الاحزاب الكردستانية لم تكن غير طابور سياسي تحركه المخابرات الدولية ضمن لعبة المصالح والنفوذ وتجارة النفط.

وكان حميد مجيد موسى السكرتير السابق للحزب، منذ 1993 وحتى 2013، قد اعترف في أحد تصريحاته التلفزيونية عن دوره خلال فترة السبعينات، وبتكليف من القيادة، لعب دور المندوب في تجارة النفط العراقي بين أوساط الشركات الشرق-اوربية، وهو ما يكشف لنا أبعاداً ظلت مخفية حول الدوافع وراء جبهة الشيوعيين مع البعثيين إبان السبعينات، والتي تعد أحد أكبر كبوات القيادة الشيوعية، حين قبلت لنفسها أن تتقاسم مع القيادة البعثية منتجات الثروة الوطنية العراقية على أساس التبعيات السياسية بين المعسكر الشرقي آنذاك، وبين المعسكر الغربي الذي كان داعماً للبعثيين.

ورغم ان هذا الحزب قد قدم شهداءً كباراً من ضمنهم قادته، إلا ان هذا الحزب نفسه قدم قادة لا يعرفون من القيادة غير اللغو الفارغ والتبعيات السياسية التي لا فائدة من ورائها غير الترافة والوجاهة، وهي الفترة التي سادت مؤخراً، وهو ما جعل الحزب بكل تاريخه، يخسر طليعيته وثوريته وحتى تقدميته، حتى تحول في نهاية المطاف الى مجرد (جمعيات مجتمع مدني) تنتظر بعض المنح والمساعدات من هنا وهناك، وعلى الاغلب المنح المقدمة من السفارات التي شاركت في احتلال العراق، وهو ما جعل الحزب ينشطر الى شطرين :
الاول : جمعية الأمل
الثاني : جمعية تموز

وما بين اشتراطات المانحين الاجانب على جمعية الأمل وعلى جمعية تموز ضاعت المبادرة الحزبية الواعية، وفقد المكتب السياسي، فضلاً عن اللجان الفكرية والتنظيمية أدوارهم التخطيطية والاستقرائية، وصار حزباً يسير في المؤخرة بدل أن يكون طليعياً في المقدمة.

ولعل الموقف الأخير للحزب من الانتخابات العراقية المزمع اجراؤها في (10/ 10/ 2021)، والذي جاء بالمقاطعة، يأتي ليكمل دائرة المواقف التجارية التي لطالما اتخذ مثلها الحزب في آخر 50 سنة من حياته، وهي مواقف وقرارات يمكن وصفها بالموسمية، لكونها تتحرك ويتم اتخاذها بناءً على مشتهيات المانحين والممولين، لا أكثر ولا أقل، وذلك لان قرار المقاطعة هذه المرة جاء بتحريض واضح من قبل أرباب الفوضى، والفوضى، كما يعلم الجميع، هي التجارة الأكثر رواجاً في الاسواق السياسية للعراق الجديد، ولعل أحداث تشرين/ 2019 وما رافقها من تداعيات وخرائب ودماء أكبر دليل على ذلك.

ويقول رائد فهمي، الفرنسي من أصل عراقي والذي أخذ حصته مبكراً من العراق جديد بمنصب وزير للعلوم والتكنولوجيا مع زوجته احلام الگيلاني التي حصلت هي الأخرى على منصب القائم بالاعمال العراقي في سويسرا، يقول إن "قرار قيادة الحزب بمقاطعة الانتخابات العراقية 2021 جاء بعد التشاور مع قاعدة الحزب واعضائه وجماهيره" !!!.
رغم ان هذه القاعدة وهؤلاء الاعضاء والجماهير انفسهم قد طالبوا بمقاطعة انتخابات 2018 ولم تستجب لهم هذه القيادة نفسها، وقبلها رفضوا انضمام الحزب للعملية السياسية التي تأسست في المنطقة الخضراء عام 2003 على يد موظفي السفارات وأذناب الاحتلال، وقبلها ايضاً بثلاثين سنة كانت نفس القواعد والجماهير رافضة لعقد جبهة مع البعثيين في 1973، وهو ما يؤكد مجدداً ان القرارات السياسية الكبرى والمهمة لهذا الحزب ليست تقدمية، بقدر ما هي متخلفة ونفعية وتخلو من الابعاد الوطنية والاستراتيجية، فهي مواقف تدور في المزادات السياسية لمن يدفع أكثر، أو لمن يشتري، بحسب مواسم السوق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الرد الإسرئيلي على إيران .. النووي في دائرة التصعيد |#غرفة_ا


.. المملكة الأردنية تؤكد على عدم السماح بتحويلها إلى ساحة حرب ب




.. استغاثة لعلاج طفلة مهددة بالشلل لإصابتها بشظية برأسها في غزة


.. إحدى المتضررات من تدمير الأجنة بعد قصف مركز للإخصاب: -إسرائي




.. 10 أفراد من عائلة كينيدي يعلنون تأييدهم لبايدن في الانتخابات