الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نقد الذات ..وصراحة المسؤول..!

هادي فريد التكريتي

2006 / 8 / 15
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


الشعور بالمسؤولية ، جزء لا يتجزأ من شخصية الإنسان ، بغض النظر عن موقعه في المجتمع ، إلا أن هذا الشعور يزداد ويتعاظم ، عندما يشغل الشخص المعني موقعا مسؤولا ، عاما ومؤثرا في حياة المجتمع ، فحينئذ تكون المراجعة والتقييم ليست ضرورية فقط ، لكل مرحلة اجتازها هذا المسؤول في موقعه ، وإنما لمراقبة كل خطوة خطاها ، ومدى تأثيرها على حياة الناس ، سلبا أو إيجابا ، ولا عيب أو ضررا إن جاهر ، هذا المسؤول أو ذاك ، في نقد ذاته إن كان قد أخطأ ، أو أساء التقدير ، في هذا الموقف أو ذاك ، فالنقد للذات ، والإعتراف بالخطأ ـ وهو فضيلة كما يقولون ـ دليل عزم على تصحيح مسار ونهج خاطئ ، ما كان له أن يكون . .

السيد عدنان الباجه جي ، أحد السياسيين والمسؤولين العراقيين ، الذين ساهموا في حكم العراق بعد سقوط النظام ، من خلال مجلس الحكم الذي أقامته إدارة الإحتلال الأمريكي ، يوجه نقدا جريئا لنفسه ـ في جريدة الشرق الأوسط اللندنية ليوم 12 آب ـ إذ يقول كان مجلس الحكم قائما على أساس طائفي ، وقد حذرت وقتذاك من موضوع المحاصصة الطائفية ، ثم اختاروا لعضوية المجلس الأحزاب السياسية الطائفية التي قامت على أساس طائفي ، بل وتعتمد على الطائفية لبقائها ونموها ، وأنا شخصيا ألوم نفسي لعملي في مجلس الحكم ، بالرغم مما قدمته من نصائح وملاحظات وتحفظات واعتراضاتي على بعض القرارات ، وكنت أعتقد باني سأستطيع أن أخدم البلد من داخل المجلس ، لكن وجودنا نحن التيار الوطني التحرري الديموقراطي الوسطي نشكل أقلية داخل المجلس .. ..الجرأة التي يتحلى بها الباجه جي بلوم نفسه بنقده لمشاركته في مجلس الحكم ، وهو شخص فرد ، يفتقر لها الكثير من قادة الأحزاب ، وأحزابهم الوطنية والديموقراطية ، التي تؤمن ! بمبادئ النقد والنقد الذاتي ، في الكشف عن الأخطاء التي مارسوها خلال هذه الفترة ، وخاصة المشاركة في مجلس الحكم ، بإدارته الأمريكية ، ولاحقا بمساهمتها في تشكيلة الحكم الحالية ، الطائفية والعنصرية ، من خلال لملوم قومي ـ ديموقراطي غير متجانس ، فيه حتى قتلة رفاقهم ، مما أفقدهم مصداقية شعاراتهم الوطنية والسياسية التي يرفعونها ، وبالتالي تخلى الكثير من قطاعات الشعب عن دعمهم ومؤازرتهم ، وحتى بعض رفاقهم وأصدقاءهم .



إذا كان السيد عدنان الباجه جي جريئا وصريحا في نقده لذاته ، لمشاركته في مجلس الحكم ، الذي أقامته إدارة الإحتلال الأمريكية ، وللحكم الحالي باعتباره طائفيا ، فرئيس مجلس النواب ، السيد محمود المشهداني ، يشارك الباجه جي هذا الرأي ، إلا أنه أكثر جرأة وصراحة في تبيان حقائق ، لم يعلن عنها مسؤول غيره بهذه الصراحة بعد ، وتسميته للأشياء بمسمياتها ، على غير ما عهدناه به ، خلال مراسيم تسميته وتنصيبه رئيسا لمجلس النواب ، عندما كان يتحدث وكأنه في مقهى 14 رمضان ، كريهة الاسم والمحتوى ، أو في أحد مضارب عشيرة من عشائر الدليم ، ولكن ِلَم العجب ، فالمنصب والمكان والاختلاط بالغير ، المغاير والمشابه ، ُيََغٍِير ليس الهيئة والهندام ، وإنما يهذب المنطق والتفكير ، وهذا ليس غريبا علينا نحن العرب ، فشاعرنا العباسي ، علي بن الجهم ، ابن بيئة قاسية المناخ ، بدويا ، خشن الطبع ،غليظ اللفظ ، وحشي المعنى ، يستمد شعره ومعانيه من بيئته ! ومحيطه ، فعندما مدح المتوكل الخليفة العباسي قائلا : أنت كالكلب في حفاظك للود ، وكالتيس في قراع الخطوب. انتقده سامعوه ، لتشبيهه الخليفة بالكلب ، والتيس ، وهي ألفاظ نابية ، وغريبة على سمع من يسكن حاضرة العلم والتمدن ، بغداد ، ولا تقال في حضرة خليفة المسلمين ، وقد حاول ، البعض أن يستعدي المتوكل عليه ، لمزاحمته لهم ، أو مشاركته إياهم بعطاء الخليفة . قال المتوكل : اسكنوه قصرا مطلا على دجلة ، وقريبا من الجسر ، وأحيطوه بكل وسائل الترف والعيش الهني ، وما هي إلا أسابيع انقضت ، حتى وقف هذا الشاعر ثانية ، ليقول شعرا ، في حضرة الخليفة ، ألطف من نسيم النهر معنى ، وأعذب من ماء دجلة لفظا :

عيون المهى بين الرصافة والجسر **جلبن الهوى من حيث أدري ولا أدري

، وهذا هو حال رئيس هيئتنا التشريعية ، بعد أن تسلم زمام الأمور ، واختلط بالدبلوماسيين ، وزار رؤساء الدول ، من عرب وأجانب، تغيرت الأحوال ، فعندما تحدث عن الوضع السياسي العراقي ، كان صريحا وواضحا في تشخيصه ، دقيقا وصائبا في تحليلاته ، أكثر من أي مسؤول آخر ، فإذا كان البعض يعتقد أن حل المشاكل الأمنية والمعاشية التي يعاني منها الشعب العراقي ، بيد الحكومة الحالية ، والحل هو كما يعتقد أرباب الحكم تكمن في توحيد الخطاب السياسي العراقي من جميع الكتل والشخصيات السياسية وعدم مهاجمة الأجهزة الأمنية .. التي تتكون من وزارة الدفاع والداخلية ، فالمشهداني له رأي آخر ، يتطابق مع واقع الحال ، لكونه يعيش الأجواء التي ترسم وتخطط للمعاناة العراقية ، فهو يعتقد أن حل المليشيات يعني حل وزارتي الداخلية والدفاع ..وحل الجهات التي تمول المليشيات فعليا في الوزارتين ، والتي مقرها (هذه الجهات ) بالمطار وليس في المنطقة الخضراء ..والعملية! السياسية في العراق في خطر بسبب الإحتقان الطائفي والذي هو أجندة أجنبية 100%... حتى الآن لم يسمعنا مسؤول في الحكم أو معارض ، مثل هذا القول الصريح والواضح ، فالمليشيات قيادة وتمويلا أمرها خارج نطاق السيطرة ، وقياداتها ، كلها ، دون استثناء ، خاضعة لقيادة الإحتلال الأمريكي ، التي يأتمر بأمرها قادة المليشيات الشجعان ، من كل القوى التي تساهم في حكم العراق ، وتغذي الاقتتال بين مكونات شعبه ،وهذا القول ليس رجما بالغيب وإنما قول مسؤول مطلع ، تمر كل القرارات عبر مؤسسته ، التي يشارك فيها كل أمراء الإرهاب .



14 آب 2006








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قوات الاحتلال تقتحم بلدة شرقي نابلس وتحاصر أحياء في مدينة را


.. قيادي في حماس: الوساطة القطرية نجحت بالإفراج عن 115 أسير من




.. هل باتت الحرب المفتوحة بين إسرائيل وحزب الله أقرب من أي وقت


.. حزمة المساعدات الأميركية لأوكرانيا وإسرائيل وتايوان..إشعال ل




.. طلاب جامعة كولومبيا الأمريكية المؤيدون لغزة يواصلون الاعتصام