الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عاشوراء في منطقة البتاوين

صوت الانتفاضة

2021 / 8 / 19
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


من أشهر المناطق الشعبية في بغداد، يقال بأن سبب تسميتها "البتاوين" جمع "بتاوي" يرجع الى مجموعة مزارعين نزحوا من قرية "البت" على النهروان، وقد سكن هؤلاء المزارعون في هذه المنطقة ابان القرن التاسع عشر؛ تتوسط بغداد، فهي على بعد أمتار من نصب الحرية، تشتهر بكثرة الفنادق، من الخمسة نجوم الى فنادق العمال "الوافدين" من المدن؛ تعد ايقونة في التنوع السكاني، فساكنيها هم من مختلف الأديان والقوميات والجنسيات.

لم يجري على هذه المنطقة اية صيانة او اعمار او ترميم، وكانت حجة السلطة ان امانة بغداد تعدها منطقة "تراثية"، لهذا فأن حالها مأساوي، بكل ما لهذه الكلمة من معنى؛ بيوت مهجورة تحولت الى مكبات لأطنان من النفايات، والتي يقوم السكان بحرقها في بعض الأحيان، مما يثير روائح كريهة جدا.

يتجلى البؤس والفقر والحرمان في هذه المنطقة بأوضح اشكاله، فرؤية الأطفال بملابس رثة وهم يمسكون بك وانت تسير بأزقتها مألوفة "عمي انطيني ربع"، او ينسلخ أحد الشباب من مجموعته متوجها اليك "أخويه بلكي ألف دينار اشتري جكاير" او منظر النساء وهن يجلسن على "دكات" بيوتهن بوضع مزري، او ترى متشردا هنا او هناك ممدا على الأرض؛ اغلب المتشردين والصعاليك والمدمنين يعدونها مقرا لهم.

البتاوين منطقة لا تنام ابدا، في أي ساعة تذهب اليها تجدها فاعلة، تكثر فيها مخازن بيع المشروبات الكحولية وبيع المخدرات والدعارة، فيها ازقة محددة ومعروفة للباحثين عن الجنس، فعندما تسير في تلك الازقة فأنك تسمع "همسا" كلمات "تفضل، ولد، بنات"، أي هل تريد ممارسة الجنس مع "ذكر او انثى"، هناك أسماء معروفة في هذه المنطقة تدير بيوت الدعارة والمتاجرة بالنساء، وهذه الأسماء لها علاقات برجال السلطة الحالية، لهذا هم محميين تماما من أية مساءلة.

لم تسجل البتاوين اية حادثة طائفية او دينية او قومية، مع هذا فقد شنت عليها الميليشيات حملات كثيرة، وقتل فيها الكثير من "الغجر"، ولا زالت هذه المنطقة تزورها الميليشيات بين فترة وأخرى لغلق محلات بيع المشروبات الكحولية والبارات، وهذه الميليشيات اليوم تستحصل الاتاوات من هذه المحلات والبارات وبيوت الدعارة، فهي تعد مصدرا مهما للتمويل.

في عاشوراء، وفي السنوات القليلة الماضية، بدأت تنصب خيم العزاء، وترفع الرايات، وتوزع "الثوابات" على المارة، وتشاهد قدور الطبخ منصوبة، و"المنتربو" يصيح بصوت عال مذيعا "اللطميات"، وهذه المناظر غريبة على هذه المنطقة، فهي معروفة بتجنبها أي احتكاك ديني او طائفي، لكن قوى الإسلام السياسي تريد ان تضع قدمها في كل مكان.

المفارقة هو أنك تستطيع ان تشرب الماء والشاي وتأكل الكعك من خيم العزاء الحسيني، وبعد أمتار قليلة تستطيع ان تشتري أي نوع من المشروبات، وبعد أمتار أخرى تستطيع ان تمارس الجنس، وكأن هناك اتفاقا من نوع ما على هذه الممارسات، دون ان يصيبك مكروه "تريد تشرب اشرب، تريد تلطم الطم"، ولا نعلم هل هذه الممارسات موجودة في منطقة "الطوايل"؟ فالجميع يتمنى ان ينتشر هذا النموذج في كل مناطق العراق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهدافها هدفا حيويا بإيلا


.. تونس.. ا?لغاء الاحتفالات السنوية في كنيس الغريبة اليهودي بجز




.. اليهود الا?يرانيون في ا?سراي?يل.. بين الحنين والغضب


.. مزارع يتسلق سور المسجد ليتمايل مع المديح في احتفال مولد شبل




.. بين الحنين والغضب...اليهود الإيرانيون في إسرائيل يشعرون بالت