الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المؤثر القلق في ثبات الأنظمة التربوية والتعليمية في العراق

فاضل خليل

2021 / 8 / 20
التربية والتعليم والبحث العلمي


[ الأزمنة القلقة ]
حين يكون اعتبار السنة الدراسية سنة عدم رسوب إضافة الدرجة إلى المعدل، كواحدة من المكارم التي تمنحها الدولة أو أحد المسؤولين إلى الطلبة من ذوي الشهداء أو أبناء المسؤولين الكبار أو الأساتذة ممن هم بمرتبة (الأستاذية). فهذا يعني أننا أقدمنا على كارثة تودي بحياة التعليم في العراق. وتثير العديد من التساؤلات كما في:
- لماذا لم تتبلور صورة التربية والتعليم في العراق مثلما تبلورت في بعض البلدان المستقرة بالقياس إلى العراق. تلك البلدان البعيدة عن المتغيرات الكثيرة في نظم التربية والتعليم ؟؟
ربما سنحاول أن نتوصل إلى إجابة عن هذا التساؤل. كما وسنحاول البحث ـ ضمنا ـ عن سبل أو سبيل من شأنه ضمان الاستقرار في التربية والتعليم في البلدان غير المستقرة نسبيا وفي مقدمتها العراق .
واحدة من تلك الحلول في تصوري وتصور الكثيرين: هو الاتفاق على أن يكون وزراء التربية والتعليم العالي، ووزير الثقافة، والرياضة والشباب، وربما وزارات أخرى خارج تصوراتي، ورؤساء الدوائر التربوية والتعليمية العليا خارج لعبة التغييرات التي تتطلبها المحاصصة، ولا أدري مدى صحة هذه الفرضية.
ورغم أن [يرتراند رسل](*) يجد في المناهج الدراسية ليست سوى مؤامرة كبرى على حرية الأفراد، نتيجة التعاون المشترك بين عائلته ومواطنوه الساعين بشغف ومحبة إلى طمسه في ثقافة مجتمعه الذي دخله عضوا جديدا، واجب عليهم تلقينه السلوك والاعتقاد "بغض النظر عن سلامة تلك العقائد وصواب ذاك السلوك، وليس مهما ما تكون، بل المهم أنها عقائد سائر مجتمعه الذي سيعيش فيه وناسه وما يسلكون. إذن فعلى الناشئ الجديد أن ينصب في قالب مجتمعه لا في قالبه هو، وإلا فهو من الشواذ" (1). ما تقدم من رأي هو من منطلقات الحياة الإنسانية المدنية فما بالك إذا ما كان السلوك سلوكا عسكريا ؟ وهو ما سيتضح تماما عند مناقشتنا الأسباب في عدم استقرار أو وجود نظام تربوي وتعليمي ثابت وواضح المعالم في البلدان ذات الأحكام المتغيرة، والعراق مثال شفاف وعينة لا تحتاج إلى عناء في فهمنا لها على ذلك. إنما يعود إلى قصور الجانب المدني من تولي مقاليد الحكم بسبب مرونة هذا الجانب الساعي إلى محبة الحياة الحرة الكريمة البعيدة عن المهاترات وفي حكم البعض على هذه الصفة باعتبارها مرضا يضعف لها الجانب المدني. ونتيجة لهذا الضعف غير القادر - في المفاهيم الثورية الديمقراطية أو الرجعية - على تسنم القيادة أو تسلم زمام الأمور،بما يسهل الأمر على العسكريين من السيطرة وبالتالي التثقيف بما يعزز وجودهم وطوال بقائهم. فيوضفوا المناهج والمفردات الدراسية لصالح حكمهم وضرورة بقائهم من اجل قوة البلد. فيسعون أول ما يسعون إلى تبديل الوزراء بوزراء عسكريين سرعان ما يجد هؤلاء في المناهج خللا لا يتفق وسياساتهم. فيجيئوا بوزراء جدد – ومنهم وزراء التربية والتعليم العالي – ليغيروا كل ما ورثوه عن سابقيهم باعتبارها موروثات من الأخطاء الجسيمة .
فالإشكالية الأولى : أن لاوجود لتراكم الخبر في بناء النظم التربوية و التعليمية والثقافية والفنية في تلك البلدان. إذ سرعان ما يأتي الوزير الجديد ليهدم كل الإرث الذي خلفه الآخرون من الذين سبقوه من وزراء، باعتبارها من أخطاء الأنظمة التي سبقت التغيير . الأمر الذي يدعو إلى سرعة التغيير بالجديد الذي يتفق وسياسة النظام الجديد. بل وصل الأمر أحيانا إلى إعادة كتابة المناهج ولم يكتفوا بحذف ما لا يتفق والمسيرة الجديدة. وكأن الجوانب التربوية المتفق عليها عالميا هي أيضا من الأخطاء ، حتى التاريخ أعاد بعضهم كتابته رغم الأمانة تقتضي عدم المساس به باعتباره من الثوابت.
الإشكالية الثانية : في ظل هكذا تصورات تضيع الخصائص التي حددها المؤرخ الإغريقي هيرودوت (*)،فتسبب في :
• غياب حكم الأغلبية في إدارة البلاد .
• عدم المساواة في الحقوق .
• عدم أحقية الأغلبية من جمهور المواطنين من مراقبة الهيئات القائمة على الإدارة ومناقشتها .
وعندما تغيب الديمقراطية التربوية ـ التعليمية ـ الثقافية ـ الفنية، يغيب التداول لها ويغيب بالتالي تعميمها على الأجيال القادمة، مما يؤثر سلبا على تنشئتهم وتربيتهم تربية ديمقراطية . أي أننا سنجني على الأجيال القادمة حين ننشئ جيلا يتوارث ذات الأحكام التي سادت السلطة التي سبقته كحتمية تاريخية في توارث الأجيال للسائد من أحكام الأجيال السابقة، يدعمها استمرار توالي السلطات العسكرية غير الديمقراطية، وهي جناية اكبر على مستقبل تلك البلدان، ومنها العراق.
الإشكالية الثالثة : وهي التي نوهنا عنها سابقا حين يكون الإخلال بالتعليمات ، وتجاوزها كجزء من مكافأة الطالب أو ذويه لموقف وطني وأحيانا غير وطني لأن واحد من ذوي الطالب يحمل صفة سياسية أو وظيفية عالية يصل في تبعات الإضافة على الدرجة حتى تتجاوز المائة أحيانا بالضعف، أو أن الطالب غالبا ما يكون معدله أقل من أن يؤهله إلى القبول في معهد أولي بعد تلك الإضافات يؤهل للدخول بالكليات العلمية العليا ومنها الطبية والعلوم والهندسة والصيدلة وغيرها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامش:
*) برتراند رسل : فيلسوف انجليزي ، معاصر ، سعى إلى تحليل الوجود وفق أسس معرفية ومدركات رياضية.
1) د. مصطفى غالب : من أجل موسوعة فلسفية ، منشورات دار الهلال ، [برتراند رسل ] ص118 ، بيروت1979 .
*)هيرودوتس Herodotus 485 – 435 ق.م. مؤرخ يوناني . يعرف بـ [أبي التاريخ].








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عقوبات أميركية على مستوطنين متطرفين في الضفة الغربية


.. إسرائيلي يستفز أنصار فلسطين لتسهيل اعتقالهم في أمريكا




.. الشرطة الأمريكية تواصل التحقيق بعد إضرام رجل النار بنفسه أما


.. الرد الإيراني يتصدر اهتمام وسائل الإعلام الإسرائيلية




.. الضربات بين إيران وإسرائيل أعادت الود المفقود بين بايدن ونتن