الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
عشرون سنة من السياسة الأمريكية الفاشلة في افغانستان ( 1 )
آدم الحسن
2021 / 8 / 20مواضيع وابحاث سياسية
لم يكن انسحاب القوات الأمريكية المحتلة لأفغانستان هو نتيجة لخسارة معركة طويلة امدها اكثر من عشرين سنة فحسب و إنما يمثل ايضا هزيمة مخزية للجيش الأمريكي من ساحة المعركة و ترك خلفه اقرب المتعاونين معه من الأفغان عرضة للمجهول الذي ينتظرهم .
لازالت الغطرسة هي السائدة على عقلية القادة الأمريكان فبالرغم من الخسائر الهائلة التي تكبدها الشعب الأفغاني نجد أن هؤلاء القدة و رئيسهم بايدن غير مستعدين لتحمل النتائج المادية و الأخلاقية التي ترتبت على هذا الاحتلال , فالرئيس الأمريكي بايدن يرفض الاعتراف بالخطأ و الاعتذار للشعب الأفغاني ... !
فبعد هروب بقايا القوات الحكومية و منهم الرئيس الأفغاني و دخول قوات طالبان الى القصر الرئاسي في كابول للإعلان عن نصرهم السريع على الحكومة الأفغانية و على الاحتلال الأمريكي خرج الرئيس الأمريكي بايدن الى الساحة الإعلامية لإلقاء كلمة للتعقيب على السرعة التي سيطرت بها طالبان على افغانستان و منها العاصمة كابول حيث تضمنت هذه الكلمة متناقضات و حجج غير واقعية و غير قابلة للتصديق :
اولا : قال الرئيس بايدن بأنه (( ليس نادم على قرار الانسحاب )) و كأن الأمر متعلق بالانسحاب أم لا .... في حين أن الأمر هو لماذا تأخرت أمريكا عشرين سنة على الانسحاب منها ثمانية سنوات كان هو فيها نائبا للرئيس الأمريكي الأسبق أوباما ... !؟
ثانيا : وصف الرئيس بايدن أن ما يحصل الآن في افغانستان بالأمر (( المزعج )) و يقصد الفوضى التي تسبب بها الانسحاب الغير المنظم لقوات الاحتلال ألأمريكي ... هل ما يراه العالم من مناظر مؤلمة في مطار كابل هي مجرد أمر مزعج أم مأساة حقيقية ...!؟
ثالثا : قال الرئيس بايدن (( كان الهدف من العملية الأمريكية في افغانستان هو لمنع الهجمات الإرهابية على دولتنا و قد تحقق هدفها )) ... هذا أمر غير قابل للتصديق فهل كان وجود الاحتلال الأمريكي في أفغانستان لمدة عشرين سنة هو لمجرد منع الهجمات الإرهابية على أمريكا ... ؟ و إن امريكا قد قتلت اسامة بن لادن قبل اكثر من عشر سنين و في باكستان و ليس في أفغانستان ...!
أن في كلام الرئيس الأمريكي بايدن استخفاف بعقول كل شعوب العالم , فالعالم يعرف أن الإدارات الأمريكية المتعاقبة ارادت بناء دولة و نظام في أفغانستان وفق التصاميم الأمريكية و فشلت في تحقيق ذلك و كل الدلائل تشير الى أن الفساد الذي غذته و رعته امريكا لينمو و يكبر ليصبح عمره عشرين سنة يعيش في مفاصل الدولة و خصوصا في الجيش و الشرطة الأفغانية هو السبب في هذا الانهيار السريع للحكومة و للجيش و للشرطة الأفغانية التي اختفت من شوارع العاصمة بمجرد وصول مقاتلي حركة طالبان لتخوم و مداخل العاصمة كابل و كأنها تبخرت بفعل عمل سحري ... !
رابعا : (( لا يجب أن يموت الجيش الأمريكي في حرب لا تريد القوات الأفغانية خوضها ) ) , (( استسلم قادة افغانستان و فروا و انهار الجيش )) بهذه المقاطع من تلك الكلمة للرئيس بايدن اشار فيها بكل وضوح الى ن القوات الأفغانية التي سلحها و دربها الجيش الأمريكي و معه البعض من جيوش دول حلف الناتو لم تكن مستعدة لخوض حرب و كأن هذه الحرب هي ليست حربها و كذلك حال الشعب الأفغاني الذي رغم رفض معظمه لنظام و نهج حركة طلبان لم يكن مستعدا للدفاع عن نظام فاسد تم بنائه على اساس التبعية المطلقة للإرادة الأمريكية .
خامسا : كرر الرئيس بايدن ايضا أن انهيار الجيش الأفغاني كان اسرع مما كان متوقع , أي أن الرئيس بايدن و إدارته و المخابرات الأمريكية كانت على يقين أن الجيش الأفغاني سينهار لكن الشيء الغير متوقع بالنسبة لهم هو سرعة الانهيار ....! و كأنهم كانوا يريدون من الجيش الأفغاني الصمود لفترة و لو قصيرة كي يكتمل سحب الدبلوماسيين للدول المشاركة في احتلال افغانستان و معهم الأفغان المتعاونين مع قوات الاحتلال .... !
الرئيس بايدن لم يسأل نفسه :
هل هنالك جيش في العالم ممكن أن يصمد لفترة اضافية و هو يعرف النتيجة مسبقا و هي الانكسار و الهزيمة الحتمية ... !
الجيش الأمريكي و معه جيوش دول الاحتلال الأخرى انسحبوا الى بلدانهم .... و الجيش الأفغاني لم يكن أمامه و هو ضعيف الإرادة و فاقدا لتأييد ودعم شعبه الأفغاني إلا أن يقوم عناصره بخلع ملابسهم العسكرية و اللجوء الى بيوتهم و انتظار المجهول .
سادسا : (( اعطت الولايات المتحدة الأمريكية كل ما تحتاجه الحكومة الأفغانية لكنها فشلت في منحها الإرادة للانتصار )) بهذه الجملة القصيرة أراد الرئيس بايدن تبرير الفشل الأمريكي في أفغانستان ... ! أي أن امريكا قدمت كل ما تحتاجه الحكومة الأفغانية لكنها لم تستطيع الصمود و البقاء , و هذا يؤكد أن الرئيس الأمريكي الحالي و الرؤساء الأمريكان السابقين و إداراتهم لا يدركون إن الجهة الوحيدة التي ممكن أن تمنح الحكومة الأفغانية و الجيش الأفغاني الإرادة للانتصار هو الشعب الأفغاني نفسه و ليس قوات الاحتلال .
سابعا : ثم كرر الرئيس الأمريكي و قال (( عدم سحب القوات الأمريكية من افغانستان كان سيعني تصعيدا للنزاع و سيتطلب الاف من العسكريين الأمريكان الإضافيين )) و هذا يؤكد تهربه من مواجهة الانتقادات على تأخر الانسحاب و على اسلوب الانسحاب الغير منظم .
فالمشكلة هي ليست الانسحاب أم لا ... بل هي كيف يتم الانسحاب و لماذا تأخر ...؟
ثامنا : لقد كان يفترض أن تكون الحكومة الأفغانية هي الطرف الرئيسي في عملية التفاوض على متى و كيف يتم الانسحاب الأمريكي , لكن الأمريكان اختاروا الدوحة عاصمة قطر للتفاوض المباشر مع حركة طلبان دون مشاركة ممثلي الحكومة الأفغانية و حين يتم الاتفاق بين الأمريكان و طالبان على فقرة ما تصدر الأوامر الأمريكية للحكومة الأفغانية للتنفيذ و كان لا يحق للحكومة الأفغانية الاعتراض ... ! على سبيل المثال :
اتفق الأمريكان و طالبان على اطلاق سراح وجبة من معتقلي طالبان لدى الحكومة الأفغانية فصدرت الأوامر الأمريكية للحكومة الأفغانية للتنفيذ ذلك دون إعارة اي أهمية لرأي الحكومة الأفغانية و فعلا تم اطلاق سراح أكثر من خمسة الاف معتقل لدى الحكومة الأفغانية و كانوا من اكثر المقاتلين الطالبانيين تشددا ...!
ناسعا : (( سوف تستمر الولايات المتحدة الأمريكية في دعم الشعب الأفغاني و تشجيع الدبلوماسية الإقليمية و دعم حقوق الأنسان )) قالها الرئيس بايدن لكنه لم يشرح كيف سيقف مع الشعب الأفغاني ...! و كيف سيدعم حقوق الأنسان في أفغانستان ...؟ هل من خلال احتلال جديد لبلدهم ...؟ أم من خلال التهديدات الأمريكية المعروفة بالعقوبات و الحصار التي تؤذي الشعوب مثلما فعلت الإدارة الأمريكية للشعب العراقي بعد حرب الخليج الثانية , حصار ظالم على الشعب العراقي ، قانون النفط مقابل الغذاء و الدواء الذي اشرف عليه الفاسدون في الأمم المتحدة ... النتيجة هي تجويع الشعب العراقي و لم يحصل الإنسان العراقي على شيء من حقوقه الإنسانية ... !
عاشرا : ثم انتقل الرئيس بايدن بشكل مفاجئ الى روسيا و الصين بقوله (( لن يسعد روسيا و الصين اكثر من بقائنا في حرب لا نهاية لها ننفق المليارات و المليارات )) ... !
و هل هذا مبرر لانسحاب غير منظم لقوات الاحتلال من افغانستان .... ثم ... لماذا تم منح الصين و روسيا عشرين سنة من هذه السعادة .... !
(( يتبع ))
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. الجمعية الوطنية الفرنسية تدين -مذبحة- 17 أكتوبر 1961 بحق جزا
.. سامي الطاهري: الاتحاد العام للشغل أصبح مستهدفا من قبل السلطا
.. الجزائر تعين قنصلين جديدين في الدار البيضاء ووجدة
.. لبنان: هل بدأ العد العكسي للحرب مع إسرائيل؟ • فرانس 24 / FRA
.. هجوم بسكين يثير حالة من الذعر في قطارات لندن | #منصات