الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فشل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون وتحميل الآخرين حرائق الجزائر

احمد موكرياني

2021 / 8 / 22
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير


عشت وعملت في الجزائر لفترة أربعة سنوات في أيام الرئيس الراحل هواري بومدين، حيث كان الأمان وكنت اتجول في كل أنحاء التراب الجزائري لوحدي او مع الآخرين دون خوف من الخطف او القتل او السرقة، ونمت في احدى سفراتي في حمام تركي مع اكثر 30 جزائريا في الأغواط، 400 كم جنوب الجزائر العاصمة، لعدم حصولي على غرفة في فندق، كنت مسافرا لوحدي، وكان سريري هو الفراش الذي يرتاح عليه الذي يخرج من حمام البخار التركي التقليدي، ولم اعرف أي منهم، تبنى هواري بومدين ثورة صناعية وزراعية في آن واحد (ثورته الزراعية كانت متطرفة حيث أمم حتى المراعي والمواشي: القطيع لمن يرعاه، والمزارع النخيل وفقا لمساحة الأراضي، والأرض لمن يخدمها، ولا يملك الحق في الأرض إلا من يفلحها ويستثمرها)، وكانت للجزائر كلمة مسموعة في المحيط العربي والعالمي، ولن أنسى موقف هواري بومدين بالرغم من اخطائه في دعم مصر في عام 1967 حيث وبخ الاتحاد السوفياتي طالبا منهم ان يبينوا موقفهم بشجاعة في دعم مصر، وأرسل طائرات عسكرية جزائرية الى مصر وتحمل فاتورة شراء أسلحة لمصر.
كان هواري بومدين ابن الثورة الجزائرية ضد الاحتلال الفرنسي وقائد عسكري ثانوي في بداية الثورة، وطالبا أزهريا من جامعة أزهر في القاهرة، وكان له كاريزما القيادة، ولم يُعين من قبل الجنرالات الجيش الفاسدين ليتحكموا به، بل هو الذي قاد انقلاب على احمد بن بلة وتحكم بالعسكر والمدنيين، وانهى واحمد بن بلة، قبل الانقلاب عليه، نفوذ القادة الثورة الجزائرية الأوائل من الأصول الأمازيغية: حسين آيت احمد الذي كان من اكبر القيادات الثوار ومن أوائل الثوار، حيث ثار بعد استقلال الجزائر ايضا في عهد احمد بن بلة وسُجن وهرب من السجن بعد انقلاب بومدين، عاش منفيا في سويسرا، وعاد الى الجزائر بعد الانفتاح وترشح في الانتخابات الرئاسية ضد عبد العزيز بوتفليقة في سنة 1999 ولكنه سحب ترشيحه بسبب التزوير لصالح عبد العزيز بوتفليقة، وكريم بلقاسم، كان رئيس المفاوضين والموقعين على اتفاقيات افيان في عام 1962 في مدينة افيان الفرنسية، اغتيل في المانيا في عام 1970.

كنت أعيش في الجزائر كجزائري ومن لم يكن يعرفني شخصيا كان يعتبرني جزائري من كثرة اختلاطي مع الجزائريين ومجالستي معهم ومشاركتي في مناسباتهم الاجتماعية، كان عملي 16 ساعة في الأسبوع حيث شاركت في عملية التعريب الدراسة، وخاصة تعليم المعلمين للتدريس الرياضيات بالعربية، وكنت اتمتع بعطلة شتوية وربيعية وصيفية، وكان لي أصدقاء من النخبة ومن العامة، أعضاء في المجلس الشعبي الوطني والمجلس البلدي والمثقفين والرجال الأعمال وحارس العمارة وشباب الحي الذي كنت اسكن فيه، ومازالوا الجزائريين يتواصلون معي بعد مغادرتي للجزائر عام 1977، لقد بكيت عندما اتصل بي صديق جزائري، حميد حناشي، لم اره منذ 35 عاما منذ آخر زياتي للمدية، المدينة التي سكنت فيها، يدعوني لزيارته لرؤيتي قبل ان يودع الحياة، ولم يكن بكائي حزنا ولكن فرحا للود الذي مازالوا الجزائريين يكنونه لي.

كتب هذه المقالة بسبب تأثري بمقتل وحرق شاب برئ جمال بن اسماعيل جاء من مدينة الأصنام، مدينة الزلازل، زرتها بعد الزلزال المدمر في سنة 1980، ليساعد في إطفاء الحرائق تلبية لدعوة الرئيس عبد المجيد تبون، قتل بسبب اتهام عبد المجيد تبون لأطراف جزائرية بتعمد اضرام الحرائق، فعلى أولياء الشهيد جمال بن إسماعيل محاكمة الرئيس عبد المجيد تبون لإعلانه باتهام لأطراف جزائرية بتعمد اضرام النار ليغطي على فشله في إدارة الحكم في الجزائر.

من المستغرب ان يعلم الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بأن هناك من تعمد اضرام الحرائق في منطقة القبائل ويتهم حركة "ماك" القبائلية بإضرامها ويتسبب بقتل وحرق شاب برئ، جمال بن إسماعيل، الذي كان يحاول المساعدة في إطفاء الحرائق تلبية لدعوة الرئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، فهذا يذكرني بالعشرية التي مرت على الجزائر حيث كانت الحكومة الجزائرية تتهم الإسلام السياسي بكل الجرائم التي اقترفت في تلك السنوات، بينما بعضها كانت قد خططت لها ونفذت من قبل الاستخبارات العسكرية ليتهموا الإسلاميين بها.

فهل من المعقول ان يحرق الأمازيغي ثروة بلاده؟ فكيف نصدق ان يحرق رب البيت داره، الا إذا كان مريضا او مختلا عقليا.

هناك من يبرر ضعف الرئيس عبد المجيد تبون بأنه عُين من قبل العسكر ولا يستطيع ان يحاسبهم، فهناك الاجنحة عسكرية في الجزائر يتصارعون فيما بينهم: مجموعة الرئيس الأركان السعيد شنقريحة، ومجموعة توفيق ونزار، والمجموعة الثالثة هي مجموعة الرئيس الأركان السابق احمد قائد صالح الذي جاء بعبد المجيد تبون واختاره رئيسا للجزائر.
فجوابي: ولماذا لا يستقيل؟
سيكون الرد: ان عبد المجيد تبون يخشى الاستقالة خوفا من ان يلفقوا له تهمة ويحبسونه كما فعلوا مع الجنرال عبد الغني هامل الذي كان مرشحا لخلافة عبد العزيز بوتفليقة عندما اصطدم مع الرئيس الأركان السابق في الجزائر احمد قايد صالح، او يقتلونه كما قُتل الرئيس محمد بو ضياف.

السؤال الذي لا أجد له الجواب: لماذا التشبث بالحكم كخيال مآتة "ناطور خضرة"، "فزاعة" ويشوهون تاريخهم كجبناء او فاسدون لأنهم يعلمون علم اليقين بأنهم يعملون مع الفاسدين.
ما لذة الحياة ان يعيش الأنسان جبانا او يعتقد الناس بأنه فاسد وان لم يكن فاسدا، ولو ان معظم حكامنا وملوكنا ورؤسائنا فاسدون ان لم يكونوا مسرفين بأموال شعوبهم، الا الملوك العراق في القرن الماضي، والحكومات العراقية في عهد الحكم الملكي في العراق، والزعيم عبد الكريم قاسم، وملك ليبيا محمد ادريس السنوسي، وجمال عبد الناصر وهواري بومدين وعائلته خلال حياته.

لا عذر للرئيس الجمهورية الجزائرية عبد المجيد تبون كي يغطي فشله في قيادة الجزائر التي تعاني من البطالة ونقص في اللقاحات ضد كورونا وعدم توفر الأوكسجين لعلاج مرضى كورونا، بإلقاء اللوم على الأخرين، فهو المسؤول التنفيذي الأول في الجزائر، اما يؤدي وظيفته باقتدار لخدمة الشعب الجزائري الذي عان من حكم العسكر وعدم الاعتراف بالقوميات الجزائرية الاصيلة الأمازيغ، القبائل والمزاب والشاوية، وعدم الاعتراف بثقافتهم ولغاتهم ولهجاتهم كاللغة الرسمية الى جانب اللغة العربية، او يترك الحكم معززا مكرما لا خادما للعسكر.

كلمة أخيرة:
• لقد تحررت الدول المغرب العربي من الاستعمار الفرنسي، ولكنها لم تتحرر من الاستعمار الثقافي العربي لها، فأن أكثر من 75 بالمئة من سكان تونس والجزائر والمغرب من الأمازيغ ولو تعددت لهجاتهم، ولكن الأقلية العربية استغلوا الدين الإسلامي لفرض حكمهم ولغتهم على المغرب العربي، فلن تستقر الأوضاع في الدول المغرب ولا تتطور الا بالاعتراف بالأمازيغ ومنحهم الحكم الذاتي في اوطانهم والاعتراف بلغاتهم ولهجاتهم الأمازيغية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نور الغندور ترقص لتفادي سو?ال هشام حداد ????


.. قادة تونس والجزائر وليبيا يتفقون على العمل معا لمكافحة مخاطر




.. بعد قرن.. إعادة إحياء التراث الأولمبي الفرنسي • فرانس 24


.. الجيش الإسرائيلي يكثف ضرباته على أرجاء قطاع غزة ويوقع مزيدا




.. سوناك: المملكة المتحدة أكبر قوة عسكرية في أوروبا وثاني أكبر