الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نظرية الهامش و المركز و مألات الصراع في السودان

عبد الرافع كمال

2021 / 8 / 22
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير


يمثل المقال الذي صاغه دكتور ابكر ادم اسماعيل حول جوهر و اس الازمة في السودان هو احد اهم المقالات التي حاولت تشخيص الازمة السودانية و سعت لتبصر افاق الحلول لها .
و يذهب دكتور ابكر في تشخيص عميق و مدعم بالشهادات و الوثائق الي وجود تعددية ثقافية و خصوصية ثقافية لكل اثنية تتضمن هذه الخصوصية ابعاد قيمية سلوكية و عقائدية .
و ان السلطة في السودان تبدي تحيزات سافرة تجاه كيان ثقافي معين .
يتكون هذا الكيان الثقافي من مركب الثقافتين العربية و الاسلامية و هو ما يسمي ب " اسلاموعروبيا " فعرقيا هنالك تحيزات تفضيلية تجاه كيان الثقافة العربية دون غيرها من الكيانات الثقافية العرقية و دينيا يميل كيان السلطة في السودان نحو الثقافة الاسلامية دون غيرها من الثقافات الدينية .
و يبلغ التمركز و التهميش قمته عندما تصل الي السلطة التنظيمات الاسلاموية ذات التوجه الاصولي .
و يذهب في تحليلاته حسب منهج تحليله الثقافي الي أن ما يسمي بالثقافة الاسلاموية هي في اصلها و في حقيقتها ثقافة عربية بيئت في الاسلام و صارت تمثل جسد ما يسمي بالثقافة الاسلامية و ان وصول الاسلامويين الي السلطة يعني وصول الثقافة العربية اليها و بروز اليات التمركز و التهميش و التي تؤدي الي اقصاء الوجود الثقافي الاخر داخل الدولة السودانية و يحرمها من خاصية التنوع .
كما يؤكد علي ان للكيان الثقافي العربي اليات اخري لبرهنة وجوده داخل الدولة السودانية علي الخلاف من تمترسها خلال الكيانات الاسلاموية .
و يذهب دكتور ابكر ادم اسماعيل الي ان المركز يعني وجود كيان ثقافي " الثقافة العربية " متبلر في هيئة اسلاموية علي مستوي السلطة و ان هذه الوضعية تجعل من الكيانات الثقافية الاخري محل تهميش .

يضع دكتور ابكر في مقاله ثلاثة مأالات محتملة لصيرورة الصراع في السودان
.
& الثورة :
و يتمثل في قيام كيان ضخم يضم كل من قوي الهامش التي تمثلها الحركات المسلحة بالاضافة الي القوي المدينية ذات الطابع التقدمي و التي تتمثل في الحزب الشيوعي و المستقلين و تستطيع هذه القوي تكوين جبهة موحدة تستطيع الاطاحة بهذه الوضعية المأذومة و انجاز عملية هدم كلي لوجودها و بناء و تأسيس وضعية جديدة تنبني علي اسس جديدة علي درجة عالية من التمدن و التقدمية .و السعي الي بعث ما غبر من موروثاتهم الثقافية .
العنصر الثاني و يتمثل في ابعاد كلتا الثقافتين المركزيتين من مركز السلطة و يتحقق ذلك بفعل جبهة عريضة تضم قوي الهامش مع القوي المدينية في المركز
و ابرز المعطيات الحائلة دون تحقق هذا الفعل يتمثل في الاتي
* الاثار التي تركتها عملية الاسلمة و الادلجة الاسلاموية و التي تركت بصمات واضحة في الاجيال بمختلف تراكيبها العرقية ، حيث ادت الي حقن الاجيال بالايدولوجيا الاسلاموعربية و قتلت روح الثورية في دواخلهم
* اذدياد خانة المركز و اذدياد رقعته بكسبه لتنظيمات من عمق الهامش كحركة العدل و المساواة و تنظيمات مدينية ككيانات حزب الامة و الاحزاب الاتحادية .
* ميول معظم الاحزاب في الهامش الي المساومات الانتهازية و التي اضحت اكثر اغراء .
* اتخاذ ايدولوجيا المركز الي طابع القداسة و توظيف الدين كسلاح لقطع الطريق امام الثورة .
العناصر التالية تجعل من فعل الثورة امر مستصعب الحدوث كما انه يتطلب خوض معارك فاصلة ضد قوي المركز و التي يستصعب اجتثاثها كما تمتلك مقدرات هائلة علي الاستعطاف و التجييش و الاستقطاب .
ما سبق نستطيع القول بأن انجاز فعل الثورة يتطلب وأد المركز و هو امر مستصعب حدوثه مما يجعل من هذا الفعل امر مستصعب و مستبعد الحدوث حتي بعد حدوث ثورة ديسمبر و وصول اليسار الي السلطة فأن استكمال هياكل الثورة يعد امرا متعسرا
.
اما المأل الثاني و هو المساومة الانتهازية و هو امر يبدو الاكثر تحقق اذ تميل الاغلبية في الهامش الي هذا المأل و هذا ما نلمحه بعد ثورة ديسمبر في اتفاقية جوبا حيث هبت الاغلبية من كيانات الهامش نحو ابرام الاتفاقية و استلام المناصب دون المساءلة حول وضعية التهميش و التمركز ، الا ان هذا المأل قد يكون حابل بالمتناقضات اذ يؤدي الي تملص
.
المأل الثاني المساومة
و تتمثل في ابرام معاهدات تستوعب في داخلها قوي الهامش بالاضافة الي القوي المدينية مع قوي المركز تحصل اذاءها قوي الهامش علي مطامع مادية و سلطوية في حين الابقاء علي وضعية التمركز و التهميش و تحنيطها .
& المأال الثالث الانهيار
و يتم تفعيل هذا المأل علي ارض الواقع في حين حدوث خلل في وضعية المساومة الانتهازية اخل هذا الخلل بديمومتها و امكانية استمراريتها مما يجعل من هذا المأل الخيار الثالث الذي ستؤؤل اليه صيرورة الاحوال في السودان في حين اختل شرط المساومة
يتمثل هذا المأل في رفض قوي الهامش للمنح المقدمة لها من قبل احزاب المركز المسيطرة ، و اعتناق ادلوجة الثورة و سعيها لتحقيقها في حين قيام قوي المركز بتجييش الجماهير بأستخدام ألية الدين في مواجهة قوي الهامش مما يؤدي الي استمرار الحروبات بصورة الثوران المتقطع .
.
فيما يتعلق بالمأل الاول " الثورة " و تتطلب الثورة عنصرين ضروريين
الاول هو وعي الجماهير في الهامش بحجم الفاقد الثقافي اي ما افتقدته الجماهير في الهامش من مضامين ثقافية كاللغات و التقاليد و الازياء و الرقصات ...الخ . جراء عملية ضغط الثقافة الاسلاموعربية و الوعي بحجم تأثير الثقافة الاسلاموعربية علي تلك الثقافات و
كثير من الكيانات من الاتفاقيات و استشعار التهميش و تبني ادلوجة الثورة و العودة الي حمل السلاح مما يجعل من استمرارية هذا المأل حابلة بالتناقضات و الاحترابات مما يؤؤل الي ما هو اشبه بوضعية الانهيار
.
المال الرابع هو الانهيار و يحدث في حين انقطع الطريق امام حدوث مساومات انتهازية او في حين رفضها ففي هذه الحالة تلجأ تنظيمات الهامش الي حمل السلاح مما يدخل البلاد في موجة من الاحترابات و التي سوف تعمل بدورها علي افقاده خاصية الامن و يحدث انهيار اقتضادي كنتاج للصرف علي التجييش و اذدياد رقعة الاستقطابات .
اما نسبة و احتمالية تحقق هذا المأل فهو كبير الي حد ما .
..
في اعتقادنا هنالك ثلاثة مألات لم يتطرق اليها دكتور ابكر الا و هي
* تمترس المركز .
* تمترس الهامش .
* التمزق .
.
* تمترس المركز
و نعني بذلك احكام المركز قبضته علي الاوضاع و العمل علي تدمير قوي الثورة لدي كيانات الهامش و قمعها و اخراس صوتها نهائيا و تحنيط الوضعية المأزومة
و هذا المأل كاد ان يتحقق ابان صناعة قوة حربية من قبل الانقاذ الكيان الاكثر تطرفا في المركز متمثلة في قوات الدعم السريع الا ان قيام ثورة ديسمبر حال دون ذلك
في حين تحقق ذلك فسوف تحدث عمليات ابادات جماعية و عرقية .
* تمترس الهامش :
في حين اتحاد القوي الحربية من الهامش و وصولها بالقوة الي عمق السلطة عن طريق انقلاب مفاجئ و حاولت هذه القوي الانتقام من المركز و التنكيل به الامر الذي يؤدي الي تجييش المركز و بروز تكتلات مناطقية و عرقية تفضي الي حرب اهلية شرسة تقضي علي الاخضر و اليابس .
* المال الثالث " التفسخ "
و هو رغبة الكيانات المهمشة في انقاسامات مناطقية و عرقية مما يؤدي تقسم السودان الي دويلات حسب الاقاليم
تبدأ بأنفصال دارفور و تعقبها جبال النوبة و من ثم الشرق و من ثم الاقليم الاوسط و الشمالي و كردفان
و ما نشهده من نزعات انفصالية علي صفحات الاسافير تمثل اشارات واضحة علي امكانية تحقق هذا المأل .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استهداف فلسطينيين أثناء تجمعهم حول نقطة للإنترنت في غزة


.. طلبة في تونس يرفعون شعارات مناصرة لفلسطين خلال امتحان البكال




.. الخارجية القطرية: هناك إساءة في استخدام الوساطة وتوظيفها لتح


.. مجلس الحرب الإسرائيلي يناقش خياري إيران ورفح.. أيهما العاجل




.. سيارة كهربائية تهاجر من بكين إلى واشنطن.. لماذا يخشاها ترمب