الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حنا مينه والعالم الذي يموج .‏

فريد العليبي

2021 / 8 / 22
الادب والفن


‎ ‎ربما كان ذلك سنة 1994 خلال معرض الكتاب بتونس العاصمة ، كتب مكدسة ‏‏على الرفوف ، أناس غادين رائحين ، بحثا عن مآربهم ، كنت رفقة زميلة دراسة ‏‏نسير مع السائرين ، بحثا عن كتاب هنا وكتاب هناك ، عندما أدركنا دار الآداب ‏‏البيروتية وجدنا حنا مينه متربعا على عرشها وهي التي نشرت جل رواياته ، ‏‏وغير بعيد عنه صاحب الدار الروائي الذي لا يقل شهرة سهيل ادريس ، شيخ ‏‏الدين الذي تحول الى أديب مفعم بعشق الفلسفة الوجودية .‏
‏ كان حنا مينه جالسا بوقار في الوسط كأنما على ناصية مرساة يرقب السفن ‏‏العائدة بهدوء الى أوكارها ، دون انتباه من أحد ، بادرناه بالتحية فاستقبلنا باسما ‏‏عندما علم أننا طلاب فلسفة ، أمسك بيد زميلتي معبرا عن اعجاب بجمالها وظل ‏‏يتكلم مرحبا . ‏
‏ كان الاتحاد السوفياتي في نسخته البروسترويكية في تلك الأيام قد تفكك ، وهجر ‏مثقفون وأحزاب مواقعهم ‏في اليسار ليسيروا على اليمين فاستفسرته عما حدث ‏وهو الروائي الماركسي ‏المولع بالواقعية الاشتراكية ، أما زميلتي فقد أردفت : ‏كيف ترى العالم الآن ؟ الى ‏أين يسير ؟ وأتت اجابته مقتضبة : إن العالم يموج ‏‏!!!إن العالم يموج !!! وبقيت ‏تلك الاجابة محفورة في الذاكرة .‏حنا مينه الذي سيكتب بعد ذلك في روايته‎ ‎‏"امرأة تجهل أنها امرأة " ( 2009 ) ‏‏هذه الكلمات : "خرج الى الشارع ، توقف أمام باب الفندق ، يذهب يمينا أم يسارا ‏؟ ضحك في سره وقال : أيها الشقي ، أمضيت عمرك في اليسار فهل يعقل أن ‏تذهب يمينا ؟" . كان كأنما يجيب عن تلك الأسئلة مقدما أجوبة ‏مؤجلة !! فالرجل ‏الذي كأنما قذف به البحر يوم ميلاده الى اليابسة كان يرى العالم ‏بحرا والتاريخ ‏أمواجا ، موجة تعقب أخرى . ...و منارة تضئ من بعيد .‏








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز


.. لحظة تشييع جنازة الفنان صلاح السعدني بحضور نجوم الفن




.. هنا تم دفن الفنان الراحل صلاح السعدني


.. اللحظات الاولي لوصول جثمان الفنان صلاح السعدني




.. خروج جثمان الفنان صلاح السعدني من مسجد الشرطة بالشيخ زايد