الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السلطة والطقوس الدينية.. عقد تخادم

صوت الانتفاضة

2021 / 8 / 22
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الوظيفة الأساسية لكل فعل طقسي هو عملية تعبئة وتجييش لوعي مجموعة من الناس الممارسين له، فحتى يستمر "التضامن" بين هذه المجموعة، وحتى لا ينفك او تحل الروابط بينها يصار الى إنتاج الطقوس وإعادة انتاجها، بل ويضاف لها "اختراعات" جديدة تزيد من فاعليتها وقوتها؛ والطقوس تبقى عند من يمارسها فعل مقدس، لا يمكن ولا يسمح بنقدها او المساس بها بأي شكل من الاشكال، ولا يمكن التنازل عنها او تأجيلها تحت أي ظرف كان.

الركيزة الأساسية للطقوس هي عملية "التكرار"، فكلما تأتي مناسبة احياءها تعاد ذات الأفعال، هذا التكرار، كما يراه البعض، يجعل الممارس للفعل الطقسي يعيش "الأصول" او "الزمن المقدس"، فهو يعشق تلك اللحظات الزمنية، ويمثلها باستمرار ويعيد تمثيلها، لهذا فأن هذا التكرار للفعل الطقسي قد يكون نوع من وسائل الدفاع "ميكانزمات" عن الذات، الضائعة، المغتربة، والتي لم تجد اية حلول لواقعها المعيش، فالتجأت الى "الغياب" عبر ممارسة الطقوس "الناس ما تبچي على الحسين، يبچون على حالهم".

السلطة –خصوصا السلطة الدينية- من جانبها تقوم على المحافظة بكل قوتها على هذه الطقوس ودعمها "ماليا واعلاميا"، بل والدفع بممارستها بشكل كبير، فالسلطة تعد الطقوس الجزء الأهم من بقائها وديمومتها، انها تعيد انتاج نفسها وتجدد شبابها بواسطة الطقوس، وهي تجند المئات من "مثقفيها" لنشر "وعي" زائف بين أوساط الجماهير، يحث على إقامة الطقوس و "عقلنتها"، وأنها تمثل "الجزء الأصيل" من الواقع، وبها تستطيع الناس الخلاص من أوضاعهم، الى غيرها من هذه الترهات.

يذكر هوبزباوم في كتاب "اختراع التقاليد" متحدثا عن فرنسا: (ان إرساء التقاليد "الطقوس" الجديدة قد لعب دورا حيويا في الحفاظ على الجمهورية) ويتتبع مؤلفو هذا الكتاب الدوافع وراء انتاج وتطوير الطقوس، خصوصا في النظام الملكي في بريطانيا، وكيف ان السلطة ذاتها لا تسمح لأحد المساس بهذه الطقوس.

ان رؤية رؤساء وزراء العراق ما بعد 2003، وكل أعضاء سلطة الإسلام السياسي وهم يؤدون الطقوس الدينية، وبشكل فج ومتخلف في بعض الأحيان "توزيع الحلويات "الداطلي" او الطبخ او المشي بالدشداشة"، هذه الممارسات لأعضاء السلطة يؤكد وبلا أدني شك العقد المبرم بين المؤسسة الدينية والسلطة السياسية، وانه لا يمكن التنصل من مسؤوليات كل منهم، فالمؤسسة الدينية تخدم السلطة عبر الطقوس وتجييش الناس وتعبئتهم واضفاء الشرعية عليهم، ومن جانبها السلطة السياسية تخدم المؤسسة الدينية بالاعتراف بها وتوفير كل متطلباتها واحتياجاتها واشراكها في القرار.

الواقع في العراق سيء جدا، بل ان اية كلمات لا تستطيع وصفه، رغم ذلك فأن الناس تتجه بشكل انفعالي وحماسي لممارسة الطقوس الدينية، ولا تلتفت الى واقعها وحياتها، الا يدعو ذلك للشك وبقوة في ان هناك قوى وراء هذا الضياع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الأمريكية تعتقل عشرات اليهود الداعمين لغزة في نيويورك


.. عقيل عباس: حماس والإخوان يريدون إنهاء اتفاقات السلام بين إسر




.. 90-Al-Baqarah


.. مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى وسلطات الاحتلال تغلق ا




.. المقاومة الإسلامية في لبنان تكثف من عملياتهاعلى جبهة الإسناد