الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السيطرة على - ألم البشر والسيطرة على - حرية - البشر

منى نوال حلمى

2021 / 8 / 23
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


السيطرة على " ألم " البشر ..... والسيطرة على " حرية " البشر
-------------------------------
لا أدرى الى متى ، ستظل الشعوب العربية الموحدة بالله ، ورسوله آخر الأنبياء ، وخاتم المرسلين ، المؤمنة باليوم الآخر ، وأركان الاسلام المقدسة ،فى " غيبوبة " بائسة ، تثير الشفقة ، والأسى ؟؟.
الى متى ، تتجاهل هذه الشعوب وتحتقر ، اكتشافات الطب ، وانجازات العلم ، فى كل مجال ، وتصر على أخذ " الفتوى " فى تسيير أمور حياتها ، من رجال الدين ، والمشايخ ، وأتباعهم ؟؟.
" الفتوى " ، هذه الكلمة التى تلغى عقول البشر ، وتحتكر الوصايا على لا أدرى ، ما هى المتعة التى تتشبث بها هذه الشعوب ، فى الألفية مصائرهم ، وتجعلهم " مساكين " ، يتسولون لقمة المعرفة والحياة .
الثالثة ، وهى تشعر أنها " مسلوبة " الفكر ، والارادة ، " عرائس " من قش ،أو من ورق ، تحركها ذقون رجال الدين ، وعمائم المشايخ ، المستقاة منذ آلاف السنوات ؟؟.
ما هو " الأمان " ، فى أن يسلم الانسان ، امرأة ، أو رجلا ، مفتاح شقته ، الى " غرباء " ، يقتحمون خصوصية البيت ، كما يشاءون ، ومتى يريدون ، ويستمر فى الاقامة فى بيت ، لا يملكه ؟؟.
شعوب " أدمنت " ، العجز ، والخوف من الأسئلة ، وتشويه كل مشتقات " الحرية " ، وشتيمة الأحرار ، نساء ، ورجالا .
شعوب " ماشية جنب الحائط " ، تأكل ، وتشرب ، وتتكاثر بأعداد خرافية ، لتدعيم دولة الاسلام ، وترسيخ عزوة أمة " لا اله الا الله .. محمد رسول الله ".
شعوب ، لا يهمها أحوالها البائسة ، اليائسة ، فى كل مجال ، حيث فى الآخرة ، التعويض ، والمكافأة ، وتعذيب " الكفار " ، الذين تجرأوا على تجميل أحوال الدنيا .
لقد أصبحت فتاوى " دولة العمائم " ، المتربحة من " تغييب " العقول ، " بيزنس " مربحا ، خاصة المنتشرة على الفضائيات ، أكثر من انتشار وباء كورونا ، وضحاياها أكثر بكثير ، من ضحايا هذا الوباء ، ومع الأسف ،ليس لها لقاح ، انجليزى ، أو أمريكى ، أو صينى . واليكم ، واليكن ، هذه القصة الواقعية ، التى تؤكد بشاعة المأساة التىتحياها شعوب فتاوى دولة العمائم .
واحدة من معارفى أخبرتنى ، أنها قد قررت الذهاب الى طبيب أسنان ، لتجرى عملية تقويم واصلاح لأسنانها " المعوجة " . ولكنها تشاجرت مع زوجها شجارا عنيفا ، كاد ينتهى بالطلاق ، لأنه قال لها ، أن هذه العملية تدخل فى نطاق " المحرمات شرعا " .
هذا ما سمعه الزوج ، من واحد من شيوخ الفضائيات ، وأنه لن يسمح لها بأن تفعل ، ما حرمه الله . سألته ولماذا تقويم الأسنان " حرام " ، كما أفتى الشيخ الفضائى ؟؟؟.
بكل ثقة ، واستعلاء ، قال : " لأنه يصلح العيوب ، ويقلل القبح ، وفى هذا تغيير لخلق الله تعالى ".
" أقول ايه ولا ايه " ، والصفحة محدودة ، وأعصابى محدودة ، ومساحة العمر محدودة .
خضعت الزوجة المسكينة ، لأوامر زوجها الطبيب ، الحاصل على الدكتوراة فى علاج الأورام ، خوفا من اغضاب الله ، والأهم خوفا من اغضاب زوجها ، الذى هددها بالطلاق .
ان بيزنس الفتاوى الدينية الفضائية ، تم له ما ابتغاه . فقد أصبح يؤتى ثماره ، على منْ يعانون من كل أنواع الأمية ، وليس فقط الأمية الأبجدية .
ان الأمية الأبجدية ، تقريبا 40 % من عدد الشعب المصرى . شئ فعلا مؤسف ، وقد سمعنا من عشرين سنة ، العالم يقول أن منْ يبقى جاهلا ، بلغة الكمبيوتر ، فى عام 2000 ، سوف يعتبر بالمعيار العالمى " أميا ".
فما بالنا ، ونحن فى عام 2021 ، ولدينا أمية أبجدية ، كبيرة ، لا نحسد عليها ، وليست أمية كمبيوتر ؟؟.
بيزنس الفتاوى الدينية الفضائية ، له سوق رائجة ، فى مجتمعاتنا ، وهى فى تنامى وازدهار ، ليس فقط بين أصحاب الأمية الأبجدية المرتفعة ، الذين يعانون من البطالة ، أو يسكنون فى أحياء شعبية ، مستواها البيئى محدود. ولكن بين أصحاب " الأمية الثقافية " ، و " الأمية الحضارية " ، المتعلمين تعليما متميزا ، ويشغلون مناصب رفيعة ، وحالتهم الاقتصادية ، مرتفعة .
والدليل على كلامى ، أن هذا الزوج ، يجيد ثلاث لغات أجنبية ، وحاصل على الدكتوراة من الخارج ، وأمه نمساوية الأصل ، ولا تتكلم الا الألمانية ، وقليل من العربية ، وبنى من الطب ، عمارات ، ومنتجعات .
فى بعض الأحيان ، أقابل امرأة لا تقرأ ، ولا تكتب ، لكنها فاهمة ، و" بتفكر بعقلها الفطرى " ، أفضل ألف مرة ، من خريجات الجامعة ، أو أتعامل مع رجل " لا يفك الخط " ، لكنه بالمنطق البسيط العادل ،
" يفك " الضحك على الذقون ، والتناقض ، والكذب ، والتضليل باسم الدين .
ولنرجع الى فتوى الشيخ الفضائية .
هو يقول أن " تقويم الأسنان " ، " حرام "ا ، لأنه يغير من خلق الله .
أولا ، نحن فى دولة مدنية ، اختارتها مصر ، لتكون طريقا لها . وهذه الدولة المدنية " المفروض ألا يحكم فيها الدين ولا يتحكم " ، بأى شكل وبأى درجة ، فى أى موقع من مواقع المجتمع .
وهى دولة لغة الصواب والخطأ ، والمنطق السليم ، والعقل الراشد ، والطب الصحيح ، والعلم الحديث ، ومصلحة البشر ، وسعادة وراحة وحرية الناس ، والاستفادة من التاريخ ، وتقليل معاناة وآلام البشرية .
فى الدولة المدنية ، المفروض ألا نسمع لغة دينية ، لغة الحرام والحلال ، والمنهى عنه ، والمنكر ، والمغضوب عليه ، ثواب الجنة ، وعقاب النار ، كافر أو كافرة ، مرتد عن الدين ، أو مرتدة عن الدين ، قضايا حسبة ، ازدراء أديان ، وانكار المعلوم من الدين بالضرورة ، ورفع كرباج الارهاب الدينى ، وفتاوى رجال الدين ، والمشايخ .
ثانيا ، نناقش منطق الفتوى نفسه .
لو توقفنا عن اصلاح العيوب ، وتقليل القبح ، وعدم السعى الى الجمال ، لأن هذا يغير من خلق الله ، فلن ننجز شيئا فى أى مجال ، ولما تمتعت البشرية بانجازات عظيمة ، فى الطب ، والعلم ، على مدى عصورها .
وهذا الزوج الطبيب ، المتخصص فى علاج الأورام ، أليس شغله ، كله يغير من خلق الله ، ألا يعالج الورم الذى يصيب مرضاه ؟؟. هل يمكن أن نمرض بالأورام ، دون حكمة ، أو ارادة من الله ؟؟. ما هذا التناقض الفج ، الواضح وضوح الشمس ؟؟. وما هذه الازدواجية الانتهازية ؟؟.
لماذا يفعل شيوخ الفضائيات هذا ؟؟ . لماذا يريدون أن يصبحوا" دولة داخل الدولة " ؟؟. لماذا يحرمون تقليل القبح ، والسعى الى الجمال ، وهم يرددون طول الوقت أن " الله جميل يحب كل جميل " ؟؟.
ولمصلحة منْ ، نشعر المواطنات ، والمواطنين ، بالخوف ، وتأنيب الضمير ، واللخبطة ، والفوضى ، والحيرة ، والتشكك فى ايمانهم وتدينهم وادراكهم السليم ، فى كل خطوة فى حياتهم ؟؟. حتى وهم يقومون بتصليح أسنانهم ؟؟. ما كل واحد حر فى أسنانه ، وحياته ، طالما أنه لم يضر أحدا .
الضرر الوحيد هو الواقع على هؤلاء المشايخ ، الذين يفتحون بيوتهم ، على حساب حريتنا ، وسعادتنا ، والاستمتاع بالحياة كما يحلو لنا .
يعاملوننا على أننا " بشر بلهاء ينقصنا الفهم والعقل والرشادة والحس السليم ؟؟.
بمنطق هذه الفتوى، يصبح " وليام مورتون " ، 9 أغسطس 1819 – 15 يوليو 1868 ، الأميركى ، مكتشف التخدير عن طريق التنفس ، مغضوب عليه " ، لأن كل شئ " ابتلاء " من الله ، والألم فيه حكمة غامضة ، لا يعلمها الا الله ، وتخفيف معاناة ألم المرض ، يعد " جرما " ، لا يُغتفر ، أو " كفرا " ، لأنه قد يشفى المريض ، وبالتالى ، يؤخر لقاءه بربه .
كان " وليم مورتون " ، طبيب أسنان ، بالمناسبة ، مات فى ريعان شبابه ، فقيرا من كثرة انفاقه على تجاربه العلمية لافادة البشرية ، بينما شيوخ الفضائيات فى منتهى الثراء . مفارقة تشعر الانسان بالأسى ، والمرارة .
بالقرب من مقبرته فى بوسطن ، أقيم له تمثال يقول بعد اسمه وانجازه :
" كانت الجراحة قبله عذابا ، وبعده أصبح العلم قادرا على التحكم فى الألم والقضاء عليه " .
أفنى وليام مورتون ، حياته القصيرة ، 49 عاما ، ليس بقصد أن يكفر الناس فى عيشتهم ، ولكن لتحسين عيشتهم . لم تكن قضيته ، كيف يسيطر على حياة الناس ، ولكن كيف يسيطر على ألم الناس .
-------------------------------------








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لا امام سوى العقل
منير كريم ( 2021 / 8 / 22 - 23:23 )
تحية للدكتورة المستنيرة منى حلمي
قالها العظيم ابو العلاء المعري ( لا امام سوى العقل )
اساس مصائبنا في البلدان العربية اننا لانمتلك طبقة مثقفة مستنيرة
الجهل والقيم البالية تتفشى بين صفوف المتعلمين حملة الشهادات وهم منقادون عقليا لشيوخ الدين
الجهلة
الاعلام الرسمي وغير الرسمي ينمي هذه الظاهرة
ما احوجنا الى الامير المستنير
شكرا لك


2 - لا ألوم مشايخ إرضاع الكبير
ماجدة منصور ( 2021 / 8 / 23 - 02:55 )
و لكني ألوم العقول المستنيرة في مصر و التي تدع مجالا لهؤلاء الجهلة بنشر جهلهم و تخلفهم0
لو أن القيادة المصرية وضعت عددا من مشائخ الغباوة في السجن و قدمتهم للمحاكمة لما تجرأ جاهل إبن ستين كلب على نشر غباوته و جهله0
شكرا

اخر الافلام

.. اليهود الا?يرانيون في ا?سراي?يل.. بين الحنين والغضب


.. مزارع يتسلق سور المسجد ليتمايل مع المديح في احتفال مولد شبل




.. بين الحنين والغضب...اليهود الإيرانيون في إسرائيل يشعرون بالت


.. #shorts - Baqarah-53




.. عرب ويهود ينددون بتصدير الأسلحة لإسرائيل في مظاهرات بلندن