الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حياة شعراء مندلي /2

احمد الحمد المندلاوي

2021 / 8 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


هو العالم السيد علي بن السيد إبراهيم البندنيجي، الزاهد الشاعر،والعالم المشهور أبو الحسن صاحب التكية المشهورة ببغداد،الكائنة في فضوة عرب بباب الشيخ والمعروفة بـ (تكية المندولاية)،ويعرف هذا الشيخ الجليل بالسيد علي البندنيجي،وقد كتب عنه علماء كثيرون،وأطروا علمه وزهده وتقواه وأذكاره وطريقته .
ولد في بندنيجين "مندلي الحالية" ونشأ فيها وتعلم مبادئ القراءة والكتابة في كتاتيبها،وكان في مبدأ شبابه مدمناً على الخمرة ومعاقراً لها، وملازماً لحاناتها،وعندما يأتي بغداد يلازم الحانات،ولما يدخل المقهى ثملاً يشهر سيفه فيبتعد عنه الناس،وفي أحد الأيام وهو بهذه الحالة والناس يزدحمون على باب المقهى الذي هو فيه،وكان أحد أيام (الجمعة)،وقد خرج المصلون من المساجد،ومرَّ أحد الزهاد المشهورين المسمى أحمد الموصلي المتصوف،فسأل عن أسباب هذا الإزدحام فأخبروه:(نَّ السيد علي البندنيجي في حالة سكر وقد أشهر سيفه)،ولا أحد يجرؤ التقرب منه، فتقدم منه الشيخ وقال له (إرمِ السيف من يدك يا ولدي واترك هذه الحالة، لان جدّك الحسين "ع" لا يرضى بذلك)،عند ذاك خجل من الشيخ ورمى السيف جانبًا حيث قد وصلته الهداية الربانية،وتقدم من الشيخ وقبّل يده فأخذه الشيخ الى تكيته في صوب الكرخ،وبالقرب من الشيخ معروف الكرخي و جنيد البغدادي،وأسكنه في تكيته وأعطاه غرفة فيها،وباشر بتربيته تربية صوفية على الطريقة القادرية،وأخذ يدرسه الفقه،والصرف،والنحو والشعر وآداب اللغة العربية،فانكب هذا على الدرس وخلال مدة وجيزة أصبح الشيخ يمتدح تلميذه لأنه أخذ يصوم الدهر وينقطع من الأكل والشرب،وبعد مضي ثلاث سنوات فتح الله عليه فتوح العلم والمعارف والتقوى،تمسك الرجل بأعمال الزهاد والمتصوفة يصوم النهار ويقوم الليل، وفي ليلة من الليالي رأى في المنام جدّه الإمام الحسين (ع)،وقد أعطاه هدية وهي (الطيلسان)،ولما آفاق أنشد قصيدته التائية وهذا أولها :
بدأ البرقُ من نارِ الهوى والمحبةِ لقلبٍ المعنّى من غلّوِ المودةِ
وبعد أن استأذن من شيخه، جاء الى فضوة العرب بباب الشيخ "محلة الأزج"، وباشر ببناء تكيته فوق أراضيه التي ورثها من أبيه السيد إبراهيم،والتي سميت بتكية البندنيجي نسبة الى بلده (بندنيج - مندلي ) وبعدها صار صاحب معرفة (بالباطن).
(كتاب غاية المرام)
جاء في غاية المرام من تأريخ محاسن بغداد دار السلام تأليف الأديب ياسين العمري بن خير الله العمري الخطيب الموصلي ما يأتي: بندنيجين ( مندلي ) مدينة معمورة من جهة النهروان في ناحية الجبل وهي من أعمال بغداد،وأهلها مسلمون،ومنهم الشيخ المريد مربي المؤيدين الولي الزكي السيد علي الشهير بالبندنيجي سكن بغداد ومات بها،وله تكية فيها .
أشـعاره :
أشعاره كلُّها صوفية بحتة،ويلمس فيها الزهد والتقشف والحب الإلهي على طريقة عمر بن الفارض ورابعة العدوية،وفي يومنا هذا نرى إن جميع أهل التصوف يترنمون بأشعاره،ومن خصائص شعره، إنه مؤثر ومنسجم بلغة جزلة،وألفاظ معروفة سهلة عبارات تنم عن الحب الدفين المتيم، وان السامع عندما يسمع قصائده يتأثر بها لأنه كما قيل ما خرج من القلب دخل الى القلب، وأول قصيدة قالها ارتجالاً هي تائيته التي ذكرنا أسبابها آنفاً،وهذه نبذة منها :
بدا البرقُ من نـارِ الهوى والمحبةِ لقلبِ المعنّى من غلّـوِ المودةِ
سَنا وجهِ من أهوى تبدي حقيقة بمرأهُ سرى سارياً فـي أشعةِ
فمزقْــتُ أطمـارَ الهوى وقيودَها و ما كانَ في علمِ الرّسولِ مشقةِ
فنوديتُ لما إن قتلتُ بسيفٍ لِنْ لسوف ترانـي فِي مقام الآيةِ
أنا الخمر مشروبي أنا السكر مؤنسي أنا الحب معبودي أنا لدين كعبتي
وساقي الحميـا صاحبي ومنادمي وخمّـارُ ذاك الدير عزى وشوكةِ
فقالوا أيـا بندنيجي، فمُتْ بحبِّـنا وخُـذْ طيلسانَ الحبِ منّـا هديةِ
وله قصيدته النونية في الزهد أيضاً:
من تجلى لنا تجلى عيانـا بجمالٍ وقد ملأ الأكوانا
وسنا برقِ وجهه لاح يوماً كاد منها أن يذهبَ الأعيانا
إن لموسى كان التجلي بطورٍ نحن من كان طورُنا إنسانا
نحن إيّاه لم نزل حيث كنا مثلـما كان لم يزلْ أيّانا
أما قصيدته الطائية فهي في الزهد والتصوف، يقول الأستاذ عمران موسى البياتي في كتابه مندلي عبر العصور:(وقد فتشت عنها كثيراً (القصيدة الطائية ) الى إن وجدتها صدفةً عند أحد الحلاقين وهو يتغنى بها، فسألته لمن هذه القصيدة قال لشيخنا البندنيجي رحمه الله ):
آه من شرك لا ينكشطُ فيلوحُ الوجهُ لي والقططُ
حسنك الباهر أضنى كبدي وبذاك خلدي مرتبطُ
أعجمي أنت أم من عربٍ أم من التركِ أم أنتَ النبطُ
ما عرفناك لتقديسك عن كلُّ ظـنٍّ زاغ فيه النمطُ
ظاهر أنت ولكن لا ترى لعيونٍ حجبَتْها النقطُ
أيُّها الأغيدُ لو جئت الى ديرنا نحن فيه الرهطُ
تلقنا مرعى سكارى خمرة صرفها بالخرج لا يختلطُ
تلقنا أحياءَ أموات الهوى وصحاحا ليس فينا غلطُ
آهِ لو دست بنعليك على هذه الأجفانِ كي تنبسطُ
لك ذيـّاك التقى ملزم ولنا هـذا القنا مشترطُ
فمتى تسمح بالوصل متى ومن اللمّـة بان الشمطُ
خاض فيك البندنيجي لجة دررُ الحسن بها يلتقطُ
مدرسة البندنيجي في تكيته
شيّد السيد علي البندنيجي تكية قادرية سمّيت بـ(تكية البندنيجي) الواقعة في محلة باب الشيخ ( فضوة عرب)، قريبة من شارع الشيخ عمر السهروردي، يقابلها من الشرق مقبرة الغزالي وقد شيد فيها مسجداً جامعاً يقام فيه الصلوات الخمس، وجعل فيها مدرسة يدرس فيها العلوم العقلية و النقلية،وكان يعمل فيها كل ليلة ثلاثاء وجمعة أذكاراً قادرية ، ورتب للجامع إماماً ومؤذناً وخادماً وشيخاً للتكية ومدرساً للمدرسة العلمية وشرط التولية على التكية والمسجد والمدرسة (ولأعلم تلميذ فيها)، وكان من جملة من سلك عليه: العلامة الشيخ عيسى صفاء الدين البندنيجي، وقد تزوج ابنة حفيده، وبعد وفاته صار بمحله شيخاً للتكية ومدرساً للمدرسة و إماماً للمسجد،وفي سنة 1257 هـ أوقفت السيدة صالحة خاتون بنت السيد علي البندنيجي بحضور مولانا إبراهيم سعد الدين أفندي قاضي مدينة بغداد ثلث جميع البستان الشهيرة ببستان رجب الواقعة على نهر السوق في قصبة مندليجين (مندلي)،وكذا قطعة البستان الشهيرة ببقجة فاطمة خاتون في مندلي على فقراء التكية،وطلبة العلم الذين يدرسون في التكية وذلك لإطعامهم وشرابهم والثلثين الى من سيولد لها من الأولاد الذكور والإناث، فحكم بتسجيل الوقف في 4 صفر سنة 1257 هـ و 1228 هـ أوقف محمود آغا بن كورجي محمد آغا بن عبد الله أفندي أملاكه في مندلي على لوازم التكية والمدرسة،والدراويش بموجب الوقفية المؤرخة 28 جمادي الأخيرة منه 1238 هـ زمن تولية السيد جودة بن السيد عبد الرحيم بن الشيخ عيسى البندنيجي،ومن بعده السيد عبد الرحيم،وبعده السيد عبد الرحمن ومن بعده السيد عبد الله الشيخ عيسى البندنيجي بالتولية والتدريس والمشيخة اليوم فهي بيد السيد صفاء الدين وبعد وفاته أودعت التولية الى ولده البكر السيد هاشم البندنيجي، وفي هذه التكية قبر السيد علي البندنيجي الشاعر (رح)، وقد بنيت على قبره قبة شامخة وفي التكية قبر عيسى البندنيجي وأولاده وقبوره أخرى من العلماء في غرفة خاصة.
و هكذا بقي السيد البندنيجي طيلة حياته متمسكاً بأوامر الله وبسنة نبيه محمد (ص)،ويقيم أذكار على الطريقة القادرية في تكيته ليلة الثلاثاء والجمعة من كل أُسبوع بصورة عامة لجميع أهالي بغداد،وقد كان صوّاماً قوّاماً زاهداً عن الدنيا وما فيها، لا تأخذه في الحق لومة لائم وعند حلول السنة 1186 هـ توفي في الطاعون الذي عمّ بغداد دار السلام،ودفن في تكيته المشهورة بباب الشيخ، وقبره يزار وله قبة كبيرة في نفس التكية.
شرح القصيدة العينية :
قلنا إنَّ للبندنيجي الكبير قصائد مشهورة في التصوف وهي العينية والطائية وهذه شرح العينية .
أبث من العلم اللديني ما ادعوا حديثاً بسجع ليس يعقبهُ الردعُ
كمل أوله وآخره بتاريخ 1238 هـ من قبل علي القادري البندنيجي وهو حفيد السيد علي البندنيجي الكبير ( مأخوذة من قبل علي البندنيجي وهو حفيد السيد علي البندنيجي الكبير
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( مأخوذة من مخطوطات المكتبة العباسية في البصرة ( عائلة باش أعيان بقلم علي الخاقاني ص ( 25) .
بمعنى المندلاوي :جاء هذا الخبر في كتاب "شعراء بغداد في أيام داود باشا والي بغداد " ص ( 35 للشهرباني .
ـــــــــــــــــــــــــــ
من شعره باللغة التركية (33):
محب صـادق
غبار خاك راهندن دو جشمم توتيا ايستر
جلاى قلبه جانا طلعتندن بـرضيا ايستر
أميدم (شاه مات) اولدى رخندن(كش)كورونمكله
مدد ينكلممك ضون بر حمايتلو(ثيا) ايستر
رقيب بد نظر بردم جدا اولمز جنابندن
أونى دور ايتمكه بى آبرو بر بيحيا ايستر
فراقندن جميع استخوانم ريزه لنمشدر
بوكسره عنبر وصلندن ألبت موميا ايستر
زمانه دلبرى، نيلر محبى صادقى أى دل
ايكي يوزلو،مقلد، متهم ،صاحب ريا ايستر
نثار ايتسه وفالى قارينتى يه عمرنـى(سيد)
سـزا ،لكـــن وفاسز ياره صبر أوليا ايستر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انطلاق معرض بكين الدولي للسيارات وسط حرب أسعار في قطاع السيا


.. الجيش الإسرائيلي يعلن شن غارات على بنى تحتية لحزب الله جنوبي




.. حماس تنفي طلبها الانتقال إلى سوريا أو إلى أي بلد آخر


.. بايدن يقول إن المساعدات العسكرية حماية للأمن القومي الأمريكي




.. حماس: مستعدون لإلقاء السلاح والتحول إلى حزب سياسي إذا تم إقا