الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حكومة بينيت - لابيد وإصلاح العلاقات الأوروبية الإسرائيلية (2)

نهاد ابو غوش
(Nihad Abughosh)

2021 / 8 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


نهاد أبو غوش

يؤكد تقرير مركز (مدار) الاستراتيجي عن العام 2020 الصادر في نيسان 2021 على أن دولا أوروبية كثيرة تتوجس من تحالف نتنياهو مع اليمين العالمي والأوروبي، وتعتبره تحديا لقيمها الليبرالية والديمقراطية، ويسرد التقرير مجموعة من الإشكاليات التي ساهمت في تأزيم العلاقات الأوروبية الإسرائيلية في عهد نتنياهو ومن بينها مخطط الضم، الذي اعتبرته فرنسا انتهاكا للقانون الدولي، محذرة من إسقاطاته على العلاقات الأوروبية الإسرائيلية(3)، لكن الدول المركزية في الاتحاد الأوروبي فشلت في إصدار قرار بهذا المعنى بعد أن استنفرت تل ابيب علاقاتها ونفوذها لدى بعض الدول الصغيرة، وأصدرت وزارة الخارجية الإسرائيلية تعميما على سفراء إسرائيل لإحباط صدوره. ومن الجدير ذكره أن مواقف الاتحاد الأوروبي في قضايا السياسة الخارجية بحاجة إلى إجماع دول الاتحاد ال27، وبالتالي يكفي اعتراض أي دولة مهما كانت صغيرة أو هامشية لإحباط أي قرار. ويلفت تقرير مدار إلى أن بعض الدول التي يسيطر فيها اليمين الشعبوي تستغل هذه القاعدة لمنع الاتحاد الأوروبي من التدخل في شؤونها، ولتغليب سياساتها المحلية والقومية على السياسات الإقليمية الموحدة التي يسعى لها الاتحاد الأوروبي تجاه عدد من الملفات المهمة والحرجة مثل قضايا الهجرة واللاجئين والبيئة.
فيتو إسرائيلي تجاه السياسات الخارجية الأوروبية!
وبدا الأمر اشبه بامتلاك إسرائيل حق ( النقض) الفيتو لإحباط أي قرار يتصل بالسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي! فقد تكرر الأمر نفسه في شهر أيار الماضي حين أحبطت هنغاريا (المجر) مشروع قرار وافق عليه مندوبو 26 دولة من دول الاتحاد الأوروبي لإصدار قرار يدعو لوقف فوري لإطلاق النار بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، خلال الحرب الإسرائيلية الرابعة على قطاع غزة، ما اضطر مفوض السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل لإصدار بيان منفرد باسمه الشخصي عن هذا الموضوع، حاول فيه أن يرد عن نفسه مسبقا صفة الانحياز، فأكد أن مقتل الأطفال في غزة غير مقبول، ودعا إسرائيل لالتزام القانون الدولي واتخاذ ردود فعل متناسبة، كما هاجم الفصائل الفلسطينية التي أطلقت القذائف على إسرائيل. في حين أن الوزير الهنغاري بيتر سيارتو – الذي زار إسرائيل متضامنا في حزيران الماضي- قال أن المواقف الأوروبية تجاه إسرائيل تتسم دائما بالأحادية والسلبية وهي غير مفيدة، ولا ينبغي إصدار أحكام ضد إسرائيل والتلويح بالمقاطعة.
ولفت موقع صحيفة يديعوت أحرونوت الاليكتروتي في تقرير لايتامار آخنر أن هنغاريا أحبطت خلال السنوات الأخيرة عدد من المحاولات الجماعية الأوروبية لإصدار مواقف وبيانات إدانة لإسرائيل وسياسستها، ومن بين هذه المرات محاولة دول الاتحاد الأوروبي إصدار بيان ضد إعتراف الرئيس الأميركي السابق ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل(4).
الدعم المالي بديلا للدور السياسي
لا يتوقع معظم الخبراء والمحللين نشوء أية فوارق جدية، وخاصة عملية، بين المواقف الأوروبية والأميركية تجاه قضية الشرق الأوسط والصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ويلحظ الصحفي الفرنسي المعروف والخبير في شؤون الشرق الأوسط ألان غريش أن الدور الأوروبي تجاه القضية الفلسطينية تراجع بعد العام 1993 وبدأ يميل للجانب الاقتصادي والمالي. ومع أن أوروبا تقر بمركزية القضية الفلسطينية ضمن الصراع العربي الإسرائيلي، واتخذت مواقف لافتة ومتميزة عن الولايات المتحدة وتحديدا ما ورد في إعلان البندقية في العام 1980، والذي نص على على حق الفلسطينيين في تقرير المصير وضرورة مشاركة منظمة التحرير الفلسطينية في المفاوضات، إلا أن اتفاقية أوسلو خلقت أوهاما كثيرة لأن اوروبا اعتبرت هذه الاتفاقية حلا نهائيا للصراع (5) .
ويتفق الباحث محمد هشام إسماعيل مع القول بضعف دور الاتحاد الأوروبي تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وعدم تناسب هذا الدور الضعيف مع حجم الدعم الاقتصادي والمالي الذي يقدمه لطرفي النزاع، وهو يعزو ذلك في دراسته التي نشرها المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات ومقره الدوحة، إلى عدد من العوامل من بينها الخلافات داخل أطراف الاتحاد الأوروبي، وعدم ارتياح الولايات المتّحدة نفسها لفكرة مشاركة الاتّحاد الأوروبيّ لها في صنع سياسة الغرب عامّة تجاه منطقة الشّرق الأوسط، والخلافات العربية العربية والفلسطينية الفلسطينية(6) .
يضيف عاطف أبو سيف في دراسته "إسرائيل والاتحاد الأوروبي الشراكة الناعمة " سببا آخر لمحدودية الدور الأوروبي تجاه قضايا الشرق الأوسط وهو الرفض الإسرائيلي لمثل هذا الدور على الرغم من حرص إسرائيل على توثيق علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي في مختلف المجالات وخاصة الصناعية والتجارية والعلمية، ويرى أبو سيف في الدراسة الصادرة عن مركز مدار في أيلول 2011، أن مركزية وأولوية العلاقات الأميركية الإسرائيلية لا تعني التخفيف من اهتمامات إسرائيل بعلاقاتها مع اوروبا.
تطورت العلاقات الأوروبية الإسرائيلية باطراد منذ إنشاء دولة إسرائيل والاعترافات الأوروبية المتتالية بها، ثم شهدت دفعات متلاحقة خلال العقود التالية، ويلحظ ابو سيف في دراسته أن جميع الاتفاقات بين اوروبا وإسرائيل تضمنت اتفاقيات سياسية وأخرى اقتصادية وتجارية، لكن اللافت أن الاتفاقيات السياسية كانت عامة وإجمالية، اي أنها لم تتضمن أية قيود وشروط يمكن لها أن تؤثر على السياسات الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين، لكن الجوانب الاقتصادية كانت تفصيلية وموسعة، ومثلت جوهر الاتفاقات المشتركة، ويلخص الكاتب مواقف إسرائيل من الاتحاد الأوروبي بأن إسرائيل لا تريد أن تكون جزءا من الاتحاد الأوروبي نظرا لما يترتب على هذه العضوية من شروط سياسية، لكنها تريد أن تستفيد من كل الامتيازات التي تمنح للأعضاء(7).
دأب نتنياهو على التباهي بعلاقاته الشخصية الوطيدة مع قادة العالم، واستثمر هذه العلاقات في الدعاية لنفسه وقيادته، إلا أن سياساته الداخلية والخارجية شكلت عناصر استفزاز لأطراف كثيرة في الولايات المتحدة وأوروبا، مع أن جوهر العلاقات الفعلية بين إسرائيل وحلفائها، وتحديدا الأمنية والاقتصادية، لن يتاثر كثيرا بسلوك نتنياهو أو غيره من الساسة، كما أن حكومة بينيت- لابيد الحالية لا تملك الكثير من القدرة ولا القوة والرغبة في التأثير والتغيير لا في سياسات إسرائيل وتحالفاتها الخارجية، ولا في سياسات الاحتلال تجاه الفلسطينيين، ولكن لديها قطعا شخصيات أكثر قبولا وأقل صلفا واستفزازا في العلاقة مع العالم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انفجارات أصفهان.. قلق وغموض وتساؤلات | المسائية


.. تركيا تحذر من خطر نشوب -نزاع دائم- وأردوغان يرفض تحميل المسؤ




.. ctإسرائيل لطهران .. لدينا القدرة على ضرب العمق الإيراني |#غر


.. المفاوضات بين حماس وإسرائيل بشأن تبادل المحتجزين أمام طريق م




.. خيبة أمل فلسطينية من الفيتو الأميركي على مشروع عضويتها | #مر