الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شاهد عيان على حرب لبنان 1982

خالد محمد

2006 / 8 / 16
الارهاب, الحرب والسلام


سمعنا في الاونة الاخيرة بعض تصريحات لمسؤولين في النظام السوري ، كان اخرها وزير خارجيته الذي حضر مؤتمر وزراء الخارجية العرب في بيروت ، حيث صرح قائلاً بمطالبته أي قمة عربية قادمة : " بتجييش الجيوش " ! بحجة دعم لبنان مع أن نظامه الذي افتعل هذه الحرب عن طريق حزب الله ، وكان زير خارجية ليبيا قد رد عليه بأن سورية محتلة أرضها وعليها هي تجييش الجيوش !! من ناحية اخرى فإن مقارنة حصلت في وسائل الاعلام العربية والدولية عن تشابه هذه الحرب الحالية مع حرب لبنان عام 1982 ، من ناحية الأسباب والاهداف والنتائج . وبما أنني كنت في هذه الحرب الأخيرة شاهدا على ما جرى فيها وخاصة في العشرة أيام الاولى منها ، فمن المفيد تقديم شهادتي للتاريخ عن موقف النظام السوري وقتها ، من خلال أداء قواته العسكرية وأشياء اخرى .

كنت وقتها متطوعا في صفوف المقاومة الفلسطينية ، مثل كثير من اخوتي الأكراد المؤمنين بوحدة المصير مع الشعوب المضطهدة . ولما اخترقت القوات الاسرائيلية المهاجمة خطوط المقاومة ووصلت مشارف بيروت ، كان هذا أكبر دليل على أن نظام حافظ الأسد إن لم يكن وقتها مشتركاً في محاولة تدمير منظمة التحرير الفلسطينية ، فهو على الاقل كان متخاذلا إلى حد التواطؤ مع العدو الاسرائيلي لتحقيق ذلك الهدف. كان موقف النظام السوري في الحرب تلك ، ما يفضح دعايته عن الصمود والتصدي التي كان ينادي بها من أبواقه الاعلامية ويحاول منها خداع الجماهير العربية . لقد شهدت بعيني كيف كانت مدرعات العدو تدخل من محاور يسيطر عليها الجيش السوري ، فتقوم بمحاصرة القوات الوطنية المشتركة في الجبل وبعدها في البقاع . كانت حجة الضباط السوريين الإلتزام بوقف اطلاق النار ، مع أن القوات الاسرائيلية كانت تخرق اتفاق الهدنة دوما وتتقدم عبر الخطوط السورية دون أن تلقى مقاومة تذكر . وهذا ما جعل تلك القوات تصل بيروت بسرعة قصوى وتحاصرها . لقد كانت حجة سورية وقتها أن الحاج اسماعيل قائد قوات فتح في جنوب لبنان ، هو من اعطى الاوامر لقواته بالانسحاب مما عجل في وصول العدو الى بيروت . وقد استعملت هذه الحجة لتقسيم منظمة التحرير الفلسطينية من خلال أعوان سورية الفلسطينيين ( جماعة أبو موسى ) ، وكان العدو الاسرائيلي ما يزال يحتل قسما كبيرا من لبنان . وقد انفضح دور النظام البعثي السوري خاصة بعد طرد ياسر عرفات وقواته من بيروت بواسطة اسرائيل ، ثم طرده من طرابلس يواسطة القوات السورية واعوانها من جماعة أبو موسى وأحمد جبريل .

ومن أكثر المشاهد التي رأيتها مثيرة للغضب ، لما كان الضباط السوريين من الطائفة المقدسة يأمرون جنودهم برمي العتاد والاسلحة وتحميل الاثاث والادوات المنزلية في السيارات ، وكانت تشحن مباشرة الى منازلهم في سوريا وهي الاشياء التي نهبت من منازل اللبنانيين !! وحتى سيارات الاسعاف كانت ترفض حمل المصابين من افراد الجيش السوري أو الفدائيين لان هؤلاء الضباط نفسهم كانوا يحملونها بالمسروقات ، فتنطلق بأقصى سرعة الى الحدود السورية اللبنانية دون أن يوقفها أحد ، لانها باعتقادهم سيارات اسعاف تنقل جرحى الحرب !! وهذا لا يعني ان جميع ضباط الجيش السوري في لبنان كانوا بتلك الاخلاق المتدنية وخالين من الوطنية . فاسرائيل اعترفت بمواجهتها في احدى المرات بمدرعات الجيش السوري التي اوقفت مدرعاتها عن التقدم في سهل البقاع ودمر الكثير منها . إلا أنه وياللمهزلة قام النظام السوري بمحاسبة هؤلاء الضباط الوطنيين الشرفاء ، بحجة خرق الاوامر وعدم التقيد باتفاق وقف اطلاق النار مع العدو الاسرائيلي !!

كانت حرب 1982 وصمة اخرى في جبين نظام الأسد ، وكشفت تورطه في التآمر على منظمة التحرير الفلسطينية التي كان يعادي رئيسها الراحل ياسر عرفات وظل كذلك حتى لحظة وفاته . لقد ادركت شخصيا هذه الحقيقة كشاهد عيان على هذه الحرب منذ لحظة وصولنا الى معسكر 23 شباط في منطقة معلولا ، شمال دمشق . فوقتها انتظرنا عدة ايام من اجل ان يخلو الطريق من دوريات الجيش السوري وحرس الحدود ، لكي نتقدم باتجاه الحدود اللبنانية للوصول الى بعلبك نقطة تمركز المتطوعين مع الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين . فهذا النظام الذي كان يمنع المتطوعين مع المقاومة من التوجه عبر سوريا الى لبنان ، يتاجر الان في حرب عام 2006 بما يسميه (مقاومة لبنانية ) في الجنوب بهدف دك لبنان على رأس أصحابه لحقده بسبب طرد جيشه منه وكان بمثابة بقرة حلوب لرجال نظامه ، وكان يسعى لمحاصرة قراره السياسي كما فعل ذلك مع منظمة التحرير الفلسطينية قبل وخلال وبعد حرب عام 1982 ، حيث نجحت جهوده هذا العام 2006 بهزيمة المنظمة نهائيا أمام حركة حماس الاسلامية التي دعمها ومولها بالاشتراك مع حليفه النظام الايراني .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دعوات في بريطانيا لبناء دفاع جوي يصُدُّ الصواريخ والمسيَّرات


.. جندي إسرائيلي يحطم كاميرا مراقبة خلال اقتحامه قلقيلية




.. ما تداعيات توسيع الاحتلال الإسرائيلي عملياته وسط قطاع غزة؟


.. ستعود غزة أفضل مما كانت-.. رسالة فلسطيني من وسط الدمار-




.. نجاة رجلين بأعجوبة من حادثة سقوط شجرة في فرجينيا