الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحكم العسكري العنصري و الدمقراطية الشعبية

كوسلا ابشن

2021 / 8 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


يعرف القاموس السياسي الماركسي, الدمقراطية الشعبية, كأحد أشكال دكتاتورية البروليتاريا, التي تتمظهر بشكل عام في وحدة ثنائية العملية الثورية, ضد الإمبريالية و ضد الثورة المضادة الإقطاعية. و هي العملية الثورية الدمقراطية لدكتاتورية العمال و الفلاحين بقيادة الطبقة العاملة الموجهة الى الإنتقال الى الثورة الإشتراكية و دكتاتورية البروليتاريا بهدف تأسيس المجتمع الإشتراكي.
ظهرت نظرية الدمقراطية الشعبية بعد الحرب الإمبريالية - الإمبريالية للهيمنة على ثروات العالم, و إنتصار شعوب شرق أوروبا بمساعدة الإتحاد السوفياتي على النازية, كما تحقق إنتصار شعوب شرق آسيا على النظام الاستعماري الياباني و الغربي. الدمقراطية الشعبية عكست نمو قوة الإشتراكية, و حركات التحرر, و أسست قاعدة إجتماعية لتشكيل الجبهة الشعبية المناهضة للإمبريالية.
الدمقراطية الشعبية أحد أشكال بناء النظام الإجتماعي الإشتراكي, رغم السياق التاريخي المختلف عن بناء الإشتراكية في الإتحاد السوفياتي.
في خضم الصراع الشعبي ضد الاستعمار خاصة في الشرق الاوسط و شمال افريقيا( بلاد الامازيغ), ستبرز فئة سماسرة الحرب, من ستفاوض الاستعمار على الانسحاب وتشكيل الدولة"الوطنية" العرقية الإصطناعية, الفئة التي ستأسس جهازها القمعي الخاص بها ( الحزبي-العسكري), إعتمادا على نظرية الدمقراطية الشعبية كقاعدة للمشاركة الشعبية في الحكم, إلا أن الإرادة السياسية في إتخاذ القرارات والقوانين, كان من إختصاص الجهاز القمعي (الحزب-العسكر) في الدولة الجديدة, و الذي إحتكر كل السلط بتنظيم مركزية الدولة. أصبحت وسائل الانتاج وإدارة الإقتصاد شكليا في أيدي جهاز الدولة, لكن الحقيقة هي في أيدي قيادة جهاز(الحزب-العسكر) الذي تحكم في العائدات والارباح, لتبقى العدالة الاجتماعية والمساواة بين أفراد الشعب ديكور في الدساتير الشكلية. الدمقراطية الشعبية في الدولة العرقية الإصطناعية, و النموذج دزاير(الجمهورية الجزائرية الدمقراطية الشعبية), و هي دكتاتورية عسكرية ل(فئة سماسرة الثورة) التي تتحكم في السلطة السياسية و المؤسسات الدستورية و المؤسسات الإنتاجية وثروات الدولة, نظريا هي ثروات المجتمع الاشتراكي الورقي, إلا أنها في الواقع هي في ملكية قيادة جهاز (الحزب-العسكر).
الدمقراطية الشعبية التي كان من المفروض مبدئيا, أن تكون آداة ضد الإقطاع و ضد الامبريالية, أصبحت عمليا آداة الإضطهاد القومي والإجتماعي, و تحولت الدمقراطية الشعبية الى دكتاتورية الحزب-العسكر, وهي الفئة التي تمارس الفساد الإداري والمالي و تنهب عائدات النفط والغاز وتحتكر المؤسسات الإنتاجية المملوكة نظريا للدولة, وتستبد بالشعب وتنتهك حقوق الانسان وتمنع حرية الرأي والتعبير وحرية الإختلاف.
أول دساتير دزاير كان دستور عام 1963, الذي أسس جمهورية ذات حزب واحد, وهو جبهة الخيانة ((جبهة التحرير الوطني)), ورئيس إستبدادي يختار من طرف الجنرالات. وأكد الدستور على الحقوق للجميع, لكن مشروط ب(المادة 22): "لا يجوز لأي كان أن يستعمل الحقوق والحريات السالفة الذكر في المساس باستقلال الأمة وسلامة الأراضي الوطنية والوحدة الوطنية ومؤسسات الجمهورية ومطامح الشعب الاشتراكية, ومبدأ وحدانية جبهة التحرير الوطني", وبواسطة هذه المادة تصادر حرية الرأي و التعبير وتحاكم الآراء المخالفة لرأي العسكر بتهمة جاهزة و معروفة للجميع, وهي المؤامرة المستهدفة لتفكيك وحدة الشعب وتفكيك الوحدة الترابية.
تعددة دساتير الممنوحة من الحكم العسكري, لكن كلها آداة ضمانة إستمرارية الحكم الاستبدادي العسكري وسياسة التمييز العرقي, بصياغة جديدة للتعددية الجامعة في وحدانية الإيديولوجية الإستبدادية-العرقية, كمنظومة قدسية علوية و شوفينية, أدت الى أزمات هيكلية وأنتهاك لحقوق الشعب. و إعتبرت كل دعوة الى التغيير والدمقراطية, هو تفكيك لوحدة الوطن وتقسيم الشعب ومؤامرة أجنبية, وهذه الأطروحة التبريرية التضليلية التي عايشت لفترة ستة عقود من الزمن المتغير, من أحداث و تحولات إقليمية و دولية, إلا أن الوهم الراكد في نسقه المغلق بقي جامدا من دون حركة, ولا قبل بلورة أفكار جديدة وتكتيكات جديدة إنعكاسا للواقع الجديد والمتحول.
فشل السياسة القومجية الشوفينية في آبادة الأمازيغ بيولوجيا (مجازر 1963-1965) أو هوياتيا (التعريب الشامل), أنتج نظرية المؤامرة ضد ثورة ((المليون شهيد)), وتعمق وهم نظرية المؤامرة بعد الربيع الامازيغي و العشرية السوداء والربيع الاحمر(2001) وصولا الى الحراك الشعبي السلمي المستمر و الممتد في جغرافيته دزايرية. التزمت والتعصبي القومجي, و الشعور السيكولوجي بتفوق الأنا ودونية الآخر, الوهم المعبر عنه في خطابات الساسة في دزاير مثل القول (دزاير أحسن دولة في إفريقيا)أو في الصراع على زعامة شمال افريقيا مثل ما حدث بين القوى الكولونيالية في كل من دزاير و ليبيا, أو بين القوى الكولونيالية في كل من دزاير و مورك. ثنائية التعصب القومجي و سيكولوجية التفوق, هما وراء الفشل الذريع في إدارة القضايا المصيرية بعقلانية ودمقراطة الحوار الضروري لحل القضايا الداخلية أو الإقليمية.
إنعدام الدمقراطية و رفض قانون المشاركة, عمق في نهج الإستبداد, و في تراكم القواعد و القوانين والنظم التسلطية المكرسة لثقافة التخلف والجهل والظلامية والتضليل والاغتراب الذاتي. تراكم قوانين اللادمقراطية ونظم الإستغلال الفاحش و سياسة النهب والفساد و تفقير الشعب, لم يزد للوضع الإجتماعي والحقوقي إلا تفاقما و إنتقل من سوء الى أسواء بسبب سياسة تجويع الشعب و سياسة الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان, والنتيجة ما تعرفه دزاير الى حد اليوم من أزمة هيكلية أدت الى إنفجار بركان الحراك الشعبي والذي هو نتيجة حتمية للسياسة اللادمقراطية واللاشعبية لقيادة جهاز (الحزب-العسكر). و عوض رحيل جهاز (الحزب-العسكر) عن الساحة السياسية وإحترام إرادة الشعب في التغيير و بناء مؤسسات مدنية دمقراطية شعبية, يلاحظ أن الجهاز الرجعي الفاشستي, مازال يتخبط في سياسته الحلزونية سواء بقمع الحراك الشعبي و زرع الفتن لتقسيم الشعب و إنهاء الحراك الشعبي السلمي أو بخلق وهم مؤامرة "الماك" و المورك في خلق الإضطرابات الداخلية و تفكيك وحدة الوطن, (وحدة الوطن, الأحجية التي أصبحت شماعة في سياسة القوى القومجية العرقية في محاربة الأهالي).
جهاز (الحزب - العسكر), هو المتورط الوحيد في كل الجرائم و المسؤول المباشر عن حرائق لقبايل وقتل العشرات حرقا في منطقة لقبايل و هو المسؤول المباشر عن قتل الشاب جمال بن إسماعيل بمنطقة لقبايل, وهو المسؤول المباشر عن الإضطرابات الداخلية, وعن النزاعات والإضطرابات الإقليمية, و قيادة جهاز (الحزب-العسكر) هو الداعم و الممول الغير المباشر للحركات الإرهابية في منطقة شمال إفريقيا ومنطقة تينيري.
إنتهجت قيادة جهاز (الحزب-العسكر) بعد رحيل الإستعمار الفرنسي سياسة الجمود العقائدي, والنظام اللادمقراطي, منح لها الإمتيازات من خلال الفساد وإضطهاد الشعب. إلا أن نعيم النفط والغاز والتهريب والفساد, أفسدته إنتفاضة الخبز, و زعزعته الحرب الإسلامية, و آخيرا أفشله بديل حركة النضال السلمي بالحراك الشعبي المستمر. الوضع الغير المريح أفقد بوصلة جهاز (الحزب-العسكر), وأصابه بمرض إنفصام الشخصية, بدأ يطلق طبائعه وطبيعته على الآخرين. النظام الشوفيني الإستبدادي (الحزب-العسكر) المتآمر ضد الشعب و ضد الجيران, يتهم الآخرين بالمؤامرة للتستر على جرائمه الإقتصادية والسياسية والحقوقية.
إذا كانت الدمقراطية الشعبية إنتهجت في بعض الدول لصالح الشعوب وتنمية البلدانها, فإنها إستغلت في دزاير من طرف قيادة جهاز (الحزب-العسكر) للإستبداد ونهب ثروات الشعب و زرع النزاعات الإقليمية والتحالف مع الأنظمة الإستبدادية.
الحراك الشعبي هو البديل للنظام اللادمقراطي و اللاشعبي, بديل للفاسدين العنصريين الفاشيين لجهاز(الحزب-العسكر), اللاشرعي واللاشعبي واللادمقراطي واللاوطني.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شولتز: المساعدات الأميركية لا تعفي الدول الأوروبية من الاستم


.. رغم التهديدات.. حراك طلابي متصاعد في جامعات أمريكية رفضا للح




.. لدفاعه عن إسرائيل.. ناشطة مؤيدة لفلسطين توبّخ عمدة نيويورك ع


.. فايز الدويري: كتيبة بيت حانون مازالت قادرة على القتال شمال ق




.. التصعيد الإقليمي.. شبح حرب يوليو 2006 | #التاسعة