الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
بعد أن صمتت المدافع: أي نصر وأي هزيمة
حسين عبدالله نورالدين
2006 / 8 / 16الارهاب, الحرب والسلام
انتهت الحرب أو كادت وجاء الوقت لتقديم كشف الحساب. في جولة على المحطات والفضائيات والصحف والمنتديات الكل يتباهى بما يسمونه نصرا. في الواقع يصعب القول أي من الجانبين انتصر وأيهما انهزم لأنه يبدو أن لا منتصر ولا مهزوم في هذه الحرب التي فرضت على لبنان وتجرع مرارتها الإقليم كله. أي نصر يتحدث عنه أصحاب الصوت المرتفع والدمار يملأ لبنان من شماله إلى جنوبه مرورا ببقاعه وشواطئه. أي نصر مع هذا العدد الهائل من القتلى من الأطفال والنساء والشباب والشيوخ. خسائر بالمليارات والكثيرون من العرب من بعيد يتباهون بهذا الذي يسمونه نصرا لأنهم لم يحسوا ولم يشعروا بحقيقة الخسارة. ربما لأنهم تعودوا على الانتصارات الوهمية وملأت عقولهم الشعارات الجوفاء التي تغنيهم عن تحقيق أي إنجاز حقيقي.
كان يحلو لمحطات التحريض والتطاول استضافة جنرالات الكلام ذوي الصوت العالي للحديث عن الأوضاع الراهنة والتعليق عليها وإبداء الرأي فيها. كان هناك تركيز مشبوه على الأردن بطريقة وقحة. في إحدى الجولات الإخبارية في محطة التحريض والتطاول ركزت المذيعة على الناطق الرسمي الأردني بسؤاله ماذا سيفعل الأردن فعليا على الأرض وكأنها تسأله متى سيفتح الأردن الجبهة ضد إسرائيل.
كنت سأفهم هذا السؤال لو كانت الجبهات الأخرى مفتوحة لكان يحق لتلك المحطة أن تتساءل لماذا لا يفتح الأردن جبهته. أما والجبهات الأخرى صامتة كصمت القبور فلماذا يغامر الأردن بفتح جبهته. والسؤال الجوهري الذي يجب أن يتم توجيهه هو لماذا لا تفتح الجبهة السورية ويوجه السؤال إلى المسؤولين السوريين وليس الأردنيين.
اعترض كثيرون على موقف الأردن ومصر والسعودية عندما وصفوا ما قم به حزب الله بأنه مغامرة غير محسوبة. لكن الأحداث أثبتت أن ما قام به حزب الله بالفعل كان مغامرة وهذه هي النتيجة يراها الجنوبيون الآن في البيوت المهدمة والجسور المدمرة.
فلماذا يظل لبنان يدفع فاتورة مغامرات إيران وسورية ويتحمل وحده آثار الدمار والتدمير لان فئة لبنانية رهنت أمرها لإيران وسورية؟ وبحسب بعض المحللين اللبنانيين فان حزب الله ليس لبنانيا مئة بالمئة وليس حزبا ليبراليا ولا علمانيا بل طائفيا دينيا يخدم مصالح إيران ومصالح طائفته.
حزب الله فرض على لبنان وبالتالي على العرب حربا لم تكن بالحسبان ولم يكن احد مستعد لها. والآن وقد صمتت المدافع هل يجرؤ احد على مساءلة حزب الله عما فعل؟ أم أن حزب الله "لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ "؟
في إسرائيل جدل واسع الآن بشان نتيجة هذه الحرب. هناك مساءلات وتساؤلات ورئيس الوزراء الإسرائيلي يعترف بمسؤوليته عما حصل. وربما يتم تشكيل هيئة للتحقيق مع رئيس الوزراء ووزير الدفاع. وقف رئيس الوزراء الإسرائيلي أمام الكنيست ليقول: "سنراجع أنفسنا بشان ما وقع في المعارك لن نخفي شيئا تحت السجاد". فهل يجرؤ احد في لبنان الآن على أن يقول انه سيتم تشكيل لجنة للتحقيق بما جرى وكيف جرى ولماذا جرى وما هي الدروس والعبر المطلوبة للمستقبل؟ أم أن نشوة الانتصار التي يحس بها حزب الله ومؤيديه ستمنع مثل هذه اللجنة؟ هل سنتعلم الدرس أم نقع في الفخ مرة ثانية بمغامرة ثانية من حزب الله أو غيره؟
في الثمانينات قام حزب الله إلى جانب غيره من الميليشيات بالدور المطلوب في مقارعة الاحتلال. لكن حزب الله وحده قطف الثمار وبلع الآخرون الشوك وسكتوا لأنه كان هناك من يكتم على أنفاسهم. وظل الحزب يتمتع بحمل السلاح ويبني دولته الخاصة في الجنوب واللبنانيون شعبا وحكومة يراقبون بأعين خجولة ما يجري لكن لسان حالهم كان يقول العين بصيرة واليد قصيرة. واكتشف الحزب مبررا لوجوده ولحمل السلاح بالقول انه يحمي الحدود لان الجيش اللبناني غير قادر على ذلك. هل يمكن أن يكون مقبولا أن ميليشيات حزب الله أقوى من الجيش اللبناني؟ أم هي الخطة الإيرانية المحبوكة لاستخدام قوات الحزب في الوقت المناسب في حال أي مواجهة بين أميركا وإيران؟ طبعا هي هذه الخطة. فقوات حزب الله مسلحة أكثر من الجيش اللبناني ولديها خبراء من إيران وأسلحة ثقيلة وحديثة وكان الجيش اللبناني يعلم انه لو حاول الدخول إلى الجنوب بالقوة فان الحرب الأهلية ستندلع من جديد. ومرة ثانية بلع الجيش اللبناني الشوك وصبر وانتظر.
كان حزب الله يقول انه يحمي الحدود. وانه يقف في مواجهة إسرائيل لمنع قواتها من انتهاك الأراضي اللبنانية. وعندما طلبت منه إيران أن يتحرش بإسرائيل لمعرفة رد فعلها في الوقت الذي كانت فيه المواجهة الكلامية بين طهران وواشنطن مستعرة وقع الحزب في نفق مظلم ولم يكن يتوقع أن يكون الرد الإسرائيلي بهذا الشكل غير المسبوق ولم يستطع أن يمنع الجيش الإسرائيلي من تدمير لبنان ومن الدخول والتوغل في الأراضي اللبنانية. فهذا الحزب الذي تباهى بأنه حرر الأرض قد يكون السبب الآن في إعادة احتلالها. بطبيعة الحال لا يمكن لأي عاقل أن ينكر صمود قوات حزب الله وجرأتها وبسالتها في مواجهة الجيش الإسرائيلي. ولكن بأي ثمن كان هذا؟ أم هي العقلية العربية الإسلامية التي يهون عندها حياة الناس وممتلكاتهم في سبيل العنتريات الفارغة والبطولات الرخيصة؟
لقد حان الوقت لكي ينهض لبنان من جديد. الآن أكثر من أي وقت مضى الشرعية الدولية تقف إلى جانب الحكومة اللبنانية وكذلك لديها الدعم الدولي والعربي لكي تمارس سيادتها على الجنوب وتمنع قيام دولة حزب الله التي يتحكم بها الإيرانيون. لا بد الان من عدم احتكار حزب الله للسلاح دون كل الاحزاب للبنانية الاخرى والا فان تلك الاحزاب لن تعدم وسيلة لجلب السلاح وبعدها تندلع الحرب الاهلية مجددا. حان الوقت لكي ينخرط مقاتلو حزب الله في الجيش اللبناني ويكون هذا الجيش من أقوى الجيوش في الشرق الأوسط. حان الوقت لكي ينهض اللبنانيون ويقولون بالصوت العالي أن لبنان لكل أبنائه وليس لفئة دون أخرى. وإذا كانت نتيجة المواجهة الأخيرة نصرا فإنها نصرا لكل لبنان لان كل لبنان دفع الثمن. وكان الثمن غاليا.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. بيسان إسماعيل تواجه أقوى تحدي في حياتها ????!!
.. المعارض الفنزويلي غونزاليس يختار المنفى -لمواصلة النضال من أ
.. الانتخابات النيابية في الأردن: قانون انتخابي جديد.. ما الذي
.. روسيا تؤكد سيطرتها على بلدة جديدة خلال تقدم قواتها نحو مدينة
.. بعد حصوله على 94,65% من الأصوات.. تبون رئيسا للجزائر لولاية