الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا انهار الجيش الأفغاني؟

رشيد غويلب

2021 / 8 / 26
الارهاب, الحرب والسلام


إن المآل الذي انتهت اليه القوات المسلحة الأفغانية، التي بنيت بإشراف بلدان الناتو، يمثل صورة واضحة ومباشرة ويسلط الضوء بقوة على مشتركات ظواهر الفساد التي تعيشها هذه المؤسسات في بلدان أخرى.
أثارت سيطرة طلبان السريعة على معظم ارجاء أفغانستان جملة من الأسئلة بشأن الانهيار او الاستسلام السريع للقوات المسلحة الأفغانية التي بلغ عديدها 307 آلاف مقاتل. وهذا الرقم مأخوذ من تقرير المفتشية العامة الأمريكية لإعادة إعمار أفغانستان (سيغار) الذي نشر في أواخر تموز. يقدر جوناثان شرودن من معهد البحوث العسكرية أن حوالي 180 ألف جندي كانوا جاهزين للقيام بمهام قتالية، واليوم أصبح واضحا ان الكثير من منتسبي الجيش والشرطة هم من “الفضائيين” المسجلين فقط في كشوفات الرواتب. وهذا الفساد لم يكن مخفيا، ولكن مراكز القرار لم تكن معنية ببناء قوات مسلحة مهنية ولاؤها للدولة.

عديد القوات المتحاربة
خصصت مبالغ هائلة لبناء القوات المسلحة الأفغانية، وفق صحيفة نيويورك تايمز، أنفقت الولايات المتحدة وحدها أكثر من 83 مليار دولار على الأسلحة والمعدات والتدريب للجيش الأفغاني. ومن هنا مفاجأة الانهيار السريع.
ويبقى عديد القوات الخاصة الأفغانية طي الكتمان. وبحسب المعلومات الواردة من الدوائر الأمنية، هناك 40 ألف جندي منها في الجيش، و8 آلاف في الشرطة و8 آلاف أخرى في المخابرات. ولم يعرف قط العدد الدقيق لمقاتلي طالبان. ولكن تقارير مجلس الأمن تشير الى أن طالبان تملك 55 – 85 ألف مقاتل. وبالتالي فان تفوقها الأخير لا يعود لأسباب عسكرية، او تفوق في التسليح. لقد شدد العديد من المراقبين على أن الجنود الأفغان يفتقرون إلى الروح المعنوية. وحتى الرئيس الأمريكي جو بايدن نفى قبل أيام قليلة مسؤوليته عن الكارثة العسكرية بالقول: ان “القادة السياسيين في أفغانستان استسلموا وفروا من البلاد”. و”لقد انهار الجيش الأفغاني، وأحيانا دون محاولة القتال. وإذا كان الأفغان لا يريدون الدفاع عن بلادهم بأنفسهم، فلماذا ينبغي على الأمريكيين القيام بذلك؟”.

الاستهانة بطالبان
تصريح الرئيس الأمريكي يقترب من النبرة العنصرية: الأفغاني لا يستطيع القتال لأنه شرقي وضعيف، إضافة إلى ذلك، فهو لا يفهم تكنولوجيا الأسلحة الغربية الحديثة. من المفيد توجيه سؤال الى الذين أشرفوا على تدريب الجنود الأفغان لسنوات عديدة على استخدام هذه التكنولوجيا، كيف نجح هؤلاء في دورات التدريب والتأهيل؟ ولماذا لم يلاحظ المعنيون طبيعة طلابهم؟
وقال المفتش العام الأمريكي لإعادة إعمار أفغانستان، جون سوبكو، إن قدرات الجيش الأفغاني تمت المبالغة فيها بلا حدود. وان الجيش الأمريكي يعلم ذلك. ووفقا لتقرير سوبكو الأخير إلى الكونغرس الأمريكي، فإن “أنظمة الأسلحة المتطورة والمركبات والخدمات اللوجستية المستخدمة في الجيوش الغربية كانت تفوق قدرات القوات المسلحة الأفغانية الأمية وضعيفة التدريب”. وقدر مركز مكافحة الإرهاب في الأكاديمية العسكرية الأمريكية في ويست بوينت، القوة الفعلية من القوات الأفغانية بحوالي 96 ألف جندي.
صحيح أن الروح المعنوية للقوات الحكومية لم تكن في أفضل حالاتها، حسبما أكد مدير شبكة محللي أفغانستان في كابول على ياور عديلي في تموز. وبانسحاب القوات الأمريكية، انهارت فجأة تكتيكاتهم الحربية المعروفة سابقًا. “قبل ذلك، كان بإمكانهم الاعتماد على الدعم الجوي لبلدان الناتو، وعلى الدعم اللوجستي من المتعاقدين الأمريكيين”، كل ذلك ذهب فجأة وكان على الجنود إدارة شؤونهم بأنفسهم.
بالمقابل، تمت الاستهانة بتكتيكات طالبان القتالية. لقد مرّ أكثر من 25 عاما منذ ظهور طالبان. ومنذ ذلك الحين، تعلموا الكثير، بما في ذلك استخدام التقنيات الالكترونية اليومية في الحرب، كالهواتف المحمولة.
بعد اعلان الرئيس الأمريكي الانسحاب، حققت طالبان نجاحا كبيرا في المناطق الريفية، وقطعت طرق الإمداد إلى القواعد العسكرية الأفغانية. وتجنبت في البداية احتلال المدن، حيث تم الدفاع عنها بقوة أكبر. في منتصف حزيران، بدأت القوات الأفغانية التخلي عن مواقعها، بعد ان فقدت الدعم الحكومي. وكانت تعاني من نفاد الطعام.
ومن المفيد الاشارة الى الهوّة في مستوى التعليم والتطور بين سكان المدن، والمناطق الريفية الشاسعة المحيطة بها، والتي يسكنها 80 في المائة من سكان البلاد. وإذا ما علمنا ان على الجنود الأفغان الدفاع عن نظام فاسد لا يشعرون تجاهه بالولاء مقابل قرابة 70 دولارا شهريا، فان استسلامهم ليس مفاجئا، الى جانب وحشية طالبان، وخصوصا تجاه الافراد المؤثرين وعوائلهم كالطيارين والقادة، الذين خيروهم بين الاستسلام وابادة العوائل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ضربة إسرائيلية ضد إيران في أصفهان.. جيمس كلابر: سلم التصعيد


.. واشنطن تسقط بالفيتو مشروع قرار بمجلس الأمن لمنح فلسطين صفة ا




.. قصف أصفهان بمثابة رسالة إسرائيلية على قدرة الجيش على ضرب منا


.. وزير الأمن القومي الإسرائيلي بن غفير تعليقا على ما تعرضت له




.. فلسطيني: إسرائيل لم تترك بشرا أو حيوانا أو طيرا في غزة