الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأزمة العامة للرأسمالية والحروب المحلية وحتمية الثورة

خليل اندراوس

2021 / 8 / 27
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


من لا يرى الصّراع الطبقي في المجتمع الرأسمالي وخاصة في أعلى مراحل تطوّره الامبريالية فإمّا هو طوباوي خيالي أو مؤمن بما يسمى بالديمقراطية الزائفة لهذا المجتمع، وهذا خداع ليس فقط للطبقة العاملة بل لكل الشعوب المضطهَدة والمضطهِدة.

فالمرحلة الامبريالية من تطوّر المجتمع الانساني تتميّز بتعمق وزيادة الفجوات الطبقية والصراع الطبقي، وزيادة هيمنة وسيطرة طبقة رأس المال على الشعوب والأمم حول العالم وعدم المساواة بين الشعوب، فحتّى الآن في أعلى مراحل الرأسمالية -الامبريالية- هناك أمم ظالمة مضطهدة وأمم مظلومة مضطهَدة، وهذا الواقع حتمي في ظل الرأسمالية خاصة أعلى مراحل تطورها.

وهناك بعض الناس وحتى القيادات و"أكبر رجال الدين" ينسون وحشية وبربرية الحروب الامبريالية المحلية هنا وهناك من اليمن وليبيا وسوريا وأفغانستان والعراق، وبعد حدوثها يستعملون الجمل الطنانة والجوفاء والتمنيات المعسولة، بهدف التغاضي بل عدم قول الحقيقة، فمن لا يضع يده على الجرح لا يستطيع علاجه أو ايقاف نزيف الدم، فعذاب ومآسي الانسانية سببه سياسات الامبريالية العالمية خاصة الولايات المتحدة وربيبتها الصهيونية العالمية، وقاعدتها الأمامية في الشرق الأوسط اسرائيل، وحصانة أنظمة الاستبداد العربي -أنظمة طبقة رأس المال الوسيط الكومبرادوري في العالم العربي، هذا الثالوث الدنس هو المسبب لمعاناة ومآسي شعوب العالم خاصة الشعوب العربية.

ومن أجل مكافحة ومقاومة هذا الواقع لا بد ولا بديل عن الفكر الماركسي، لا بديل عن النضال الأممي القومي، فالأممي الحقيقي هو القومي الحقيقي، والقومي الحقيقي هو الأممي الحقيقي، والعمل بتفان على تطوير الحركة الثورية والنضال الثوري المقاوم لهذا الثالوث الدنس في كل بلد وفي جميع البلدان بدون استثناء.

النضال الثوري الحقيقي في إطار الأحزاب اليسارية الشيوعية المتبنية والممارسة للفكر الماركسي هو النضال ضد الحكومات الامبريالية وطبقة رأس المال في كل دول العالم، ولا يمكن أن يكون سلام إلا بدك نير هيمنة وسيطرة طبقة رأس المال وكل الثالوث الدنس. في بعض المراحل التاريخية، خاصة الآن هذا النضال ليس بالسهل بل صعب وصعب جدًّا، وقد يشعر الثوري الحقيقي في بعض المراحل بأنّه يسير ضد التيار، خصوصًا في مرحلة من يقول بكل "جرأة" بأنه لا يمين ولا يسار، ويجد من يسمعه ويؤيده، ولكن الثوري الحقيقي يسير ضد "التيار" ومن يفعل ذلك هو الذي يصنع التاريخ ويغير مجرى النهر لكي يصل إلى بحر لا بل محيط المساواة والحرية، إلى مملكة الحرية على الأرض، بينما الآخرين الذين لا يميزون بين اليسار واليمين، ولا يرون العلاقة الجدلية بين كل أشكال النضال الثوري الحقيقي فمصيرهم الفشل والندم بل ومزبلة التاريخ.

الأحزاب اليسارية التقدمية التي تتبنى الفكر الماركسي اللينيني تناضل من أجل إحداث الاصلاحات التقدمية الاجتماعية الاقتصادية السياسية في المجتمع لخلق تراكمات كمية، بهدف الوصول إلى احداث التغيير الكيفي للمجتمع الثورة الاجتماعية، لذلك الحديث عن مكاسب اقتصادية هنا وهناك بدون ربطها بشكل جدلي مع باقي أساليب النضال الأخرى الاجتماعية والثقافية والسياسية والقومية والأممية، هو نوع من الجهل أو من الغباء السياسي وهذا الجهل والغباء يحمله حتى بعض من يحمل شهادات جامعية، وقد يعرف هذه الأمور ولكن لا يذكرها أو يتغاضى عنها لتبرير ممارساته السياسية التي قد تكون بتوجيه من قوى رجعية خارجية، تدفع الملايين لهذا التنظيم أو ذاك "لمحترفي" السياسة الذين قد يكون عددهم بالآلاف، وهذه السياسات غير المخلصة بل واكثر من ذلك الممارسات التي تسيء بل تخون قضايا شعبه الطبقية والقومية والانسانية العادلة، وأقول هذا لأنه كما أسلفت، القومي الحقيقي هو الأممي الحقيقي والعكس صحيح.

وهنا نؤكد بأنّ الحزب اليساري الماركسي هو حزب الثورة الاجتماعية، حزب الثورة الاشتراكية، هذه الثورة التي هي ضرورة حتمية من وجهة نظر المفهوم المادي الجدلي للتاريخ، ولا يلغي هذه الحقيقة الموضوعية فشل تجربة بناء الاشتراكية في الاتحاد السوفييتي، فتجربة بناء الاشتراكية قد تفشل مرة ومرتين وأكثر، لكنها ستنتصر في النهاية، لأنها حتمية موضوعية تاريخية.

وهنا بودي أن أقول وللأسف بأن الأنظمة التي استخدمت اسم ماركس كانت شديدة المركزية والبيروقراطية وفشلت اقتصاديًا، وكما قال لينين: "لا يمكن ان تنتصر الاشتراكية على الرأسمالية إلا اذا أصبحت انتاجية المجتمع الاشتراكي ضعفي انتاجية المجتمع الرأسمالي"، وهنا كان فشل تجربة بناء الاشتراكية خاصة في الاتحاد السوفييتي، طبعًا بالإضافة إلى عوامل موضوعية وذاتية اخرى منها عملاء الـ سي. أي. ايه الذي كان أحد مستشاري غورباتشوف الكبار أحدهم، وكذلك وجود حركات صهيونية داخل الاتحاد السوفييتي سابقًا وموجودة حتى الآن في روسيا مثل حركة "ناتيف" وهي مرتبطة رسميًا بمكتب رئيس حكومة اسرائيل.

كما لا بد أن نذكر بأنّ الأحزاب اليسارية في عصرنا الحاضر عصر هيمنة وسيطرة طبقة رأس المال تخترقها انتهازية مرتبطة بطبقة رأس المال وناقلة نفوذها وعملائها داخل هذه الأحزاب، فأذكر ما كتبه لينين في المجلد الخامس في مقال عن افلاس الأممية الثانية ص 341، حيث قال: "فإنّ انتساب الانتهازيين رسميًا إلى أحزاب العمال لا ينفي إطلاقا كونهم -موضوعيًا- فصيلة سياسية من فصائل البرجوازية وناقلي نفوذها، وعملائها في الحركة العمالية". ويضيف لينين: "الجميع متفقون على أن الانتهازية ليست وليدة الصدفة، ولا خطيئة، ولا زلة، ولا خيانة أفراد منعزلين، انما هي النتاج الاجتماعي لمرحلة تاريخية كاملة". (لينين مختارات المجلد – 5 صفحة 342).

وهذه الظاهرة نعاني منها في هذه المرحلة التاريخية مرحلة هيمنة وسيطرة طبقة رأس المال، والصهيونية العالمية وهيمنة وسيطرة طبقة رأس المال الوسيط – الكومبرادوري- انظمة الاستبداد الرجعي العربي.

وهذا الثالوث الدنس هو الذي يدعم المؤسسات "الاجتماعية" والسياسية والدينية التي تعمل على تمزيق الشعوب إلى طوائف، وتستغل الدين، كل دين من أجل تعميق السيطرة والهيمنة على الشعوب المضطَهدة، ودفعها نحو حروب أهلية على أساس طائفي كما حصل ويحصل في العراق وسوريا واليمن وافغانستان، ونذكر الكلمة المأثورة التي قالها كلاوزيفيتس في كتابه "عن الحرب" (كلاوزفيتس كارل (1780 – 1831) – جنرال بروسي نظري عسكري كبير جدًا) بأن "الحرب استمرار للسياسة بوسائل اخرى (أي بوسائل العنف)"، وهذا ما يجري في عالمنا العربي من تمزيق وحروب أهلية ودعم للمنظمات الارهابية من قبل الثالوث الدنس، بهدف فرض الهيمنة والسيطرة المطلقة لطبقة رأس المال العالمي والكومبرادوري الوسيط على شعوب المنطقة، ومحليًا في هذه الدولة أو تلك، والمثل الأخير افغانستان هيمنة المنظمات الدينية الرجعية، وهنا أذكر الثورة الوطنية الديمقراطية التي بدأت في افغانستان في نيسان عام 1978 لم تكن تبتغي مباشرة اجراء تحويلات اشتراكية كما حاول البعض في الغرب ان يصور الأمر، فإن الحزب الشعبي الديمقراطي في افغانستان الذي تقدم في ذلك الوقت ببرنامج سياسي "للمصالحة الوطنية"، وعمل على ومن اجل التغلب على تركة النظام الاقطاعي في ذلك الوقت في افغانستان، ولنقل البلاد إلى طريق التطور التقدمي والديمقراطي ولحل القضايا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية الناضجة وتسريع نهضة الاقتصاد والثقافة والسير على نهج مستقل في حقل السياسة الخارجية، ولكن هذا النهج وتطور الاحداث في افغانستان على هذا النحو لم تقبل به لا الرجعية المحلية في بعض بلدان المنطقة خاصة السعودية ولا الأوساط الامبريالية العالمية، ولذلك بعد تأسيس جمهورية افغانستان الديمقراطية بفترة وجيزة في ذلك الوقت، اشتد أعداد الارهابيين داخل وخارج افغانستان بمساعدة وكالة المخابرات المركزية.

في أواخر سنة 1979 كان قد انتقل من باكستان وايران إلى أفغانستان حوالي 40 الف فرد مسلح، وكان هؤلاء وبدعم أمريكي – رجعي عربي يعيثون فسادا لا في المناطق الحدودية وحسب بل ايضًا في كثير من مناطق افغانستان الداخلية، وفي تلك الفترة وبفضل سياسة الاتحاد السوفييتي البناء والمرنة بصدد القضية الأفغانية وبفضل العمل الدؤوب الذي قامت به هيئة الأمم المتحدة وممثلوها في مفاوضات جنيف تم التوصل إلى اتفاقيات بشأن الضمانات من جانب الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي لتأمين عدم التدخل في شؤون افغانستان الداخلية، وبشأن سحب القوات المسلحة السوفييتية في غضون المدة المتفق عليها وتشكيل حكومة افغانية واسعة التمثيل تعكس مصالح جميع الأطراف المعنية، ومنذ 15 أيّار عام 1988 بدأ جلاء المجموعة المحدودة من القوات المسلحة السوفييتية من افغانستان بموجب هذه الاتفاقيات، وفي البيان السوفييتي الافغاني المشترك في ذلك الوقت تم الاشارة إلى أن "وقف التدخل الأجنبي في شؤون افغانستان الداخلية لا يزال المسألة المحورية في تسوية الوضع حول افغانستان".

وفي 15 شباط عام 1989 انتهى بموجب اتفاقية جنيف سحب القوات السوفييتية، ولكن ومنذ تلك الفترة وحتى الآن لا تزال الامبريالية الامريكية ولا سيما الولايات المتحدة خاصة بعد احتلال افغانستان من قبل الولايات المتحدة عام 2001 لم تف بتعهداتها وواصلت ممارسة العمليات الحربية ضد أفغانستان، وانسحاب الولايات المتحدة العسكري في الفترة الأخيرة بعد احتلال افغانستان على مدى عشرين عامًا، لا يعني أن الامبريالية الامريكية ستستمر مستقبلاً بممارسات كل السياسات الارهابية من حصار اقتصادي او سياسي ومن دعم المنظمات الارهابية في افغانستان او اعاقة أي احتمال او مسيرة من اجل المصالحة الوطنية في افغانستان، فمصلحة طبقة رأس المال العالم خاصة شركات صناعة السلاح هو استمرار الصراعات والحروب في الشرقين الأدنى والأوسط والدور الذي تفرده الامبريالية العالمية خاصة الامريكية لهذه المنطقة فيشهد على ذلك اعتراف احد رؤساء الولايات المتحدة الامريكية دويت ازينهاور الذي قال في أحد أحاديثه الصحفية: "لا توجد في العالم منطقة أكثر أهمية، من وجهة النظر الاستراتيجية، من الشرقين الأدنى والأوسط".

منذ عام 1979 كان هدف المؤامرات الأمريكية على افغانستان ضرب النظام التقدمي فيها بهدف اعادة النظام الاقطاعي وسلب الشعب الأفغاني حريته واستقلاله، وقد تصاعد النشاط الامبريالي الامريكي التآمري ضد أفغانستان، واتخذ طابعًا عنيفًا منذ ربيع عام 1979 عندما فقد الامبرياليون مواقعهم في إيران، إلى ان تم احتلال افغانستان عام 2001.

وهذا ما يحدث في عالمنا العربي وغرب آسيا وفي أفغانستان، فالطاغية أي الامبريالية العالمية جعلت وتجعل الشعوب تعاني من الفقر والاضطهاد، وتعمل بكل الوسائل لنشر المفاهيم الدينية الرجعية، لكي لا تدرك الشعوب أسباب الفقر، والطاغية أي الأنظمة الرجعية العربية -طبقة رأس المال الوسيط- الكومبرادوري تعمل بكل الوسائل من أجل جعل وعيك غائبًا.

فالحزب اليساري هو حزب الثورة الاجتماعية، حزب الثورة الاشتراكية هذه الثورة التي هي ضرورة حتمية من وجهة المفهوم المادي الجدلي للتاريخ، فالمجتمع الرأسمالي المعاصر يعاني من تفاقم التناقضات، وزيادة البؤس والفقر، ويعاني من تركيز رأس المال بيد حفنة من الشركات والأفراد على حساب الطبقة العاملة وجماهير الشعب الواسعة والدول والشعوب الفقيرة، ومنها الشعوب العربية والشعب الأفغاني.

في الفترة الأخيرة خاصة بعد عام 2008 تزداد وتتأزم تناقضات المجتمع الرأسمالي، وتزداد نسبة الفقر داخل هذه المجتمعات وتزداد سياسات التسلح، وكذلك تتعمق عملية تركيز رأس المال وزيادة ثراء مؤسسات وشركات صناعة السلا. الرأسماليون من مختلف دول رأس المال يتعاونون ويتشاركون في خداع الشعوب ونهبها، وأكبر مثل على ذلك الشعوب العربية التي تعاني من الفقر والجوع والبطالة وأنظمتها الرجعية الاستبدادية تعتبر من أكثر الأنظمة شراء للسلاح، وأكبر مثل على ذلك صفقات شراء السلاح التي تمت بين الولايات المتحدة والسعودية، فالسعودية قامت بشراء سلاح من الولايات المتحدة بمئات مليارات الدولارات، وبدعم امريكي تخوض ابشع الحروب ضد الشعب اليمني، فطبقة رأس المال لا تحجم عن أية مجزرة في سبيل مصدر جديد للأرباح، واحتلال أفغانستان على مدى أكثر من عشرين عامًا واحتلال العراق والمؤامرة على سوريا وحرب "التحالف العربي" لا بل تحالف الخيانة ضد اليمن أكبر مثل على ذلك.

لم يصل ماركس إلى استخلاصاته كمجرد باحث، وإن كان قد أجرى أبحاثًا عميقة، ففي أربعينيات القرن التاسع عشر انغمس ماركس كثوري في الحركة التي أدّت إلى ثورة عام 1848. وقد توصّل إلى استخلاصاته كسياسي نشط يسعى إلى فهم الحركة التي أسهم فيها لكي يساعد في توجهها إلى هدف تحرير الشعب من القهر والخرافات والاستغلال.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. يرني ساندرز يدعو مناصريه لإعادة انتخاب الرئيس الأميركي لولاي


.. تصريح الأمين العام عقب الاجتماع السابع للجنة المركزية لحزب ا




.. يونس سراج ضيف برنامج -شباب في الواجهة- - حلقة 16 أبريل 2024


.. Support For Zionism - To Your Left: Palestine | الدعم غير ال




.. كلام ستات | أسس نجاح العلاقات بين الزوجين | الثلاثاء 16 أبري