الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التكتيك(1):أشكال النضال والتنظيم(الحلقة 3)

محمد علي الماوي

2021 / 8 / 28
التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية


إن المحدد في أشكال النضال هو مدى مساهمتها في دفع الحركة الشعبية والارتقاء بوعيها وبتجربتها خدمة للأهداف الثورية فإن كان الشكل يقرّب ساعة الخلاص ويتماشى والهدف الإستراتيجي ويراعي استعدادات الجماهير بعد تحليل مادي جدلي للأوضاع فهو شكل ثوري.
لكن إن كان الهدف الاستراتيجي اصلاحي فمن الطبيعي ان يكون التكتيك اصلاحي يساهم في إطالة عمر النظام الفاسد وذلك ما تفعله الاحزاب الانتهازية
التي تنخرط في سياسة الوفاق الطبقي و"الحوار الوطني"أي المصالحة الوطنية مع اعداء الشعب.
يتسم التكتيك الثوري عادة بطابع كفاحي في حالة مد الحركة الشعبية ويعتمد الاشكال التي تفرزها نضالات الجماهير ويعمل على تطويرها وتقنينها لتصبح مكاسب ثورية تتشبث بها الجماهير المنتفضة.
ان رسم أي تكتيك يفترض وجود استراتيجية واضحة كما يفترض اولا وقبل كل شيء قوى ثورية عالية التنظيم قادرة حسب الاوضاع على تطبيق هذا التكتيك وهو امر غائب حاليا نظرا لواقع تشرذم القوى الشيوعية خاصة.
لذلك سنكتفي بتقييم موجز لبعض التكتيكات التي اعتمدتها القوى الشيوعية منذ
السبعينات وطرح افاق عمل في هذا الاتجاه من اجل فتح حوار جدي مع من يتبنى استراتيجية الثورة الوطنية الديمقراطية عمليا وليس لفظيا.
يجب على التكتيك ان ينطلق من ثوابت الاهداف الاستراتيجية ومن واقع القوى الذاتية والقوى الاجتماعية الاساسية المحركة للثورة أي العمال والفلاحين الفقراء وبدرجة ثانية شرائح البرجوازية الصغيرة وبعض شرائح البرجوازية الوطنية المتضررة من الهيمنة الامبريالية والمنخرطة في النضال ضد الامبريالية.
وفي هذا الاطار صاغ التنظيم الماركسي اللينيني ثم المنظمة الم الل عدة تكتيكات نذكر منها خطة "الانصهار والبلترة" التي ركزت على توزيع المناشير في الاحياء الشعبية وبعض المعامل والكتابة على الجدران وانتهت بحجز موقع الطباعة واختفاء بعض الرفاق وخطة التواجد في الاتحاد العام التونسي للشغل وبعث النوادي والنشاط في الجمعيات من اجل الانصهار في مواقع الانتاج والاحياء الشعبية غير ان الانحرافات الشرعوية حالت دون ذلك واكتفى الرفاق المشرفين على هذا النشاط بالعمل القانوني بل رفض العديد منهم ترويج جريدة التنظيم حتى في شكل نصوص "طائرة" واتسمت هذه الفترة بالنقابوية والحياد وهو ما يتعارض كليا مع مضمون الخطة واهدافها –خطة مناهضة مخيم داوود والتي لم تدم طويلا نظرا لواقع القوى الذاتية واقتصرت على الدعاية في المنابر القانونية والتحاق بعض الرفاق بلبنان والمشاركة في المقاومة الفلسطينية واستشهاد البعض منهم وبفعل تنامي الطاقات وانتشار الطرح الوطني الديمقراطي وقع صياغة خطة "التمركز والانتشار" التمركز في اهم المعامل والاحياء الشعبية والبؤر الثورية والانتشار في الارياف المهمشة واساسا الشمال الغربي والوسط والجنوب الغربي وقد تحققت بعض المكاسب في هذا المجال لكن انتهت هذه الخطة اثر اندلاع الصراع ضد التصفوية سنة 1987 وحصول انشقاق اثر انقلاب التصفويين وطرحهم لخط اسلاموي قومجي للتهرب من المؤتمر التأسيسي لحزب الطبقة العاملة الذي كان على الابواب.
ان المهم في سرد هذه التجارب هو استخلاص الدروس وتسليح الحركة الشعبية باسلوب نضال يمكنها من تجاوز العفوية ويحثها على التنظم ومزيد من التنظم فالدرس الاول يكمن في ضرورة وجود تنظيم شيوعي بالتحديدات اللينينية وشروط الحزب الواردة في نص ستالين حول الحزب وبما ان وضع القوى الثورية لم يبلغ هذا النضج فلا بد من العمل على توحيد ما امكن من القوى المتبنية لبرنامج التحرر الوطني- ثانيا صياغة خطط هدفها التواجد في البؤر الثورية واهم المصانع والاحياء الشعبية والارياف المنسية حيث يتواجد الشباب المهمش.ثالثا
وهو اهم درس :ان العناصر الشيوعية المسؤولة عن تنفيذ الخطط المذكورة اعلاه انحرف جلهم عن الاهداف واستغلوا الموقع للتمعش والتفسخ وهم الان في المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل وفي مواقع قيادية لمنظمات المجتمع المدني
او التحقوا بأحزاب انتهازية بعد ان كانوا يعتبرونها انتهازية لابد من فضحها وتعرية استراتيجيتها الداعية للوفاق الطبقي.
اصبحت اشكال النضال واضحة نسبيا منذ الانتفاضة وجسدت الشعارات حقيقة ما يريده الشعب:"اسقاط النظام" وليست المنظومة كما يخال للبعض أي تحقيق السيادة الوطنية والتخلص من العملاء مهما كانت مشاربهم.
اتسمت هذه الاشكال في حالة المد بمهاجمة مقرات البوليس والمساحات التجارية والبنوك ومقرات الاحزاب الحاكمة أي رموز العمالة والقمع المتسببة في تجويع الشعب ونهب خيراته وتشكلت لجان الدفاع عن الاحياء فاختفى البوليس تخوفا من ردة فعل الجماهير المنتفضة وهرب تجنبا لرشقه بالحجارة وكان من المفروض تطوير مثل هذه الاشكال وتشكيل لجان الدفاع الشعبي وضمان استمراريتها لمزيد تنظيم الجماهير غير ان ضعف القوى الشيوعية وغيابها تقريبا من الاحياء الشعبية جعل من مثل هذه التجارب العفوية تندثر وقتيا.
لقد أكدنا على ان اشكال التنظيم تعكس بالضرورة طبيعة الاستراتيجيا وبما ان استراتيجية الثورة الوطنية الديمقراطية لايمكن لها ان تنجز من خلال التحول السلمي نظرا لطبيعة التناقضات العدائية فمن المنطقي ان تتخذ اشكال النضال طابعا كفاحيا يتحدى القانون السائد محليا رغم اقرار الدستور بحرية التنظم والتعبير الخ .فمن حق الشعب والقوى الثورية توزيع المناشير في المصانع والاحياء والارياف ومن حقها استعمال الجدار للقيام بالدعاية الى شعاراتها ومن حقها اصدار الجرائد دون المرور بوزارة الداخلية ففي البلدان الراسمالية تنشط المنظمات الشيوعية بصفة طبيعية بل ان تجربة التنظيم الم الل والمنظمة الم الل كانت تصدر جريدة الكادح والعلم الاحمر ومجلة دليل الممارسة في باريس ولها صندوق بريد بسعر رمزي اذ يكفي تقديم اشعار لمكتب وزارة العدل .
غير ان الاحزاب القانونية يقتصر نشاطها الموسمي بمناسبة احاث معينة على اشكال قانونية فوقية في النزل والقاعات المغلقة في قطيعة تامة مع اشكال التنظيم التي افرزتها التحركات الشعبية ويهدف عمل هذه الاحزاب اساسا الى ايجاد قاعدة انتخابية تساهم في ترميم الانظمة الفاسدة بتعلة التغيير من الداخل.
ان المطلوب اذا من القوى الشيوعية اولا نقاش عملية التوحيد وتجاوز التشتت ويتم هذا النقاش حول ضرورة البرنامج السياسي للمرحلة الحالية كحد ادنى وابقاء النقاط الخلافية للنقاش الداخلي الى حين تطور الممارسة المشتركة التي ستساهم في حسم الخلافات وتوطيد وحدة الارادة.
تونس 27 اوت 2021

المراجع
(1)الستراتيجية هي تحديد اتجاه الضربة الرئيسية للبروليتاريا على أساس مرحلة معينة من الثورة، ووضع برنامج مناسب لترتيب القوى الثورية (الاحتياطات الرئيسية والثانوية)، والنضال في سبيل تحقيق هذا البرنامج طوال تلك المرحلة المعينة من الثورة.
التكتيك هو تعيين خطة سلوك البروليتاريا خلال مرحلة قصيرة نسبياً، مرحلة مد الحركة أو جزرها، نهوض الثورة أو هبوطها، والنضال من أجل تطبيق هذه الخطة بابدال أشكال النضال والتنظيم القديمة بأشكال جديدة، والشعارات القديمة بشعارات جديدة، وبالتوفيق بين هذه الأشكال، الخ... فإذا كان هدف الاستر
(أسس الينينية- الاستراجية والتكتيك –ستالين)

وكيف يكون الاستخدام الصحيح لأشكال نضال البروليتاريا وأشكال تنظيمها؟
يكون بإتمام بعض الشروط الضرورية، التي يجب اعتبار التالية منها رئيسية:
أولاً: أن توضع، في المقام الأول، أشكال النضال والتنظيم التي من شأنها، لكونها ملائمة أحسن من غيرها لشروط المد أو الجزر في الحركة، أن تسهل وتؤمن تسيير الجماهير نحو المواقف الثورية، تسيير الجماهير الغفيرة نحو جبهة الثورة، وتوزيعها على جبهة الثورة.
فليست القضية أن تدرك الطليعة استحالة الاحتفاظ بالنظم القديمة وضرورة قبلها والقضاء عليها. القضية هي أن تدرك الجماهير، الجماهير الغفيرة، هذه الضرورة وأن تبدي استعدادها لتأييد الطليعة. ولكن ذلك شيء لا يمكن أن تدركه الجماهير إلا بتجربتها الخاصة. فإعطاء الجماهير الغفيرة إمكان الاقتناع بتجربتها الخاصة بأن القضاء على السلطة القديمة شيء لا مفر منه، وتقديم وسائل نضال وأشكال تنظيم تسمح للجماهير بأن تدرك، بصورة أسهل، وبالتجربة، صحة الشعارات الثورية: تلك هي المهمة
(نفس المصدر)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الأرمينية تطرد المتظاهرين وسياراتهم من الطريق بعد حصا


.. كلمة مشعان البراق عضو المكتب السياسي للحركة التقدمية الكويتي




.. لماذا استدعت الشرطة الفرنسية رئيسة الكتلة النيابية لحزب -فرن


.. فى الاحتفال بيوم الأرض.. بابا الفاتيكان يحذر: الكوكب يتجه نح




.. Israeli Weapons - To Your Left: Palestine | السلاح الإسرائيل