الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فاتحة مرشيد تعطي صوتا لمن لا صوت له

حمزة الذهبي
كاتب وباحث

(Hamza Dahbi)

2021 / 8 / 29
الادب والفن


فاتحة مرشيد روائية مغربية تكتب غالبا حول شخصيات، يمكن القول أنها شاذة وغير سوية بالنسبة للمجتمع ، دون أن تتخذ منها موقفا سلبيا أو تصدر حولها أحكاما أخلاقية. لأن الروائي، كما تردد الكاتبة في حواراتها، ليس قاضيا ولا واعظا ولا مُنظرا .
تُؤمن بأن الكلمة قادرة على ترميم شروخ الأرواح ، وأن الإبداع إكسير الحياة ، وتعمل بوصية الوجودي الفرنسي ألبير كامي وذلك بحرصها على إمتاع القارئ وفي الوقت نفسه مخاطبة ذكائه . وذلك دون أن تسعى إلى تقديم أجوبة له على طبق من ذهب وإنما تجعله يبحث بنفسه عن أجوبة للأسئلة التي يقدح زنادها النص الروائي . تقول في أحد الحوارات التي أجريت معها:
" ما يهمني هو طرح الأسئلة أساسا وللقارئ بعد ذلك إيجاد أجوبته وحلوله الخاصة ".
كأنها تقول للقارئ :
ابحث عن أجوبة للأسئلة التي أثارها النص الروائي بنفسك، استخرجها من ذاتك أو من الآخرين أو من بطون الكتب، المهم أن لا تتوقف عن البحث.
تعتبر اليوم من بين أهم وأبرز الروائيات العرب ، فقد استطاعت، بما لا يدع مجالا للشك، أن تترك بصمتها على هذا الجنس الأدبي الإبداعي، فهي إن جاز القول رقم صعب ، يصعب الحديث عن الرواية التي تكتبها المرأة المغربية والعربية ، دون التوقف عند تجربتها الروائية المتميزة :
أولا بمضامينها التي تكون في الغالب جريئة، تُعري ، تظهر المستور، تميط اللثام عن المخفي، تكشف عن اللامفكر فيه ، تسمي الأشياء بمسمياتها بدون لف أو دوران ، غير مبالية بسخط الساخطين، ولا بلوم اللائمين، ولا بصراخ الصارخين، ولا بتنديد المنددين، فالروائي، كما نعلم ، ذلك آخر همه ، لأن من مهام الأدب ، كما ترى الكاتبة فاتحة مرشيد ، هي مشاغبة القيم التقليدية السائدة، والثوابت الراسخة والوعي الراكد. فالأدب بمثابة تلك الحجارة التي نلقيها في البرك الآسنة قصد تحريكها. لذا فأعمالها غالبا ما تكون مفاجئة للقارئ العربي الذي لم يتعود ولم يألف أن تملك امرأة مثل هذه الجرأة والشجاعة الفذة ، في كسر واختراق الطابوهات – في السير فوق أرض مليئة بالألغام القابلة للانفجار في أي لحظة. ثانيا بأسلوبها السهل الممتنع ، الشعري الشاعري، اللافت للانتباه والجاذب للمتلقي ولا غرابة في ذلك إذا علمنا أنها كانت شاعرة قبل أن تصبح روائية.
مع فاتحة مرشيد، نكتشف الكثير. معها نرى معاناة أشخاص محرومين من الكلام والفعل. شخصيات مسكوت عنها في أدبنا، معها نكتشف ما يعيشه السحاقيات والمثليين والمتحولين جنسيا . معها نرى ما يمكن أن تفعله البطالة في الشباب وذلك بدفعهم إلى بيع أجسادهم إلى نساء يبحثن عن حب / شباب مفقود مقابل ثمن. نساء يشترين المتعة من شباب يصغرونهم سنا. وندرك كيف أن " للمتعة (..) مخالب قد تخدشنا .. قد توجعنا .. قد تدمينا .. وقد تفتك بنا ذات جرعة زائدة "
ونكتشف ، دون أن نصدق ذلك، كيف أن الجنس يمكن أن يكون محفز على الابداع، تقول شخصية من شخصياتها "قصتي مع الكتابة ممزوجة بقصتي مع الحب ، حيث يصعب علي معرفة من منهما سبق الآخر .. أو أدى إليه . كل ما أذكره هو جلوسي إلى المكتب ، بعد أول ممارسة للحب عن حب ، لأمسك بالقلم ، وأشرع في الكتابة دون سابق قرار أو تفكير .. أكتب .. وأكتب .. وما زالت النشوة تسري في عظامي .. كانت متعة مضاعفة .. كأن تفريغ قلم يستوجب حتما تفريغ آخر "








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفيلم اللبنانى المصرى أرزة يشارك فى مهرجان ترايبيكا السينما


.. حلقة #زمن لهذا الأسبوع مليئة بالحكايات والمواضيع المهمة مع ا




.. الذكاء الاصطناعي يهدد صناعة السينما


.. الفنانة السودانية هند الطاهر: -قلبي مع كل أم سودانية وطفل في




.. من الكويت بروفسور بالهندسة الكيميائية والبيئية يقف لأول مرة