الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


افغانستان السؤال (1)

حمدى عبد العزيز

2021 / 8 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


الإنسحاب الأمريكي من أفغانستان ألقي بكل الإحتمالات في صرة المسرح الجغرافي الذي يمتد من شبه القارة الهندية جنوباً وشرقاً بتماس مع حدود الصين وإيران غرباً علي مقربة بسيطة من منطقة الشرق الأوسط ، وآسيا الوسطي شمالاً (طاكستان - أوزباكستان - تركمنستان) وعلي مقربة من روسيا ..
ربما ستذهب الظنون إلي أن أمريكا قد انسحبت لتترك ورائها لغماً هائلاً ، قبل أن ينفجر في جنودها وجنرالاتها ..
وربما تذهب الظنون أيضاً إلي أن الولايات المتحدة الأمريكية قد نصبت مصيدة هائلة مفخخة للتنين الصيني تخلصها من كابوس (الحزام والطريق) نهائياً عبر ذلك التفجير الجيوسياسي (المتوقع حدوثه بعد إتمام الإنسحاب الأمريكي وقفز أمراء طالبان إلي السلطة في افغانستان وفتح باب الصراعات الجهنمية بين أمراء الحرب وزعامات القبائل والقوميات المتناحرة ) وماقد يترتب علي ذلك من وصول ألسنة النيران لنقطة عبور (الحزام) الحيوية إلي وسط آسيا فروسيا ولنقطة مرور (الطريق) من جنوب باكستان المطلة علي المحيط الهندي
فباكستان الملاصقة بأفغانستان والمتشابكة معها في الحدود بكهوفها وقبائلها ومقاتليها وأمراءها تعد هي المنصة الحيوية التي يمر من مياها (الطريق) ومن أراضيها (الحزام) .
، وبالتالي فهي مفتاح (المحبس) بالنسبة لانطلاق التنين الصيني الذي سيدمر في طريق هيمنته علي التجارة العالمية فرص الولايات المتحدة الأمريكية في الهيمنة علي الإقتصاد العالمي ومن ثم سيسهم بشكل في تدمير الحلم الإمبراطوري الأمريكي ..
وربما سيقفز حينذاك التساؤل حول إذا ماكانت ستطال شظايا هذه المصيدة الجهنمية الدب الروسي الذي لم تبارح ذاكراته آلام وجراح انهيار الاتحاد السوفيتي الذي انطلقت شواهده الأولي من خسارة الحرب الأفغانية التي فخختها الولايات المتحدة له له بذكاء افتقد هو مجاراته فكانت النتيجة هي مشهد الإنسحاب المهين الحزين للجنود السوفييت من افغانستان ؟
أليست أفغانستان كما رآها كبار مخططي الاستراتيجيات العسكرية الأمريكية هي (مقبرة الإمبراطوريات الكبري) ؟
كل هذه ظنون مبدئية تخص تفسير الدوافع الأمريكية للإنسحاب من افغانستان ..
ولكن أيضاً لايجب أن نستبعد أن الصين ليست الإتحاد السوفيتي وليست الولايات المتحدة الأمريكية وليست اليابان ، وروسيا البراجماتية لم تعد هي الإتحاد السوفيتي وهي لم تستبعد دروس إخفاقاته من ذاكرة عمق ماكينة الدولة الروسية ..
أيضاً من يعرف العقلية الصينية جيداً .. يعلم أن ميراثاً راسخاً من الحكمة العميقة هو أهم مكوناتها وأحد أهم الأسس التي ينبني عليها العقل السياسي الصيني ، وأن جانباً مهماً من نجاحات الصين في العقود الأخيرة يرجع إلي هذه العقلية وإلي رسوخ عناصر الصبر وعدم الإندفاع وتحديد المنفعة علي نحو دقيق يساويه تقدير الأضرار وبناء الطموحات بناء علي حسابات الحقائق الأرضية لا الأفكار المغرية في العقل السياسي للدولة الصينية
أيضاً .. لايجب أن نستبعد
أننا ربما قد نكتشف في قراءة زمنية لاحقة أن هذا الإنسحاب كان جزءاً من سياق هزائم الهيمنة الأمريكية علي العالم
لما لا ..
ونحن يمكننا قراءة الفترة الزمنية التي تبدأ من 11 سبتمبر 2001 إلي 11 سبتمبر 2021 ..
كفترة زمنية تسجل بداية أفول الإمبراطورية الأمريكية وولوج أحلام الهيمنة الأمريكية علي العالم إلي مرحلة التراجع ..
ذلك لأن السؤال الآن ومنذ انتهاء العقد الأول من القرن الحالي لم يصبح هو :
- هل ستتراجع الهيمنة الأمريكية علي العالم ؟
.. بل أصبح السؤال هو :
- في أي منطقة زمنية من هذا القرن سيشهد العالم زوال الحلم الإمبراطوري الأمريكي الذي أطلقه أحد أهم آباء أمريكا المؤسسين الرئيس (توماس جيفرسون) في بدايات القرن التاسع عشر ..
ويبدو أن طاقة هذا الحلم الإمبراطوري قد استنفذت تماماً بعد مرور قرن كامل أو يزيد قليلاً .. ليأتي القرن الحالي بشواهده التي تؤكد أنه سيكون شاهداً في - لحظة ما من عمره - علي إنتهاء إمبراطورية كبري ، شأن شأنها إمبراطوريات أخري شهد التاريخ علي صعودها وازدهارها ثم كان شاهداً علي أفولها وانتهائها ..
لعل الأيام والشهور والسنوات والعقود والحقب تجعل بصائرنا شاهدة علي صنع التاريخ للمزيد من حقائقه العنيدة ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو: حماس تمارس إبادة جماعية ورفضت جميع المقترحات المتعل


.. الدكتور مصطفى البرغوثي: ما حدث في غزة كشف عورة النظام العالم




.. الزعيم كيم يشرف على مناورة تحاكي -هجوماً نووياً مضاداً-


.. إيطاليا تعتزم توظيف عمال مهاجرين من كوت ديفوار وإثيوبيا ولبن




.. مشاهد جديدة وثقتها كاميرات المراقبة للحظة وقوع زلزال تايوان