الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل هُزمت امريكا في افغانستان؟

زياد ملكوش
كاتب

(Ziyad Malkosh)

2021 / 8 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


بعيدا عن التحليلات والتعليقات في الاعلام العالمي والعربي وعن منشورات وسائل التواصل الاجتماعي والتي وصفت الانسحاب الامريكي من افغانستان بالهزيمة فالوقائع تبين ان ماحدث ليس هزيمة لامريكا ولا انتصارا لطالبان وبالتاكيد ليس انجازا للشعب الافغاني المنكوب والمغيب عن كل ما يحصل منذ عقود. هذا بغض النظر عن الفوضى التي حصلت في مطار كابول العسكري او الهجمات الارهابية.

التمنيات والإعتماد على الظواهر لا يغير الحقيقة فالانسحاب من افغانستان كان مقررا منذ وقت طويل والمفاوضات مع طالبان كانت قائمة في عهد ترامب وما حدث من استيلاء الحركة على معظم البلاد وعدم مقاومة الجيش الافغاني الرسمي كان متفقا عليه فهو الذي كان يقاتل على الارض في السنوات الاخيرة بدعم جوي واستخباراتي امريكي. الجيش الامريكي اقوى واكثر جيش مدرب في العالم ولديه من الاسلحة المعلن عنها مايكفي لتدمير وهزيمة اي قوة اخرى ، كما ان امريكا دولة غنية جدا وديونها الداخلية الضخمة خاصة للبنك الاحتياطي الفدرالي هي ارقام في الكمبيوترات ولن تُدفع ابدا، اما الديون الخارجية الاقل فهي مغطاة بانتاج زراعي وصناعي هائل وبدون احتياطي الذهب الذي لم يعد غطاءً للدولار منذ 1971. لقد خرجت امريكا لاسباب عديدة ليس منها خسارتها للحرب او انتصار طالبان، وليس للخسائر البشرية التي لم تكن كبيرة، / و ربما / حتى ليس لاسباب مالية للتكلفة الباهظة لاقامتها هناك / مع وجاهة هذا السبب / ، كذلك لا يوجد شبه بين هذا الانسحاب وما حصل في فيتنام قبل 44 سنة ففي فيتنام كانت الحرب بيين امريكا والاتحاد السوفييتي والصين بواسطة الفيتناميين وكانت الخسائر الامريكية البشرية جسيمة كما كانت الاعتراضات على الحرب في حينه في الشارع الامريكي قوية جدا وشبه مستمرة خاصة ان ذاك الزمن شهد صعود حركات الشباب الهيبي المُساندة من غناء روك وشعبي نال شهرة واسعة وكانت هذه الحركات تنادي بالسلام ونبذ اية حروب.

عندما دخلت امريكا افغانستان قيل عشرين عاما بعد غارات لا حصر لها كان لديها الاسباب المعلنة بالقضاء على الارهاب ومعاقبة مخططي هجوم 11 سبتمبر ولاسباب اخرى قيل انها استراتيجية لموقع افغانستان الجيواستراتيجي وللتمهيد لغزو العراق ولمنع تمديد انابيب غاز من روسيا او الصين او كلاهما او لوجود معادن ثمينة او خامات الليثيوم التي اكتشفت كما أُعلن عام 2010، وقد يكون بعض هذه الاسباب اوكلها الدافع لاحتلال البلاد، غير ان الدافع المهم واجزم انه الحقيقي هو الراسمال القوي الجشع للنفوذ والمال والذي يقف وراء جميع القرارات الهامة للادارات الامريكية . الحروب معناها انتاج الاسلحة والذخائر وجنى أرباح طائلة لاصحاب المصانع التي تنتجها وما يتعلق بها ومصاريفها اما انهاء الحروب فيعني عقود تنمية وإعمار وقروض مالية مشروطة لا حصر لها.

لابد ايضا من ذكر انه من الممكن ان احد اسباب الخروج قد يكون التاثير على البلدان المجاورة او القريبة لافغانستان خاصة روسيا وايران والصين: المنافس الاقتصادي الصاعد لامريكا والقامع للمسلمين، وايضا باكستان: الجار القريب جغرافيا وعرقيا ودينيا والتي نشأت حركة طالبان في مدارسها ثم انتقلت الى افغانستان وظلت تتمتع بدعم معنوى ومالي منها. كل ذلك يعتمدكيف سيكون وضع طالبان وسلوكها ( وهو امر من المحتمل ان الادارة الامريكية لديها توقعات بخصوصه ) والتي كان لها اثناء حكمها تاريخ دامي من القتل وانتهاك الحريات وحقوق الانسان بما في ذلك المراة التي كانت ممنوعة من التعلم والعمل والخروج بدون مرافق ذكر، علما ان الحركة حتى في حينه لم تكن مسيطرة على جميع انحاء افغانستان خاصة وادي بنجشير معقل القائد احمد مسعود الذي يعتبره الكثير من الافغان بطلا قوميا وحيث غالبية السكان من الطاجيك وهو العرق الثاني من حيث الاكثرية بعد البشتون الذين يشكلون غالبية حركة طالبان، طبعا وكما هو معروف فقد تم اغتيال مسعود بعد محاولات عديدة من قبل القاعدة وطالبان والمخابرات السوفييتية والباكستانية، ويقال ان بن لادن هو من امر بقتله لمساعدة طالبان الذين امنوا له ملجأً آمنا . وحاليا يقول نجله احمد مسعود انه يجب التشاور لعمل حكومة مشتركة بين جميع الجهات المؤثرة والا فانه سيقاوم طالبان. .

ان الانتصار على امريكا او لنقل على الادارات الامريكية التي يحركها راس المال لن يكون بالقوة العسكرية/ على الاقل حاليا ولمدة طويلة في المستقبل / كما انه لا يجب ان تكون الحروب بما فيها من قتل ودمار طريقا لانجاز اي مطلب مهما كان ساميا. ولا جدال ان الإدارات الامريكية المتعاقبة دابت على التدخل في كثير من البلدان ودعمت العديد من الانظمة الديكتاتورية الفاسدة كما ايدت احتلالات غاشمة اهمها الاحتلال الاسرائيلي للاراضي العربية في فلسطين، لكن هزيمتها او بالأحرى ردعها يكمن في الداخل الامريكي، فالحقيقة ان السياسة الداخلية والخارجية للولايات المتحدة الامريكية ليست في صالح المواطنين الأمريكيين الذين لديهم مشاكل عديدة يمكن ان تٌحل لو استثمرت مصاريف الحروب الهائلة بها، هذا غير مشاكل البيئة والمناخ وغيرها. هناك اتجاه يتزايد في الولايات المتحدة خاصة بين المثقفين ضد الحروب والتدخلات في الخارج و ضد المزيد من استعمالات مصادر الطاقة الكربونية وملوثات البيئة ولان تقوم الدولةبتامين الرعاية الصحية والتعليم.

يجب ان يكون العرب وكثير من شعوب العالم الفقيرة والمتخلفة وحتى المتقدمة منها جزءا فعالا من هذ الحراك في داخل امريكا ما امكن ذلك وفي بلدانهم .لا يعني هذا التوقف عن المقاومة بكافة الوسائل المشروعة لكل احتلال واستغلال خاصة للاحتلال الاسرائيلي بما في ذلك المقاطعة، او التوقف عن محاولة اسقاط الانظمة الاستبدادية والعمل الى الوصول الى نظم عادلة مستنيرة عبر دول مدنية علمانية ديمقراطية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جعفر الميرغني : -الجيش حامي للوطن وللمواطن السوداني-


.. ما التصريحات الجديدة في إسرائيل على الانفجارات في إيران؟




.. رد إسرائيلي على الهجوم الإيراني.. لحفظ ماء الوجه فقط؟


.. ومضات في سماء أصفهان بالقرب من الموقع الذي ضربت فيه إسرائيل




.. بوتين يتحدى الناتو فوق سقف العالم | #وثائقيات_سكاي