الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قانون وزارة الكهرباء هو قانون خصخصتها

سعد السعيدي

2021 / 8 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


في العام 2017 جرى تشريع قانون وزارة الكهرباء الذي يتظاهر حسب عنوانه الى تنظيم عمل الوزارة ولا اي شيء آخر. بيد انه في الحقيقة قد جرى فيه حشر امورا سرية لم يعلن عنها مطلقا. هذه الامور هي خصخصة انتاج وتوزيع الكهرباء بالكامل.

يعرف الجميع بان لا علاقة للخصخصة في الكهرباء بتنظيم عمل الوزارة. فالاخير يتعلق بتحديد عملها وتعريف اقسامها وشروط اصطفاء الوزير وصلاحياته هو ومدرائه. بينما يجب ان يكون اي قانون للخصخصة او الاستثمار قائما منفصلا لوحده وعلنيا ليكون واضحا للعراقيين. فهم اصحاب المصلحة الاولى والاخيرة في ادارة البلد والكيفية التي تجري بها وهم يرفضون اية خصخصة للكهرباء. غير ان من الواضح بان ثمة من كان يريد الالتفاف على الارادة الشعبية والتحايل عليها في هذا الامر.

للتذكير قبل عشر سنوات ، قامت إحدى طغم مجلس النواب صيف العام 2012 بمحاولة لتشريع قانون خصخصة الكهرباء في السر. وقد ارادت تلك الطغمة تشريعا تستطيع به الاستثمار في الكهرباء دون اثارة الانتباه. فلجأت وبسرعة الى تشريع قرار من بضعة سطور قدمته لجنة الطاقة النيابية صوتت عليه هذه الطغمة بسرعة من دون قراءة اولى ولا ثانية. بهذا تكون هذه الطغمة قد خرقت النظام الداخلي للمجلس لغاية التحايل على الشعب وتجنب مساءلته. ولأن القرار قد مرر بخرق ذلك النظام فانه لم يعتبر قانونا ولم ينشر بالتالي في الجريدة الرسمية. وهو ما كان مجلس الطغمة وقتها يتصور امكانه خداع العراقيين به. لكن الامر قد افتضح مع ذلك. وهو ما دعانا الى تكرار ذكر امر هذا القرار في السابق مع هذه التفاصيل مع ابداء اعتراضنا المطلق على اية خصخصة للكهرباء. بيد ان طغمة المجلس قد قامت منذ تمرير هذا القرار بالاصرار على اعتماده في خصخصة الجباية التي يعرف الجميع ما آلت اليه. وقد تواطأ مع طغمة المجلس ليس فقط المالكي رئيس الحكومة الذي اطبق فمه عن التآمر النيابي ، وإنما ايضا رئيس الجمهورية جلال الطالباني حامي الدستور ومعه ايضا كل السلطة القضائية. وكل هذا هو حنث باليمين الدستورية وخيانة للامانة. لاحقا قام الكثيرين فترة العبادي واعتمادا على هذا التشريع المزور بانشاء شركات الجباية الخاصة منها الوهمية مما كشفناه بانفسنا في إحدى المرات. ويعرف الجميع بان خصخصة الكهرباء هو مما يسيل لها لعاب كل اعضاء مجلس الطغمة واصدقائهم.

نحسب انه بسبب الحاحنا المستمر في كشف امر القرار النيابي الآنف غير المشروع هذا والصداع الذي سببناه للمتآمرين لجأت طغمة المجلس اللاحقة الى تشريع قانون جديد للخصخصة ، ايضا بعيدا عن انظار الشعب. وهو ما يأتي بنا الى العام 2017 حيث قامت هذه الطغمة التي اعادت تدوير نفسها بتشريع قانون لخصخصة الكهرباء. هذه المرة تحت مسمى قانون وزارة الكهرباء.

ولتمرير هذا القانون مع مواد الخصخصة فيه من دون اثارة الانتباه ولا المساءلة الشعبية حاولت طغمة مجلس النواب وزمرة حكومة العبادي هذه المرة استغلال انشغال الناس والرأي العام بمعارك تحرير الموصل. فلم يعلنوا عن بنود الاحتيال في القانون ولم يشيروا اليه بكلمة. وقد تواطأ معهم الاعلام التجاري والحكومي في هذه المؤامرة على حد سواء ولزموا جميعا الصمت هم ايضا حوله حيث لم نجد لهم من خلال البحث والتقصي كلمة واحدة حوله. لكن يبدو ان اخبار معارك التحرير لم تكن كافية بنظر طغمة المزورين لإشغال الرأي العام. فلجأوا بنفس فترة تصويتهم على القانون في آذار 2017 وما بعده الى اطلاق اخبار متفرقة في الاعلام حول امور خصخصة متعلقة فقط بالتوزيع والجباية. وقد ساهم في هذا النواب عالية نصيف ومنصور البعيجي وزاهر العبادي مما وجدنا من خلال البحث. ومعهم شارك ايضا مازن الزاملي ونشأت المنصوري اعضاء مجالس محافظتي واسط والبصرة على التوالي. ونزل معهم في هذه الالاعيب التضليلية حتى ديوان الرقابة المالية ! إن استغلال المناصب النيابية والادارية لتحقيق مصالح خاصة هو ليس إلا غشا وكذبا على الشعب وخيانة له. للعلم فلكي تكون القوانين في اي بلد معترف بها فانها يجب ان تكون علنية لا سرية وان يشارك بانضاجها الجميع سواء من داخل المجلس النيابي او من خارجه. فلما كان هذا القانون قد مرر في الظلام ، يكون بهذا غير مشروعا ولا معترفا به. ولانه يقوم ببيع اصول دولة ومال عام ترتبط بحياة الناس تكون عدم مشروعيته مضاعفة ويحق لاي عراقي إن لم يكن باللجوء الى القضاء لإبطاله فيكون بالتظاهرات والضغط الشعبي. وقد وقع على هذا القانون شبه السري كلا من العبادي رئيس الوزراء وفؤاد معصوم رئيس الجمهورية لينشر بعدها في الجريدة الرسمية. وكلا هذان الموقّعان وكسلفيهما قد اطبق فمه حوله وابقى الامر سرا. وهذا هو مرة اخرى خيانة للامانة وحنث باليمين الدستورية. وهو لا يكون بالنتيجة إلا غشا مكررا شاركت به كل السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية بلا استثناء.

نأتي على بنود الخصخصة والاستثمار غير المشروعة في القانون المنشور على الشبكة. ونبدأ بالمادة (2/ رابعا) في فصل التأسيس والاهداف. فهذه تقول ب(تنظيم دخول القطاع الخاص الوطني والاجنبي بالاستثمار في مجال تشييد المحطات الجديدة والتوزيع). مثلما اسلفنا قد جرى حشر الاستثمار الذي هو هدف سياسي في قانون تنظيم عمل الوزارة. وهذه البنود هي مما كان يتوجب التشاور به مع الشعب واعلامه بها مقدما. لكن ما حصل هو تمريرها في السر وهو ما لا يمكن ان يحصل في دولة تسمي نفسها بالديمقراطية ، بل في تلك التي ينخرها الفساد.

نفس المادة سادسا تقول ب(الانتقال التدريجي من الادارة المركزية الى الادارة اللامركزية في نشاطات تشغيل وصيانة منشآت الانتاج والتوزيع). هذه المادة تهيء للتالية ادناه.

المادة (3/ سابعا) تقول ب(تنظيم إشراك الحكومات المحلية في الاستثمار والشراكة بين القطاعين العام والخاص في مجالي الانتاج والتوزيع). هذا الكلام مع المادة السابقة يعني فصل المحطات عن الوزارة ووضعها بيد مجالس المحافظات ! ومع غياب وتعطيل كل الاجهزة الرقابية مثلما يحدث يوميا في البلد تكون هذه دعوة سافرة لتأسيس وتثبيت تضارب المصالح وإفساد هذه المجالس وتحويل اعضائها الى جزء من النخبة المترفة. ولينتهي بهذا دور تلك المجالس الخدمي ولتتحول الى بؤر للفساد. كذلك فبشأن الادارة اللامركزية فهذه لن تعني المجالس الآنفة حصرا. إذ لا يوجد للآن قانون يعرف ويحدد ما تكون هذه الادارة. إذ يمكن لها ان تكون اية جهة غير حكومية او حتى ربما غير محلية. وهو ما يمكن ان يؤدي الى فتح الباب واسعا امام جهات مشبوهة لتسيطر على اصوله بدواعي الاستثمار. لذلك نطالب بوجوب بقاء البنى التحتية كمحطات الكهرباء بيد الدولة ومن قبلها تدار بعيدا عن الخصخصة واي استثمار آخر.

في المادة (8/ ثانيا) يقول القانون ب(تنفيذ السياسات وادارة الخطط بتحويل الشركات المرتبطة بالوزارة الى شركات مساهمة وفقا لما تقدمه الوزارة الى مجلس الوزراء). كما يلاحظ يحول القانون الحكومة الى ناد مغلق يجري فيه التلاعب بملكية الشركات العامة حسب الرغبة وبتواطؤ مجلس نواب لصوصي. هنا ايضا لا يوجد على حد علمنا قانون للشركات المساهمة في العراق. إذ لا يشار اليه في اي مكان من هذا القانون إلا اذا قد شرع هو ايضا بالسر !! ومع انعدام الوضوح هل نفهم من ذكر الشركة المساهمة تغيير عائدية شركات وزارة الكهرباء الحكومية بالسر الى مختلطة بالتشارك او نقل ملكيتها بالكامل بحجة الاستثمار الى جهات مشبوهة لا نعرف عنها شيئا ؟

في المادة (9/ اولا) يقول القانون ب(فتح الفرص الاستثمارية امام القطاع الخاص لتشييد محطات انتاج جديدة). وهو امر ايضا مرفوض. إذ نكرر رفضنا جميعا لفتح المجال للقطاع التجاري الخاص لتملك اية محطات كهربائية.

اما المادة (13/ ثانيا) فتقول (يحدد سعر الوحدة الكهربائية التي تتناسب وحجم الكلفة التشغيلية بتعليمات يصدرها الوزير بعد موافقة مجلس الوزراء). اي ان الحكومة ستتلاعب باسعار الكهرباء حسب رغبة شركات الاستثمار الخاصة بحجة الكلفة التشغيلية غير المعروفة. وهو ما يعني بان حكومة النادي المغلق هي حكومة الشركات لا المواطن. وهو كلام من الواضح من انه لم يخجل العبادي ولا لصوص المجلس عربا واكرادا وممثلي ميليشيات ولا ذاك الآخر حامي الدستور من تمريرهم له.

من نتائج قانون خصخصة الكهرباء هذا الشروع ببناء محطة كهرباء ميسان الاستثمارية في ايار العام 2019. الجهة المنفذة هي شركة ربان السفينة. ويكفي وضع اسم هذه الشركة ومديرها سعدي وهيب صيهود في الكوكل لرؤية الكلام الكثير والتناقضات حول سيرتهما. ومع الفساد الموجود في محطة كهرباء بسماية لا ندري كيف سيمكن الوثوق بمحطة ميسان الاستثمارية الجديدة هذه. وحيث ان ثمة كلام من جهات نيابية تقول عن هذه المحطة بانها كانت قائمة وعاملة لحظة احالتها للاستثمار. مهما يكن من امر فالموضوع كله غير مشروع كونه قد شرع به باساليب لصوصية من وراء ظهر الارادة الشعبية. ولا ندري إن كانت ثمة محطات اخرى استثمارية قد شرع بها بمعية هذا القانون اللصوصي مما حرص اعلامنا الكاذب والمخادع على إبقاء امرها هي الاخرى سرا.

نذكّر الجميع بان الشعب هو مصدر السلطات. وهو ما يفرض ان يكون كل قانون يجري تشريعه معروفا من قبله. واي تحايل على الشعب باية طريقة كانت ستنزع الشرعية فورا من المشرع سواء كان عربيا او كرديا او ممثل ميليشيات وتلطخ سجله الشخصي. وسيكون لزاما عليه الاستقالة ووضع نفسه تحت تصرف القضاء. وتطور مثل هذا لن يحدث ما لم يكون هناك ناخب ومواطن واع يعرف حقوقه ويتابع ما يحدث في بلده ويتحرك للرقابة على القانون وتشريعه ، لا مخدرا منوما يمكن للإعلام التجاري وغير التجاري من غشه والتلاعب به.

نطالب بالغاء كل مواد الخصخصة والاستثمار في قانون الكهرباء. إذ انها غير مشروعة كونها قد شرعت بالسر ويكون كل تطبيق للقانون بهذا الشكل باطل. وكل من سيتعامل على اساسه سيضع نفسه تحت طائلة المساءلة القانونية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الخبز يعيد بارقة الأمل الى سكان غزة | الأخبار


.. التصعيد الإسرائيلي الإيراني يضع دول المنطقة أمام تحديات سياس




.. العاهل الأردني: الأردن لن يكون ساحة معركة لأي جهة وأمنه فوق


.. هل على الدول الخليجية الانحياز في المواجهة بين إيران وإسرائي




.. شهداء وجرحى جراء قصف قوات الاحتلال سوق مخيم المغازي وسط قطاع