الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حين صنعت المقاومة دولة في العراق

سلام عادل
كاتب وصحافي

(Salam Adel)

2021 / 8 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


عندما نبحث في صفحات تأسيس الدولة العراقية قبل 100 سنة نجد ان مشروع تأسيس دولة عراقية لم يكن في حسابات الدول التي خرجتمنتصرة من الحرب العالمية الاولى، وهي الدول التي اغتنمت ممتلكات وإرث الخلافة العثمانية المهزومة، إلا ان متغيراً كبيراً ظهر ليفرض علىهذه الدول، على رأسها بريطانيا وفرنسا، ما جعلها تفهم ومن ثم تخضع لحقيقة وجود اصحاب أصليين لهذه الارض كان لهم الدور الاكبروالأساسي في هزيمة العثمانيين ونهاية حكمهم، وليس بفضل زحف الجنود الهنود الذين وصلوا منهكين الى شواطئ الخليج، ولا بفضل(الطوب) الذي كان يعد سلاح الحسم في تلك الاوقات، وهو ما تكشف لاحقاً حين انكسر هؤلاء الجنود الدخلاء وتلك الاسلحة على الارض فيثورة العشرين.

ويعود الفضل في انتزاع اعتراف، كأمر واقع، بحق الشعوب العربية تأسيس دول مستقلة تمثلهم الى (المقاومة) التي قادها الامراء اشرافمكة، والتي أدت أولاً الى إقامة مملكة سورية العربية، قبل ان تتفكك وتصبح جمهورية، وكانت تشمل بلاد الشام عموماً من ضمنها لبنانوفلسطين، ومن ثم مملكة العراق التي امتدت جنوباً لتشمل الكويت وشواطئ الخليج حتى البحرين.

ولعل الغدر الواضح الذي أبداه (الانگليز) في بداية الأمر حين تنكروا لاتفاقات ماكماهون مع الشريف حسين، الذي كان ينص على منحالعرب دولة عربية واحدة تضم العراق وبلاد الشام والجزيرة، مقابل عدم مساندة العرب للدولة العثمانية المريضة وتركها تنهار، هذا الغدر يبدومن الواضح انه كان مبيتاً، واتضح ذلك اكثر حين اصرت بريطانيا وفرنسا في مؤتمر فرساي 1919 على تقاسم تركة الدولة العثمانية وعدمالاعتراف لا ضمنياً ولا شكلياً بحق الشعوب العربية إقامة دولة مستقلة لهم، وهو ما جعل المقاومة تشتعل من عدة ثغور تحت رؤية سياسيةاطلقها الأمير فيصل الأول الهاشمي، عرفت انذاك بسياسة (خذ وطالب)، وهي السياسة التي كان عمادها على الارض رجال مقاومونيضربون في كل مكان، وعلى الطاولات رجال يفاوضون.

ومن خلال تلك الظروف المعقدة ولدت دولة عراقية تم الاعتراف بها في عصبة الأمم المتحدة، صارت فيما بعد مناراً وقدوة للطامحين بالسيادةعلى ارضهم، وفعلاً، وخلال سنوات قليلة، حصلت الدولة العراقية على اعتراف عالمي وباتت عضواً في عصبة الأمم ثم الأمم المتحدة، بل وباتتمصدر إلهام لدول الجوار في إطار سعيها نحو الاستقلال.

إن ما يتضح لنا من خلال سيرة تأسيس الدولة العراقية، التي نحتفل هذه الأيام بذكرى مرور 100 سنة على ولادتها، هو دور المقاومة كموقفوكفعل، فالتأسيس لهذه الدولة عام 1921 كان قد بدأ فعلياً قبل هذا التاريخ بسنة واحدة على الأقل، وذلك منذ اندلاع ثورة العشرين التياسقطت قيمة (الطوب) وافزعت الجنود الهنود مع الجنرالات الكبار الذين كانوا يقودونهم، ولعل (فتاوى جهادية العشرين) التي كتبها المرجعالشيعي (الميرزا محمد تقي الشيرازي) من كربلاء تعد أحد العوامل المؤثرة التي جاءت متناسقة مع حراك وتحركات المقاومة في بلاد الشامالتي قادها فيصل الاول ورجاله من الضباط الشريفيين.

وتكشف بعض المخطوطات المحفوظة في مكتبة الحضرة الكاظمية في بغداد عن مخاطبات ورسائل مباشرة كتبها المرجع الشيرازي الىالشريف حسين في مكة وابنه الامير فيصل في دمشق يطلب منهما تقديم الدعم والارتباط معهم ضمن (محور مقاومة واحد)، ولعل هذهالرسائل والمخاطبات هي التي ولدت من داخلها فكرة دعوة الامير فيصل لتولي عرش العراق، لكونه أميراً مقاوماً يمكن الوثوق به فيمفاوضات انتزاع الاستقلال والسيادة، وهو ما حصل بالفعل.

المقاومة وأدوار المقاومين العراقيين الاوائل في ثورة العشرين، مع وجود مراجع مقاومين وقيادة وأمير مقاوم، هي التي فرضت على بريطانياومعها فرنسا الخضوع لفكرة الاعتراف بقيام دولة عراقية مستقلة ذات سيادة، فالدولة العراقية الملكية الهاشمية التي تأسست عام 1921 ليست منحة من باريس ولندن، وإنما انتزاع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انطلاق معرض بكين الدولي للسيارات وسط حرب أسعار في قطاع السيا


.. الجيش الإسرائيلي يعلن شن غارات على بنى تحتية لحزب الله جنوبي




.. حماس تنفي طلبها الانتقال إلى سوريا أو إلى أي بلد آخر


.. بايدن يقول إن المساعدات العسكرية حماية للأمن القومي الأمريكي




.. حماس: مستعدون لإلقاء السلاح والتحول إلى حزب سياسي إذا تم إقا