الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا حملنا في حقائبنا إلى الغرب

نادية خلوف
(Nadia Khaloof)

2021 / 8 / 31
المجتمع المدني


نتمتّع بجمال بلادنا الطّبيعي، ونتغنّى به ، أغلبنا لم يغادر بيئته حتى إلى العاصمة إلا لهدف العمل ، أو لتخليص معاملة ما . المقتدرون قد يذهبون إلى السّاحل، أو الأنهار القريبة من مناطقهم ليتمتعوا بيوم صيفيّ، أو ربيعيّ حار . في مرّة ذهبت جارتي في زيارة إلى أختها في دمشق ، عادت وعصبت رأسها لمدة شهر. قالت لي : ما أسوأ عيشهم ! كل شيء صعب ، طبعاً هم يعيشون في الأماكن "المهمّشة" وربما في سورية هذه الأماكن هي الأصل .
يقال أنّ المشهد عندما يتكرّر يصبح كخلفية موبايل ، أو كمبيوتر ، ونحن لا نكرّر المشهد فقط، بل نكرّر عمرنا دون أي اهتمام ، أو سعادة بسبب وجودنا في هذه الدّنيا ، ونحن هذه تعني الأغلبية ، لكن هناك قلّة تعرف معنى السياحة الخارجية، وتقوم بمغامراتها بين الجبال العالية ، هذه القلّة تشمل النخب في النظام ، و النّخب الذين غادروا النّظام لأنهم لا يرغبون بالموت ، وترك مصيرهم المهني، و المادي في يده، لكنّهم أكثر المستفيدين ، فهم يعرفون الغرب ، أو على الأقل روسيا ، وقد درسوا عن طريق منح هناك، و اليوم هم يعملون بشروط أفضل من شروط وطنهم . هم يعرفون كيف يستثمرون بسعادتهم، وسعادة أبنائهم ، أما نحن الشعب المطحون في ظل كل الأنظمة ، وفي الزمن الجميل الذي يتحدثون عنه ، فلو قمنا بسياحة داخلية إلى السّاحل مثلاً سوف نبقى نتحدّث بها، ونضيف لها بهارات من صبيان أفكارنا ، لكنّنا نحن أيضاً أصابتنا عدوى الخلاص من الواقع، و التّوجه نحو الغرب كي نحقق أحلامنا دون أن تكون حياتنا مبنية على أساس متين .
حملنا حقائبنا الصّغيرة وخضنا المغامرة، مزقنا جوازات سفرنا ، وصلنا ، لكنّنا بقينا كما نحن معلّقين بسياج وهمي اسمه " الوطن ، و التّفوق" . ورد في عقائدنا بأننا خير أمة أخرجت للنّاس، وورد ذلك في عقائد أخرى ، وفي صدر الإسلام كانت الأمة هي " قريش" فقط ، فالقبائل العربية الأخرى لم تكن لغتها لغة القرآن. حفظ عقلنا الباطن ذلك، بدأنا نسخر من المكان الذي وصلنا إليه ، فقد حملنا تلك المقولة في حقيبة سفرنا ، بل أكثر من ذلك ، فنحن نتباهى عليهم بحضارتنا ، ونسجّل تفوقنا في وسائل التواصل، و الصّحف، وقد يكون الحديث عنا بمقابل ندفعه إن كنا قد جلبنا معنا المال .
الكثير من السّوريين، و العرب لهم مراكز متقدّمة في الغرب ، لكن يبقى ذلك فردياً ، هؤلاء لم يحملوا في حقائبهم سوى شيء واحد وهو الجدّ و التماهي مع الحياة ، لذا فهم استثناء . حقائبنا مليئة بالتّعصب ، ورفض الآخر ، و الشكوى من الظّلم ، بل مليئة بالمتوارث مثل الاعتقاد أننا سوف نقلب إيمان الغرب بالدولة المدنية إلى أسلمته ، ناهيك عن تصدير كراهية النّساء، فمن يقرأ التعليقات على زوجة ماكرون لعرف أننا أكثر شعب عنصري في العالم، ولا يقرأ حتى السّطور، فزوجة ماكرون هي من صنعته ليس على الطريقة السورية، بل بدعمها المالي و الاجتماعي فحوّلته إلى رئيس فرنسا ، وهذا ليس شأننا إن كان الأمر يتعلق بالحبّ، أو بالمال . بعض السّوريين قتلوا زوجاتهم ، و أطفالهم . صحيح أن الجريمة موجودة في كل العالم، وبخاصة ضد النساء ، لكن العرب و السوريين تصدّروا القائمة، و اليوم وهم في الغرب يهرّبون بناتهم القاصرات لتزويجهن بأقاربهن في وطنهم ، وقد أوجدوا قانون الشّرف في الغرب لمعالجة تلك الحالات ، حيث تنجح بعض المراهقات في إبلاغ الجهة المسؤولة قبل السفر، أو على باب الطّائرة .
نشكو من عنصرية الغرب، ولا شكّ أنها موجودة ، فقد أتينا وليس لنا تاريخ بينهم ، فقط القانون يحمينا، لكن عنصرية السّوريين تجاه بعضهم البعض تتجاوز كثيراً العنصرية الغربية ضد الأجانب ، فالحزب المتّهم بالعنصرية في السّويد من مطالبه إلغاء الحجاب في مرحلة الرّوضة، فهل يمكن أن تبتلى الطفلة بالحفوضة و الحجاب في آن واحد؟
لن يعود أغلب اللاجئين إلى سورية، وبخاصة من حصل على جوا السفر الغربي ، قد يعودون في زيارة ، لكن الحياة في الغرب أسهل للكثير منهم الذين يتقاضون ثمن عيشهم، دون جهد ، هؤلاء لا يهتمون بالتهميش مادامت معدتهم مليئة ، بل هم جالسون على وسائل التواصل ليعلقوا على منشورك بتافه مثلاً ويعتبرون ذلك قمّة الجرأة و الثورية.
إذا كنا نرغب بالعيش الكريم علينا أن نقذف بحقائبنا التي جلبناها معنا ، و التي عبّأنا فيها قناعات عفى عليها الزمن، و أن نسمع ، ونرى أكثر مما نتكلم. . .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تواتر الحقد والبغضاء
عبد الفادي ( 2021 / 8 / 31 - 20:22 )
في مكالمة مسموعة والقصة حقيقية قال احد المهاجرين بلهجة سورية وهو يتحدث مع زميله على الهاتف النقال بصوت عالي ويبدوا انه قد حصل على وظيفة جيدة في احدى مستشفيات الدولة التي استضافته كلاجئ ، وبدأ كلامه مع زميله بالقول وجميع المارة يسمعونه : (ذول اولاد الكلب الكفرة في المستشفى التي اعمل فيها ما يعطوني غير ساعة واحدة للغداء ولا استطيع ان اطيل معك بالكلام) طبعا الوظيفة في مستشفى يصاحبها كثير من الفوائد كالتأمين الصحي والإجازات السنوية عدا الراتب الشهري ومثل هذا الاجئ لا يستطيع في بلاده الحصول على وظيفة حمّال ولا يستطيع رفع صوته على دائرة ومن الدوائر الحكومية لكنه يستغل الحرية ويرد الإحسان بالسيئة لأن الحليب الذي ارضعته امه كان فاسدا بالتواتر ، فأغلب المهاجرين الذين تبرمجوا منذ الصغر على كره الآخرين يتكلمون بالتعالي على اهل البلد الذي استضافهم بسبب ثقافة الكراهية التي يتعلمونها في المناهج الدينية والتاريخية ، تحياتي استاذة نادية


2 - تحية لك
نادية خلوف ( 2021 / 9 / 6 - 15:15 )
نعم صحيح ، والنساء الطبيبات أكثر تخلفاً ، لكن هنافي الغرب يمكن الششكوى . تحياتي لك

اخر الافلام

.. توقف الأونروا عن تقديم خدماتها يفاقم معاناة الفلسطينيين في ق


.. تضامناً مع الفلسطينيين في غزة.. عشرات الطلاب يتظاهرون بالموت




.. ممثل صندوق الأمم المتحدة للسكان في فلسطين: ما رأيته في غزة ي


.. آلاف اليمنيين يتظاهرون في صنعاء دعماً للفلسطينيين في غزة




.. إيرانيون يتظاهرون في طهران ضد إسرائيل