الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المغرب والجزائر: إلى أين سيتجه البلدان بعد القطيعة؟

سعيد هادف
(Said Hadef)

2021 / 8 / 31
السياسة والعلاقات الدولية


هل كانت العلاقة الجزائرية المغربية على ما يرام قبل القرار الجزائري الأخير القاضي بقطع العلاقة الدبلوماسية بين البلدين؟ بالطبع لم تكن على ما يرام. وإنّ أقصى درجات القطيعة بين بلدين جارين هو إغلاق الحدود البرية، وما تبقى هو مجرد تفاصيل.
نستفيد من تاريخ البلدين، أن استقلال المغرب (مارس 1956) صبّ في مصلحة جبهة التحرير وجناحها العسكري، جيش التحرير الوطني، حيث أصبح المغرب منذ لحظة استقلاله يمثل الجبهة الخلفية الغربية لحرب التحرير الجزائرية إلى جانب تونس وليبيا شرقا. عند استقلال المغرب وتونس كان قد مضى على حرب التحرير الجزائرية عام وثلاثة أشهر فقط، وظلّت وجدة وعدد من المدن المغربية، من شرق المملكة إلى غربها، تحتضن الثوار الجزائريين، طيلة ستة أعوام، وتوفّر لهم إمكانية النشاط لوجستيا وإعلاميا واستخباراتيا...
ولم يمرْ على استقلال الجزائر سوى عام وثلاثة أشهر حتى انقلب الإخوة إلى أعداء، واندلعت بينهم، في شهر أكتوبر 1963، حربٌ لم تتوقف إلا بعد تدخل الجامعة العربية والوحدة الأفريقية. بعد انقلاب بومدين على بن بلا 1965 تحسّنت العلاقة بين البلدين، لكن بعد عقد من الزمن أصبحت أكثر سوءا بسبب نزاع الصحراء 1975، وتعطّل التواصل بين البلدين حتى نهاية الحرب الباردة. في سياق التحولات التي صاحبت انهيار الاتحاد السوفييتي، حدث انفراج بين البلدين وانفتحت الحدود البرية والتأم شمل البلدان الخمسة في مراكش 1989 حيث تم الإعلان عن تأسيس اتحاد المغرب العربي، الذي تعطل بعد خمسة أعوم من تأسيسه إثر العملية الإرهابية التي استهدفت مراكش صيف 1994، وكانت سببا في تعطل العلاقة بين البلدين بعد الاتهامات المغربية للجزائر. أغلقت الجزائر من جانب واحد حدودها البرية مع المغرب منذ عام 1994، ورغم كل المساعي المغربية لم تستجب الجزائر.
ولأنّ التواصل البري ظل مقطوعا طيلة عقود الاستقلال، فإنّ القرار الجزائري الأخير، في رأيي، هو أفضل القرارات التي ستقلب العلاقة من النقيض إلى النقيض، من وضعية التلعثم التي ظل يعاني منها الشعبان، إلى وضعيةٍ بالغة الوضوح، من منطلق أن هذه الوضعية الواضحة ستجبر كلا البلدين على الانغماس أكثر في شؤونهما الداخلية واختبار قدرتهما على مجابهة التحديات السياسية والاقتصادية التي يعاني منها كل بلد على حدة.
لقد ظل الشعبان يعيشان على أمل كاذب في عودة الانفراج بين دولتيهما، وبلا شك فإن العيش على الآمال الكاذبة ليس وراءه سوى الخسران المبين. والآن، وقد عبّرت الجزائر بشكل رسمي عن هذه القطيعة، ووضعت حدا لتلك الآمال الكاذبة، يمكن القول أن مسيرة التغيير الإيجابي في البلدين قد بدأت خطوتها الأولى.
يخطئ من (كان) ومازال يعتقد أن الأزمة بين الدولتين كانت ناجمة عن مشاكل بينهما، بل تلك الأزمة كانت ناجمة عن مشاكل بنيوية يعيشها كل بلد على حدة: مشاكل متعددة الأبعاد، فشلت الدولتان في معالجتها جراء قصورهما السياسي، وجراء فشلهما في الاندماج في عصرهما بكل ما يقتضيه هذا الاندماج من وعي وعلم ومهارة في التدبير السياسي الحديث للمجال الترابي والتنموي والهوياتي.
يكفي أن نقف على حجم الفساد في البلدين، وعلى تخلف الطبقتين السياسيتين، وعلى التدني الأخلاقي والمعرفي في الخطاب الإعلامي، وعلى تضخم الأنا، ومظاهر سلبية أخرى.. لنكتشف حقيقة الأزمة. وإن البلد الذي سيحيط وعيا بأزمته الداخلية ويعدُّ لها العدة التنموية والحقوقية، ويبني خطابا سياسيا وإعلاميا خاليا من مشاعر الكراهية ومن الأكاذيب هو من ينتصر في الأخير على أزمته ويكون قدوة ومثالا للآخر.
مع هذه القطيعة، التي ستكون نعمة على مستقبل الشعبين، سيجد أصحاب القرار أنفسهما عاريين من كل قوة كاذبة إلا من تلك القوة المتبصرة التي راكمها كل طرف طيلة عقود الاستقلال، والتي ستصب في نهاية المطاف في ما ينفع الشعبين، أما الزبد فسيذهب جفاء ويبقى ما يفضي إلى علاقة جزائرية مغربية خلاقة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القناة 12 الإسرائيلية: اجتماع أمني تشهده وزارة الدفاع حاليا


.. القسام تعلن تفجير فتحتي نفقين في قوات الهندسة الإسرائيلية




.. وكالة إيرانية: الدفاع الجوي أسقط ثلاث مسيرات صغيرة في أجواء


.. لقطات درون تظهر أدخنة متصادة من غابات موريلوس بعد اشتعال الن




.. موقع Flightradar24 يظهر تحويل الطائرات لمسارها بعيداً عن إير