الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مصير الاستثمارات الصينية الضخمة في إسرائيل

مونتجمري حور
كاتب سياسي وأكاديمي فلسطيني

(Montgomery Howwar)

2021 / 9 / 4
السياسة والعلاقات الدولية


تناولت في مقالات سابقة دخول منطقتنا في مرحلة اقتصادية جديدة وأشرت الى انتقال إسرائيل من دولة مستوردة للطاقة الى مصدرة لها وإلى أن استغلال إسرائيل لهذا التحول لم يقتصر على تحقيق أهدافاً اقتصادية فحسب بل امتد ليشمل إحراز نجاحات سياسية في دمج إسرائيل في محيطها دون دفعها لأي ثمن سياسي في مقابل ذلك. ولتحتل إسرائيل المرتبة الأولى في قيادة المنطقة بأسرها، كان عليها إجراءات تطويرية جوهرية في بنيتها التحتية، والحديث عن المشاريع والتبرعات لتطوير البنى التحتية في إسرائيل يطول ولست بصدد تناولها في هذا المقال وسأكتفي بالإشارة الى مشاركة دول عربية في هذه المشاريع منها من جاء على هيئة كرم عربي، وسألقي بالضوء في مقالي هذا على الموقف الإسرائيلي بشأن الاستثمارات الصينية في إسرائيل وهي إحدى التقاربات التي قامت بها تل أبيب وأثارت حفيظة الولايات المتحدة الأمريكية وكنت قد أشرت في مقال سابق إلى أن القوى في إسرائيل مجتمعة آثرت الإطاحة ببنيامين نتنياهو كأول خطوة للحفاظ على علاقات تل أبيب مع الولايات المتحدة. لم تترك الولايات المتحدة الأمريكية مناسبة في لقاءاتها مع المسئولين الإسرائيليين إلا وتطرقت إلى الاستثمارات الصينية الضخمة في إسرائيل وتحديداً مشاريع البنى التحتية وكان آخرها خلال زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بينيت مع الرئيس الأمريكي بايدن، والتي أعادت الولايات المتحدة الأمريكية من جانبها الحديث عن موضوع الاستثمارات الصينية في إسرائيل وقد كشف موقع والاه أمس الخميس النقاب عن نبرة جديدة استخدمها قادة الولايات المتحدة الأمريكية مع بينيت والتي وصلت حد التحذير، ونقل الموقع أن مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية وليام بيرنزأبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينت خلال زيارته لتل أبيب بقلق واشنطن من تسلّل الصين إلى الاقتصاد الإسرائيلي، واستثماراتها في مجال التقنيات المتقدمة ومشاريع البنى التحتية الكبيرة هناك وأن الموضوع ذاته نوقش خلال آخر زيارة لبينيت للبيت الأبيض مع الرئيس الأمريكي بايدن. على أية حال، تجدر الإشارة أن الصين أصبحت مؤخراً ثاني أكبر شريك تجاري لإسرائيل بعد الولايات المتحدة وقد وصل حجم التجارة بينهما إلى 11.6 مليار دولار في 2018 مما يعني تقدم رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو بقوة تجاه علاقة إسرائيل بالصين لدرجة وصلت إلى احتكار شركات صينية " مجموعة شنغهاي الصينية الدولية للموانئ " لتدشين ميناء حيفا الجديد، وهو الميناء الذي يستخدمه الأسطول الأميركي السادس عند تحركه في البحر المتوسط، وتدشين خط قطار في منطقة "غوش دان"، التي تضم مدينة تل أبيب ومدن أخرى محيطة بها. ولم يقتصر التعاون على ذلك، بل امتد لفتح بكين بابها أمام الصادرات الإسرائيلية للصين واحتلت المرتبة الثالثة بعد الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا كوجهة للصادرات الإسرائيلية والتي بلغت 4.7 مليار دولار. ونقل موقع "أكسيوس" عن مسؤول إسرائيلي رفيع لم يذكر اسمه، قوله: "خلال الأشهر الأخيرة بدأنا بالحوار مع إدارة بايدن حول الصين. وكانت لدى الولايات المتحدة أسئلة بشأن مشاريع معينة، مثل المشاركة الصينية في بناء مترو تل أبيب".
تحدثت الصحف الإسرائيلية عن عودة بينيت والوفد الإسرائيلي المرافق له من الولايات المتحدة الأمريكية "بفهم حول الإجراءات التي تتوقعها الولايات المتحدة من تل أبيب اتخاذها بما يتعلق في الاستثمارات الصينية" وبحسب الجيروزاليم بوست، تحدث مسئول رفيع المستوى في الحكومة الإسرائيلية رفيع المستوى عن " تخطيط رئيس الوزراء بينيت لاتخاذ إجراءات في هذا الصدد" دون أن يفصح عن ماهيتها. ومن المتوقع أن يكون أول إجراء سيتخذه هو "نقل لجنة الإشراف على الاستثمارات الأجنبية الكبرى من وزارة المالية إلى مجلس الأمن القومي والذي يتبع سلطته المباشرة". وتجدر الإشارة أن الحكومة الإسرائيلية أجلُت مؤخراً مناقصة لبناء جزء من سكة حديد في مدينة تل أبيب لأن شركة صينية قدمت عرضاً مما تنظر له إسرائيل على أنه " سيجعل الوضع حساساَ من الناحية الدبلوماسية".

تحذيرات الإدارة الأمريكية لإسرائيل في هذا الصدد ليس جديداً فقد سبق وأن أعربت الإدارة الأمريكية السابقة في عهد دونالد ترامب عن قلقها الشديد أيضاً من حجم الاستثمارات الصينية في إسرائيل في مجال التكنولوجيا والذكاء الصناعي الأمر الذي دفع بتل أبيب آنذاك إلى تشكيل لجنة لتشرف ولتراجع تلك الاستثمارات بضغط من إدارة ترامب وبالفعل تم تشكيل تلك اللجنة ولكنها وصفت بأنها محدودة الصلاحيات لذلك قامت إدارة ترامب بالطلب من إسرائيل "تشكيل لجنة أكثر قوة وذات صلاحيات أعلى".
من جانبه أكد وزير الخارجية الإسرائيلية على أهمية العلاقات الثنائية القوية بين إسرائيل والصين وأشار إلى حوارات عديدة دارت بينهما لتتوقف الصين عن تصوريتها ضد إسرائيل في الأمم المتحدة. وعند سؤاله عن الموقف الإسرائيلي تجاه الولايات المتحدة الأمريكية، قال لابيد:" لم نحاول أبدًا إخفاء حقيقة أن لدينا حليف واحد ووحيد وهو الأعظم وهو الولايات المتحدة التي نشاطرها نفس القيم" وأضاف .... "كتب (وزير الخارجية الأمريكي السابق) هنري كيسنجر الكثير عن حقيقة مفادها أن السياسات تصنع بالتوازن بين الواقعية والمثالية. نحن نلعب لعبة طويلة الأمد مع هذه اللعبة. من المهم الحفاظ على العلاقات مع الصين، لكننا نستمع إلى الأمريكيين عندما يتحدثون عنها ".
انتهجت إسرائيل في عهد نتنياهو سياسة الجمع بين المتناقضات السياسية المختلفة ويبدو أن الحكومة الإسرائيلية وقعت بين نارين وأنها اختارت لنفسها المظلة الأمريكية وستحاول إبقاء الاتصالات مع الصين على الصعيد الاقتصادي فقط.

[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن يوقع حزم المساعدات الخارجية.. فهل ستمثل دفعة سياسية له


.. شهيد برصاص الاحتلال الإسرائيلي بعد اقتحامها مدينة رام الله ف




.. بايدن يسخر من ترمب ومن -صبغ شعره- خلال حفل انتخابي


.. أب يبكي بحرقة في وداع طفلته التي قتلها القصف الإسرائيلي




.. -الأسوأ في العالم-.. مرض مهاجم أتليتيكو مدريد ألفارو موراتا