الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وقفة مع الهيمنة الفارسية (538-333 ق م): سنأخذها نموذجا للإمبراطوريات الغازية للمنطقة، من حيث هي قد فتحت الباب للآتي من الإمبراطوريات

عيسى بن ضيف الله حداد

2021 / 9 / 4
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


وقفة مع الهيمنة الفارسية (538-333 ق م): سنأخذها نموذجا للإمبراطوريات الغازية للمنطقة، من حيث هي قد فتحت الباب للآتي من الإمبراطوريات - المرجع الأساسي الحضارات القديمة: الجزء الأول، إشراف: ف. دياكوف/س. كوفاليف/. ص 199 -206
موجز التأسيس: عام 553- 550 بعد حرب دام ثلاث سنوات، وبقيادة سيرس الثاني يتم الاستيلاء على عاصمة استياج عقبتان (إمارة ميديا في المنطقة)، تم ذلك اثر خيانة ارستقراطية جيش استياج لملكها وسلمتها لسيرس، حسب حولية نبننيذ، واستولوا على الفضة والذهب وكل ثروة عقبتان، وصارت ميديا جزءا من إمبراطورية الفرس.
على وقع من ذلك اختفى النظام المشاعي البدائي لدى القبائل الفارسية، واحتد انقسام المجتمع إلى طبقات، وحرض الغزو العبودية، وكان على رأس الدولة ملك خضعت له كل القبائل الإيرانية.
النهج (ص 199): يجاهد سيرس (قورش) وارستقراطيته، المتلهفون للأسلاب والغنائم، لتوسيع حدود الإمبراطورية، ونتيجة الحملات بقيادة سيرس، ألحقت إيران المتخلفة من وجهة نظر الاقتصاد والمأهولة اساساً بقبائل رعوية، الحقت دولاً أرقى حضارة منها لكنها تصدعت في نهاية القرن السابع وبداية القرن وبداية القرن السادس.
وكان من أسباب سقوط تلك الدول ثلاثة عوامل، وهي: الحروب الخارجية / والصراع الاجتماعي في بنيتها الداخلية/ وأوساط التجار والمرابين في بابل، وآشوريا فينيقيا وبلدان أخرى، حيث كان من مصلحتها أن لا يكون في الشرق الأدنى سوى إمبراطورية واحدة، بحكومة قوية لكبح التمردات الشعبية، وتطوير التجارة الدولية..
ضمن هذا المنظور تم احتلال آسيا الصغرى كاملة، وأرمينيا والمدن اليونانية في جنوب بحى ايجة، وألزم الجميع بدفع المكوس..
وينتقل سيرس، ليحاصر بلاد الرافدين من الشرق والشمال، وطوق كل الدروب التجارية لمحاصرة الكلدان، واستطاع احتلال بابل بمعونة الكهنة والتجار والمرابين حيث فتحوا الأبواب أمام الجيش الفارسي.. لقد كان هؤلاء يأملون في توسيع أعمالهم التجارية والمالية في إمبراطورية جديدة أكثر اتساعا من كلدان. (ص200)
وفي رواية معدلة يبوح بها مرجع أسرار بابل(ص242): لم يستعجل قورش لإنزال الضربة لحاسمة.. بدأ الفرس بالاستيلاء على الممتلكات الخارجية لبابل ويعزلونها تدريجياً عن العالم الخارجي. في الوقت ذات قام العدد الكبير من العملاء بالدعاية لصالح قورش في بابل نفسها.. من جانب آخر: مال الأوليجاركيون أكثر فأكثر إلى التفكير بأنهم محتاجون إلى حكم قوي يحافظ على امتيازاتهم ورأوا ذلك في قورش القوي.. واستدلوا عقلياً على أن كورش يتحكم بقوات لا تعادلها قوات أخرى في العالم وأنه لا هو ولا فرسانه- الهمج – جربوا مباهج الحياة.. وماذا في الأمر لو قدم التاج البابلي الى قورش بشروط مناسبة.. أليس لو صار هذا الهمجي من هذا الشرف العظيم ملكا شرعيا لبابل المقدسة! سيحافظ على قدسية الحقوق وامتياز الجنسية البابلية ويقيم ذلك النظام الضروري للأوليجاركية.. هذا ما حدث كواقع...
دخل سيروس بابل عام 583، ودارت معارك طاحنة متعددة (أسرار بابل، 243-245).. وأباد آخر فلول الأسرة المالكة وأعلن نفسه ملكاً على بابل، وأعلن أنه سيحتفظ بالنظام القائم في بابل واحترام آلهتها..
في وقفة مني هنا: لا استبعد أن التجار والمرابين والكهنة من اليهود كان لهم دوراً ما في تلك الوقائع، وهذا ما قد أظهرته الأحداث التالية، التي تشير لها السرديات اليهودية..
لقد كانت مصر في مخططه، كي يكون سيد الشرق الأدنى، لكنه أراد التوسع في الشمال الشرقي، وفي زحفه نحو آسيا الوسطى لقي مقاومة ضارية من قبل الساسيين والماساجيت الذين يعيشون حياة الترحال.. كان من نتائجها مقتله..
قمبيز الى السلطة
كان هذا الحاكم أكثر جشعا مما سبقه، ومشى في طريق إرضاء جشع الارستقراطية الفارسية، التي تلتقي مع رغبات الأوساط التجارية والمرابية في البلدان التابعة: ساورته الرغبة على بسط سلطته على القسم الأعظم من حوض البحر المتوسط حتى قرطاجة.
في 525 هزم المصريين في بيلوز، ارسل عدة حملات بهدف فتح قرطاجة وأتيوبيا، اللتين تمتعا بثروات خيالية، لكنه فشل.. وفي أثناء بعض المعارك اشتعلت ثورة في مصر، أباد قمبيز التمرد، وقضى على آخر فراعنة الأسرة السادسة والعشرين، بسماتيك الثالث في تلك المذبحة..
مرحلة داريس ص 201- 203 – الجديد لديه إعادة تنظيم الإمبراطورية، على أساس الجماعات العرقية أو قل الثقافية التي تشكلت عبر التاريخ، يدير أغلبها حاكمها الأصلي يتمتع بصلاحيات إدارية غير واسعة، ولا سيما تلك التي تتعلق بالتقاليد الخاصة (نموذج النظام الملي المتوارث)، إلى جانب هذا الحاكم يوجد حامية عسكرية يرتبط قائدها بالسلطات المركزية، وأسس داريوس شبكة واسعة من الجواسيس لمراقبة الحكام والرؤساء..
الضرائب أو المكوس: كانت الولايات تدفع مكوس عالية القيمة ولها أكثر من شكل.. كمثال، كان على مصر تموين 120000 بالقمح فقط.. وغالبا ما كانت المكوس في الذهب..
الاهتمام بالتجارة: عنصر أساسي من سياسات داريس، لأحكام السيطرة وتقوية
التجارة.
العسكرتاريا: قام بتحديد عدد القوات في كل ولاية وفي كل حامية، كان الفرس يشكلون النواة في حين أن القاعدة الواسعة تتشكل من مختلف القبائل والرعايا.
بالإجمال: يتمتع الفرس بالامتيازات في كل مكان في الإمبراطورية، حتى قبائلهم المهتمة أساساً، عدا الخدمة العسكرية، بالزراعة والتدجين، كانت معفية من الضرائب والسخرة.. [بمعنى هي معممة لدى الأقوام الأخرى]
كخلاصة: أفضت سياسات داريس الأول العسكرية والإدارية الى وجود العديد من المراكز الاقتصادية الكبرى التي أفضت إلى تطوير التجارة الداخلية والخارجية العابرة، التي كانت مراكزها مدن الشرق الرئيسية، بخاصة بابل، حيث قد شكلوا رابطات سرقة الشعب المشروعة تمول مصارفهم بفوائد باهظة وكان دورهم المعمم على مستوى الإمبراطورية الفارسية كلها.. وعلى مقربة منهم برز التجار والمرابون الذين يجنون مكاسب خيالية من استئجار المزارع والتجارة، وكان كل هؤلاء يدعمون داريس الأول في مشاريعه العدوانية الضخمة واصلاحاته الداخلية..
انحطاط الإمبراطورية الفارسية 203/204: من دون استعراض تفصيلي، كان من شأن الحروب التي اندلعت وخاصة في آسيا الوسطى والصغرى، أرهقت الدولة.. وفي واقع الأمر، كانت القاعدة العسكرية الواسعة المتشكلة من الأقوام المتعددة لم تكن تعنيها هذه الحروب..
وكان من بين نتائج الاضطرابات المتعددة، انفصال مصر عام 405، وتدافع عن استقلالها خلال 65 عاما حتى عام 340
تفكك الإمبراطورية الفارسية: ارتخرس الثالث (309- 338) يكبح بصعوبة انتفاضة في مصر، في فينيقيا وفي قبرص. وفي أيام داريوس الثالث (338-330) سقطت الامبرطورية تحت ضربات دولة جديدة عبودية، أسسها المقدونيون.. ص204
ايران كدين، ظهر لدى غيرهم متحولاً ومتغيراًـ وفي مجرى تبدلاته جرى تحوله لعبادة الدولة المبنية، حسب الخرافة، بأمر زوروسترايم الذي ظهر في آسيا الوسطى، أو بالأصح في خوارزم، كان ذا طبيعة مزدوجة، تقول نظريته أن أحوارامازدا، إله النور والرزق، في صراع
ابدي مع أحرامان، إله الظلمات والشر. الأول يعلم الناس الفضائل والزراعة والمهن، ويبذر الثاني في كل مكان الشر والاضطرابات والبلبلات. فكل مؤمن ملزم إذن بتوطيد قوانين أحورامازدا، أن يعيش في الرحمة، يطيع الملوك، يمارس بحماس الزراعة والتدجين، فيكافأ بعد نصر أحوارمازدا.. –
تعبر هذه الثنائية بوضوح عن المنحى الاجتماعي والسياسي للاغنياءالذين يسعون ابدا إلى تشريع تفوقهم على جماهير الكادحين الغفيرة، بتقديم هذه المقولة كتجسيد لمبدأ " النور والإلتصاق والانسجام ". لذا ينص الدين على الخضوع المطلق للسلطة الملكية والعمل المطيع كمصلحة الشرائح المهيمنة. ص 205
عن المظاهر الحضارية
لا تقيم الحضارة بالقصور الضخمة والصروح الشامخة التي تدل على استبداد الشريحة الحاكمة، إنما الأساس بها ما ظهر من فن وأثر مكتوب..
وفي الشأن المعماري، ما بقي قوميا ووطنيا كان يستلهم أعمال شعوب أرقى غزاها الفرس، مثلا القصر ذي المائة عمود مقتبسة من مصر، وطنف قناطر سور – من آشوريا، وبناء قصر على ارض منبسطة وتزيينها بالنقوش والزخارف من آسيا الصغرى. الكتابة المسمارية تصدر من بين الرافدين، وأغلب نصوص داريوس هي بالآرامية، ، والتقويم الإيراني يشهد هو الآخر على التأثير البابلي.. - ومن المعلوم ان الفرس اعتمدوا اللغة الآرامية..
في تقييم كلي:
أولا- الملاحظ في الأمر، أن الإمبراطورية الفارسية الواسعة لم تنعم بالاستقرار، وظهرت معارضة لهما من قبل القبائل والشعوب التي كانت في عزلة، دونما روابط اقتصادية متينة ولا لغة مشركة مع الإمبراطورية.. ودامت الحروب في زمن داريس، ولاسيما في آسيا الوسطى والصغرى ومع اليونان فضلا عن التمردات في مناطق متعددة..
ثانيا - من جانب آخر، كان للطبقة التجارية والربوية الدور الأهم في توطيد دعائم الإمبراطورية، في تلك اللحظة التاريخية. بالإضافة لإفقار الشعب، وتعميم البؤس..
ثالثا – بقاء المناطق اللا منتمية للفرس على أنظمتها وثقافاتها المتوارثة كنتاج للنظام الملي السائد..
رابعا – من الواضح للعيان: بكون الاهتمام الأساسي للفرس، قد انصب على جني المكوس والنهب العام.. ا
خامسا – في النظام العام - اكتفى الفرس بالمكوس، ولم يغيروا النظام الإداري ونظام الملل الذي كان سائداً، وتبنوا اللغة الآرامية..
والمتغير الوحيد الذي أقدموا عليه، هو تنطع كورش كمسيح للرب على بعث نظرية شعب الرب، في وسط اللاهوت المتوارث القديم (عزرا، الاصحاح الأول).. لكي يكون قاعدة على مشارف تقاطع الطرق التجارية البرية والبحرية..
سادسا- يذكر كتاب الحضارات القديمة( ص205) أن القليل المعروف من حضارتهم، يثبت الانتقائية. تعلل هذه الطبيعة العسكرية للدولة ذاتها، التي تجني باللصوصية المنجزات الثقافية للشعوب الأخرى.
سابعا– لم يظهر أي ذكر لجزيرة العرب، وهي قد كانت مستقلة عن هيمنة الفرس ومنعزلة عنهم، بينما قد أظهرت مصر مقاومة عنيدة. ولا أستبعد بكون المنطقة الجنوبية للجزيرة العربية الممتدة من وادي السرحان حتى جنوب الربع الخالي، قد شكلت الحاضنة لصيانة ثقافة المنطقة المكون لتشكل هويتها في زمن بداية انبثاق طلائع هويتها، وأكثر من ذلك تكون قد استطاعت حماية دورها التجاري لكونها تشكل مركزا وسيطيا بين المناطق الحيوية للعالم القديم..
في هذا الصدد يعترف كتاب الحضارات القديمة دياكوف كوفاليف، ص 205، 206: بكون الفن الإيراني، ما بقي قومياً، وطنياً، كان يستلهم شعوب أرقى غزاها الفرس، من بينها مصر وآشور وبابل..
وفي الأدب الإيراني، يمكن الافتراض انه قد تطور بتأثير النماذج التي ابتدعتها شعوب آسيا الصغرى والشرق الأدنى، فالكتابة المسمارية التي استعملها الأشمند، تصدر من ميزوبوتاميا، وقد استخدمت بالمدونات الملكية الرسميةـ ونصوص داريس بالأرمنية، والتقويم الإيراني يشهد هو الآخر على التأثير البابلي..
----------------
المراجع- الحضارات القديمة: الجزء الأول، إشراف: ف. دياكوف/س. كوفاليف/ منشورات داء علاء الدين/ترجمة ناسيم واكيم اليازجي. ص 199 -206
- أسرار بابل: ف أ. بليافسكي- ترجمة فائق نصار








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مراسلتنا: مقتل شخص في غارة استهدفت سيارة بمنطقة أبو الأسود ج


.. مشاهد جديدة من مكان الغارة التي استهدفت سيارة بمنطقة أبو الأ




.. صحفي إسرائيلي يدعو إلى مذبحة في غزة بسبب استمتاع سكانها على


.. هجوم واسع لحزب الله على قاعدة عين زيتيم بالجليل وصفارات الإن




.. شمس الكويتية تسب سياسيي العراق بسبب إشاعة زواجها من أحدهم