الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جانب آخر مهمل لأحداث 11 سبتمبر 2001

مجدى عبد الحميد السيد
كاتب متخصص فى شئون العولمة والتكنولوجيا

(Magdy Abdel Hamid Elsayed)

2021 / 9 / 4
العولمة وتطورات العالم المعاصر


بعد عشرين عاما اكتشف بعض الكتاب الأمريكان أن 11 سبتمبر 2001 كان هدية استراتيجية تاريخية للصين ، لقد كانت الصين قبل عام 2001 مجرد دولة نامية تصعد بسرعة كبيرة مثلها مثل دول شرق آسيا ولكن الصين التى تميزت منذ عام 1978 بأنها تملك خطط استراتيجية طويلة المدى تمتد لخمسين عاما (1978-2028) وجدت الفرصة سانحة مع اتجاه العالم الغربى لمساندة الولايات المتحدة فى الحرب على الإرهاب عام 2001. فبالرغم من أن إدارة جورج بوش الابن ومن قبلها إدارة كلينتون كانت تعتبر أن الصين بدأت تخرج عن السيطرة وينبغى إيقافها إلا أن أحداث 11 سبتمبر 2001 جعلت العداء يتجه للإرهاب وللمسلمين وخاصة فى أفغانستان والعراق وإيران فانتقلت الحرب الحقيقية إلى أفغانستان والعراق مع وجود حرب خفية مع إيران. إن الصين وعت الدرس السابق من سقوط الاتحاد السوفيتى فأخذت طريقا جديدا يعتمد على اختراق الولايات المتحدة نفسها ، لقد أرسلت الصين بعثات تعليمية مكثفة إلى الولايات المتحدة واستراليا ودول العالم الغربى بمئات الألوف سنويا لنقل التجارب الغربية والعلم الغربى والتكنولوجيا الغربية إلى الصين على أيدى صينيين موثوق بهم فى معظم المجالات العلمية والأنشطة التجارية ، هذا إلى جانب فتح الباب للاستثمار الغربى شبه المجانى فى المجالات الصاعدة مثل التكنولوجيا والاتصالات وأشباه الموصلات فاتجهت الكثير من الشركات العالمية الكبرى إلى نقل مصانعها للصين فى ظل مكاسب كبيرة مع العمالة الصينية شبه المجانية ، ولم تدرك تلك الشركات أن الموضوع تحت سيطرة الصين للتعرف على التكنولوجيا المتقدمة للشركات العالمية الكبرى. إن اتجاه الولايات المتحدة لمحاربة الارهاب كلف الولايات المتحدة أكثر من خمسة تريليون دولار حسب رأى آل جور نائب الرئيس الأمريكى الأسبق مما قلص نفقات البحث العلمى والبنية التحتية فى الولايات المتحدة وأدى فى النهاية إلى الأزمة العالمية عام 2008 التى خسرت فيها الولايات المتحدة تريليونات الدولارات مرة أخرى وأصبحت الخسارة مضاعفة من الحرب على الإرهاب ومن الأزمة العالمية . لقد استغلت الصين فترة حكم جورج بوش الابن أفضل استغلال بتوسيع قاعدة التصدير العالمية واختراق الأسواق وعلى رأسها أسواق الولايات المتحدة نفسها فنجت من الأزمة العالمية نهاية عام 2008 ثم مع صمودها أمام الأزمة العالمية التجارية العاتية أصبحت ثانى أكبر اقتصاد عالمى عام 2010 بعد أن أزاحت اليابان عن المركز الثانى لتحتله هى عن جدارة ولتحرك العولمة الجديدة ناحيتها بدلا من سيطرة الولايات المتحدة على العالم من خلال العولمة منذ مطلع التسعينيات ، ولم يستطع الرئيس أوباما فعل شئ مؤثر أمام التقدم الصينى لانتهاج الصين نفس قواعد العولمة الأمريكية والتجارة العالمية ولوجود أزمة أمريكية عالمية يجب أن يخرج منها بأسرع وقت فترك الصين هو الآخر لكى تتقدم خطوات أوثق للأمام . لقد بدأت الصين منذ عام 2010 الاتجاه للعالمية عبر النسخة الثانية من العولمة Globalization 2.0 وأصبحت تمتلك التكنولوجيات والعقول والكفاءات اللازمة للتقدم بعيدا عن مراقبة وسيطرة الولايات المتحدة مما أذهل إدارة الرئيس السابق ترامب عندما وجد الصين تستثمر المليارات فى بناء مبادرة عالمية صينية جديدة هى مبادرة الطريق والحزام BRI والتى حاولت الصين من خلالها تنمية طرق التجارة العالمية فى كل من آسيا وأفريقيا وأوروبا عبر طريق الحرير القديم الذى يمر بدول وسط وغرب آسيا بالإضافة إلى الطريق التجارى المعروف الذى يمر ببحر العرب وشرق إفريقيا والبحر الأحمر وقناة السويس وشرق المتوسط . ولم تقتصر الصين على مبادرة الطريق والحزام بل حاولت التغلغل إلى الدول التى أهملتها الولايات المتحدة فى أفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية باتفاقيات تجارية مشتركة بعضها بالعملات المحلية لتسهيل عمليات التجارة البينية ، ثم طورت طريق التقدم ليتمد إلى الطاقة المتجددة التى أصبحت أهم روادها ثم الفضاء ثم الاتصالات بالوصول للجيل الخامس من الاتصالات 5G وبدء تجارب الجيل السادس 6G المخصص لاتصالات الفضاء . إن الصين وهى تحاول التعملق على حساب الولايات المتحدة سلكت طريقا يرضى حكام العالم فى آسيا وأفريقيا وأمريكا الجنوبية يعتمد على عدم التدخل فى الشئون الداخلية للدول التى تتعاون معها لتنفى عنها الفكرة الاستعمارية القديمة التى اتبعتها الدول الغربية إبان القرنين الماضيين من نهب ثروات العالم بالقوة .
إن الولايات المتحدة أيقنت الآن وبعد عشرين عاما من أحداث سبتمبر 2001 أن العدو الأول الآن ليس الإرهاب الإسلامى ولا الإسلام لكنه العملاق الصينى الذى سيأخذ زمام المبادرة عام 2028 ليصبح على قمة العالم . إن الولايات المتحدة تحاول الآن نفض الخيوط الشبكية القديمة فى أفغانستان والعراق وإيران وكوريا الشمالية وسوريا وليبيا لتتفرغ تماما للصين . الغريب أن الولايات المتحدة ولأول مرة منذ قرن أصبحت تتبع خطى الصين فنراها تقرر ميزانية بالتريليونات للبنية التحتية الإلكترونية مثلما فعلت الصين بل وتتبع كل خطوة تخطوها الصين مع أى دولة حليفة لتمسح آثار الخطوات الصينية مع تلك الدول الحليفة – وحتى غير الحليفة - بالممحاة لمنعها من التحكم فى سلاسل التوريد العالمية حتى لو كان المر عبر لقاحات فيروس كورونا المستجد .
الآن وبعد عشرين عاما أدركت الولايات المتحدة أن أحداث 11 سبتمبر 2001 كانت هدية تاريخية استراتيجية للصين وتحاول الآن التراجع عن كل أخطاء العشرين عاما الماضية ، ولكن هيهات أن تعود عجلة التاريخ للوراء مع تحول العالم إلى الثنائية القطبية مثلما كان قبل ثلاثين عاما ولكن باستبدال الاتحاد السوفيتى السابق بالصين الحالية .
إن العشرين عاما الماضية كلفت الولايات المتحدة الكثير ولكنها ستتكلف الكثير أيضا فى العشرين عاما القادمة لمنع الصين من السيطرة على العالم قبل عام 2049 وهو عام مرور مائة عام على الثورة الصينية والذى وضعت له الصين الخطط منذ عام 2013 لتمتد الخطط الاستراتيجية من مرحلة 1978-2028 إلى مرحلة 1978-2048 عبر سبعين عاما من الخطط الاستراتيجية المتتابعة الناجحة حتى الآن والتى تحاول الولايات المتحدة الآن وقفها بأى طريقة ممكنة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما الهدف وراء الضربة الإسرائيلية المحدودة في إيران؟|#عاجل


.. مصادر: إسرائيل أخطرت أميركا بالرد على إيران قبلها بثلاثة أيا




.. قبيل الضربة على إيران إسرائيل تستهدف كتيبة الرادارات بجنوب س


.. لماذا أعلنت قطر إعادة -تقييم- وساطتها بين إسرائيل وحماس؟




.. هل وصلت رسالة إسرائيل بأنها قادرة على استهداف الداخل الإيران