الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل أنا سكران؟

عادل صوما

2021 / 9 / 4
كتابات ساخرة


أقرأ أحيانا بعض الاخبار التي تجعلني أشك أنني أحلم أو سكران، ومنها ما قاله الشيخ أحمد ممدوح، مدير إدارة الأبحاث الشرعية وأمين فتوى دار الإفتاء المصرية، التي لم تزل وسوف تتحرك في مدار الفكرة الصحراوية المقدسة المعصومة عن المرأة وعفتها وكونها أكثر أهل جهنم عدداً.
بدا الأمين حديثه بأدة توكيد لأنه يملك الحقيقة المطلقة فقال :"إن دار الإفتاء المصرية لها رأي وبحث قديم في ترقيع أو رتق غشاء البكارة". أول القصيدة كفر كما يقولون في مصر، فقديماً لم تكن اجراءات ترقيع غشاء البكارة معروفة في المجتمعات الاسلامية خصوصاً في مصر بلد الشيخ، بل كان هناك حيل تلجأ إليها الخاطبة التي كانت عادة تصطحب العريس مع أمه في ليلة الدخلة، وكان يفض بكارة زوجته بإصبعه الملفوف بمنديل وهي تحت ملاءة السرير، ويخرج العريس أو الخاطبة وتقف على البلكون وتلوح بالمنديل ذي البقع الحمراء وسط الزغاريد وتهليل الاطفال واطلاق الرصاص ابتهاجاً.
جاءت فتوى الشيخ ممدوح، خلال بث مباشر لدار الإفتاء عبر صفحتها الرسمية على موقع "فيسبوك" ردا على سؤال لطبيبة نساء وتوليد، تقوم بعمليات ترقيع لغشاء البكارة لفتيات تم التغرير بهن، ويبدو أن الطبيبة التي مستها نفحة من الصحوة تلتمس فتوى تشرّع لها ما تقوم به لتنام مرتاحة الضمير وتردد مثل المصريين "بركة ياجامع إليّ جت منك ومجتش مني*".
أجابها الشيخ ممدوح: "في بعض الأحوال الترقيع مطلوبٌ ومشروعٌ أن يكون لفتاة تم اغتصابها أو تم التغرير بها وتريد أن تتوب وتفتح صفحة جديدة، ودار الإفتاء أفتت بجواز ذلك من باب الستر وليس فيه تغرير بأحد".
الضحية هي العاصية
الفتاة التي تم التغرير بها أو اغتصابها بالقوة يعتبرها الشيخ ممدوح "تريد أن تتوب وتفتح صفحة جديدة".
يا سلام ياجدعان على فهلوة و"ترقيع" الشيخ الذي يرى مستقبل أي فتاة تم اغتصابها هو العمل في الدعارة، فلن يقبلها رجل شرقي كزوجة لأن البكارة أساس الشرف، وليس طلب فتاة من الشباب أن يضاجعوها من الخلف أو مص .... لهم، للحفاظ على شرفها البيولوجي الموروث، أمّا إذا ارادت أي فتاة اغتُصبت ترقيع غشاء بكارتها لمواجهة مجتمع متخلف لن يسامحها على اغتصابها، فهي تريد التوبة عن معصية لم تفعلها وتريد فتح صفحة جديدة، حسب أمين دار الإفتاء.
الشيخ الجليل لم يوجه أي اتهام إلى الرجل المجرم المُغتصب، ولا إلى المجتمع الذي قاد تزمته ومحدودية آفاقه وفقره وتخلّف تفكيره وتمسكه بالشكليات، إلى زيادة نسبة التحرش والاغتصاب بشكل أكبر بكثير جدا مما كان قبل صحوة الموت الاسلامية.
سمعت شيخاً جليلا آخر من نجوم وسائل التواصل الاجتماعي وهو ينصح فتاة محجبة تشكو له تعرضها للتحرش: "ربما كان حجابك ملتصقاً بجسدك وأظهر مفاتنه، وربما كان حجابك لا يغطي كعب قدميك، أو كنت متبرجة وتضعين الحمرة على شفتيك أو الكحل حول عينيك، أو تمشين بخطوات فيها دلال فحدث ما حدث في نفس الفتى فتحرش بك، والله أعلم".
لا تجريم لأعراف المجتمع المنغلق الذي تؤدي سجونه النفسانية التي بُنيت في طفولة الانسان إلى التحرش والاغتصاب في الطبقات الفقيرة المعدمة، لأن الأغنياء يعرفون كيف ينفّسون عن شهواتهم.
بضمير مرتاح
أعود قبل أن أفيق من حلمي أو سكري إلى الشيخ ممدوح الذي يصّر على تجريم واتهام المرأة وحدها فيقول: "الستر مطلوب وإشاعة الفاحشة في المجتمع مرفوض، والإصرار على إذلال العاصي بمعصيته سد لأبواب الرحمة أمام الناس، وتأييس لهم من رحمة الله، وتشجيع لهم على ممارسة الرذيلة"، وطمأن الطبيبة السائلة لتنام بضمير مرتاح بقوله: "طالما لديَّ باب مفتوح أقلل به عثرة العاصي وآخذ بيديه فلا بأس في ذلك".
لم يزل الشيخ يصر على اتهام المرأة أنها العاصية رغم أنها في الحالات التي يتحدث عنها ضحية مُعتدى عليها، وهو يعتبر فقدانها لعذريتها إشاعة للفاحشة في المجتمع، ودفعه تبحره في "علوم الدين" إلى رفض إذلالها بمعصيتها، رغم أنها لم تراود أحد عن نفسها بل إغتُصبت غصباً عن إرادتها، ولذلك يجب الستر عليها بعملية ترقيع غشاء بكارتها، كما يرى الشيخ العالِم، لكنه يصّر أنها عاصية يجب الأخذ بيدها ولا بأس في ذلك.
لا تجريم للرجل المعتدي بل المرأة هي دائما العاصية.
على عادة الشيوخ في إلقاء قنابل بلاغية في فتاويهم ختم أحمد ممدوح فتواه القيمة بقوله: "هناك بعض الحالات حرام فيها شرعا رتق غشاء البكارة".
من أين أتى أحمد ممدوح بهذا الرأي الذي لم يرد في كتب الحديث الأساسية حيث لم يرد ترقيع غشاء البكارة في الصحيحيّن أو غيرهما؟ هذه اشكالية "الترقيع" في مجتمع حديث بأعراف وأساطير قبائل عاشت منذ 1400 سنة.

* هذا المثل كان يُقال قديماً عندما كان المسلم في المدن الصغيرة والقرى يذهب للصلاة ويجد الجامع مغلقاً فيعود إلى منزله ولا يفكر بالذهاب إلى مسجد آخر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - استفسار رجاءً
عبد الفادي ( 2021 / 9 / 4 - 22:42 )
استاذ عادل مفهوم ان ترقيع البكارة هو عمل إنساني لستر الفتاة المغتصبة ، لكن ما فائدة ترقيع بكارات الحوريات في الجنة حيث يقول المفسرون لسورة يس 55 (إن اصحاب الجنة في شغل فاكهون) اي ان اهل الجنة منشغلين في فض بكارة الحوريات وكلما جامعوا نساؤهم عدن ابكارا ، فما الحكمة من إعادة البكارة الى الحوريات وهم لم يجامعوا في الجنة غير ازواجهم ؟ فإن كانت حجة البشر على الأرض هو الستر فما هي حجة الذي يعيد البكارة في الجنة ؟ اليس هذا تفكير شخص خائف ومهووس بفكر خيانة الزوجة حتى يفكر بإعادة بكارتها في الجنة ايضا ؟ تحياتي

اخر الافلام

.. المخرج الاردني أمجد الرشيد من مهرجان مالمو فيلم إن شاء الله


.. الفنان الجزائري محمد بورويسة يعرض أعماله في قصر طوكيو بباريس




.. الاخوة الغيلان في ضيافة برنامج كافيه شو بمناسبة جولتهم الفني


.. مهندس معماري واستاذ مادة الفيزياء يحترف الغناء




.. صباح العربية | منها اللغة العربية.. تعرف على أصعب اللغات في