الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما السبيل الى التنوير

محمد رياض اسماعيل
باحث

(Mohammed Reyadh Ismail Sabir)

2021 / 9 / 8
المجتمع المدني


التنوير، كلمة تسمعه بكل اللغات، هو الأساس لترتيب البيت النفسي للإنسان، وبناء الشخصية القويمة، تلك التي ترقي المجتمع وتنتشله من الجهل والشعوذة.
التنوير لا يكون بالادعاء وهو ليس خصلة شخصية، فالذي يدعي بانه متنور ليس بمتنور، ان الانسان يدعي لنفسه كل القيم التي تُحمَد في المجتمع، وفي الوقت نفسه يبرئ ساحته من كل الصفات السيئة كالغرور، فهل يعقل ان يقول شخص مغرور عن نفسه بانه مغرور؟ لكن البشر تدعي الصفات الحميدة والنبيلة والنباهة والفطنة في الوقت عينه، تماشيا مع تقدير المجتمع لقيمة هكذا صفات. هذه خوارزمية صممت كأساس لوظيفة العقل البشري في الحفاظ على صاحبه وحمايته بكل طاقته، ويهدف في النهاية للسعي لبقاء النوع البشري منذ تواجد الانسان على الأرض، خصوصاً في المجتمعات التي تقدر القيم.
التنوير عملية مرتبطة بالزمن، والتنوير متشعب الخصوص، ويفترض ان نسأل المتنور، باي خصوص قد تنور؟ لنتناول ذلك بعقلانية، انا مثلا اقول بأنني متنور بعلاقتي مع الاخرين، اي ان لي صور عن الاخرين، وهي وقعت في عقلي لسنوات عديدة وكونت فكرة عنها، والاخرين يفعلون نفس الشيء معي. ثم تنشأ هذه العلاقة بيننا. حين اقول بأنني متنور عن العنف، يفترض ان أكون متنوراً على كل مسيرة العنف، ارى نشوئه وتطوره، أرى كيف يبدو الحزن الناجم عن العنف، لذلك تنورت، فانا متنور عن العنف. فالتنوير عملية مرتبطة بالزمن. للتفريق بين التنوير والاضاءة الداخلية نتناول الاتي:
التنوير عملية تدريجية للخبرة والمعرفة والجري الثابت في مسيرة الشخص من الماضي الى الحاضر ثم الى المستقبل، اذن السؤال هو: هل ان التنوير (اعلى مرتبة للارتقاء)، هو مسألة وقت اي مرهون بالزمن؟ هل هي عملية تدريجية اي عملية تطور تدريجي؟ إذا كان كذلك، اذن وجب ان نفهم طبيعة الزمن او بمعنى اخر فهم الهيكل النفسي الذي يتقبل الزمن، كأن تقول انا لدي امل وطموح ان أصبح كذا وكذا، فالرغبة التي هي جزء من الآمال والطموح ستقول يجب ان تصبح كذلك. ان تضئ ظلام النفس وتبصر طريقك للمضي بينها الى الهدف. مثل الغرفة المظلمة، التي تحوي موجودات ونفائس التحف لا تراها، والاضاءة تجعلك ان ترى اشكال الموجودات ومواقعها، ثم تبصر الطريق لتنظيم البيت وتتنور على المسارات السليمة وتدرك دالة وقيمة تلك النفائس، ثم تمضي دون ان تحطم الموجودات والتحف الثمينة، لأنك متنور بكل مفرداتها عبر الخبرة والمعرفة الكفيلتين بالزمن.
المتنور لا يدعي بانه تنور انيا ولحظياً! فاذا قال ذلك فهو غير متنور ومشعوذ، لان التنوير يحتاج الى المعرفة عبر الزمن، اي ينمو في العقل تدريجيا مع الزمن لحين النضوج. السؤال الاخر هو: هل التنوير الذي هو على المستوى العالي في العقل، يجعل صاحبه منفذا فوريا للفكرة المنورة، ام انه سيتعرض الى خصومة او خلاف او صراع للإنجاز؟ او بعبارة أخرى هل التنوير الأعلى، يتجذر في العقل ويجعل لقابليات الإنسان ان يحقق الفكرة المنورة مع الزمن، ام انه فعل آني فوري؟ اي إما يكون او لا يكون. عندما يتجذر ال (يكون) في العقل، سيجعل قابلياتك كلها مع الزمن ان يحقق الفكرة المنورة. لنقل انا عنيف، وسوف اكون غير عنيفا (مسالم)، إذا تجذرت فكرة العنف في العقل توجهت الفكرة الى اتجاه معين، لتبدأ بوضع الخطط، سأذهب الى طبيب نفسي، اتدرب، سوف افعل كذا وكذا واتناول العلاج .... اي تُكَونْ شيئا عكس الفكرة وهو عدم العنف. الحقيقة هنا هو العنف، وانت تخلق الضد له وهو اللاعنف (السلام). اذن الحقيقة هي ليست السلام بل العنف. القيمة الفعلية هي في الحقيقة، وغير ذلك ليست ذا قيمة. لمراقبة كل انواع حركة العنف في نفسك كالغضب، الكراهية، الغيرة، المنافسة وغيرها، لكي تراقب بدون اية رد فعل او حركة، إن فعلت ذلك فان العنف سينتهي. والمراقبة او الملاحظة هي الفعل المباشر للمعرفة.
حرر فكرك السيكولوجي وجهازك العصبي من عبئ الماضي الثقيل (ملايين السنوات)، لترى الاشياء بوضوح، لكي تتصرف وتفعل شيئا بشكل مباشر (فعل عقلاني ومنطقي)، إذا قلنا ان الحقيقة لا يمكن انجازها خلال زمن، لن يمكن انجازها، انه اما ان يكون هناك او لا يكون.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عاجل.. مجلس الأمن الدولي يفشل في منح العضوية الكاملة لفلسطين


.. رياض أطفال بمبادرات شخصية بمدينة رفح تسعى لإنقاذ صغار النازح




.. مندوب السعودية بمجلس الأمن: حصول فلسطين على عضوية كاملة في ا


.. فيتو أمريكي يسقط مشروع قرارا بمجلس الأمن لمنح فلسطين العضوية




.. السلطات الإسرائيلية تفرج عن عدد من الأسرى الفلسطينيين من سجن