الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قدسية الحدث في إلى ظريف الطول ..حيثما كان- عبد السلام عطاري

رائد الحواري

2021 / 9 / 8
الادب والفن


قدسية الحدث في
إلى ظريف الطول ..حيثما كان"
عبد السلام عطاري

أَطلِقْ في الرِّيحِ جَناحَيْكَ،
أنتَ البُرَاقُ الذي سَرَى،
وَعُبَّ من أوكسجينِ البلادِ ما اسْتَطَعتَ،
هذا وجهُ أُمِّكَ ضوءُ الطَّريقِ،
ودعاءُ الفجرِ في رئتيكَ يحملُكَ؛
اكتمه حتَّى ترى.
هناكَ دربُ الصوانِ يَعرِفُكَ،
حنونةٌ عَلَى قدَمَيكَ حِجارةُ البِلادِ،
وحنُّونُها عِطرُكَ،
توضَّأ بالنَّدى،
وولِّ وجهَكَ شطرَه،
واتبَعِ النَّجمَ،
ما ضلَّ سَارِي الفجرِ ما نوى،
اقطفْ من ثمرِ الطَّريقِ،
ذقْهُ،
بِطَعمِ الأرضِ،
بِشَهدِ السّدرِ،
وارمِ على المرجِ قبلةً؛ قُبلَتَيْنِ،
فهذا العِناقُ للأرضِ فريضةٌ،
واستوِ على الجودي يا بيرقَ النَّفقِ
في آخرِه نورًا كان، وسيظلُّ يرى "
الحدث الكبير يُعطى صفة تتناسب وأهميته/والأثر الذي يتركه، وبما أننا عيش في زمن الأقزام الخاضعين المستسلمين للواقع، فإن أتباع الحق يبحثون/يتشبثون بأي فعل يبقيهم على (دينهم)، وليحافظوا على إيمانهم، من هنا جاءت قصيدة "عبد السلام عطاري" بصورة دينية/إيمانية تجمع بين ما هو أرضي وما هو سماوي.
يفتتح الشاعر القصيدة بفعل الأمر "أطلق" والذي يوجهه للمخلص/لصاحب الكرامة التي وجد فيها مبتغاه:
أطلِقْ في الرِّيحِ جَناحَيْكَ، "
أنتَ البُرَاقُ الذي سَرَى،"
كان من المفترض أن يتلقي الشاعر الأمر لا أن يصدره، فهو من يحتاج إلى (مقوي/طاقة/إيمان) وليس المخلص، صاحب الكرامة، وهذا يعود إلى استعجاله ولهفته للخلاص، وكأنه يطالب (الله/المقدس/المخلص) بسرعة تحقيق أية/كرامة/معجزة تساعده على ثباته وبقاء إيمانه.
نلاحظ وجود مجموعة ألفاظ لها علاقة بالسماء: "الريح، جناحيك، البراق، سرى" وهذه أشارة إلى سماوية/رفعة الحدث، ونلاحظ أن الرفعة/العلو تنسب للفاعل/لمن قام بالحدث: "أنت البراق" وهذا يأخذنا إلى معجزة المعراج وإلى سورة الإسراء، وكأن الشاعر يريد أن يربط بين حدثين، بين ما قام به النبي محمد وبين من قام/موا "أطلق في الريح جناحيك".

" وَعُبَّ من أوكسجينِ البلادِ ما اسْتَطَعتَ،
هذا وجهُ أُمِّكَ ضوءُ الطَّريقِ،"

في المقطع الثاني نجد أيضا فعل الأمر "وغُب"، وكذلك الفاظ سماوية نقية: "أوكسجين، ضوء، دعاء" لكن، هذه لاالسماوية/الرفعة متعلقة بالبشر، من هنا نجد "أوكسجين، وجه، ضوء" ونجد أن المكان/الارض حاضرة: "البلاد، الطريق" وهذا يستدعي التوقف عنده، فمن المفترض أن يبدأ الحديث عن الأرض/الأرضي، ومن ثم التحليق/"أطلق جناحيك" في السماء، لكن (تغريب) الحدث واعكسه يشير إلى (لهفة) الشاعر للسماء، لهذا قدمها على الأرض التي أفقدها الأقزام سمة الإيمان/القدسية، فحاجته للمخلص/للنبي دفعته لتقديم السماوي على الأرضي.
ونلاحظ أن الشاعر يعطي المخلص طاقة وقوة من خلال: "هذا وجه أمك ضوء الطريق" فبدا وكأنه هو من يعطي التعليمات/الطاقة/القوة وليس هو من يريدها ويحتاجها، وهذا يشير إلى رغبته/حاجته إلى التوحد من المخلص/السماوي، لهذا جعل من نفسه (معلم/موجه) له.
إذن فعل الأمر الذي يوجهه الشاعر للمخلص له علاقة به شخصيا، فهو الذي يرغب ويريد أن يلحق ويتبع ويتوحد بالمخلص، من هنا يتحدث عن حاجاته/رغباته هو وليس رغبات المخلصن، من هنا سنجد أن الشاعر يتجه إلى ما هو ارضي/بشري:
" ودعاءُ الفجرِ في رئتيكَ يحملُكَ؛
اكتمه حتَّى ترى"
فهو من يحتاج دعاء الفجر، ووجه أمك، لهذا نجد الفعل يتحول من "حلق" إلى "يحملك" فالأول متعلق بالسماء، والثاني بالأرض، لكنه أيضا فعل مريح للمحمول، ويساعده على قضاء حوائجه، ورغم أن الحديث يدور عن الأرضي/البشري، إلا أن الألفاظ الإيمانية ما زالت حاضرة: "دعاء الفجر" وهذا يشير إلى أن سمية الإيمان/القدسية فاعلة ومؤثرة في الشاعر، وعلى حاجته لها.
ونلاحظ أن الشاعر يجمع بين وقت الحدث/"الفجر" ويربطه بالآية القرآنية "إن قرآن الفجر كان مشهودا" والآية "والفجر وليال عشر" بمعنى انه يؤكد على قدسية الآية والحدث معا.
هناكَ دربُ الصوانِ يَعرِفُكَ، "
حنونةٌ عَلَى قدَمَيكَ حِجارةُ البِلادِ،
وحنُّونُها عِطرُكَ،"
أفعال الإيمان تحتاج إلى أعمال ومجهود من المؤمن: "حجارة، صوان" ولها علاقة بالأرض/بالمكان وتكون عليها: "درب، البلاد"، لكن رغم الجهد والشدة إلا أن المؤمن يشعر بلذة التعب/المجهود الذي يبذله، والذي سيرفعه إلى السماء، من هنا نجد محفزات/مرغبات للسير في الدرب الموصل إلى السماء: "حنونة، حنوتها، عطرك"
يستمر الشاعر في استخدام التناص القرآني حتى أنه يتوحد معه:
" توضَّأ بالنَّدى،
وولِّ وجهَكَ شطرَه،
واتبَعِ النَّجمَ،
ما ضلَّ سَارِي الفجرِ ما نوى،"
هناك حضور لأكثر من آية قرأنية في هذا المقطع، "فولوا وجوهكم شطر المسجد الحرام، والنجم إذا هوى، ما ضل صاحبكم وما غوى، وهذه اشارة إلى حالة التماهي/التوحد التي ينشدها الشاعر، وإلى رغبته بالوصول إلى الذروة، الكمال، من هنا يلجأ إلى تكثيف الاستشهاد بالقرآن الكريم الذي يحاتجه في رحلته، رحله من يريدهم أن يرتفعوا إلى السماء.
وإذا ما تقفنا عند ما جاء في السابق، نجد أن هناك تركيز على الوقت، الذي نجده في "الفجر، بالندى" وهذا متعلق بالحالة الإيمانية التي يبدأ بها المؤمن التوجه إلى الله قاصدا رضاه، بالوقت الذي يتوجه به إلى العمل، من هنا سنجد أفعال يريدها الشاعر من المخلص:
"اقطفْ من ثمرِ الطَّريقِ،
ذقْهُ،
بِطَعمِ الأرضِ،
بِشَهدِ السّدرِ،"
نلاحظ ان نتيجة العمل متعلقة بخير الأرض: "الطريق، الأرض"، وأن نتيجتها طيبة الطعم والرائحة: "أقطف، ذقه، بطعم، بشهد" وهذا اشارة غير مباشرة إلى أن نتيجة التعب والدرب/"حجارة/صوان" ستكون سعادة وفرح.
يختم الشاعر القصيدة بمقطع ارضي، عاطفي، إيماني:
" وارمِ على المرجِ قبلةً؛ قُبلَتَيْنِ،
فهذا العِناقُ للأرضِ فريضةٌ،
واستوِ على الجودي يا بيرقَ النَّفقِ
في آخرِه نورًا كان، وسيظلُّ يرى"
فالأرض حاضرة في: "المرج، الأرض، واستو، جودي"، والعاطفي موجود في: "العناق، قبلة، قبلتين" والإيماني/السماوينسمعه ونراه في: "يبرق، نورا، يرى" وبهذا تكتمل حلقة الإيمان، بمعنى أن المخلص وصل إلى الذروة، الحلول والتماهي، فالأرض وما فيها تتماهى مع السماء، والمخلص يتماهي فيه الحب/العشق مع الإيمان، وهو والسماء والأرض يتوحدون معا ليكونوا/ليحدثوا معا: "نورا يرى"، فالخاتمة ناصعة البياض تؤكد على أن النجاح/الفوز بالجنة/بالفردوس قد حصل وأصبح حقيقة.
القصيدة منشورة على صفحة الشاعر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حفل تا?بين ا?شرف عبد الغفور في المركز القومي بالمسرح


.. في ذكرى رحيله الـ 20 ..الفنان محمود مرسي أحد العلامات البار




.. اعرف وصايا الفنانة بدرية طلبة لابنتها في ليلة زفافها


.. اجتماع «الصحافيين والتمثيليين» يوضح ضوابط تصوير الجنازات الع




.. الفيلم الوثائقي -طابا- - رحلة مصر لاستعادة الأرض