الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الواقع والخيال في قصيدة -الصعود إلى الشمس- جمال طرايرة

رائد الحواري

2021 / 9 / 11
الادب والفن


الواقع والخيال في قصيدة
"الصعود إلى الشمس"
جمال طرايرة
"في زمن الصعود الى الشمس
ستةٌ سابعهم حرية وثامنهم ارادة
باتجاه المجد ساروا
من حفرةٍ في باطن الارض
حرقوا الوهم زرعوا اليقين
حرّضوا الريح،جنْدوا السنابل
والارادة والملاعق
ولم ينتظروا الفيالق
سواعدهم مطارق
والعيون قناديلٌ تضيء المفارق"

أن تتفتح القصيدة بحدث أبيض "الصعود إلى الشمس" فهذا يحفز القارئ على التقدم من القصيدة لمعرفة المزيد من التفاصيل/حيثيات عن هذا الصعود، ونلاحظ أن الشاعر يستخدم "الصعود" الذي يحمل المشقة، وليس تحليق/طيران/انظلاق، كاشارة على الجهد المبذول، فالصعود يحتاج إلى جهد وتعب ومشقة، وبهذا يكون فعل الصعود خارق، لأنه جاء بعد جهد، ولأن التفكير بالصعود إلى الشمس يمثل حالة (جنون) لا يتقبلها العقل، وهذا ما يجعل فاتحة القصيدة مثيرة وتستدعي التوقف عندها.
ينقلنا الشاعر مباشرة إلى التناص مع سورة الكهف والفتية الذين أمنوا بربهم، لكنه يغرب ثامنهم ويجعله مؤنث "حرية" وهذا أيضا يستدعي مجموعة أسئلة: "ما هو الحدث الذي جعل الشاعر يحول "كلبهم إلى "حرية"؟، ولماذا يركز يركز على العدد، ستة، سابعهم، ثامنهم؟، ما علاقة الحرية والإرادة بالفتية؟" كل هذا الأسيلة تجعل القصيدة مثيرة للقارئ، الذي سيتشوق لمعرفة المزيد عن "الصعود إلى ىالشمس.
في المقطع الثالث يبدأ الشاعر في تناول بعض التفاصيل: "باتجاه المجد ساروا" وهذا الطرح المثير يجعل القارئ يتقدم أكثر من القصيدة لمعرفة ما يحدث، فما يقدمه الشاعر ما زال شبه مبهم، والحدث/الفعل المتعلق بالستة غير واضح، من هنا يكشفه لنا من خلال: "من حفرة في باطن الأرض حرقوا الوهم زرعوا اليقين" نلاحظ أن الشاعر يكشف لنا مكان الصعود: "من حفرة في باطن الأرض" وهذا يفسر لماذا استخدم لفظ "الصعود"، وليس لفظ آخر، فالصعود يكون من مكان منخفض/حفرة إلى مكان مرتفع، بينما التحليق/الانطلاق يحتاج إلى مرتفع أو مستوي، وهذا يشير إلى دقة استخدم الشاعر للالفاظ وتكاملها مع فكرة الحدث الذي يقدمه.
بعد أن حفروزا وصعدوا يحدثنا عن الأثر الذي تركه فعل الصعود: "حرقوا الوهم زرعوا اليقين" نلاحظ أن هناك فعل قاسي"حرقوا" يقابله فعل أبيض "زرعوا"، الأول متعلق بالخيال/"الوهم"، والثاني متعلق باليقين، بالمكان "بالارض" وبما ان الأول فعل ينفر القارئ، فإنه بالنتيجه سينفره من متباعة المحروق:"الوهم"، بينما الفعل الثاني"زرعوا" ينعش المتلقي ويفرحه، وهذا يجعله ينحاز إلى الزراعة/"اليقين" إلى الارض ومن يزرعها وما يُزرع فيها، وإذا أخذنا التناقض بين المحروق/الوهم، والمزروع/اليقين" نصل إلى الناحية/الاتجاه/المكان الذي يردينا الوصول إليه، وهو اليقين/الأرض، وبهذا يكون الشاعر ـ بطريقة غير مباشرة ـ قد قرب القارئ من القين/الارض وحببه فيها.
بعد أن كشف لنا الشاعر طبيعة الحدث/حفروا، وبعد أن تحدث بواقعية، وقدم للقاري بعض التفاصيل، يعود إلى فنية القصيدة، مستخدما المجاز: "حضروا الريح، جندوا السنابل، والارادة والملاعق" فنحن هنا أمام أشياء محيرة، فالريح والسنابل بينهما علاقة، لكن الملاعق ليس لها اي علاقة، لا بالحفر ولا بالسنابل ولا بالريح، فهي عنصر/شيء خارج المجموعة، وليس لها علاقة حتى بالارادة، وهذا يثير المتلقي كما اثاره عندما حول المذكر "كلبهم" إلى مؤنث "حرية".
يوضح هذه الحيرة من خلال: "ولم ينتظروا الفيالق" وهذا يكشف حقيقة وجود "الملاعق"، ودورها كوسيلة "حفر وتهيئة للصعود إلى الشمس".
ونلاحظ أن الشاعر بدأ يقرع آذن القارئ بحرف القاف، الموجود في "الملاعق/الفيالق" وكأنه يقول له توقف عن إيقاع الكلمة ولا تمر عليها مرور الكرام، فرغم أنه يتحدث عن عناصر متباعدة وغير منسجمة، إلا أن إيقاع الكلمة تدفع المتلقي للتوقف والتأمل فيما يقدم له.
كما استخدم حالة التناقض/التباعد بين الوهم واليقين، يستخدم الشاعر واقع الحدث مع التخيل، ففي المقطع السابق كان الحدث واقعي: "لم ينتظروا الفيالق" لكنه هنا يستخدم المجاز" سواعدهم مطارق، والعيون قناديل تضيء المفارق" فقد حول ما هو بشري/سواعد إلى جماد/"مطارق" لكن هناك جامع في المعنى بين "السواعد" القوية "والمطارق" القاسية.
لكن في حالة العيون يقلب فعل العين/العيون فيجعلها تضيء بدل جعلها متلقية للضوء ومتاثرة به، كما أنه يعطيها فعل خارق "تضيء المفارق"، وهذا التناول له علاقة بفاتحة القصيدة التي تحدثت عن الصعود إلى الشمسن، فجاءت الخاتمة "والعيون قناديل تضيء" كنتيجة للطاقة/للنور/للأشعة التي حصل عليها الصاعدون إلى الشمس، فأصبحت عيونهم تضيء وتستخدم كقناديل للمفارق.
القصيدة منشورة على صفحة الشاعر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/


.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي




.. إيهاب فهمي: الفنان أشرف عبد الغفور رمز من رموز الفن المصري و


.. كل يوم - د. مدحت العدل يوجه رسالة لـ محمد رمضان.. أين أنت من




.. كل يوم - الناقد الرياضي عصام شلتوت لـ خالد أبو بكر: مجلس إدا