الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
ليلة سقوط البيجيدي
حسن سمر
باحث في الفلسفة السياسية
(Hassan Soumer)
2021 / 9 / 11
مواضيع وابحاث سياسية
ستبقى ليلة الأربعاء الثامن من شتنبر محطة بارزة في تاريخ السياسة بالمغرب. هي انتخابات ليست كباقي الانتخابات، هي أشبه بديربي البرنابيو بين البارصا والريال في ليلة من لياله المشرقة. ليلة تحَمل الجمهور المحلي والإقليمي والعالمي تفاصيلها ودقائقها كأنها لحظة الضربة الجزاء الأخيرة، ضياعها يعني ضياع الفريق وخروجه من المنافسة. هي ليلة الريمونتدا التاريخية في العملية السياسية المغربية.
ليلة استطاعت الحمامة أن تخلق المفاجأة الكبيرة. فغنت من السماء "يا حمامة طارت طارت للعالي تشكيلو يا زهري يامّا واش ندنّيلو..ّ لتطفئ ما بقي من نور المصباح الذي كان أصلا لا يصل ضوءه إلا لأهله من الأقارب والأصهار...، فإذا كانت الانتخابات قد سجلت أهم مرحلة سياسية ببلادنا فإن ذالك راجع أولا إلى وعي المغاربة بأهميتها في إحداث الفارق وتغيير الوضع الاجتماعي والاقتصادي إلى الأفضل. فحتى أكثر المتشائمين لم يكن يتوقع تلك الهزيمة النكراء، التي تعرض لها حزب قاد الأغلبية الحكومية لمدة عشر سنوات. فاحتلاله للمركز الثامن وطنيا كان صدمة لمن كان يدعمهم ومن يعارضهم. هي ليلة حمل فيها حزب العدالة والتنمية على ظهور النكّافات إلى موقع المعارضة التي قد لا يحدث تموقعه فيها أي تأثير سيذكر. كيف سيؤثر وهو حاصل فقط على ثلاث عشر مقعد.
إنه عقاب شعبي جماعي للحزب. لقد اتفق الجميع أن العدالة لم يكن حريصا على تحقيق العدل، ولم يحدث أية تنمية تنمي من رصيده الجماهيري. بالعكس أحدث جروحا خادشة في طبقة كانت هي المساند الأساس له، هي الطبقة الوسطى. وهنا نتسأل لماذا لم تهتم الحكومة السابقة بهذه الفئة ولماذا لم تصغي يوما للأسئلة التي تصلها من الشعب؟. لقد انتقمت من مورديها فمكان منه إلا أن رد الصاع صاعين.
هو درس إذن من الماضي للمستقبل. درس يحمل الكثير من الدروس التي يجب علي الأحزاب السياسية أن تفهمه وتستوعبه جيدا، فلكي تبقى كبيرا في عيون الشعب يجب أن تكون حذرا من الوقوع في الوحل الذي قد يكلفك سنوات من الزمن لتخرج منه. لقد كان عرسا سياسيا بامتياز، ويحسب للدولة أنها كانت حيادية في العملية الانتخابية بحيث لم تدعم أحدا، ولم تتدخل أثناء الحملة الانتخابية فبقيت تنتظر من بعيد ما ستأتي به صناديق الاقتراع.
بالإضافة إلى أنها حافظت على النموذج المغربي الإقليمي، بحيث كان الشعب قد عبر عن رأيه ومارس حقه في الانتخاب وكانت الصناديق هي الفيصل حينها في 2011 في عز ما كان يسمى بالربيع العربي. فكان خيرا على العدالة والتنمية واستطاعوا الفوز بالانتخابات من الشعب. وبعد عشر سنوات تقدم الحزب نفسه للمنافسة، رغم أنه كان يظهر عليه نوع من الضعف والتشتت لكن لم يكن أحدا ينتظر النتيجة المذلة عندما تم فرز الأصوات ولم يحصل الحزب حتى على نصف المقاعد التي حصل عليها في سنة 2016.
هي إذن، رسالة صريحة وواضحة لحزب العدالة والتنمية وغيره من الأحزاب مفادها أن الشعب لا يتأثر بالتسبيح والسماوي والجلباب واللحايا والخطاب المدهون بالكوفيتير...، رسالة تقول لهم أن تسيير الشأن العام منطقه هو خطاب السياسة بالسياسة، وليس الخطاب العاطفي للهروب من الواقع. فعندما تدبر الشأن العام فمعناه أنك تدبر الشأن الدنيوي ويجب أن تحسن تدبيره بعيدا عن الايديولوجيا والمرجعيات. لأن هذه العناصر تختلف من فئة إلى أخرى ومن شخص إلى آخر. والثابت المشترك هو الواقع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي. لذلك على الحزب إن أراد أن ينتشي ولو القليل من هواء الثقة من الشعب العودة إلى إنتاج خطاب سياسي محض. تكون غايته إنتاج نظرة شمولية للواقع السياسي بعيدا عن الحسابات والخطاب الصبياني. واعتماد مفاهيم سياسية راقية بدل "الكوفيتير" "وتنكّافت" و"التماسيح والعفاريت".
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. الشيف عمر يجهز أشهى برياني وكبسة ومندي شغل أبو راتب ????
.. الذيل أو الذنَب.. كيف فقده الإنسان والقردة قبل ملايين السنين
.. في تونس.. -الانجراف- الاستبدادي للسلطة يثير قلق المعارضين •
.. مسؤول أميركي: واشنطن تنسق مع الشركاء بشأن سيناريوهات حكم غزة
.. إسرائيل تعلن القضاء على نائب قائد وحدة الصواريخ في حزب الله