الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
قبل 11 سبتمبر وليس بعده؟!
سعيد علام
اعلامى مصرى وكاتب مستقل.
(Saeid Allam)
2021 / 9 / 12
مواضيع وابحاث سياسية
الفرق الوحيد .. قبل 11 سبتمبر كان الضغط يمارس للحصول على موافقة الدول على تنفيذ سياسات العولمة، بعد 11 سبتمبر اصبح فرض هذه السياسات لا يحتاج الى موافقة الدول!
ان محاولات تحرير الاسواق فى انحاء العالم "العولمة الشركاتية"، بدأت من اوائل سبعينات القرن الماضى، (فى مصر السادات اطلق عليها فى عام 1974 "الاصلاح الاقتصادى")، وتم فرض الشروط من قبل منظمة التجارة العالمية، ثم "العلامة التجارية" التى يرفق بها قروض صندوق النقد الدولى – الخصخصة، والحد من دور الحكومة، والوقف الحاد للانفاق الاجتماعى -، كان يتم ممارسة الضغط على الدول للخضوع لهذه السياسات، وقد اعطت احداث 11 سبتمبر لواشنطن الضوء الاخضر لكى تتوقف عن سؤال الدول اذا كانت راغبة فى النسخة الامريكية لـ"التجارة الحرة والديمقراطية" ام لا، وتباشر فرضها بقوة الصدم والترهيب العسكرية.
لقد احتاجت الراٍسمالية الى قوة دفع لاجتياح العالم، وكان استغلال الكوارث والازمات جوهر تلبية هذا الاحتياج وفقاً لنظرية ميلتون فريدمان "العلاج بالصدمة" النظرية الاقتصادية المؤسسة، والتى بدأ محاولات تطبيقها من بداية سبعينات القرن الماضى، وما حدث مع العراق او اعصار كاترينا فى نيو اورلينز لم يكن اختراعاً ابتكر بعد 11 سبتمبر، بل ان تلك الممارسات الوقحة جاءت تتويجا لثلاثة عقود سابقة من ممارسة "العلاج بالصدمة الاقتصادية".
قبل 11 سبتمر كان يتم الضغط باسلحة القروض لخروج الدول من ازماتها، لتطويع السياسات الاقتصادية لهذه الدول، ولم يكن على هذا القدر من العنف السافر، ففى امريكا اللاتينية وافريقيا والنمور الاسيوية فى الثمانينات، ازمة التضخم والديون الكبيرة هى التى قادت الدول للاختيار بين "اما الخصخصة، اما الموت"، وافقت حكومات القارتين على "المعالجة بالصدمة" لتنفيذ شروط صندوق النقد للحصول على القروض.
ومع العلاج بالصدمة الاقتصادية لابد ان تتوفرادوات واجواء للقمع والترويع لتمريرها، ففى الارجنتين، فى فترة السبعينات، شكل "الاختفاء" المفاجىء لثلاثين الف شخص، كان معظمهم من الناشطين اليساريين، على يد الطغمة العسكرية، جزء لا يتجزأ من عملية فرض سياسات "مدرسة شيكاغو" على البلد، تماماً كما اعمال الرعب التى لازمت النوع نفسه من التحول الاقتصادى فى تشيلى، وفى الصين فى عام 1989، كانت الصدمة الناجمة عن مجزرة ساحة تيانامين وما تلاها من توقيفات بحق عشرات الالاف من الناس، هما اللذان حررا يدى الحزب الشيوعى كى يقوم بتحويل معظم البلد الى منطقة تصدير واسعة النطاق اكتظ بالعمال الذى غلبهم الرعب الشديد، فمنعهم من المطالبة بحقوقهم. وفى روسيا فى العام 1993، كان قرار بوريس يلتسن ارسال دبابات لقصف مبنى البرلمان وحجز قادة المعارضة، هو الذى مهد الطريق امام الخصخصة الجنونية؛ التى انتجت طبقة الاقلية الحاكمة (الاوليغارشيا)، ذائعة الصيت.
ان حرب جزر الفولكلاند فى العام 1982، خدمت هدفاً مماثلاً لدى مارغريت تاتشر فى بريطانيا: سمحت هذه الفوضى والحماسة القومية الناتجتان عن الحرب، باستخدام قوة هائلة لسحق عمال معامل الفحم المضربين، واطلاق حملة الخصخصة المسعورة لاول مرة فى دولة ديمقراطى غربى. وقد انتج هجوم قوات حلف شمال الاطلسى، "الناتو"، على بلغراد فى العام 1999، الظروف المواتية لخصخصة سريعة فى يوغسلافيا السابقة، وهو هدف سابق لنشوب الحرب. لم يكن الاقتصاد، فى اى حالة من الحالات، هو السبب الوحيد الذى حفز نشوب هذه الحروب، الا انه كان فى كل مرة، يتم استغلال الصدمات الجماعية الكبرى من اجل وضع الاسس اللازمة للمعالجة بالصدمة الاقتصادية.
تواجدت بالطبع، حالات تم فيها اعتماد سياسات السوق الحرة على نحو ديمقراطى، ويعتبر رونالد ريغن فى امريكا، خير مثال على ذلك، كما نيكولاى ساركوزى فى فرنسا، وبرغم ذلك واجه مطلقو حملة السوق الحرة ضغطاً شعبياً واضطروا الى تعديل خططهم الاصلية وتطبيعها، بقبولهم اجراء تغيرات تدريجية بدلاً من انقلاب كامل.
بيت القصيد، انه فى ظل نظام ديمقراطى، فان الشروط القاهرة مطلوبة فى سبيل تطبيق الرؤية الاصلية لمعالجة الازمة بالصدمة الاقتصادية بدون قيود – كما حصل فى تشيلى فى السبعينات، وفى الصين فى اواخر الثمانينيات، وفى روسيا فى التسعينات، وفى الولايات المتحدة بعد 11 سبتمبر 2001 -، كان لابد دائماً من توافر حالات اضافية من الصدمات الجماعية الكبرى؛ حالات تؤجل الممارسات الديمقراطية بشكل مؤقت، او تصدها بشكل نهائى. وقد نشأ هذا الفتح الايديولجى فى الانظمة الاستبدادية فى امريكا الجنوبية، وفى اكبر الاراضى مساحة التى استعمرت مؤخراً – روسيا والصين -، وهو لا يزال فى افضل حالاته فى تلك البلدان، كما لا يزال يدر الارباح الكثيرة بفضل قيادة، يدها من حديد، تستمر الى يومنا هذا.
عودة المعالجة بالصدمة الاقتصادية الى الوطن، "امريكا". منذ السبعينات وحركة "مدرسة شيكاغو" تغزو بلدان العالم، الا انها لم تطبق قط كاملة فى البلد الذى نشأت فيه الا مؤخراً. من المؤكد ان ريغن اول من سلك هذه الطريق، الا ان الولايات المتحدة احتفظت بادارة نظام الرعاية الاجتماعية، والضمان الاجتماعى، والمدارس الرسمية، حيث حافظ الاهالى على "ارتباطهم اللاعقلانى بالنظام الاشتراكى"، على حد تعبير فريدمان.
لكن فى العام 2001، تغير الوضع. فبعد ان وقعت هجمات 11 سبتمبر، كان البيت الابيض مكتظاً بتلاميذ فريدمان، بمن فيهم صديق دبيلو بوش المقرب دونالد رامسفيلد. فتلقفت ادارة بوش تلك اللحظة من الدوار الجماعى بسرعة البرق، لا كما ادعى الكثيرون، بان الادارة هى التى خططت بنية شريرة لوقوع الازمة، بل لان الشخصيات الرئيسية فى الادارة، اى الشخصيات المخضرمة الضالعة فى تجارب الرأسملية الكارثية فى امريكا اللاتينية واوروبا الشرقية، كانت تنتمى الى حركة تصلى من اجل وقوع ازمة، بالخشوع نفسه الذى يصلى فيه المزارع من اجل ان تمطر على ارضه التى تعانى الجفاف، وعلى نحو ما يصلى فيه المسيحيون الصهاينة من اجل بلوغ الغبطة. فعندما تضرب الازمة التى طال انتظارها، تدرك تلك الشخصيات ان الساعة الممنتظرة قد حانت اخيراً.
"عقيدة الصدمة"، صعود رأسمالية الكوارث.
نعومى كلاين.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. 2024 النشرة المغاربية الخميس 28 مارس • فرانس 24 / FRANCE 24
.. المستشارة القضائية للحكومة الإسرائيلية تؤكد ضرورة بدء تجنيد
.. لليوم الـ11.. استمرار غارات الاحتلال والاشتباكات بمحيط مجمع
.. محكمة العدل الدولية تأمر إسرائيل بضمان إيصال المساعدات إلى غ
.. غزة.. ماذا بعد؟| نحو 20? من الأمريكيين يغيرون موقفهم من حرب