الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انحلال الحزب الشيوعي العراقي/8

عبدالامير الركابي

2021 / 9 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


ا
لم يكتمل تشكل العراق بعد، ومن تصورا واشاعوا فكرة "العراق الحديث" ليعلنوا عن توفره على "الطبقات"، يصلحون لان يوضعوا في أماكن مخصصة للفرجه على ظاهرة مخلوقات مشوهه، ولدت خارج سياقات النشوء الطبيعي، حتى ولو كانت اعداد هؤلاء ليست قليلة نسبيا، على الأقل يجب وضع عينه منهم، مثل كامل الجادرجي الذي يعتبر العراق متوفرا على "طبقة عامله" تناظر الطبقات في المجتمعات المتطورة كما يسميها، او "فهد" يوسف سلمان، او زكي خيري ومن لف لفهم، وجاء في ركابهم، ومازال ينفخ في "المنقلة" المنطفئة ذاتها، معفرا الأجواء، ومهيجا الرماد على وجهه،ووجوه من حوله.
العراق الحديث هو كينونة كونيه ازدواجية في حال تشكل انبعاثي في دورة جديده، هي الراهنه الثالثة، مستمرة منذ القرن السادس عشر الى اليوم. سابقة كبدء تشكل،بحسب شروطها، على الغرب الحديث، وثورته الصناعية. عرف طورين على صعيد العلاقة بالخارج المفروضة عليه في الطور الحالي بسبب طبيعة الدورة الراهنه، وماسبقها من شروط انهيار الدورة الثانيه العباسية القرمطية الانتظارية، امتاز الأول بالتشكل تحت وطاة دويلات وسلطنات الدورة الثانيه الشرقيةن وامتداداتها الى بغداد عاصمة الدورة الثانيه المنهارة، اخرها السلطنه العثمانيه، والثاني هو الذي يبدا مع القرن العشرين وعشريناته، ويستمر الى الوقت الحاضر، سمته الأساس، حضور الغرب بصيغته الحديثة، واثر نهضته الالية البرجوازية المعاصرة، ونموذجه الاجتماعي المتشكل في دول، مع حزمة أفكاره، ومنظوره للعالم ولذاته، وانعكاسه على الجزء الاحادي المصري الشامي من منطقة شرق المتوسط، الأحادية الأدنى دينامية تاريخيه.
وكما هو متوقع، فان الظاهرة التاريخيه الموروثة، التي تمنح الأحادية المجتمعية الغلبة لاسباب تخص نوع علاقة العقل بالظاهرة المجتمعية، ونكوصه عنها، كما عن تعذر تحقق اللاارضوية المجتمعية عند افتتاح التاريخ التفاعلي المجتمعي، هذه الظاهرة، استمرت اليوم متخذه صيغا واشكالا اكثر مضاء وتمكنا لمصلحة الارضوية، بالاخص بسبب ماحققه الغرب الحديث من منجز ضخم، وماصار يمثله بناء عليه من حالة نموذجيه على مستوى الكوكب الأرضي، والتاريخ، الامر الذي ماكان واردا أيام العثمانيين، فظل العراق الأسفل في الفترة الأولى مستقلا بلا اعلان، يكاد يتمدد صاعدا من الجنوب الى بغداد عاصمة الدورة الثانيه المنهاره نفسها، وان من دون "نطقية"، لم تكن العثمانيه بمقابلها تتوفر من جهتها على غلبة نموذجية ما، كتلك الغربيه التي دخلت كسلاح إضافي بيد الحضور الغربي.
هذا الوضع جعلنا امام امتحان غير عادي يخص مسالة جوهرية، هي تلك التي تتعلق بالنمطين المجتمعيين المتصارعين، اللذين منهما تتشكل وحدة وكمال الكيانيه الرافدينيه، وايهما الغالب، او المنطوي على الحقيقة المستقبلية، اللاارضوي، ام الارضوي الأحادي، علما بان ظاهرة الازدواج ماكانت لتكون قائمه، ولا موجوده،في حال لو ان الارضوية من بينهما كانت قابلة للاندراج تحت طائلة وهيمنة الارضوية التي تهبط عليها عادة من الأعلى، لتصطدم باستحالة الغلبة على المجال المجتمعي الأسفل، مايضطرها الى الاستقلال داخل مدن محصنه اشد وامنع تحصين، والى الذهاب من وقتها للدخول في التفاعليه الاصطراعية الازدواجيه المؤدية للانتقاص الأحادي الامبراطوري، متاثرة هي، ومتغيره بناء لاشتراطات اللاارضوية، وبعض منطوياتها وتعبيريتها، املا في التناغم معها، وكوسيله الغرض منها مصادرة مثلها ومفاهيمها، والتماهي واياها كشكل من اشكال وصيغ التعايش المفروض على التكوينين المجتمعيين( شريعة حامورابي كمثال ابرز معروف، والتي هي الشريعه الرابعه منذ شريعة كوراجينا الأولى عدا عن الالهه ومصادرتها).
يعني هذا من حيث المبدا وعلى مستوى العمليه التاريخيه التفاعليه، ان المجتمعية اللاارضوية، ليست فقط غير قابلة للانصياع للاحادية ونموذجها الارضوي، لابل ان الارضوية اكثر استعدادا للتاثر بالاختراق اللاارضوي، خصوصا مع تحوله الى كيانيه لاارضوية "سماوية"، لن تلبث ان تتحول الى عقيده شامله لمعظم المجتمعات البشرية، يستثنى منها الصين وبعض محيطها القريب، بينما تخترق الابراهيمه حتى الهند، وتتوغل فيها، هذا مع العلم ان مايجري من حضور لاارضوي في قلب المجتمعات الارضوية، انما يحصل خلال الفترة التاريخيه التي تكون فيها الارضوية هي الغالبة المسيطره على الاعقال البشري.
وسيكون بديهيا اذا تضخم السؤال حول غلبة الارضوية ونموذجها، بإزاء اللاارضوية ابان لحظة ماقد طرأ من متغير غير عادي، مع وبسبب نهضة الغرب، والانقلاب الالي، فقد تولد لهذه الجهه مايبرر التصورات العامة، التي راجت واتسمت بالاعتقاد الراسخ بتوفر النموذج الغربي على مايؤهله للغلبه الكاسحه على غيره من المجتمعات، بالاخص بظل لانطقية غيره، ووحدانيته،بغض النظر عن كون الغرب لم يتمكن، رغم ادعائه المبالغ به بخصوص اكتشافة "علم الاجتماع"، للحقيقة المجتمعية، ولتوزعاتها النمطية، المتولدة عن العلاقة مع العامل التضاريسي البيئي، وماقد تركه من اثر على التكوينات المجتمعية على مدى طويل من التفاعليه، انتجت: مجتمعية ازدواج ارضوي /لاارضوي، هو الأصل الرافديني، اضافة لاحادية الدولة النيلي الارضوي المصري، مع أحادية اللادولة الجزيري، الأمريكي اللاتيني، الأسترالي، الأمريكي قبل الغزو الاستيطاني الغربي، يضاف لها نمط مختلط، ونوع مجتمعات مادون كيانيه، كما الحال المعروف في ساحل الشام.
وهنا يكمن الأساس المفقود الضائع، الذي لامعرفة ادراكيه للظاهرة المجتمعية من دونه، وبالذات لالياتها، والمنطوى الناظم لوجودها وحركة تصيرها ومستقبلها، بما هي ظاهرة سائرة الى اللامجتمعية، والى مابعد مجتمعية. ليست، ولم تات الظاهرة الأحادية الارضوية الارفع والاعلى تجليا كما حالة الغرب الحديث، سوى تأكيد لحقيقتها، وان تكن الظاهرة الغربيه افلحت مؤقتا في الإيحاء بانتصار الارضوية في اعلى حالاتها وارفعها.
صحيح ان حضور الغرب في مجتمع الازدواج التاريخي الرافديني، غير الكثير من اشكال التفاعليه والصراعية بين الارضوية الوافدة باعلى وارقى صيغها، وبين ارض مابين النهرين ومكونها اللاارضوي، وانها ترافقت مع اشكال من التجلي الاصطراعي، ونوع الاستقبال او التماهيات، والنقلية الماخوذة بالق الغرب ونموذجه، مع العلم بان الصراعية الأساس اللاارضوية/ الارضوية لم تتاثر في الجوهر، ولا على صعيد الاليات والاسس والنتائج.
هذا وقد دلت التجربة الأولى، او القسم الأول من حضور الغرب ومحاولته الافنائية الجزئية التي اعتمدها 1921/ على تكرار صارخ للاستحالة المفبركة، الملفقة من خارج النصاب المجتمعي، بدلالة وقائع ثورة 14 تموز 1958 الكاسحة الاقتلاعيه، كما لاحقا بدلالة المسارات التي اضطرت لها صيغة الافنائية الجزئية الثانيه، الريعيه النفطية العقيدية، وماقد استثارته اقليما وعلى المستوى العالمي، من اشتراطات أدت الى، وفرضت مبدأ الافنائية الكليه، منعا لأي شكل من اشكال الكيانيه العراقية، غير المسموح بها، لقوة احتمالية خرقها للسقف الاستراتيجي الغربي، واسس هيمنته، وركائزها الشرق متوسطية/ النفطية، الاسرائيلية.
يقلب هذا التقدير السردية التاريخيه للعراق تحت وطاة الغرب وظاهرته، وما اتصل بها من سرديات ومقاربات جلها ملتحق بالغرب ومنظوره، ليحل مانريد ان نسميه علاقة استحالة الاحتواء النمطي، فعلاقة الغرب بالعراق انتهت الى الفشل، والى الاستحالة، بعدما حاول وجرب عملية الالحاق بالنمط، او النموذج الالي الحديث، الغربي الارضوي، او الأحادي، فاعتمد نوعين وفترتين من حالات الاحتواء، وفرض التماثل، أولى وثانيه، استغرقتا الفترة من 1921 الى 2003، وانتهتا باستحالة عملية الاخضاع النمطي، وبالاقتناع باستحالة ادماج العراق ككيان ضمن الاليات المعتمدة المفروضة من قبل الغرب وظاهرته، الامر الذي تسبب في اسقاط مبدا الاحتواء، لصالح الإلغاء التدميري، ومنع الكيانيه حتى بصيغتها الاحتوائية، الامر الدال على تجاوز الديناميات العراقية الازدواجيه للسقف، او المقرر الغربي في موضع من العالم بغاية الحساسية الاستراتيجيه الكونيه.
ومع هذا المسار وما يتصل به من سردية، لايعود هنالك مكان لللببغاويات "الحداثوية"، وتخاريفها عن ذاتها، وعن موقعها ضمن اللحظة التاريخيه، ولا عما هو حاصل فعلا، وماهي خارجه كليا، تغني على ليلى لم توجد، ولاولدت، فاذا حدث لهذه او احدها الذي هو مدار بحثنا هنا، ان كانت على تماس ابان فترة بذاتها، مع الاشتراطات الصراعية، فان مانتحدث عنه حدث بالأحرى بعيدا عن، وخارج مايتوهمه هو، ولأسباب ودوافع لاعلاقة لها بتوهماته عن نفسه وعن الواقع الذي يعيش في كنفه، وان ظل يتغنى، او يعتاش على تلك المصادفة، ليتحول بعدها ومنذ ثورة تموز 1958 ،الى قوة مضادة لعمل الاليات التاريخيه "الوطن/كونيه"، يرفع شعارات "الثورة الوطنيه البرجوازية" واستكمالها، المضاد للتحقق الوطني اللاارضوي وصراعيته الافنائية مع الوافد الغربي، وصولا الى التحول بعد ترسخ الفصل الثاني من الصراعيه عام 1968 ،للانقلاب الى قوة مساهمه في محاولة الافناء، حليفا لقوتها الرئيسية الحاكمه، قبل ان يطرد من قبلها طردا، مع بشائر الطور الثاني من "العيش على حافة الفناء"، وبدايته التي تسجل مع الثورة الايرانيه، والحرب العراقية الايرانيه 1980.
على هذا المنوال تحول الحزب الشيوعي الى رهينه مختطفة من مجموعة من اللصوص المنعدمي الاخلاق والقيم، يستعملون رهينتهم لغرض الاعتياش، بلا أي دور، فلا اضراب، ولا مظاهرة، ولا من فعل يتعدى البيانات التي لاتقرا، والتي تصدر لأغراض الديمومة، وحفاظا على استمرار صلاحية الغنيمه وقد تحولت الى حزب تابع بالاطار العام، لحكم القيادة الكردية، وصولا الى انهيار الاتحاد السوفياتي، وبدء التحول الى قوة مرتبطة بالغرب، وبالغزو الأمريكي، وصولا لمرحلة الارتباط العضوي بالاحتلال وسفارته، وأجهزة مخابراته.
ومع حال كهذه، لاينبغي التساؤل عن الجانب المعرفي، او علاقة القائمين اللصوص هاتكي الاعراض، وحزبهم الاكذوبة، بالمراجعه، او التوقف امام تاريخهم، وتاريخ بلادهم، او التاريخ بوجه عام، فتطلب مثل هذا، خارج الصدد كليا، ولامكان له.
لكن مايثير الاستعراب وحتى الدهشه، هو كيف ولماذا لم تتسن اية فرصة إنبعاث وعودة الى الأصول، في محاولة لتاصيلها املا بتخليصها مما وقعت تحت طائلته ؟؟؟؟؟
ـ يتبع ـ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أصفهان... موطن المنشآت النووية الإيرانية | الأخبار


.. الرئيس الإيراني يعتبر عملية الوعد الصادق ضد إسرائيل مصدر فخر




.. بعد سقوط آخر الخطوط الحمراءالأميركية .. ما حدود ومستقبل المو


.. هل انتهت الجولة الأولى من الضربات المباشرة بين إسرائيل وإيرا




.. قراءة عسكرية.. ما الاستراتيجية التي يحاول جيش الاحتلال أن يت