الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بصدد المجتمعية وتداعي الاتحاد السوفييتي

مصعب قاسم عزاوي
طبيب و كاتب

(Mousab Kassem Azzawi)

2021 / 9 / 13
التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية


حوار أجراه فريق دار الأكاديمية للطباعة والنشر والتوزيع في لندن مع مصعب قاسم عزاوي.

فريق دار الأكاديمية: هل تعتقد بأن تفكك الاتحاد السوفيتي مثل سقوطاً مدوياً للفكر الاشتراكي؟

مصعب قاسم عزاوي: من الناحية اللغوية المفهومية أعتقد بأن هناك خللاً بنيوياً في ترجمة مفردة ومصطلح «Socialism» إلى اللغة العربية. وهو في الأساس مفهوم يعود للمفكر الفرنسي سان سيمون توليده واستنباطه في العام 1825، وليس لكارل ماركس ومن لف لفه من الذين حملوا ذاك المفهوم بحمولات إيدلوجية متعددة أصبحت أقرب إلى مفهوم رأسمالية الدولة، والاستبداد العادل، والدولة الشمولية في ترجمة لرؤية ماركس الإيديولوجية لمفهوم «ديكتاتورية البروليتاريا»، وكيفية تحقيقها لذلك عبر «حزبها الطليعي القائد»، و هو ما قام فلاديمير لينين و عصبته بإعادة إنتاجه مفهومياً و «إخراجه انقلابياً» على حلقات بالشكل الذي ارتآه لتحقق أطروحة كارل ماركس في البيان الشيوعي وفي كتاباته الأخرى لتحقيق «ديكتاتورية البروليتاريا» في «كيان اشتراكي قائم بالفعل» مشخصاً في دولة الاتحاد السوفيتي.
وأعتقد أن الترجمة الفضلى والأدق لمصطلح «Socialism» إلى اللغة العربية قد يكون «المجتمعية». وهي المجتمعية أو الاشتراكية كأي فكرة مفهومية في حياة البشر كانت حمالة أوجه فكرية وإيدلوجية متعددة، بعض منها نقائض لبعضها الآخر، كما كان في المثال الصريح لاسم الحزب النازي الذي قاد به هتلر الحرب العالمية الثانية و الذي كان حرفياً «حزب العمال الألماني الاشتراكي الوطني»، أو في تلك العداوة الدموية التي قادت بالفصيل البولشيفيكي الذي ضم أنصار لينين إبان تقلده السلطة فعلياً من الحكومة الروسية المؤقتة بإدارة كرنيسكي، إلى «إقصاء» كل التوجهات والرؤى الأخرى عن نموذج شكل الاشتراكية في روسيا بعد الثورة، والتي أفصحت عن نفسها بتهشيم كل «السوفيتات» التي مثلت نماذجاً واعدة آنذاك للحكم الذاتي في مجتمعات مصغرة يتم إدارة شؤونها بالتشاور الديموقراطي بين أفراد المجتمع فيها، لصالح تحويل إدارتها، لتكون بيد «الحزب القائد» و«طليعته الثورية»، واعتبار كل من لم يتفق مع نهج ذينك الأخيرين «تحريفياً وانتهازياً» لا بد من إقوائه و استئصال شأفته قمعياً بقوة «ديكتاتورية البروليتاريا»، وهو ما كان مصير كل الفصيل الاشتراكي ممن والى لينين و أتباعه سابقاً، وسميوا بالمنشفيك لاحقاً، وكل الاشتراكيين التحررين من أتباع فكر «باكونين»، وصولاً إلى رموز الفكر الاشتراكي في القارة الأوربية من قبيل أنطونيو غرامشي في إيطاليا وروزا لوكسمبورغ في ألمانيا، وهو ما انتهى في الحقبة الستالينية بعداوة شعواء مع الجار «الشيوعي العملاق» في الصين «الشعبية» الماوية، والذي كان يحتمل أن يتحول إلى صراع مسلح دامٍ في عدة مراحل.
وهو ما يعني في مجمله بأن نظرة حيادية ومتحررة من ذلك الوعي العقائدي شبه اللاهوتي، باستبدال عقيدة دينية، بأخرى إيديولوجية واعتبار رموزها سواء كانوا كارل ماركس، أو من عرف نفسه لاحقاً بأنه «ظله في الحياة الدنيا» بمثابة «المنزهين عن الخطل والزلل» يجب تقديسهم والدفاع عنهم سواء أخطأوا أم أصابوا، بطريقة تشبه ذلك السائد راهناً في كوريا الشمالية وتقديسها «شبه الإلهي لقائدها الخالد» كيم إيل سونغ، يحملنا للاعتقاد بأن الفكر الاشتراكي كما هو غيره من الرؤى الفكرية البشرية ليس حكراً لأحد، وليس ناجزاً في أي مرحلة، وهو يحتمل إعادة التفسير والتحميل المعرفي بما يتفق عليه مستخدمو ذلك المصطلح مفهومياً فيما بينهم، ولا يحق لأي فرد أو فصيل ممارسة القهر المعرفي لإلزام أي كان بقبول سوى ذلك من تصور ناجز «لاشتراكية قائمة بالفعل»، حتى لو كانت أخلص النوايا الطيبة والإرادات الطهرانية من وراء ذلك القصد.
وأعتقد بأنه قد يرقى إلى محاولة حجب نور الشمس بغربال متهتك، اعتبار الطموح الفطري للبشر في حياة كريمة لهم ولأبنائهم، وعدالة اجتماعية تضمن عدم معاناتهم شرور الجوع والمرض، و حرية في تعبيرهم وتفكيرهم تتيح لهم تحقيق ذواتهم وإيجاد معنى حقيقي لوجودهم في تلك الحياة، ترفاً أو طوباوية لا تستحق بذل كل جهد لإدراكها فهي جميعها طموحات فطرية راسخة في وجدان كل إنسان، وهي جزء عضوي من نموذج بنيان دماغه الفيزيولوجي والوعي الناجم عن ذلك الأخير، حسب كشوفات بيولوجيا الدماغ وعلم النفس التطوري، وهو ما قمت بتفصيله بحثياً في غير موضع و مقال؛ بالتوازي الضروري مع اعتبار تلك الطموحات الحقة مبادئ سامية تستحق الدفاع عنها إلى الرمق الأخير من كل عاقل متعقل بغض النظر عن وسم مرتكزاتها بالمجتمعية أو الاشتراكية أو الإنسانية أو الطهرانية أو التشاركية أو أي مصطلح آخر تصادف اتفاق مستخدميه على تبنيه وظيفياً للتعبير الفكري عن توافقهم المفهومي حول تلك الأهداف الجمعية الجوهرية التي دونها قد يستحيل تحقيق أي ترقية حقيقية لمستوى حيوات بني البشر وذريتهم من بعدهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. يرني ساندرز يدعو مناصريه لإعادة انتخاب الرئيس الأميركي لولاي


.. تصريح الأمين العام عقب الاجتماع السابع للجنة المركزية لحزب ا




.. يونس سراج ضيف برنامج -شباب في الواجهة- - حلقة 16 أبريل 2024


.. Support For Zionism - To Your Left: Palestine | الدعم غير ال




.. كلام ستات | أسس نجاح العلاقات بين الزوجين | الثلاثاء 16 أبري