الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تاريخ الوزارات العراقية في العهد الجمهوري 1958- 1968

عقيل الناصري

2021 / 9 / 14
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


تأريخ الوزارات العراقية في العهد الجمهوري 1958- 1968. (1-2)

كتاب تأريخ الوزارات العراقية في العهد الجمهوري 1958 – 1968 ، كأحد المصادر الأرأسية، فهو منحاز وغير موضوعي بتاتاً، بما له علاقة بالزعيم قاسم إلا لماماً، مقارنة بتاريخ الوزارات العراقية في المرحلة الملكية للمؤرخ الراحل عبد الرزاق الحسني الصادق في طرح الإشكالية الحكم الملكي، ان الموسوعة حيث عدائها للعراقويين كبير جداً والقوى التقدمية وبخاصة للشيوعيين ومنظماتها الدالة عليها.
- وقد كان الموقف اللاموضوعي لهذه القوى السياسية الفعالة من حيث: الموضوعية والماهية، شكلاً ومضموناً، مما أفقد الجانب الحيادي في موسوعة تاريخ الوزارات. وعلى الخصوص أن يكون المؤرخ، على الأغلب، في حيادية فلسفية وفكرية، هذا من الناحية النظرية، ناهيك عن الاخلاقية السياسية والبحث الموضوعي. لكن للآسف كسرت أو بالأحرى ثلمت، هذه القاعدة البحثية في هذه الموسوعة، بحيث لا يحق له التعبير عن أرائه وإسقاطها على الحدث مهما كان نوعه، ولهذا فقدت هذه المجموعة من المؤلفين تلك الحيادية الفلسفية والفكرية وبخاصة السياسية. ولهذا انخرطت هذه المجموعة في شتى التحايل المعرفي والتمويه وبصورة غير موضوعية. يقول حنا بطاطو :" ... فهنالك التاريخ في أي عمل تاريخي يقوم به كائناً من كان، ولكن هناك أيضاًشيء من ذات المؤلِّ في هذا العمل دوماً. وهو أمر لا يمكن تجنبه والانسان يكشف، وإن عن غير قصد، ضيق خبرة الانسان وعدم اكتماله الفكري والطبقي ... "
- وكان كل همهوم الأرأسية مكافئة التيار (القوماني/ العروبوي بأحزابها المتعددة) على الأغلب، وتبرير معارضته للنظام الوطني القائم ؛ ودفاعهم الضمني عن الانقلابية العسكرية، بإسم أهم هدف وأنبل صيرورة وهي: (الوحدة العربية الاندماجية) التي تبناتها هذه القوى بغير حق بصورة عاطفية ومصلحية خاصة مع فكر حزب البعث، نظراً لمساهمتها في الكثير من المحاولات الانقلابية العسكرية المقترنة وبالمعونة الخارجية سواء من المراكز الرأسمالية أو العربية المتحدة (الناصرية تحديدا)، والدفاع عنها (الاحزاب القومية) بالسراء والضراء بحق أو بغيره وتبرير مواقفها ؛
- وكان عدائهم الشديد للفكر التقدمي وبخاصة الماركسي ومن أبرز المجالات في محاربة الفكر وقادته، وكل هَمْ الموسوعة الإساءة للحركة الوطنية عموماَ والقوى اليسارية ( وهي الأغلبية العددية من المجتمع العراقي)، ونكرر وبالتحديد وعلى رأسها الحزب الشيوعي العراقي وبقية القوى التقدمية في العهد الجمهوري الأول.
- والإساءة المتعمدة إلى الزعيم عبد الكريم قاسم وفي الأجزاء التي تبحث في الفترة القاسمية النيرة ( الأجزاء 1-5) .
- وأغلبية المصادر المعتمدة في هذه الموسوعة، كانت تكن العداء لعبد الكريم قاسم واليسار التقدمي بصورة عامة ومن صنف واحد على الأغلب ويكنون العداء للزعيم قاسم واليسار التقدمي، من أمثال: صبحي عبد الحميد، وخليل إبراهيم حسين الزوبعي، ومجيد خدوري، وأحمد فوزي، جاسم كاظم العزاوي، ومحمود الدرة، وهاني الفكيكي، ومذكرات عبد السلام عارف، وسمير عبد الكريم والجبهة القومية ومواقف حزب البعث، والبريطانيين ولدمار غلمان وهمفري تريفيليان والسير مايكل رايت، وسام فول، إذ تزخر هذه المؤلفات بالأمثلة وتنشر البيانات الخاصة بالحزب والجبهة القومية، كما لو كان وحدهم بالساحة السياسية، وعدم وجود الأحزاب الأممية والعراقوية والكردية؟ وغيرهم من الامثلة العديدة التي تزخر بها في عموم الموسوعة.
وقد لعبت المصالح الفكرية دورها في هذا المجال. وأيضاً في بعض الآحيان يورد أدلة غير واقعية وبخاصة عن الزعيم قاسم، لأنه منطلق من عراقيته، والدليل على ذلك: "... ولم يكن عبد الكريم قاسم في تعامله مع الوزراء أفضل من عبد السلام عارف فبعد أشهر قليلة من توليه رئاسة الوزارة أخذ يشغل وزارئه بتوافه الأمور ويتخذ القرارات بمعزل منهم وكثيرا ما كان يترك اجتماع الوزارة ويخرج إلى مكتبه لمقابلة زائر أو شخصية كبيرة تاركاً معظم الوزارء ينتظرون عودته وكان يعقد معظم اجتماعات الوزارة في ساعة متأخرة من الليل ويبقى الوزارء حتى مطلع الفجر وهو يقرأ عليهم خطابا كان قد ألقاه أو بيانا كان قد أصدره وكان على الوزير الذي يغادر الاجتماع أن يتوجه رأساً إلى مكتبه... ".
وهذا كذب وإفتراء وتزوير للحقائق، وخير مثال على هذا نسوق الدليل التالي لمؤلف عايش الزعيم قاسم في الوزارة وهو عبد اللطيف الشواف، أبن عم عبد الوهاب الشواف، وينطبق عليهم القول : "... كما أن المدعين بمعرفة صفاته وأخلاقه ونفسيته كثرت دعاويهم أيضاً ، وكثير منهم ممن فاتهم قطارها حقيقة فأخذوا يكثرون القول عن شذوذ عبد الكريم قبل الثورة وأنعزاله وغرابة بعض تصرفاته وبعض الحكايات عنه عندما كان ضابطاً صغيراً في البصرة أو الناصرية أو في فلسطين في (كفر قاسم)أو في جلولاء، مما كانت في الغالب من باب الأقاويل والدعايات التي لايمكن تصديقها والتي يمكن إعتبارها دليلاً على حذره الشديد وحيطة وكجزء من تخطيطه الناجح لثورة 14 تموز سنة 1958، لصرف الانتباه عنها وعن قيادتها وتنظيماتها قبل أن تبدأ، وفي مراحل التحضير لها. إن ما يميز قاسما عن هذا تواضعه الشديد وحبه الابتعاد عن دائرة الضوء وصحافة الإثارة التي كانت تمتاز بها الصحافة العربية آنئذ ولعل موقفه من هذه الصحافة عندما رفض تمويلها في لأوائل عهد الثورة - ما يفصح عن مزاج قاسم - قبل التعقيد الذي أصاب نفسيته، وطموحاته بعد نزاعه مع عبد الناصر، بل لعل هذا المزاج المتحفظ هو الذي أدى إلى نجاح للثورة سنة 1958... ".
ويقول في مكان آخر من كتابه: "... ممن يبدأون في إشغال مقاعد بين الثامنة والتاسعة مساءً منتظرين مجيء المرحوم عبد الكريم قاسم ببزته العسكرية، الذي كثيراً ما تأخر قدومه إلى الحادية عشر ليلاً، لأنشغاله – هو الآخر- بتصريف بعض الأعمال المتعلقة بوزارة الدفاع أو بمقابلة الضباط من زملائه القدامى أو بعض العاملين في النشاط السياسي كممثلي التنظيمات المهنية أو مراسلي الصحافة وغيرهم... وقد أقر المرحوم عبد الكريم – مرة - بجلب جهاز تلفزيون إلى بهو مجلس والوزراء ليتمتع بالمشاهدة الوزراء الذين ينتظرونه، كما جلب مسجلاً كهربائيا و(شريطاً) للمقامات العراقية ... ".
في حين تكذب الوقائع السلوكية والإدارية للزعيم قاسم، مثل هذه الإجراءات في إدارته للصراع الطبقي والسياسي والفكري، وسياسته حيال الطبقة المستهدفة من الناحية الاجتماعية ، وهذا ما كذبه هديب الحاج حمود الوزير الاسبق وممثل الحزب الوطني الديمقراطي مع محمد حديد في أول حكومة بعد الثورة، حيث يرى في أن الزعيم قاسم رجل دولة وإدارته للصراع السياسي/ الاجتماعي كان سليماً إلى حد كبير، بعكس ما يقوله مؤلفوا الموسوعة الأنف الذكر . ويحاولون مؤلفيّ إلصاق تهمة التآمر على الزعيم قاسم على عبد الناصر، دون دليل مقنع، إذ ذكروا "... وكان عبد الكريم قاسم قد أخذ ينسق مع العناصر المعادية في الجمهورية العربية السورية بعد أنفصالها عن مصر، وذلك كمخرج للأزمة الخانقة التي يعانيها نظامه... ".
وفي مكان آخر يحاول مجموعة المؤلفين ان الزعيم قاسم، غالباً ما يستشار السفير البريطاني، ولو وضعها في (إشاعة) لكن سردها ويحدد مصدرها، إلا أن هذه يريد أن يؤكد المعلومة، ويزيد في كل شيء ويقول: "... وكانت إشاعة وجود تقارب وتعاون وثيق بين السفير البريطاني في بغداد همفري تريفيان وعبد الكريم قاسم وان عبد الكريم قاسم يستشير تريفليان في كل شيء تبثه اجهزة اعلام الجمهورية العربية وتتداوله الألسن في العراق على نطاق واسع وتلقي رواجا عند اوساط القوميين... ".
ويذكر مؤلفوا تاريخ الوزارات في العهد الجمهوري، "... كان عبد الكريم قاسم قبل هذا يرفض عروض المجلس الثقافي البريطاني أرضاء الشيوعيين، ولكنه أراد بهذه الموافقة أن يطمئن الدول الغربية وبالأخص الولايات المتحدة الأمريكية إلى أنه ليس أسيراً للشيوعية ولا يعتزم زج العراق في أحضانها، ولم يكتف بذلك بل أنه سمح بإستيراد البضائع من الغرب. وتجدر الإشارة إلى ان مجلس الوزراء قد وافق في 7 شباط 1960على عقد اتفاقية ثنائية بين الجمهورية العراقية والولايات المتحدة الأمريكية وتم تخويل وزير المعارف صلاحية تشكيل الوفد المفاوض... ".
ويحاول مؤلفوا الكتاب أن يقنعونا بأن الزعيم قاسم، له ارتباطات مع الحكومة البريطانية، ودوما لديه مقابلات بالسفير البريطاني في بغداد، هذا الايحاء يجعل من أن السفير لا يكل من الاعتماد على ان يوصل معلومات عن المؤامرات والحركات الانقلابية، وهذا ما تنفيه الوقائع المادية لإدارة الصراع السياسي مع بريطانيا وبخاصة السياسة النفطية. وكانت أكبر الدول خسارة نتيجة ثورة 14 تموز هي بريطانيا.
ويكذب السفير البريطاني نفسه تريفليان، رداً على هذا الإدعاء أنه سبق وأن "... قابل عبد الكريم قاسم يوم الاحد 22 آذار 1959 اي قبل يومين من أنسحاب العراق من الميثاق (حلف بغداد – الناصري).. لكنه فوجيء بعد يومين بسماع انسحاب العراق من الميثاق وإلغاء الاتفاقية الخاصة بالقواعد البريطانية. ويعلق السفير على ذلك بالقول: هذا نموذج من احابيل عبد الكريم قاسم وبرهان نهائي على أنه لا يمكن أن يؤتمن... ".
وواصلت موسوعة تاريخ الوزارات العراقية في العهد الجمهوري، في تواتر متصاعدة في أرائها عن الزعيم قاسم حيث يقولون: " ...في ذلك الجو المشحون بالتوتر وبالصدامات راحت السلطات البريطانية ممثلة بسفارتها في بغداد ويساعدها عدد من السفارات الغربية وسفارات دول (حلف السنتو) لدفع عبد الكريم نحو ما اسمته (سياسة الوسط) أو من ما أصطلحت عليه القوى السياسية المحلية (السياسة القاسمية) وسعت لمد الجسور مع عبد الكريم قاسم والعمل على تحليل شخصيته والتعرف على اتجاهاته ونياته على الرغم من قناعتها بأنه لم يكن شيوعي منظماً ولكن الاشاعات كانت تدور حول ماركسيته وإنتمائه إلى الحزب الشيوعي قبل الثورة بل ان الاشاعات كانت تدور حددت اسمه الحركي (مطر)... ".
رغم ذلك فأن سياسة الزعيم قاسم كانت وسطية بعد حوداث كركوك المؤلمة، ( وهذه السياسية الوسطية التي بالغ بها الزعيم قاسم بحيث أطلق سراح المتآمرين العسكريين) وبعيدا عن أخذ طرف واحد يستند إليه، ولهذا انفتح على التيار القوماني بإحزابه المختلفة والمتصارعة في الوقت نفسه، تحت تأثير هذه التقارير المزيفة الكاذبة لمدير الامن العامة، لكن هذا التيار أفسد عليه التصورات المؤمل للعراق من برلمانية ودولة مؤسسات، وذلك بسبب التقارير الأمنية المرفوعة إلى الزعيم قاسم. وأيضا بسبب تبنيهم للعملية الانقلابية والاعتداءات والاغتيالات للعناصر المختلفة بالرأي. وإن انتماؤه للحزب الشيوعي مجرد اختلاق وكذب لتبرير سياستهم في المعادة لنظام الحكم الوطني، وأيضا للإنقلابية العسكرية المتبناة من قبل الاحزاب القومية. وقد سبق تعاون الزعيم قاسم مع الحزب الشيوعي في تحقيق غائيته المتمثلة في التغيير الجذري في التوسط للإتحاد السوفيتي والصين الشعبية لحماية الثورة، وهو ما نشرحه لاحقاً. وفي الوقت نفسه يكتب مؤلفو تاريخ الوزارات في العهد الجمهوري والمنقحان، أنه: "... وبناءً على ذلك كان السفير البريطاني الذي كان كثير التردد على عبد الكريم قاسم لطرح قضايا كثيرة ... ".

1- مجموعة باحثين، تأريخ الوزارات العراقية في العهد الجمهوري، 1958- 1968، الجزء الأول 14 تموز 7 شباط 1959 تنقيح د. نوري عبد الحميد العاني و د. علاء جاسم محمد حربي، ط.الثانية، منقحة وموسعة بغداد 2005.
2- حنا بطاطو، الطبقات الاجتماعية والحركات الثورية من العهد العثماني حتى قيام الجمهورية، الكتاب الأول ، ص. 15، ترجمة عفيف الرزاز، مؤسسة الابحاث العربية، بيروت 1990.
3- من الامثلة التي يوردها كتاب تأريخ الوزارات في العهد الجمهوري، وما له علاقة بعبد السلام عارف، فيقول : "... على الرغم من أن هذه الخطب كانت مرتجلة يعوزها الاتزان والعمق وتنم عن عدم كياسة أدت إلى نفور الضباط الاحرار منها بل وحتى أنصاره فقد وصف الثورة بأنها: (ديمقراطية اسلامية تعاونية سماوية)، ووصف الجمهورية بانها ( اشتراكية وطنية إلاهية خاكية) وقال (لا قصور ولا دور ولا حاكم ولا محكوم لا أحزاب لا كتل امة واحدة وحزب واحد)، وقال في خطاب آخر (لا شرقية ولا غربية لا جوني ولا جون بول حمد وحمود) و (لا اقطاع بعد اليوم لا قصور ولا ثلاجات ولا تلفزيونات لا تفاوت لا طبقات ولا جلالات ومعالي وفخامات بل حرية وعدل ومساواة...". هذا قائد قياسا ً بالزعيم قاسم، تأريخ الوزارات في العهد الجمهوري، ج. الأول، ص. 334، مصدر سابق.
4 - المصدر السابق، ج.1، ص. 330.
5- عبد اللطيف الشواف،عبد الكريم قاسم وعراقيون آخرون ذكريات وانطباعات، ص54، دار الوراق للنشر، لندن، ط. الأولى، 2004
6 - المصدر السابق، ص. 70.
7- مقابلة مع هديب حاج حمود في بغداد بتأريخ 7/4/ 2004.
8 - ، تأريخ الوزارات في العهد الجمهوري، ج. 5، ص. 381، مصدر سابق.
9- تاريخ الوزارات في العهد الجمهوري، ج.3،، ص. 222.
10- المصدر السابق، ج.4، ص.31.
11 - المصدر السابق، ج. 2، ص. 236.
12 -المصدر السابق ، ج. 2، ص. 60.
13- المصدر السابق، ج. 3، ص. 270.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحية
ثائر ابو رغيف ( 2021 / 9 / 15 - 13:51 )
أحييك اخي الفاضل عقيل الناصري على بذل الجهد لتمكين القراء من الاطلاع على الحقائق والاكاذيب التي نشرت بخصوص الزعيم عبد الكريم قاسم

اخر الافلام

.. السودان الآن مع عماد حسن.. هل سيؤسس -الدعم السريع- دولة في د


.. صحف بريطانية: هل هذه آخر مأساة يتعرض لها المهاجرون غير الشرع




.. البنتاغون: لا تزال لدينا مخاوف بخصوص خطط إسرائيل لتنفيذ اجتي


.. مخاوف من تصعيد كبير في الجنوب اللبناني على وقع ارتفاع حدة ال




.. صوت مجلس الشيوخ الأميركي لصالح مساعدات بقيمة 95 مليار دولار