الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اشتعال-10-

نادية خلوف
(Nadia Khaloof)

2021 / 9 / 15
الادب والفن


شكوت إلى طبيب التغذّية بعد العملية الشعاعية الداخلية وضعي العام ، كنت بعدها قد أصابني إسهال شديد أنزل وزني ، و هناك خطر على مريض السرطان عندما ينزل وزنه ، أحضروا لي طبيب تغذية ، هو مختلف عن هؤلاء الذين نقرأ لهم على الأنترنت، فهؤلاء لديهم قنوات ، يرغبون في الكسب من خلالها، كما أنهم متعاقدون مع شركات لمنتج ما ، أما هذا فوظيفته فعلاً التّغذية، وقد وصف لي علاجين : أحدهما " المغذي" وهو يشربه الرياضيون ، لكن سعره غال ، وعندما يكون وصفة طبية قد يكون مجانياً بالنسبة لي حيث أنّ الدواء، و الرحلات اليوم لدي مجانية كوني تجاوزت الرقم المحدد في الدفع. العلاج الثاني كان ظروفاً أحلّها في الماء و أشربها مرّة في اليوم فتعمل توازناً بين الإسهال و الإمساك.إنّه السّحر، فقد كنت قد افتقدت طعم الشوكولاتة منذ زمن بعيد، و أنا أطلب المغذّي بطعم الشوكلاتة، أضع العبوة في الثلاجة فيصبح طعمها مغر ، أتناول منه عبوتان في الصباح واثنتان في المساء ، أصبح لديّ فعلاً توازناً كما قال طبيب التّغذية ، لكن هذا لا يعني انتهاء الألم .
تغيّر لدي مفهوم الحبّ ،و الجمال بعد المرض ، عرفت أنّ الحبّ حالة جمالية يمارسها الأصحاء ، ويبقى الحبّ الذي يمارسه المرضى مشوباً بالمرض حيث يجعل الحبّ أحياناً يتحوّل إلى ألم تماماً مثلما يتحوّل عند العلاقة مع شريك خائن. أما الجمال فقد أصبحت أجرّد الإنسان من ثيابه على سبيل المثال كنت أتابع النشرة الجوية على التّلفاز، وكانت تقدمها فتاة جميلة ، تلبس ثياباً جديدة. تجاوزت الثياب، بحثت عن هيكلها العظمي، جردتها من ثيابها ، صوّرت جسدها لو أصابته علّة، وكيف سيكون وضعها عندما ترغب في الاستحمام ، بينما تخترق الأنابيب جسدها ، و اللصاقات تمتد على جلدها وكذلك الوسوم بالأحمر . هل سوف تعرف نفسها؟ تراجعت عن الفكرة، فليس عليّ أن أجرّد الإنسان من ثيابه.
في الحقيقة لم أكن أتحدّث عن الفتاة الجميلة، بل هي مقارنة بين الصّحة و المرض ، فعندما كنت في عمرها كنت أنظر لنفسي أنني جميلة، وفي مرّة وضعت إحدى زميلاتي يديها على خصري وهي تسألني: كيف يمكن لي أن أحوّل خصري إلى مثل خصرك؟
لدي موعد بعد عدة ساعات مع العلاج ، وعليّ أن أجهز نفسي ، أخذت منشفتي، ذهبت إلى الحمام كي أستحم . نظرت إلى المرآة . لا شعر لدي ، يمكنني تلييف الرأس ومسحة بالمنشفة ، ثم الانتقال إلى الجهات الأخرى، وهي عملية صعبة، فأنت تخاف هنا أن تنقلع اللصاقة التي تثبت الأنبوب ، و تتعامل بالمسح و التنشيف . لم يعد للدوش أهمية كبيرة .
عندما أكون وحدي تطاردني الأفكار، ولا أتخلّص منها إلا عندما ألجأ إلى الطبيعة حيث أتماهى مع مزاجها، و لا بأس أن أقوم بجولة قبل موعد الإفطار في السابعة ، وسوف تكون الجاكيت هي ملاذي إخفاء تفاصيل جسدي، وكذلك القمطة ، أو الطّاقية . تعودت على نفسي هكذا.
نزلت من الفندق مسرعة و أنا أمسك بخاصرتي ، فقد بدأ الرقص بها ، وعندما ترقص أشعر أنه نهاية العالم، لكنّني لن أعود.
في ذلك الطريق المتعرّج كنت أرسم لوحة في ذهني عن الحياة، أحاول أن أفهم لماذا تمسكت بالزمان و المكان، بالحزن، بالتضحية، بنكران الذات . لا يستحق الأمر كل ذلك، ارتسمت أمامي صورة أمّي وهي في أرزل العمر تبكي ، مسحت دمعها: لا تبكي يا أمّي . لا شيء يستحق . قالت لي : أحبّ العنب .
آه. إنّه موسم العنب! لم أكن أعرف ذلك. العنب موجود على مدار العام يا أمّي لذا لا أفتقده.
في موسم العنب ترتسم لي خيالات. أرى أمّي ترافقني ، أخجل منّي، ترغب أن أتعاطف معها، و أحضر لها عنقوداً من العنب، و أنا أقوم بنصحها كي لا تبكي. ماذا لو أحضرت لها عنقود عنب بدلاً من النّصيحة؟ هي ليست مسؤولة عن دمعها، فقد جمعته على مدى دهر، أين يذهب الدمع إن لم يفض، ويملآ الدنيا حزناً؟
لا أعرفني من أمّي
هي أنا عندما أنصحها
أنا عندما أشتهي العنب
ينزل دمعها من عيني بينما أتمتع بالطبيعة
أمسك بيديها النحيلتين، وهما يداي
أحضنها بينما أحضنني
ثم أرفض أن ينحني ظهري مثلها
أقول لا
أركض، أشعر بالطفولة
أنا الآن لست أمي
أنا حفيدتي
سوف أركض أكثر
أضحك أكثر
أتمتّع بالحياة أكثر
أنا بخير . لماذا؟
لآنّني لست محتاجة حتى لأولادي
لأنهم يعتنون بي . . أعني الدّولة،
و لأنني خارج ذلك الموت في سورية .
الاستقلالية حلم كلّ إنسان . . . حتى عند الموت ، لأنها تحفظ كرامته .
استيقطت ، فتحت الكمبيوتر ، لم أحاول الخروج ، فموعدي في الثامنة في المستشفى، وسوف أهيئ نفسي للذهاب . كنت أرغب أن أكمل قصتي بالسويدية، وهي تأخذ وقتاً مني كي أتأكد من دقة التّعبير ، فتحت الفيس بوك لأعرف أخبار درعا فقط رغم أنني أعرف ماسوف يحدث، لكنّني أعيش ألم الفقراء . يوجد عشر رسائل على الماسنجر . أحدهم كتب لي دعاء ، ونصحني نصائح دينية، فعلّت زرّ التجاهل، فالدعاء يعني أنك سوف تموت الآن وهذا الدّعاء سوف يخفف عنك لحطة الموت ، كمن تقول له:" الله يطول بعمرك" ما أدراك ماهو عمره، وكأنّ ذلك التعبير يحمل العكس ، كأنك تقول له كان عمرك طويلاً ، يكفيك ! هكذا أفهم ، وربما الموضوع لا يتجاوز العادات التي لا أحبها!
أوه . رسالة من صديقتي . تطلب منّي أن أساعدها و لو بمبلغ بسيط. ماذا أقول لها؟
خسارة ! لقد ذل من كان عزيزاً .
في الحقيقة لن أخذلها ، فأنا أعرفها عن قرب ، لن تطلب هكذا طلب إلا إذا بلغ السّيل الذبى، لكنني لست غنّية، فأنا أعيش على الراتب التقاعدي ، وهو كاف ، لكنه لا يفيض.
أجبتها على الرسالة: حسناً سوف أذهب للعلاج، بعدها أتواصل معك .
سوف أتواصل معها بالصّوت. لا بدّ أن أطلب من أولادي أن يساعدوني أصبحت أخجل منهم، كأنها أتاوة مفروضة عليهم ، فلا يمر شهر إلا و أطلب منهم أن يرسلوا لشخص ما ، لكنّني سوف أفعل، رغم أنهم لهم التزاماتهم داخل سورية، يرسلون إلى أقارب زوجاتهم، أوزواجهن . ركبت السّيارة، و أنا أمسك خاصرتي . ذرفت دمعتين ، تذكرت حالي ، وطريقة الحصار التي فرضت عليّ. يومها فكرت أن الجميع يقتنع بالرأي الذي يقف ضدّ الضّحية ، وربما حتى الأهل أنفسهم يلومونها.
صديقتي أصغر مني بأكثر من عشر سنوات ، كانت مدّرسة ، رفضت الهجرة ، فلها منزلها في الغوطة الشرقية في ريف دمشق ، و هي تعيش في كفاية ، لكن منزلها تدّمر ، فغيرت مكان السّكن، توفي زوجها في القذيفة التي دمرت المنزل تقول لي: إنها غلطة العمر. كان علي أن أغامر .
خرجت من العلاج أتكئ على نفسي، كان بانتظاري الممرضة، قالت لي: أجّلت لك موعد قدوم السيارة لأنه مطلوب مني أن أجري لك التحاليل.
متى أخبروا الممرضة بذلك؟ الآن خرجت. سألتها متى قالوا لك ذلك؟ قالت: عندما وزنتك المعالجة ،أرسلت لي رسالة نصية أن أنتظرك. لو كان جهاز أمن لما توصل إلى ذلك. ضحكت ، قلت لها : حسناً. كم غزة سوف تغزينني؟ قالت: ولا واحدة . سوف آخذ الدّم في عدة أنابيب من القسطرة الموجودة في صدرك.و على الأغب سيكون لديك موعد كي يعطونك دماً . هذه هي المرة الثالثة التي سوف تأخذين فيها، وربما المرة الأخيرة ، لأنه بقي لك يوم واحد على العلاج. سوف تأخذ من الدّم النّبع !
يا لحظي الجيد! حتى لو متّ فإن كرامتي سوف تكون محفوظة، لن أتعرض للتنمّر كما كان يجري معي . كان ذلك المشوار المرهق الذي أوصلني إلى الموت يستحق المغامرة . نعم إنّه يستحق، فلولا أنني هنا لما استطعت العلاج. لا تسألوا مريضاً بالسرطان عن موقف الغرب من أية قضية غير قضيته. هو يغبط نفسه كيف استطاع الوصول، وكيف يعالجونه .
عندما ذهبت إلى دمشق في آخر مرّة في أوائل عام 2011 دعتني صديقتي لزيارتها ، هي نفسها صديقتي التي طلبت مني المساعدة ،لم يكن لدي الوقت، فأتت هي لزيارتي، جلبت معها الجوز، وصحن خبيزة مطبوخ ، على وجهه أجنحة البصل المقلي ، وصحن كشكة خضرا . تعشينا معاً . تحدثنا يومها عن "أوبرا ، الدكتور فيل" . قالت لي: إن ما يعرضانه يتحدث تماماً عنا ، سواء حول الزوج المدمن، أو البنات الصعبات، أو الابن الذي توفي بالمخدرات، أو عن الأمّ التي تؤذي أولادها، لكننا نحن نتكتّم وهم يفضحون السّر.
كنا -أنا وهي مفتونون بالبرنامج يومها، لكن اليوم لم أعد معجبة بهما . للأسف يا صديقتي . صحيح أنّ هؤلاء سوّقوا برامجهم على حساب الآخرين، ولم نكن ندرك ذلك ، لكن الدكتور فيل ليس طبيب نفسي، وهو لا زال يسوّق برنامجه، لكن حسب التعليقات فإن كل ما يقوله عن فريق العلاج هراء، أما أوبرا فهي متّهمة اليوم حسب التعليقات بالاتجار بالبشر ! إنها أسرار الثروة التي لا نفهمها، ولا نعرف إن كانت التّهم صحيحة. كل ما أغرفه أن أوبرا لم تعد تثيرني برامجها، ولم أعد أقتنع بما تقول . كأنني أتحدّث مع صديقتي وجهاً لوجه، بينما أتحدث مع نفسي . سوف نتحدث بأمور أخرى عندما أتواصل معها.
عدت إلى الفندق، وضعت حقيبتي في الغرفة، ونزلت . أخذت موبايلي معي كي أتحدث مع صديقتي من مكان يهبّ فيه نسيم الحياة. ما أروع الطّقس! ربيع في الصيّف، لكن أين الناس؟ هنا يوجد 12 فندق للمرضى لكل تخصصه، لكن لا يوجد سوى تلك الجنّة " الطبيعة الصّامتة" ، فكلّ في عمله ، ولا شيء يكسر الصمت سوى مباراة في كرة القدم بين الأولاد على آخر الشارع. يلعبون في ملعب المدرسة.
توجهت جهة الصّوت، جلست على مقعد خشبي أمام المدرسة . إنها مدرسة في قلب الجنة مساحتها بقدر مدينة صغيرة، وخلفي دوحة من الأشجار بينها ألعاب أطفال، ومقاعد، حجارة زرقاء ضخمة ، لا يوجد أجمل من هذا، لا شكّ أن هناك أطفالاً يأتون مع أمهاتهم إليها. ذهبت إلى إلى حديقة الأطفال. جلست على الأرجوحة ، بدأ الرذاذ يبلل وجهي ، فتحت على النشرة الجوية .مككتوب : زخات من المطر مرفقة بعواصف رعدية ، يخشى من حرائق الغابات . أنا بعيدة عن الفندفق حوالي ربع ساعة مشي ، سوف أبدأ الآن بالعودة قبل أن تبدأ زخاّت المطر، وبينما كنت أستعدّ بدأت الزّخات، وبدأ اللمع في السماء . لم أستعجل ، فالموت هو الموت بصاعقة ، أو بغيرها. غسلني المطر المتدّفق مثل حبال،كدت أصل إلى الفندق ، توقف المطر، وظهرت الشّمس، لكنّني مبلولة ، عليّ أن أبدّل ثيابي ، و أجفف جاكيتي المطري .
أعطاني المطر جرعة من الحبّ
أدفأ قلبي ، تذكرت أبي
تذكرت قريتنا التي كانت تفرح بالمطر
تذكرت الطّوفة التي كانت تمرّ أمام بيتنا في القرية، وتحمل معها بقايا المحاصيل، كنا نخرج إلى أمام الدار عندما نسمع خشيشها، نتفرّج عليها، يمتلئ بئرنا بالماء، نغرف منه بالطّاسة.
أحياناً ألجأ إلى تزييف الذكريات، فذلك الفيضان الذي اسمه" الطوفة " تسبب في كوارث في ذلك الزمان. منذ الطّوفة، وحتى القحط . الأمر بمجمله كان محبطاً ، ولا مجال للذكرى في مكان أصبح فارغاً من كلّ شيء.
الحنين مرض
فلا المكان هو المكان، ولا الزمان هو الزمان.
نحن نحنّ إلى أنفسنا في مرحلة من الحياة، لكننا لو عدنا لن نجدنا .
نحن لم نتجاوز طفولتنا ، لسبب بسيط: أننا لم نحقق ولو جزءاً بسيطاً من أحلامنا ، لذا بقينا في أماكن الطفولة و المراهقة.
أوه ! بدأ النّق في خاصرتي . سوف أتناول الألفادون، وأجلب كوب قهوة من المطعم، وقد أكل معه قطعة خبز يابس-يشبه البسكويت، لكنه خبز- مدهونة بالزبدة . لا. لا أستطيع. ليس الآن بعد قليل . . بعد قليل .
تعودت على السفر ، سفر مختلف في هذه المرّة ، ربما حققت بعض أحلامي دون أن أدري ، فتلك الرّحلات السياحيّة التي تقلّني منفردة إلى المستشفى، و الفندق، ثم إلى بيتي ، رغم الألم تجعلني أسترخي بذهني دون أن أتحمل عناء التفكير بالوصول، فالمرشد السياحي هنا هو السائق الذي يتوجب عليه حتى إيصالي إلى داخل مركز العلاج . سوف ينتهي العلاج ، فقد أكملت ستة وعشرين جلسة .
كان السفر في سورية بالنسبة لي هو من ضمن الأعمال الشّاقة ، ولم أعرف من السياحة أمراً غلا عندما أنجبت ابنتيّ ، أردت أن آخذهم إلى معرض دمشق الدولي ، لم أحسب حساب المواصلات، وعند النزول من الباص أنزلتهم قبلي، وقبل أن أضع رجلي الثانية مشى الباص ، فوقعت على صدري ودخل الرمل في يدي، وبقيت مريضة لمدة شهر كامل. أمضيت عشرين عاماً في مدينتي منها أربعة أعوام في دمشق ، حيث كنت في مدرسة داخلية، لكنّها أغنت حياتي بالصداقة ، و أمضيت الباقي في " عش الزوجية" ، وكانت المتع هي الاحتفالات الحزبية الشعبوية التي كنت أغرّد فيها بأحلامي خارج السّرب . سورية " الجميلة تلك " لا أعرفها فقد قمت مرة بسياحة عائلية إلى السّاحل ، وكنت لأول مرة أرى البحر ، شعرت خلالها بالملل، وعدم القدرة على أن أكون أنا حتى ضمن فريق عائلي .
قد يكون الخلل في ّ ، فقد كان طموحي أكبر ، وفي كل مرّة كنت أؤجله، وحتى عندما كنت أسافر بين حلب ودمشق لحلّ أمور أولادي في الجامعات كان الخلل فيّ. أطمح للكثير، و أعيش بعقلية المجتمع البالية، كنت أعتقد أنني مختلفة ، لكن تبين أنني صورة طبق الأصل لذلك الزّيف الاجتماعي. يؤسفني أن أقول أنّني لا أعرف سورية !
أنا لا أعرف السويد أيضاً ، بمعنى أنه لم يكن لدي الوقت للتمتع بأماكنها ، و لولا نعمة جواز السّفر لما سافرت إلى كندا حيث كانت ترغمني ابنتي على الذهاب إلى مطاعم تورونتو ، كنت أشعر بالذنب، كما أنها أخذتني برحلة سياحية في الباص لأيام معدودة زرت فيها جميع ولايات كندا، نمنا في أفضل الفنادق، أكلنا في أفضل المطاعم ، وكانت ابنتي تقول لأولادها : كلما أقول لأمّي أننا سوف نسافر يصيبها الاكتئاب، وتكاد تبكي. لم تتعود على ذلك . يبدو أن الأبناء يقومون بردة فعل ، فابنتي لديها رحلتان هي و أولادها : رحلة الصيف، ورحلة الشتاء ، ورحلة الشتاء تكون مع أعياد الميلاد ورأس السنة حيث تحجز في رحلات سياحية في القارة الأمريكية، لكنها ترغب في التغيير هذا العام وقد تزور دبي حيث تربى أولادها ، وسوف تزور مدرستهم. إنها ثقافة أخرى .
كلّ هذه الأمور ترد إلى ذهني قبل الذهاب إلى مركز العلاج، وبينما أقوم بمشواري الصباحي الجميل ، و المؤلم بنفس الوقت ، فأنا لا أحتمل ذلك الرقص في أحشائي .
الفصل الخامس

لو قدر لي الحياة سوف أتغيّر
سوف أخلع ثوباً لبسته ، هو ثوب القيام بالواجب
سوف أتمتّع بالأماكن ، بالأيام
لن أنتظر منّة الأولاد
سوف أتعلم فنّ السفر لوحدي
لا بأس أن أضيع ، أجد الطريق
لا بأس أن لا أعرف مكان المطعم
لا بأس أن لا أعرف كيف أتصرف بالمطار
سوف يكون معي ثمن سيارة وبترول
عندما أتيت إلى السويد بتلك الرحلة الصعبة، وصلت إلى مطار قريب من ستوكهولم، حجزت تذكرة قطار إلى مكان ما، كان الجوّ ماطراً ، و أنا أرتجف بثياب الصيف التي لا أحمل غيرها. كان ذلك في الأول من أيلول . كأنني أعرف السويد، وعندما ذهبت إلى مركز تقديم اللجوء لوحدي كان وضعي الصحي تعيساً ، بينما أنتظر دوري في البصمة، كنت أشاهد التلفاز في المركز، رأيت أوباما، عرفت أنّه في السويد، لكنني لم أكن أفهم السويدية ، وكان هناك موقف سياسي للسويد، في اليوم التالي كان قرار الإقامات الدّائمة للسوريين، لم يطل الأمر كثيراً فقيدوا الإقامة ثانية و أصدروا قانون الشرف الذي لم يكن موجوداً في السويد لمتابعة الجرائم بحق الفتيات و النساء، وقد كان للسوريين دور في تلك الجرائم سواء في قتل الزوجات، أو إخراج الفتيات القاصرات لتزويجهن. طبعاً إضاة للعراقيين و الأفغان، طبعاً هناك فئة من السوريين استطاعت باجتهادها الوصول إلى مراكز فهناك رؤساء أقسام في المستشفيات ، ومبدعون في القطاع الخاص و العام .
أشعر أنّني أكتب مقالاً ، لكنه في الحقيقة مشاعر تختلط في ذهني بينما أهمّ بالعودة إلى فندق المرضى .
سوف أفتقد زملائي في الفندق
سوف أفتقد فريق العلاج
تلك الممرضة الأفريقية التي تحجز لي مواعيد السيارات ، وتسحب دمي
سوف أفتقد الغابة، صمت الشارع في المساء
أصبح فندق المرضى وطني، مركز العلاج هو العاصمة
لكنّني سوف أعود لبيتي ، فأنا أفتقده
سوف أقدّر أنّ لي بيتاً مستقلاً ، و أعطيه بعض القيمة في وجداني.
سوف أتمدد على الصوفا أمام التلفاز، و أنا أشاهد استديو الصباح الإخباري
سوف أشاهد احتفالات البرايد" الفخر" للمثليين و المتحولين التي يشارك فيها رؤساء الأحزاب و الوزراء، وحتى القسّان ، كي أقبل المجتمع الذي منحني الآمان لي ، ولجميع من لجأ إليه لسبب ما ومنهم المثليون ، فليس ذنبك أن تخلق








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تكريم إلهام شاهين في مهرجان هوليود للفيلم العربي


.. رسميًا.. طرح فيلم السرب فى دور العرض يوم 1 مايو المقبل




.. كل الزوايا - -شرق 12- فيلم مصري يشارك في مسابقة أسبوع المخرج


.. الفيلم اللبنانى المصرى أرزة يشارك فى مهرجان ترايبيكا السينما




.. حلقة #زمن لهذا الأسبوع مليئة بالحكايات والمواضيع المهمة مع ا