الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن سبل إصلاح منظمة التحرير الفلسطينية وتفعيل دورها

نهاد ابو غوش
(Nihad Abughosh)

2021 / 9 / 15
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية


نهاد أبو غوش*
لا يمكن لأي نقاش في الشأن الفلسطيني العام وبالتحديد في شأن منظمة التحرير الفلسطينية،وسائر مكونات ما يمكن أن نسميه النظام السياسي الفلسطيني، بما في ذلك المجلس الوطني الفلسطيني والهيئات المنبثقة عنه، وحكوة السلطة وهيئاتها وأجهزتها وحتى الفصائل السياسية، أن يتجاهل المعضلة الرئيسية التي تواجهنا وهي معضلة التناقض بين حالة منظمة التحرير وبنيتها ومؤسساتها وأدائها السياسي من جهة، وبين الحاجة الموضوعية لوجود إطار سياسي موحد يمثل الشعب الفلسطيني ويكون معترفا به ومسلما بصفته التمثيلية من قبل الشعب الفلسطيني وقواه ومؤسساته أولا، ثم من قبل باقي الأطراف والدول والهيئات في العالم، ويجسد وحدة الشعب الفلسطيني في كل أماكن تواجده ، ويمثل رافعة واداة لانتزاع حقوقه الوطنية.
نبدأ بما يعرفه الجميع عن منظمة التحرير، وحالتها التي لا تسر صديقا ولا تغيظ عدوا، وإنما نسرد هذه الحقائق لكي يساعدنا التشخيص على الاستنتاج والاستخلاص ورسم وجهة عمل تساعد الوطنيين الفلسطينيين على إيجاد الحلول، فالمنظمة تحولت عاما بعد الآخر إلى جسم هامد جامد متكلس، لا يجري استدعاؤها ودعوة هيئاتها للاجتماع إلا عند الحاجة وقد رأينا ما هي هذه الحاجة في مرات عديدة، إما لألغاء بنود من الميثاق الوطني، أو ملء واستكمال شواغر في عضوية الهيئات بسبب الاستقالات والوفيات الطبيعية، أو إضفاء شرعية ما على توجهات ما،
يمكن القول أن حالة منظمة التحرير بمؤسساتها ودوائرها وبنيتها الداخلية ونمط اداء قيادتها بدأت بالترهل والتراجع والتآكل منذ سنوات طويلة، ربما نعيد الموضوع إلى العام 1982 أو حتى إلى ما بعد حرب أوكتوبر والطفرة النفطية التي اعقبتها وتدفق المال السعودي والخليجي، وتواصل الأمر واستفحل بعد اتفاق اوسلو وقيام السلطة التي هي ذراع للمنظمة لكن هذا الذراع / الابنة ابتلع الجسم الأصلي وهمشه ويكاد يقضي عليه. بشكل عام يمكن لنا أن نستفيد من قوانين المادية التاريخية في دراسة الظواهر الاجتماعية التي تنشأ بحكم ضرورة موضوعية وتتطور وتنمو ولكنها في مرحلة ما تبدأ التناقضات الداخلية والمصالح والعلاقات بإعاقة نمو هذه الظاهرة وتحولها إلى عنصر كابح ومعيق للتطورات الاجتماعية، وبالمثل منظمة التحرير ولدت من رحم المعاناة والنكبة واستجابة لحاجة الشعب الفلسطيني لما/ ولمن يمثله ويؤطر نضاله، ولكن في مرحلة ما سوف تبرز تناقضات المنظمة وتشيخ وتهرم، وربما وهذه ليست شتيمة ولا سجالا أخلاقيا، تتحول المنظمة إلى عبء على النضال الوطني الفلسطيني بدل ان تكون رافعة له.
حين تقوم السلطة الناشئة عن اتفاق اوسلو بابتلاع المنظمة وتهميشها، وتتحول المنظمة مع الوقت إلى قطعة ديكور لا وظيفة لها تصبح عبئا على النضال الوطني الفلسطيني، ولدينا دلائل كثيرة تثبت هذا المآل، من بينها إهمال الشعب الفلسطيني في الشتات وإهمال قضاياه، خضوع مؤسسات السلطة ومنظمة التحرير لقيود اتفاق أوسلو بما في ذلك الخيارات السياسية والكفاحية، اعتماد المنظمة (وفصائلها) ماليا على السلطة ووزارة ماليتها ونظامها الإداري الوظيفي، ترهل مؤسسات المنظمة وإفراغها من مضمونها وتحولها إلى هياكل خاوية مثل دوائر منظمة التحرير التي هي في حقيقتها مجرد مكاتب لأعضاء اللجنة التنفيذية مع بعض المعاونين الشخصيين لعضو التنفيذية. والمظهر الصارخ والأكثر دلالة على هذا المأزق وهذه الحالة هو وضع اللجنة التنفيذية التي يفترض أن تمثل القيادة اليومية للمنظمة والشعب الفلسطيني وقد تحولت إلى هيئة استشارية تجتمع بدون رئيسها وترفع له توصيات، ووتيرة اجتماعاتها غير منتظمة، وفي أحيانا كثيرة تفقد هذه الهيئة شخصيتها ويضيع قوامها حين تندمج مع اللجنة المركزية لحركة فتح وتعقد اجتماعات لما يسمى القيادة الفلسطينية التي هي خليط من التنفيذية ومركزية فتح وبعض مسؤولي الفصائل والوزراء وقادة الأجهزة الأمنية ومستشاري الرئيس وأحيانا المحافظين وربما من يتواجد في الصدفة في مقر المقاطعة، وتتخذ هذه الاجتماعات طابع الإحاطة المعلوماتية، إذ تعرض على الحاضرين، وبشكل انتقائي، نتائج آخر جولات الرئيس واتصالاته.
لم تعد منظمة التحرير إطارا ائتلافيا جامعا لكل القوى الوطنية السياسية الفلسطينية، او جبهة وطنية موحدة كما هي تجارب حركات التحرر، ولا يعود ذلك لبقاء حركتي حماس والجهاد ومقاطعة الجبهة الشعبية والتوترات مع باقي القوى، بل لأن الحراكات التي تعتمل وتمور في المجتمع تدل على إرهاصات ومقدمات جدية لولادة بنى واجسام جديدة، ولاحظنا خلال التحضير للانتخابات التي لم تجر، أن فصائل تاريخية ممثلة في المنظمة لم تتمكن حتى من تشكيل قوائم، وحتى لو جرت الانتخابات فان استطلاعات الرأي كانت تشير إلى أن بعض القوى التاريخية لن تتمكن من اجتياز نسبة الحسم البالغة 1.5%، في المقابل فإن 26 قائمة من أصل 36 قائمة مسجلة هي من خارج الأطر السياسية المعروفة، وهذا يؤكد على أن الأمراض والآفات التي اصابت المنظمة امتدت لتشمل فصائلها بما فيها الفصائل التي تنادي بالإصلاح والتغيير الديمقراطي.
من الدلائل الكبيرة على عمق الأزمة أن أهم الحراكات الوطنية والاجتماعية التي وقعت خلال السنوات الأخيرة، جرت غالبا من خارج الأطر التقليدية للحركة الوطنية، ينطبق ذلك على حراكات المعلمين والمحامين والضمان الاجتماعي، وحراك ارفعوا العقوبات، وبدنا نعيش، وحراكات التنديد بتصفية نزار بنات، بالإضافة إلى عدد من الحراكات المطلبية المباشرة.
*كاتب وصحفي وعضو في المجلس الوطني الفلسطيني
الحفاظ على الصيغة التمثيلية الوحيدة القائمة التي ترمز لوجود الشعب الفلسطيني ولوحدته كشعب وليس كمجاميع سكانية، هي ضرورة قصوى لكن ذلك يتطلب إصلاحات جذرية وجوهرية تعيد الاعتبار للشعب وتجمعاته المختلفة وخاصة في الشتات، وتجري فصلا حاسما بين المنظمة كإطار سياسي تمثيلي والسلطة كجهاز يقدم خدمات مدنية للشعب، ومدخل ذلك الانتخابات الشاملة، واعادة الاعتبار للمنظمات الشعبية المستقلة كقاعدة جماهيرية جادة لمنظمة التحرير وليس كواجهات سياسية لا تفعل شيئا سوى الدعاية للأطراف السياسية التي تمثلها، كما أن اي إصلاح جدي وجذري يجب أن يشتمل على إشراك كل القوى الجديدة بتلاوينها السياسية والفكرية واستيعاب الأجيال الشابة.
* كاتب وصحفي فلسطيني يساري وعضو المجلس الوطني الفلسطيني








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شعب فلسطيني يإرادة سياسية واحدة وبدون ميليشيات
عادل حبه ( 2021 / 9 / 15 - 21:18 )
لا يمكن أن يتشكل كيان سياسي قلسطيني معترف به دولياً في ظل احتفاظ كل مكون بميليشيات مسلحة وسيطرة بعضها على مناطق فلسطينية وارتهانها لأجندات خارجية ،اقليمية. فالشعب المشتت القوى لا يمكنه إحراز النصر، ولنا مثل في فيتنام حيث استطاعت قواه الموحدة أن تحصل على الاعتراف الدولي وعلى مساعدات ضخمة مكنته من مواجهة الاستعمار الفرنسي وفرض ارادته على الولايات المتحدة وانسحابها المخزي في فيتنام. مؤسسة واحدة متماسكة لا يخدشها ويزعزعها الاختلاف والاهواء هي التي تستطيع أن توحد الشعب وتحصل على الاعتراف والدعم الدولي. حلوا ميليشياتكم ايها الفلسطينيون واتعضوا من تجربتكم منذ النكبة ومن تجربة اللبنانيين .وميليشياتهم والآن العراقيين وميليشياتهم.

اخر الافلام

.. Read the Socialist issue 1271 - TUSC sixth biggest party in


.. إحباط كبير جداً من جانب اليمين المتطرف في -إسرائيل-، والجمهو




.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة كولومبيا


.. يرني ساندرز يدعو مناصريه لإعادة انتخاب الرئيس الأميركي لولاي




.. تصريح الأمين العام عقب الاجتماع السابع للجنة المركزية لحزب ا