الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انحلال الحزب الشيوعي العراقي/9

عبدالامير الركابي

2021 / 9 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


تظهر بين فترة وأخرى تجمعات صغيرة، صافية ، وتريد ان تكون بمنتهى النقاوة من حيث "ماركستها/ اللينينيته"، على هامش، وخارج اطار المعروف على انه الحزب الشيوعي الرسمي، وليس لمانتحدث عنه سوى دلالة ثقافوية منزوعة الأثر، او الدلاله الموضوعيه، الا اللهم على مستوى الحساسيات الشخصية، فالانقسامات وحالات الانشقاق التي عرفتها الحركة الشوعيه العراقية، وكانت تنطوي على دالات موصوله بالتطور التاريخي، وبتبدلات موقع الحزب وانقلابه، انتهت مع أواخر الستينات، ومع صعود الافنائية الجزئية الثانيه الريعية العقائدية، وكانت بدات بعد عملية التصفية الشباطية عام 1963، وتحديدا منذ عام 1964 مع انشقاق "اللجنه الثورية" ذهابا الى " فريق من كوادر الحزب" بعد عام 1965 ، المتداخل مع انشقاق "القيادة المركزية" عام 1967، والانشقاقات المذكورة عززتها تطورات عالميه، ومتغيرات طرات على الحركة الشيوعيه واليسارية وقتها، وانطلقت عراقيا من أسباب موصوله بالانعطاف الحاصل قي موقع الحزب وعلاقته بالاليات الوطن كونيه، وبالأخص منشئه كقوة مفروضة من الضرورات المتولدة في حينه،كرد على الفنائية الغربيه الاحتلالية، ارض سواديا، بعد عام 1921.
وكانت ثورة 14 تموز قد افضت على مستوى الحكم، الى نوع من حكم العسكر المهلهل والضعيف، بلا أي قاعدة او ركيزه مجتمعية، ماقد عزز وقتها فكرة عدم صلاحية العسكر وانقلاباتهم وسيلة لاعادة انتاج الافنائية الضرورية، وفي بلد هو اول من دشن على مستوى العالم الثالث، ظاهرة الانقلابات العسكرية التي تحولت الى ظاهرة عالميه بعد انقلاب "بكر صدقي" عام 1936، انتهت الظاهرة المذكورة وفقدت مبررها، في الموضع الذي دشنها اول مرة، الامر الذي عزز خيار "الحزب العقائدي" المدعم بالريع النفطي كما قد حدث عام 1968 بمجيء ماعرف بحزب البعث للحكم/ بعد عشر سنوات على ثورة تموز، ولم تكن الانشقاقات المشار اليها وبالأخص بدء وجهة "الكفاح المسلح" في الاهوار جنوبا(1)، غائبة عن المحفزات التي اوجبت المسارعه الى فبركة الشكل الثاني من اشكال الحكم الافنائي الجزئي، كذلك لم تكن وجهة إعادة تأسيس حزب ارض السواد الشيوعي في ارضه، غائبة وقتها، الامر الذي وقفت جماعة الحزب الجديد ضده بكل قواها، ماقد وضعها من يومها بموقع الحليف الموضوعي للانقلاب الجديد الذي حرص من بداياته على تصفية التيارات الشيوعيه "غير الرسميه" ليظهر كحليف لطرف شيوعي، ضد طرف اخرمتطرف.
هكذا كانت أحزاب الايديلوجيا الثلاثينيه تنتهي حضورا، مغادرة التماس مع الضرورة الوطنيه بعد ثورة تموز 1958 فيسير احدها للاختفاء والذوبان، بينما يحوّر الاثنان الباقيان، الأول بانتقاله من الناصرية الى تكريت، ومن فؤاد الركابي، الى البكر وصدام حسين، والثاني من الناصرية والنجف، الى عزيز محمد وخدنه، بدل فهد وسلام عادل، الأول يحتل موقع الحاكم الريعي النفطي، والثاني يحول الإرث التاريخي الهام والضخم، الى ثروة شخصية، والى وسيلة للاثراء والنفوذ، وكل أنواع الفساد الممكن، والسرقة، بالتحالف مع الحزب الحاكم أولا، وبالاكاذيب وسياسات الدجل، وعمليات تصفية حركات التذمر والاحتجاج، بافتعال اكذوبة الكفاح المسلح (الأنصار) في شمال العراق، بغرض تصريف النقمة على سياسة التحالف مع الحكم، ونتائجها، حين جرى تعريض العديد من الحزبيين المتحمسين للقتل المجاني، وصولا الى الخيانه العظمى، وسياسة التحالف مع الغزو الامركي.
تلك اللحظة، وبالتحديد مع ثورة 14 تموز1958 دخل العراق طور انتهاء التوهمية الايديلوجية، في حين اخذت تلح من يومها، وعلى مدى بزيد على النصف قرن، النطقية الغائبة لمجتمع الازدواج واللاارضوية المتعدية للكيانيه، هذا بينما راح العراق يسير نحو الطور الثاني الراهن من "العيش على حافة الفناء"، بدءا من عام 1980 مع الحرب العراقية الإيرانية، والمستمر الى اليوم، ل تحل مع الغزو الأمريكي لحظة الكيانيه الممنوعه حتى بشكلها المزور المفبرك الذي اوجده الغرب نفسه منذ عام 1921 .
يعيش العراق مرة أخرى ومجددا، حالة "اللانطقية"، ومعها بداهة غياب "الحركة الوطنيه" والتعرف الضروري على الذات، والحالة المقصودة، تعقب لحظة استثناء طارئة، مرت بعد حضور الغرب محتلا، اتسمت بالاستعارة الايديلوجيه، وبما يوهم، باسم نوع من "الوطنيه الزائفة" العارضة، بمقاربة الذاتييه الممتنعه تاريخيا، في حين اختلفت اشتراطات مابعد تلك الفترة الممتدة من العشرينات الى الخمسينات، ولم تعد هي ذاتهاالتي ظلت مستمرة على مدى الدورات التاريخيه العراقية، او خلال الدورة الثالثة الحالية، ابتداء من القرن السادس عشر، ومع المتغيرات الكبرى العالمية، وبلوغ الظاهرة الغربية وحداثتها زمن انتهاء الفعالية، بمقابل دخول العراق حالة "العيش على حافة الفناء" بنتيجة الاصطراعية الافنائية التي فرضتها الظاهرة الغربيه عليه، وانتهت بمنع الكيانيه لاستحالة اندراجها ضمن الممكن الغربي المتاح كنموذج دوليا، واجمالي المتغيرات الاقليميه والذاتيه، مع هذا كله، وقوة وطاته، لم تعد حال اللانطقية مما يمكن التعايش معه، او قبوله، وصار "قران العراق"، او "الحداثة اللاارضوية العلّية"، وريثة المنظور اللاارضوي السماوي النبوي الأول، حالة لزوم لايمكن العيش من دونها، ليس على صعيد العراق لوحده، بل على مستوى العالم ككل.
وليس مايشار له مسالة عرضية، او مقحمه كما قد تبدو اليوم تحت طائلة السردية الغربية الحداثية ومايتصل بها من نموذجية، فالتاريخ الحديث تبلور بالاصل على قاعدة التناوب الحداثي، مابين حداثة غربية أحادية موطنها الارضوية الأعلى والارفع دينامية، في موضع الانشطارية الطبقية، والموضع الازدواجي الانشطاري العمودي التحولي المجتمعي، حيث يلعب النهوض الأوربي دور الحافز، والعامل الضروري كاخر واعلى اشكال التجلي الأحادي الارضوي، المفضي الى الحداثة اللاارضوية العراقية، الشاملة للموضع الذي تتجلى فيه وللعالم برمته، باعتبار انتهاء فعالية وإمكانات استمرار المجتمعية الأحادية الارضوية، بعد بلوغها منتهى وقمة تجليها.
تحضر ارض السواد اليوم بماهي كينونة وبنيه تاريخيه لامكان فيها للايديلوجيا وللحداثية العابره، فيقف العقل العراقي امام اعظم التحديات التاريخيه الممكن تخيلها على الاطلاق، فلا يبقى من "الشيوعية" وغيرها من الايديلوجيات الاحادية، الا اشترطات وجودها الطاريء الظرفي، وأسباب تماسها اللحظوي الاستبدالي مع الاشتراطات والاليات اللاارضوية، المتعدية للشيوعيه، الى انتهاء المجتمعية، وتجاوزها الى مابعد الجسدية، والى الاكوانيه العليا. ومع اللحظة العظمى المضمرة المختفيه على مدى الاف السنين، يجد أبناء ارض السواد والعراق ككل، بعد ان شملت شروط اللاارضوية العراق برمته، كما فبركه الغرب الحديث، انفسهم امام ماكانوا قد وجدوا أصلا وبتدبير من "الغائية الكونيه العليا"، باعتبارهم المنفذ الأرضي الصاعد بالكائن البشري الى الكون، بعد ان يتحول منتقلا من "الانسايوان" المسمى اليوم واعتباطا ب " الانسان"، الى الكائن الغاية من الوجود المجتمعي بما هو بوتقة ورحم العقل وتصيره المتجه الى التحرر، بالاستقلال عن الجسدية بما هي بقية عالقة من زمن الحيوانيه.
هي لجظة عظمى كما ينبغي لها ان تكون، ليست الحداثوية الغربيه فقط التي تطوى بمناسبتها، بل الإرث الارسخ النابع من قلب المكان كصيغة ابتداء أولى، فرضتها اشتراطات غلبة الأحادية الارضوية، تلك هي الرؤوى الابراهيمة الأولى، صيغة التعبيرية اللاارضوية الأساس، النبوية الحدسية الالهامية، التي انتهت ب"الانتظارية" التي صارت اليوم هي أيضا في حالة انقضاء، فالانتظار انتهى زمنه، ومعه ماقد ولده في حينه ابان ازمة التعبيرية الثانيه المتصلة بالختام والانتهاء النبوي المحمدي، يوم خلصت تجربة العراق وقتها الإمبراطورية القرمطية، الى القناعة بعدم توفر اشتراطات التحقق للمرة الثانيه، فالقي بالوعد الى حين اتقضاء الزمن الأحادي، يوم "تمتليء جورا"، أي تبلغ منتهاها، وهكذا صار على الابراهيمه ان تصير اليوم علّة تحققية صاعدة الى الاكوان العليا، التي انتظرت الصعود اليها عشرا ت القرون، فلا من نبوية وقراءات كبرى، ابراهيمه بعد اليوم، وبعد ان حل المطلوب المقصود، وبلغ التاريخ غايته ومنتهى تصيّره.
أي شيوعيه متردية متهالكة، وتابعه للسفارة الامريكيه، واي صدر، واية مليشيات، واية حكومات تعيش داخل سور كونكريتي، يمكن ان تبقى بعد الان، لابل اية مرجعيه وجدت أصلا وبررتها الضرورة الانتظارية، المنتهية من هنا فصاعدا، لابل أي مشايخ وازهرات وسواها من رموز الزمن المنتهي المؤقت، المفروض على اللاارضوية ابان زمن انقضى، وماعاد قابلا للحياة، زمن الارضوية الأحادية، واعلى قممه الباقية ماثلة الى الان، بما فيها أمريكا المجتمعية المفقسه خارج رحم التاريخ، المجتمعية الالية التي تصنع بالفكرة لابالصيرورة البيئية والتاريخية، لتتصارع في قلبها الابراهيمة "سنبني مدينة على جبل"، شعار البيوريتانيين الأول المهاجرين للقارة الجديده" وراس المال والامبراطورية التي هي وليدة نوع من الاستحالة الكيانيه "الوطنيه"، او حالة متاخرة، ونوع من الكيانيه المتعدية للكيانيه على الطريقة والمثال الرافديني التاريخي، الاعرق والاصل.
ليستعد أبناء مابين النهرين والبشرية جمعاء، للحظة الكونية الكبرى الموعودة، المودعة في قلب الكائن البشري والمجتمعات.. فالعالم ينطوي، وصفحة منه تقلب اليوم، لينكشق الطرية الذاهب باتجاه الكون .
مع تحيات
ـ الداعية اللاارضوي ـ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) قبلها عام 1965 كانت التململات الريفية قد بدات تتجدد مع انتفاضة فلاحي الغموكة/ في نفس المكان الذي بدات عنده اول تجربة للكفاح المسلح في الاهوار: 1967/1968 .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الفرنسية توقف رجلاً هدد بتفجير نفسه في القنصلية الإير


.. نتنياهو يرفع صوته ضد وزيرة الخارجية الألمانية




.. مراسلنا: دمار كبير في موقع عسكري تابع لفصائل مسلحة في منطقة


.. إيران تقلل من شأن الهجوم الذي تعرضت له وتتجاهل الإشارة لمسؤو




.. أصوات انفجارات في محافظة بابل العراقية وسط تقارير عن هجوم بط