الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن الشريحة المسلكية داخل التيار الصدري في العراق

سلام عادل
كاتب وصحافي

(Salam Adel)

2021 / 9 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


لا شك من كون الصدريين احد الظواهر الاجتماعية المهمة في العراق الجديد، وذلك لكونهم تياراً سياسياً وليس فقط مجرد تجمعات سكانية تنتشر في 13 محافظة عراقية، ويكاد يكون عددهم اكثر من عدد سكان اقليم كوردستان، الا ان الصدريين الذين هم في الغالب من سكان العشوائيات والريف والمناطق الواقعة على اطراف المدن، مازالوا يصنفون من ضمن الطبقة الفقيرة، على الرغم من بروز شريحة من المسلكيين داخلهم باتوا يتحكمون بكل شيء تقريباً في البلاد.

ولعل اللافت للانتباه ان شريحة المسلكيين هؤلاء، وهم مجموعة من البرلمانيين والمسؤولين وموظفين حكوميين ومقاولين، ينحدرون من نفس العشوائيات الحاضنة للمجتمع الصدري، لكن الغريب في الامر ان الشريحة هذه صارت تستهدف بقراراتها وسياساتها طبقة الفقراء الصدريين انفسهم، وهو ما شاهدناه مؤخراً من خلال جملة السياسات التي تبنتها الكتلة الصدرية ودعمتها، والمتمثلة بسياسات حكومة كاظمي، على رأسها (الورقة البيضاء)، والتي بات الجميع يعرف الان ان هذه (الورقة البيضاء) هي في الحقيقة (ورقة سوداء)، وهي مجرد إملاءات فوقية من قبل البنك الدولي كتبت كرؤية اقتصادية لخدمة مصالح الاغنياء وليس الفقراء.

ومما زاد الاوضاع سوءً في العراق ان الكتلة السياسية الصدرية بكل ثقلها ظلت تدعم اجراءات البنك المركزي العراقي الخاصة بخفض قيمة الدينار مقابل رفع سعر الدولار، على الرغم من كون هذا القرار قد قلل القيمة الفعلية لرواتب ذوي الدخل المحدود، على رأسهم الموظفين بالطبع، وتسببت برفع الاسعار، ووسط ذلك كله يمثل هذا القرار انحرافاً وطنياً في الرؤية العامة، من حيث ان الدول، جميع الدول، تعمل وتسعى وتجتهد لرفع قيمة عملتها الوطنية مقابل العملات الاجنبية المنافسة، حتى لو تطلب ذلك الدخول في حرب، لكن في العراق حصل العكس بسبب تواطؤ الكتلة الصدري مع قرارات البنك المركزية الفاسدة.

ولكن، وعلى ما يبدو بشكل واضح، ان الدعم المفتوح الذي ابدته الكتلة الصدرية لسياسات حكومة كاظمي السيئة، لم يحصل نتيجة عدم وجود خبرة ودراية ومعرفة، وانما بدافع التخادم والمصالح النفعية الضيقة التي سعى لها المسلكيون الصدريون، وهو ما يظهر على السطح من خلال تعاظم نفوذهم وهيمنتهم على مؤسسات الدولة، حتى باتت قطاعات حيوية مهمة تعد بمثابة موارد مالية خاص بهم واقطاعيات، مثل قطاع الكهرباء وقطاع الصحة، وكذلك النقل باشكاله الثلاثة البري والبحري والجوي، الى جانب عشرات المناصب الرفيعة التي تبدأ من السفارات وحتى وكلاء الوزارات والمدراء العامين والهيئات المستقلة.

ومما يثير الاستغراب ان هيمنة الصدريين المسلكيين لم تعد تقتصر على مؤسسات الدولة العراقية والموارد الوطنية، وانما حتى على فئة رجال الدين والاساتذة الحوزويين وطلبة العلم داخل المدرسة الصدرية، الذين هم في النهاية يمثلون الخط المرجعي الذي تركه الاب الروحي للصدريين سماحة المرجع الشهيد السيد محمد محمد صادق الصدر، وهو ما بات يمثل انتكاسة مرجعية لهذه المدرسة العريقة التي عرفت بالبساطة والتضحية، والتي لطالما وصفت بمرجعية الفقراء وليس مرجعية المقاولين، والحال هذا بات يشمل (المجاهدين الصدريين) الذين هم ايضاً سقطوا تحت قبضة المسلكيين، حيث صار يتم استخدامهم كحراس يركضون لخدمة مصالح المقاولين والمقاولات.

ان ظهور صدريين اغنياء يعتاشون على حقوق صدريين فقراء يمثل بحد ذاته انتكاسة للمرجعية الصدرية وانحرافاً عن القيم الدينية التي اسسها الاباء الشهداء، وهو من المؤكد سوف يسهم في سقوطهم بفخ (التخادم + التخابر) بما فيها التواطؤ مع الاجندات الخارجية، وهو ماحصل فعلياً خلال السنتين الاخيرتين، حيث بات السياسيين والموظفين الصدريين مجرد جسر لتمرير السياسات الخاطئة والضارة على رأسها السياسات الاقتصادية ودوام الحالة العوجاء التي تأسست في المنطقة الخضراء على يد الامريكان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هنية يزور تركيا لإجراء محادثات مع الرئيس التركي رجب طيب أردو


.. توقعات بموجة جديدة من ارتفاع أسعار المنتجات الغدائية بروسيا




.. سكاي نيوز عربية تزور أحد مخيمات النزوح في رفح جنوبي قطاع غزة


.. حزب -تقدّم- مهدد بالتفكك بعد انسحاب مرشحه لمنصب رئاسة مجلس ا




.. آثار الدمار نتيجة قصف استهدف قاعدة كالسو شمالي بابل في العرا