الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كفى قتلاً

سمير طبلة
إداري وإعلامي

(Samir Tabla)

2006 / 8 / 19
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


لا نحتاج لامتلاك شجاعة، انسانية ووطنية وأخلاقية، لنعترف بأن ما يجري لاهلنا في العراق، اليوم، هو كارثة وطنية، بكل المعايير. وليس تجنياً على احد القول بأن حكومتنا الوطنية (إقرأ حكومة المحاصصة البائسة) فشلت تماماً في صون أرواح العراقيين ودمائهم النازفة. فمع كل خطة أمنية مزعومة تُعلن يزداد القتل ويتنوّع. وتصرخ بهذا الارقام المرعبة والمعلنة هذه الايام عن عدد القتلى، وهي عناوين لعراقنا، الذي اسموه تجنياً، وربما استخفافاً بعقول الناس، جديداً. وتتضمن تلك العناوين تفاصيل يشيب لها شعر الاطفال.
ربما يجري الجدال عن ان وراء هذه الجرائم اليومية البشعة مصالح: افراد وجماعات، حاكمة او غير حاكمة او تزعم المقاومة، ودول، اخطرها دولة الجوار الشرقي، من دون التقليل من دور دول الجوار الاخرى، وبطبيعة الحال دول ما وراء المحيطات، التي تزعم انها تبني شرقاً اوسطاً جديداً. ولكن المؤكد ان من يدفع هذا الثمن الباهظ هم ابناء العراق وبناته وأطفاله، بل ومستقبل البلد بكامله. ويتوهم من يظن ان دول المنطقة الاخرى وشعوبها ستكون بمنأى عن شرّر النار الملتهبة في العراق وفي لبنان ايضاً.
ازاء هذا، لم يعد معيباً المطالبة، بملء الفم، بأن يتولى المجتمع الدولي، ممثلاً بالامم المتحدة، مسؤولياته ازاء العراق وشعبه. هنا، سيصرخ المعترضون بالقول ان هذا المجتمع تحت هيمنة القوة الوحيدة الاعظم في العالم. وهي حقيقة يدركها أبعد الناس عن السياسة. إلا اننا ازاء فاجعة بشرية يذهب ضحيتها اكثر من مئة انسان عراقي يومياً، واثبتت حكومة هذا العراقي انها اعجز من ان تحمي نفسها، فما بالك بحمايته، وهي المسؤولة عن أمنه دستورياً وقانونياً وأخلاقياً، وإلا لماذا ارتضت بقائها متحملة المسؤولية، وهي غير قادرة عليها.
ستصطدم هذه المطالبة، بالتأكيد، بالعديد من العقبات والمعوقات، تحت مختلف التسميات، المخلصة والحريصة منها، او من تزعم زوراً ذلك. إلا ان من يضع مصلحة شعبه ووطنه، بل مصالح المنطقة والعالم اجمع، نصب عينيّه لا بد ان يتأمل الفاجعة العراقية بكل ابعادها واحتمالاتها الاكثر مأساوية. وبالتالي فهو مطالب بتجاوز العديد من المحرمات السابقة، والاستحقاقات، بما فيها الانتخابية، على ما تضمنته من عبر مشرفة ومخزية في آن.
وعليه التفكير بآليات هذه المطالبة، وسبل تحقيقها، بما يضمن، أولاً وقبل أي شيء آخر، تقليل، إن لم يكن وقف، نزيف الدم اليومي العراقي.
وبهذا تتحمل النخب العراقية المثقفة والواعية، بعد ان خذلتها قيادات النخب السياسية الفاشلة، مسؤولية مصيرية لايصال المطالبة بحماية المجتمع الدولي للعراقيين الى من يملك امكانية تحقيقها، وتتعاون تلك النخب مع الاخيرة، لايجاد الآلية المناسبة، بعيداً عن تهديدات الارهاب والارهاب المضاد.
حقاً ان تفشي ظاهرة الميليشيات وتعمق سيطرتها على الشارع العراقي، ستشكل عائقاً حقيقياً لأي مسعى من المجتمع الدولي، المشغول أصلاً بالعديد من القضايا الملتهبة. لكن لا يحق لاحد ان يترك الشعب العراقي يواجه كارثته لوحده. فهذه اكثر من طاقته. عدا عن حقيقة ان بين قادته، بمن فيهم المنتخَبون، من يؤجّج سعير الكارثة.
خلاصة القول ان البلاد والعباد في كارثة تتفاقم، وتنفتح على جميع الاحتمالات، بما فيها الجحيم. ولم تعد من وسيلة لوقف هذا المصير المفزع، إلا بتداعي المخلصين، وكل من تعزّ عليه حياة الانسان، للتفكير الجدي بأنقاذ العراقيين قبل ان يحترق الزرع والضرع.
ساعتها سيعدم حتى اصبع الندم. فيما يخوض القتلة بدماء الناس وأشلائهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة- إسرائيل: هل بات اجتياح رفح قريباً؟ • فرانس 24 / FRANCE


.. عاصفة رملية شديدة تحول سماء مدينة ليبية إلى اللون الأصفر




.. -يجب عليكم أن تخجلوا من أنفسكم- #حماس تنشر فيديو لرهينة ينتق


.. أنصار الله: نفذنا 3 عمليات إحداها ضد مدمرة أمريكية




.. ??حديث إسرائيلي عن قرب تنفيذ عملية في رفح