الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أكثر من شيوعية ، و أقل من ليبرالية

نادية خلوف
(Nadia Khaloof)

2021 / 9 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


عندما بدأت ثقافة " الشيوعية " الحماسية تنتشر في المجتمع كان الشيوعيون يحاولون فهم أسباب انهيارها بعقلانية ، وتغيّر الموقف فأصبح العامّة يتغنون ببطولات الشيوعيين كغيفارا ، ويقرؤون كتب الأدب الروسي ، أو يجتزئون منها القليل، و أقصد بالعامّة هنا القوميين العرب الذين هم على رأس السلطة سواء كانوا بعثيين ، أو لهم اسم آخر .
أن تكون قومياً عربياً تعني بشكل غير مباشر أنك تكن العداء للقوميات الأخرى المتواجدة على مقياس الكراهية من 50 حتى 100، ومع هذا فقد بدأت تجربة الثقافة الشيوعية لدى أفراد المنظومات المتنفذة تماماً بعد بدء انهيار الاتحاد السوفياتي ، و أنقل من ذاكرتي ، وربما بشكل غير دقيق القصة التالية: " كان لدى أحد الفلاحين الأكراد قضية خلاف حول أرض وضع يده عليها، و أراد أن يسير في طريق كسب القضية فدعا ربما رئيس الفرع في تلك الأيام إلى غداء ، و أقول ربما لأنّ الحديث من الذاكرة، وكنا من بين المدعويين لأن أخو رئيس الفرع الشيوعي طلب من الفلاح ذلك -رئيس الفرع و أخوه ينتميان للطائفة الحاكمة تم استيرادهما من أجل الحكم و التنوع- كنت في ذلك الوقت شيوعية ، خلال الجلسة تباهت زوجة رئيس الفرع بخادمتها الشابة الصغيرة " المسيحية" ، ثم بدأ الزعيم في حديث مطوّل عن الشيوعية وقيمتها ، وتحدث عن الثورات ، مروراً بحقوق العمال الفلاحين. شعرت بضعف في شيوعيتي، وهزيمة في أفكاري فقد زاد عليها ، وبطريقة لم يعد بإمكاني الحديث فلمت نفسي لأنني افقت زوجي على الذهاب إلى الدّعوة لأنها كانت محبطة لي ، جعلتني أشعر بالقرف من الأفكار، وربما يومها فكّر عقلي الباطن بمغادرة الحزب" .
لم تهزم الشيوعية في الاتحاد السوفياتي فقط و إنما في الوطن العربي حيث اندمج أكثرها مع المنظومة الحاكمة كونها يسارية، تحارب الامبريالية، أو في التنظيمات القومية ، حتى أن الكثير من السجناء السياسيين اليوم ومن خلال وسائل التواصل الاجتماعي يحاولون إرضاء القوميين و الإسلاميين.
غادر الكثير من الشيوعيين أحزابهم ليبحثوا عن الخطأ في ثقافتهم ، وعرفوا الجانب السلبي من حكم لينين ، و الجانب الدموي من فكر كاسترو وغيفارا ، لكن من لبسوا الثقافة الماركسية لا زالوا يؤمنون بأفكار لم يناقشوها بل اعتبروها مسلّمات ، وترى أنهم وضعوا صورة كيفارا على صفحاتهم ، وليس هو فقط بل اعتبروا أوشو أيضاً ماركسياً، وكل من كان يبحث عن الشّهرة بقصيدة حماسية تعجب ولي نعمته كي يستمر.
ذهب الشيوعيون الذين غادروا الحزب في اتجاهات مختلفة ، أهمها اتجاه جلد النفس ولومها على عدم الاشتراك في مكاسب المنظومات الفاسدة فانضموا لها علّهم يتقاسمون الكعكة، أصبح للكعكة من يشرف على توزيعها، و القسم الثاني اعتنق القومية، وما تبقى أصبح " ليبرالياً مزيّفاً" يمتدح أمريكا بشخص ترامب ، أو أوباما ، وينتظر الفرصة ليعبّر عن فشل الشيوعية.
الموضوع ليس مؤامرة . الموضوع يتلخص في ذاكرتنا العميقة التي تبحث عن المنفعة المادية دون أن تعي الطريقة، فهؤلاء الثوريون اليساريون ، و الليبراليون يبحثون عن راعي للقبيلة يقمع خصومهم بينما بعض" المعتدلين" فهموا اللعبة لأنهم استطاعوا جمع المال عن طريق الإسلاميين ثم قدموا أنفسهم كليبراليين ، وأحدهم استقبلته رئيسة وزراء أستراليا ، و أقام سلسلة فنادق فيها، وكتبت عنه صحف الإمارات بفخر بأنه أتى اإمارات ومعه 70 دولار فقط، وصدقنا نحن الخبر .
قد يكون من المفيد أن نعود لنصنع ثورة ، لا أعرف ماذا سوف يكون اسمها . ثورة معرفية تقدّر الإنسان لإنه إنسان ، و تزيح ثقافة الموت الثورية، لم يخلق الشباب ليموتوا من أجل أية قضية ، ولن تذهب الدتكاتورية بالموت وهذا واضح في الثورة السورية التي أصبحت إسلامية. لو ألغينا من أذهاننا مفهوم المؤامرة، و الماسونية، و الإمبريالية، ووضعنا بدلاً منها جاجات الإنسان الأساسية قد نكون بدأنا ثورة وعي جديدة تترسّخ مع الزمن .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - بل قبل الشيوعية و الليبرالية هي ثورة إسمها إمرأة
بارباروسا آكيم ( 2021 / 9 / 21 - 11:48 )
اذا نظرنا الى بدايات المجتمع البشري في فجر التاريخ
ستجده مجتمع أمومي
يعني مجتمع تتحكم به المرأة
و من مميزات المجتمعات التي تتحكم بها المرأة
أنها تكون ميالة للتعايش و المشاركة و السلم الإجتماعي
حتى الآلهة و الأديان
لما كانت الآلهة انثوية كانت المجتمعات ميالة لفكرة التعدد الديني

لكن حينما بدأ الذكر بالتحكم و بدأ يزيح المرأة
بدأ يتحول المجتمع الى المنافسة و الصدام
و بدأ يظهر الدين الذكوري
حتى بدأ يزيل كل الآلهة الذكور ايضاً وصولاً الى الإله الواحد الأحد


من هنا إذا اردنا إصلاح العالم و منطقتنا
فعلينا إعادة المرأة الى مكانتها السابقة


كل مجتمع لا يحترم نسائه هو مجتمع غير محترم بالضرورة
و على هذا
تقع انت ايضا مسؤولية عليكي سيدتي في أن تخاطبي بنات جنسك

لقد قرأت كل مقالاتك السابقة
و رأيت فيها مقدار كبير من الألم الذي تعانيه المرأة الشرقية
لذلك إذا اردنا ثورة و إصلاح فالبداية هي من المرأة
اذا صلح حال المرأة صلح حالنا جميعاً

تحياتي و تقديري


2 - تحية لك بارباروسا
نادية خلوف ( 2021 / 9 / 21 - 13:26 )
اضطهاد المرأة لقرون طويلة جعلها ربما تقتنع بالذكورة وتتبنى مضمونها عن غير قصد فالمجتمع الذكري يضم الذكور و الإناث ، لكن لن يحلّ الرجل مسألة وعي المرأة ، وعليها أن تخلع مفاهيم كثيرة من ذهنها. نعم أعتقد أن دور النساء ليس التوعية لأن التوعية لا قيمة لها في مجتمعاتنا ، لكن بناء ميثاق صغير بين مجموعة صغيرة من النساء يتمحور حول المساواة ، و التعهد بتطبيقها في نطاق ذلك الميثاق ، وسوف يتطور إلى أن تصبح النساء جزءاً من العملية السياسية الاجتماعية بقدر النّصف، لكن إن كنت أنا و التي أحمل هموم النساء أرتجف عند المعاينة النسائية لأن ذهني بيلغني أن أعضائي لتناسلية عورة حتى لو كان الطبيب امرأة ، فإنني أحتاج لثورة غعلى نفسي بالدرجة الأولى ، وربما أقوم بها حالياً


3 - الى الأمام
بارباروسا آكيم ( 2021 / 9 / 21 - 14:34 )
نعم سيدتي تصالحي مع نفسك أولاً
و أعلمي أنك ملك نفسك و لست ملك الآخرين
و أعملي على ذلك التجمع النسائي

في البداية كأي فكرة جديدة ستجدين الرفض
لكن بمرور الوقت ستثمر فكرتك

تمنياتي لك بالتوفيق الدائم يا سيدتي الجميلة

اخر الافلام

.. غزة- إسرائيل: هل بات اجتياح رفح قريباً؟ • فرانس 24 / FRANCE


.. عاصفة رملية شديدة تحول سماء مدينة ليبية إلى اللون الأصفر




.. -يجب عليكم أن تخجلوا من أنفسكم- #حماس تنشر فيديو لرهينة ينتق


.. أنصار الله: نفذنا 3 عمليات إحداها ضد مدمرة أمريكية




.. ??حديث إسرائيلي عن قرب تنفيذ عملية في رفح