الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هجمة إسرائيلية شاملة لتهويد القدس

نهاد ابو غوش
(Nihad Abughosh)

2021 / 9 / 21
القضية الفلسطينية


لم تحسم المعركة الإسرائيلية على مدينة القدس، بإحكام الاحتلال العسكري للمدينة، وضمها لحدود دولة إسرائيل واطبيق القانون الإسرائيلي عليها، ثم محاولة سلخها عن باقي أجزاء الوطن الفلسطيني المحتل، وفصم ارتباط سكانها ومواطنيها عن بقية ابناء وبنات الشعب الفلسطيني، بل إن هذه المعركة تتواصل وتستمر فصولا، وتشمل جميع جوانب الحياة الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والتجارية والتعليمية ، حيث تتعاون كل أجهزة الاحتلال وأدواته من جيش واجهزة أمنية وبلدية وسلطة قضائية، ووزارات وإدارات حكومية، وجمعيات اهلية للمستوطنين وغيرهم، وتتكامل أدوارها في جهودها لتغيير طابع المدينة وهويتها التاريخية كمدينة عربية فلسطينية متعددة الديانات، إلى مدينة يهودية خالصة، يشكل الوجود العربي الفلسطيني الإسلامي – المسيحي وجودا طارئا وعرضيا، ويجري تنظيمه وفقا لأولويات الوجود اليهودي كتسمية الشوارع والساحات والمرافق العامة واعتماد العبرية لغة رسمية، وتنظيم حركة السير والتجارة بما ينسجم مع الأعياد والمناسبات اليهودية.
تتلخص الخطة الإسرائيلية مباشرة ودون مواربة في "تهويد المدينة"، وقد اتخذ هذا المشروع/ الخطة دفعة معنوية ومادية هائلة بعد اعتراف الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأميركية إليها، مخالفا بذلك ما درج عليه 13 رئيسا أميركيا سابقا، وعشرات القرارات الأممية التي لا تعترف بالسيادة الإسرائيلية على القدس بل ترفضها وتعتبر الشطر الشرقي من المدينة جزءا لا يتجزا من الأراضي الفلسطينية المحتلة بحرب عام 1967 وتسري عليها قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة بالقضية وخاصة القراران 242 و 338 و 2334.
إسرائيل ليست متعجلة في تنفيذ خطتها ولا تعمد إلى الجانب الاستعراضي والتظاهري في الإعلان، بل تنفذ خطتها بالتدريج ودون ضجيج من خلال خطوات محددة وملموسة على الأرض من خلال توسيع المستوطنات وزيادة أعداد المستوطنين ( زاد عددهم في الشطر الشرقي من المدينة فقط إلى ما بين 280- 300 ألف مستوطن، ويهعود الاختلالف في الرقم إلى بناء مستوطنات اشبه بالمدن الكبيرة على جانبي الخط الأخضر)، وعلى الرغم من كل إجراءات التهويد والتضييق على المواطنين الفلسطينيين إلا أن نسبة الفلسطينيين إلى إجمالي سكان المدينة ما زالت عالية ومزعجة للإسرائيليين (38 في المائة) ولذك تطرح الدوائر الإسرائيلية خططا لتقليص نسبة الفلسطينين من خلال إخراج عدد من الأحياء الفلسطينية الكبيرة (مثل مخيم شعفاط تحديدا) إلى خارج حدود البلدية، وضم مستوطنات محيطة بالقدس مثل معاليه أدوميم وبسغات زئيف، لتحويل نسبة الفلسطينيين إلى أقل من 20 في المائة.
آخر الإجراءات الإسرائيلية المرتبطة بهدف التهويد هو قرار الحكومة الإسرائيلية بدء إجراءات تسوية الأملاك والعقارات ، وهو إجراء يبدو إداريا وتنظيميا في ظاهره ولكنه في جوهره سياسي بامتياز، حيث يهدف إلى إعادة تسجيل الأملاك بما فيها الأملاك الوقفية وأملاك الخزينة العامة وما وفقا للقانون الإسرائيلي اوبشكل خاص قانون حراسة املاك الغائبين، الذي يتيح لأجهزة الدولة الإسرائيلية السيطرة على الأراضي والأملاك الفلسطينية لمجرد وجود اي شخص من الورثة خارج القدس وحتى لو كان على بعد كيلومترات محدودة في أراضي الضفة الغربية.
يتبين فداحة هذا الإجراء وخطورته إذا علمنا أن نسبة 5 في المائة فقط من الأراضي مسجلة في سجل الأملاك (الطابو) ، وان نحو 55 عاما مضت على الاحتلال، أي ان على مالكي الأراضي اثبات ملكيتهم وعدم وجود "غائبين" بينهم، بالإضافة لدفع جميع الضرائب المتراكمة والمترتبة عليهم لإثبات أحقيتهم بالأرض أو العقار الذي يقيمون فيه.
قانون حراسة املاك الغائبين هو قانون عنصري وتعسفي بامتياز مفصل خصيصا على مقاس سيطرة دولة الاحتلال على الأراضي والعقارات التي هجر اصحابها منها، وقد جرى سن هذا القانون بوحي من الافتراض أن إسرائيل هي دولة يهودية، وبالتالي فإن وجود غير اليهود فيها هو امر استثنائي ويجري تنظيمه وإخضاعه لقوانين مشددة، للدلالة على ذلك تكفي الإشارة إلى أن اكثر من 90% من أراضي الشطر الغربي من مدينة القدس وعقاراته مملوكة للفلسطينيين (بما في ذلك أراضي الأوقاف المسيحية والإسلامية) وأن اصحاب تلك الأراضي لم يغادروا لا هم ولا آباؤهم واجدادهم مطلقا ولكنهم هجروا وطردوا فاضطروا للنزوح من الشطر الغربي للشطر الشرقي، بعضهم انتقل مئات الأمتار فقط عن بيته في أحياء البقعة والطالبية والقطمون وقرى المالحة وعين كارم ودير ياسين إلى احياء الشيخ جراح ووادي الجوز وسلوان والثوري، ولكنهم وفق القانون الإسرائيلي ممنوعون من العودة لبيوتهم واملاكهم، بل إن أملاكهم الحالية باتت مهددة بالاستيلاء عليها من قبل المستوطنين.
المعركة على مصير القدس ومستقبلها مستمرة بكل الشكال والأدوات، احيانا تتركز في المسجد الأقصى بغرض انتزاع جزء منه لليهود أو ما يسمى التقاسم الزماني والمكاني للمسجد، واحيانا على أحياء القدس، لكن هجمة تطبيق وتسوية قانون أملاك الغائبين تهدف لتحقيق اختراق جوهري في مخطط التهويد، وحتى الآن ليس ثمة من يواجه هذا المخطط سوى المواطنين الذين يدافعون عن وجودهم بكل ما تيسر لهم من إمكانيات وفي غياب تام للدور الرسمي الفلسطيني والعربي والإسلامي والدولي فضلا عن غياب الأمم المتحدة وهيئاتها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تشدد مع الصين وتهاون مع إيران.. تساؤلات بشأن جدوى العقوبات ا


.. جرحى في قصف إسرائيلي استهدف مبنى من عدة طوابق في شارع الجلاء




.. شاهد| اشتعال النيران في عربات قطار أونتاريو بكندا


.. استشهاد طفل فلسطيني جراء قصف الاحتلال الإسرائيلي مسجد الصديق




.. بقيمة 95 مليار دولار.. الكونغرس يقر تشريعا بتقديم مساعدات عس