الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مساهمة دول الجوار في تغيب نظام 14 تموز: (3- 6)

عقيل الناصري

2021 / 9 / 21
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


ثانياً - إيران :
أما بالنسبة لإيران فقد استخدمت إيران كل من :
- الورقة الكردية ؛
- شط العرب ؛
- والفتوى التي أصدرها السيد محسن الحكيم بشأن تحريم الانتماء للحزب الشيوعي العراقي وبإعتبار أن الشيوعية كفر وإلحاد ؛
اما بالنسبة للنقطة الأولى في البدء: "...وكان قد لجأ بعد الثورة إلى إيران وتركيا عدد من أصار النظام الملكي ونزحت اعداد أخرى من الأغوات والملاكين الكرد الذين تضرروا من قانون الاصلاح الزراعي، أو بسبب الصدامات التي جرت العشائر الكردية بعد أحداث الموصل في الثامن من آذار 1959... وقدرت المصادر عدد هؤلاء بين خمسة آلاف وعشرين ألفا وقد بادرت السلطات الايرانية لأقامة معسكرات لهم قرب حدود العراقية وزودتهم بالأسلحة والازاق وأتخذت منهم وسيلة للضغط على وتهديده. وكان في مقدمة هؤلاء النازحين الشيخ رشيد لولان الذين أسهمت القوات الحكومية والبارزيون والشيوعيين في ضرب عشيرته وعشائر برادوست وقصف قراه بالطائرات بعد أحداث الموصل... ولايقاف حملة الداعية ضد العراق وإستغلال قضية هؤلاء النازحين من الاطراف الاجنبية، اصدر رئيس الوزارء يوم 25 حزيران 1959 عفو عاما عنهم ودعاهم للعودة إلى مناطق سكناهم حيث قامن الطائرات العراقية بإلقاء مناشير باللغتين العربية والكردية...
وفي السابع من آيار اعلمت الحكومة الايرانية الحكومة العراقية وعن طريق سفارتها ببغداد أن ميناء خسرو اباد ميناء بحري تابع لخرم شهر ( المحمرة) وطلبت الاعتراف بذلك. وقد ردت وزارة الخارجية العراقية يوم 9 حزيران على المذكرة الايرانية بالقول: أن خسرو اباد لا يصلح أن يكون ميناء بحرياً من الوجهة الفنية. اما من الناحية القانونية فإن مياه شط العرب تخضع للسيادة العراقية حتى مستوى المياه المنخفضة في المنطقة الايرانية، ما عدا استثائين في ميناء خرم شهر وعبدان ولذلك لا يجوز أنشاء ميناء ايراني في هذه المنطقة... ومن المهم أن نشير إلى أن خروج العراق من ميثاق بغداد في 24 آذار 1959 كان له أثره في توتر العلاقات بين العراق وإيران التي عرف نظامها بشدة ارتباطه بالغرب. وجاء الانسحاب بعد أيام من توقيع إيران اتفاقية ثنائية مع الولايات المتحدة الامريكية (5 آذار 1959). وقد غدت الولايات المتحدة الامريكية استقرار إيران وسلامتها مسألة حيوية للمصالح الامريكية. وقررت تزويد إيران بالاسلحة وتقديم مساعدات اقتصادية. وكان لذلك أثره في زيادة التوتر بين البلدين. وعلى أثر خروج العراق من ميثاق بغداد، سافر شاه إيران محمد رضا بهلوي في 21 نيسان إلى بريطانيا لمناقشة الوضع الناشيءعن الانسحاب. كما أجرى مشاورات عديدة مع سفراء دول ميثاق بغداد في طهران في اليوم التالي للإنسحاب... ".
وكان شاه لإيران قد صرح يوم 29 تشرين الثاني 1959 أن العراق لا يحترم نصوص معاهدة معاهدة 1937. وهذه حجة لتجاوزات محاولات إيران على الحدود العراقية وبصورة مستمرة ، منذ اتفاقية أرض روم سنة 1847. وهدد يإتخاذ إجراءات أضافية وأشار إلى رغبة إيران في رفع النزاع إلى محكمة العدل الدولية.. وفيه تمهيدات وتحشدات عسكرية على الحدود العراقية الايرانية. وفي بداية 1960 خفت لهجة إيران من عنجهيتها بالتهديدات الفارغة.
أما بالنسبة القضية الكردية فيقول د. كاظم حبيب: "... أن دول حلف بغداد (السنتو) كانت هي الأخرى تطالب برأس الحكم الجديد ورأس عبد الكريم قاسم في آن، ومنها إيران التي شددت من عملية التآمر ضد الوضع في العراق ومحاولة دعم الحركة الكردية وتشجيعها لمعارضة حكومة عبد الكريم قاسم وسياسته في العراق والمنطقة, وكانت السفارة البريطانية في بغداد قد دعمت الحركة الكردية بكل قوة وقررت تزويد القيادة الكردية بمبلغ مالي قدره 60 ألف باون إسترليني كل شهر وفق ما جاء في كتاب للكاتبة زيغريد كاله... ". ويؤرخ ذات المؤلف أنه: "...ومع التمرد الرجعي لرشيد لولان وعباس مامند المدعم من الإمبريالية الأمريكية وحليفها (شاه إيران). ففي الفترة بين 20 -23 تموز أجتمع السفير الأمريكي في طهران (هولمز) بالشيوخ المتمردين، وتم إرسال (علي حسين أغا المنكوري) على رأس عصابة مسلحة بالأسلحة الأمريكية وبإشراف خبراء أمريكان، ليفرض سيطرته على ناحية (تاوسدست) كما أعترف الأسرى من المتمردين بأنهم يحصلون على العون والأسلحة من الولايات المتحدة وبريطانيا عن طريق إيران... ".
"...وبات معروفاً على نطاق واسع تعاون وكالة المخابرات الأمريكية مع جهاز السافاك الإيراني في عهد الحكومة الإيرانية التي كانت تدور في فلك الولايات المتحدة. أنه لمن الصعب الإعتقاد أن مخابرات قاسم كانت على الدوام مخطئة في تقاريرها حول تعاون الأمريكان مع الإيرانيين وحول تسللهم إلى العراق. ويؤكد بعض الكتاب على أن الولايات المتحدة قد بدأت بتمويل الكرد في عام 1960، وبالتالي فلإنه من الجائز أن يكون دالاس ووكالته شرعا بمساعدة الكرد حتى منذ أواخر الخمسينيات... ".
بالرغم أن الشاه عرض على الزعيم قاسم، بإخماد الحركة الكردية بقطع المساعدات عن الحركة وبخاصة في بداياتها اثناء انتفاضة الشيوخ والاقطاعيين مقابل مناصفة الملاحة في شط العرب: فكان جواب الزعيم قاسم أن هذا شعبي ولم ان اسمح لدول الجوار بالتدخل في الشأن الداخلي. وبات معروفا أيضاً أن إيران استخدمت ورقة شط العرب منذ القديم وذلك بتقسيمه بين الجانبين العراقي والإيراني, إلا أن موقف الحكومة العراقية بزعامة الزعيم قاسم، فوتت الفرصة عليها.. في حين تنازل صدام حسين (حامي البوابة الشرقية للأمة العربية كذباً ورياءً) على نصف شط العرب بموجب أتفاقية الجزائر عام 1975.
أما بصدد الفتوى التي تحرم الانتماء إلى الحزب الشيوعي، فقد إستغلتها إيران ابشع استغلال، وقيل تم الايعاز من قبل الشاه لمحسن الحكيم/ في تبني هذه الفتوى لتعقيد الأمور الاجتصادي والسياسية والفكرية. وفي هذه المرحلة بالذات من تاريخ العراق المعاصر حيث:
- عوامل نضوج الظرف الداخلي:
- نضوج الأزمة البنيوية العضوية للحكم الملكي وقد بلغت مراحلها العليا مما أدى لسقوط النظام الملكي برمته ؛
- وانتشار الفكر التحرري بين الأوساط المتعلمة والمثقفة بصورة خاصة العضويين منهم ؛
- والتطور النسبي للوعي الاجتماعي نتيجة التطور النوعي في قوى الانتاج الاجتماعي ؛
- وإحدى إنعكاساتها متمثلة بتأسيس تشكيلات حركة الضباط الأحرار في عام 1948؛
- والتطور الكمي للطبقة الوسطى وصعودها وحضورها في المشهد الاجتصادي والسياسي ؛
- وسيادة في عموم الانتفاضات الشعبية سواءً في المدينة أو الريف.
أما عوامل الظرف الخارجي:
- اشتداد حركة التحررية في العالم الثالث ؛
- أثناء ذروة الحرب الباردة ؛ وظهور حركة الحياد الايجابي ؛
- وفي التوسع الهائل والتأثير المتبادل لحركة التحرر العالمية كإنبثاق الصين الشعبية والأزمة الكورية ؛
- وإشتعال حركة التحرر العربية المتمثل في حرب التحرير الجزائرية (1954)
- وتأميم قناة السويس ( 1956) وغيرها من العوامل.
في هذه الأجواء قاما وساهما السفيران البريطاني والأمريكي في الحملة عام 1954 : "...ضد الشيوعية بنفسيهما، إذ قصدا مدينة النجف الأشرف وإلتقيا العلماء المسلمين فيها، حيث تقيم المرجعية الدينية الأعلى للشيعة في العالم، بهدف حث رجال الدين والعلماء والمرجعية على التعاون وإصدار الفتاوى ضد الشيوعية والشيوعيين في العراق... "، لكن خاب أملهما.
إذ "... في البدء لا بد من الإشارة إلى أن معظم مناهضي الحركة الشيوعية العراقية، وظفوا مسألة الدين ضدها بشكل دائم من خلال طرح ثنائية الإيمان والإلحاد والإصرار على أنه لا يمكن تقييم الشيوعية إلا من خلال هذه الثنائية المقترحة... لقد ساهمت ثنائية الإيمان والإلحاد هذه في تحشيد قوى متنافرة فكرياً وموقعياً إلى حد كبير ضد الشيوعية العراقية بدءاً من نظام الحكم الملكي ومروراً بالانكليز وإيران الشاه والأمريكان وجهات عربية والانتهاء بإسلاميين وقوميين وغيرهم كثيرين، وقد أفرز هذا التحشيد كثيراً من الحساسية الشديدة التي طبعت تعامل المجتمع العراقي بصورة عامة موضوعة الإلحاد التي لم تخضع إلى معالجة جادة خارج ساحة الاحتراب السياسي بوعيها التصنيفي المشحون ... ".
الهوامش:
- ومن الواضح أن أول فتوى ضد الشيوعية في العالمين العربي والإسلامي، كما يذكر تأريخ مصر السياسي، عندما سارع الشيخ محمد بخيت مفتي الديار المصرية عام 1919، وبخاصة عندما نجحت الثورة الاشتراكية في روسيا السوفيتية، في إصدار فتوى بتحريم الشيوعية، ولم يكن قد مر على ثورة اكتوبر سوى أقل من عامين، وتعتبر هذا الفتوى الأولى من نوعها في تأريخ المجتمع العربي واعتقد الإسلامي عامةً. هذه الفتوى لقت النقد على يد "... المفكر الإسلامي الشيخ محمد رشيد رضا تلميذ الأفغاني وزميل محمد عبده مقالاً في جريدته المنار، هاجم فيها صدور تلك الفتوى، ومما جاء في المقال "... إن الشيخ محمد بخيت مفتي مصر، أفتى في جواب سؤال بأن البلشفية محرمة في الإسلام، وفي كل دين، لأنها عبارة عن الإباحة المطلقة للدماء وللأموال والأعراض. وجعلها من المُزدكية والزرادشتية التي ظهرت في أمة الفرس. فرد عليها كثير من الكُتاب الأزهريين وغير الأزهريين، من الجهة التاريخية والدينية وغير الدينية وكثر خوض الجرائد المصرية في ذلك ولكن الحكومة المصرية أخذت صورة فتواه الخطية بآلة تصوير الشمسي ونقشتها في لوح معدني وطبعت عنها نسخاً كثيرة...". راجع كتابنا، ملاحقة اليسار، موضوعة الفنوى الدينية، مصدر سابق.
- تاريخ الوزارات العراقية في العهد الجمهوري، ج.2، ص. 476، مصدر سابق.
- للمزيد راجع الجزء 3، ص. 400 وما بعدها، مصدر سابق.
-د. كاظم حبيب، لمحات من عراق، ص. 169 و 172، مصدر سابق.
- ويليام زيمان، التدخل السري، ص. 53، مصدر سابق.
- يكتب إسماعيل العارف، "... وقد كان من أهم الحوافز التي دفعت إيران على الانضمام إلى (حلف بغداد) التعاون مع العراق الملكي لكبت الحركة القومية الكردية ومقاومة نشاطها في البلدين كليهما. إلا أن ثورة تموز في العراق ، افسدت ذلك المخطط استعماري، وإعادت الأمل للأكراد في ممارسة حقوقهم القومية...". إلا أن الحركة التحررية الكردية، افسدت ذلك بتعاونها مع المخططات الأمريكية والبريطنية من خلال لحكم الشاه وتعونت مع البعثيين في انقلاب شباط 1963. أسرار ثورة 14 تموز، ص.394، مصدر سابق.
- د. كاظم الموسوي، العراق: صفحات من التاريخ السياسي، ص. 77 ، مصدر سابق
-عقيل عباس، عقدة الدين في الفكر الشيوعي وأثرها على الحوار بين الشيوعيين والإسلاميين ص. 195 ، مستل من محمد سعيد الطريحي، الشيعة والشيوعية، مصدر سابق.
ويكتب رونالد بوير في تفنيد مقولة (الدين افيون الشعب) قائلاً: "... أفيون الشعب، ربما هي الفكرة الأولى التي تتبادر إلى الذهن عندما يتطرق أحدهم الى موضوعة الماركسية والدين ... إن السياق النصي لهذه العبارة المعزولة من شأنه تعزيزهذا المعنى. في مقدمته الموجزة لكتابه "مساهمة في نقد فلسفة الحق عند هيغل " الذي نشرعام 1844، يكتب ماركس: (المعاناة الدينية هي، واحدة من أشكال التعبيرعن المعاناة الحقيقية والإحتجاج ضد هذه المعاناة. الدين هو تنهيدة الإنسان المضطهد، هو قلب العالم الذي لاقلب له، هو روح الظروف التي لا روح لها، إنه أفيون الشعب). لقد جاءت العبارة الشهيرة - أفيون الشعب - في نهاية هذا النص، ولكي نفهمها فإننا نحتاج إلى الأخذ بنظرالإعتبارالجمل التي جاءت قبلها. يوضح ماركس بأن المعاناة الدينية قد تكون تعبيراً عن معاناة حقيقية ، وأن الدين ربما هو الحسرة والتنهيدة، إنه القلب والروح لعالم لا قلب ولا روح له. لكنه أيضاً إحتجاج ضد تلك المعاناة. المعاناة الدينية هي تحدي للمعاناة الحقيقية، إنها توجه أسئلتها الدائمة، لماذا نحن نعاني؟. بكلمات أخرى، لقد سمح ماركس هنا بدور إيجابي للدين بكونه إحتجاجاً. كيف يمكن للدين أن يكون إحتجاجاً ؟ لقد كان ماركس مدركاً من أن الأديان تحاول أن تقدم بديلاً أفضل لحياتنا الراهنة ... ".ترجمة قحطان المعموري، مستل من منيرة هادي، من الفيسبوك، تاريخ النشر 21/11/2020.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لمصدر رجاءً!
طلال الربيعي ( 2021 / 9 / 22 - 23:49 )
اقتباس
-لقد كان ماركس مدركاً من أ-;-ن الأ-;-ديان تحاول أ-;-ن تقدم بديلاً أ-;-فضل لحياتنا الراهنة-
ارجو ذكر مصدر هذه العبارة الغريبة بالألمانية او الإنكليزية.
وما الذي يمنع الدين من تقديم حياة افضل, كما في العراق الآن, اذا كان قادرا؟
المصدر المذكور
-ترجمة قحطان المعموري، مستل من منيرة هادي، من الفيسبوك، تاريخ النشر 21/11/2020-
ليس مصدرا يعتد به بأي مقياس.
ماركس لم يقل هذه العبارة, هذا تشويه لموقف ماركس من الدين حتى لو كان الأمر غير مقصود!
لا يمكن عزل الدين عن وظيفته الطبقية ومعاملته بشكل مجرد والماركسية ترفض هكذا تعميم.

اخر الافلام

.. الإنفاق العسكري العالمي يصل لأعلى مستوياته! | الأخبار


.. لاكروا: هكذا عززت الأنظمة العسكرية رقابتها على المعلومة في م




.. ألفارو غونزاليس يعبر عن انبهاره بالأمان بعد استعادته لمحفظته


.. إجراءات إسرائيلية استعدادا لاجتياح رفح رغم التحذيرات




.. توسيع العقوبات الأوروبية على إيران