الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جسر اللَّوْز 3

علي دريوسي

2021 / 9 / 22
الادب والفن


مساء الخير أحمد،
شكراً لإيميلك، لعلك تنتظر مكالمتي في هذه الساعة، كما تتوهم!
أريد أن أقول لك سراً من أسراري العلنية، أنا لا أتصل هاتفياً إلا ما ندر، أفضل الكتابة على المهاتفة.
بالمناسبة، أعتقد أني سمعت سابقاً باِسمك عن طريق صديقة مشتركة اسمها زهور، الفتاة الجميلة القادمة من السعودية، تعرّفتُ إليها في معهد اللغة، أخبرتني زهور كما أذكر بأنها قد اِلتقتك في إحدى الحفلات الطلابية، وبأنك قد زرتها لاحقاً في منزلها، هل لك علاقة حميمة معها!؟
ليس لدي ما أخبرك به عني حقيقة، أنا طبيبة وأختص في مجال علم النفس الإكلينيكي في جامعة بون، بعد أن تحصلت على فرصتي في الخروج من مدينة الليمون والزيتون والوصول إلى ألمانيا، أما في وقت فراغي فأمشي كثيراً لوحدي وأكتب قصصاً لعلها كما أنت تراها رومانسية بعض الشيء. لا أحب الاختلاط ولا العلاقات الاجتماعية السطحية. أحتاج الوقت، وقتي، للإزهار والتنفس والتأجُّج.
أتمنى لك عطلة نهاية أسبوع جميلة.
تحيات طيبة لك
إيمان

"أريد أن أعترف لكم دون حرج وخجل بأن إيميلها الجاف قد أزعجني، أحسست برفضها الصريح للتعرُّف على شخصي، كرهتها قليلاً، وددت لو أراها لأصرخ بوجهها لأنها لا تبذل جهداً يُذكر للتقرُّب مني. وضعت الملح على الجرح وهربت من الكتابة إليها لأكثر من يومين، ثم وجدت نفسي أكتب لها ـ دون إرادة مني ـ هذا الإيميل الدبلوماسي كمحاولة قبل أخيرة."

عزيزتي إيمان،
أعلم أنك، عفواً، أشعر بأنك تنتظرين إيميلاتي بفارغ الصبر، أرجوك لا تفقدي أعصابك وتصرخي بصوت عالٍ، لا أقصد الإساءة إليك إبداً إنما أحاول أن أضفي بعض المرح على الكتابة الإلكترونية الجافة، أعتقد أنك تتفقين معي أنّ ثمّة شعوراً رائعاً غامضاً ينتابنا حين نتلقى رسالة من أشخاص نتمنى التواصل معهم بكل أحاسيسنا والرد على كلماتهم بكامل الصدق.
تعبيراتك اللطيفة وردود أفعالك وكلمات المديح القليلة التي تكتبينها لي تعطي ليومي معنىً مختلفاً عن المعتاد، تجعلني سعيداً على غير العادة، نحن البشر نحب المجاملات يا إيمان، لعل السبب في ذلك يكمن في أن الإنسان قادر عن طريقها على المساهمة في تحسين صورة العالم.
اِكتبي لي أكثر يا إيمان لو سمحت! لا تتركينني وحيداً وإلا سأكره اسمك.

ما هي المجاملة الأجمل التي قيلت لك في الآونة الأخيرة؟
قدراتك على التفكير العلمي والأدبي تعجبني. هل تدرسين حقاً في جامعة بون؟ هل تشعرين بالعزلة؟ عما يدور تخصّصك الدقيق؟ ما اسم القرية التي أتيت منها؟ كم هو طول قامتك؟ هل تعرفين قريتي "المسعودية"؟ هل مررت بها؟ منذ متى وأنت في ألمانيا؟
لقد لمست في قصصك أنك تشعرين بالخوف والقلق من وطنك الأم، ما الشيء الذي يخيفك هناك؟
أما أنا فعاجز عن التفكير في بلدي واستذكار تفاصيل حياتي هناك، أحاديثي عنه أخذت تتضعض مع مرور الوقت، والمقاطع العرضية للحبال التي تشدني إليه آخذة بالانقباض والتضاؤل يوماً بعد آخر. قبل أن أسافر، كنتُ أعتقد جاهلاً أنّ حدود مدينتي الصغيرة هي العالم. أنا ممتن للقدر الذي سمح لي أن أعيش في هذا البلد وأتفاعل مع ناسه وأتمتع بجماله وتطوره، هنا استطعت للمرة الأولى في حياتي أن أتغلب على مخاوفي وشكوكي.
إذا كنت تحتاجين للمساعدة في الكتابة العلمية وصياغة بعض الجمل الصعبة يسرني أن أقدم لك استعدادي للخدمة.
أريد أن أسمع صوتك عن طريق الهاتف. ما هو رقم هاتفك المقدّس؟
أتمنى لك مساءً هادئاً ولتحلمي بشاطئ رطب آمن تحت قدميك العاريتين، ولا تنس أنك لست وحيدة في هذا العالم.
أحمد

يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفيلم اللبنانى المصرى أرزة يشارك فى مهرجان ترايبيكا السينما


.. حلقة #زمن لهذا الأسبوع مليئة بالحكايات والمواضيع المهمة مع ا




.. الذكاء الاصطناعي يهدد صناعة السينما


.. الفنانة السودانية هند الطاهر: -قلبي مع كل أم سودانية وطفل في




.. من الكويت بروفسور بالهندسة الكيميائية والبيئية يقف لأول مرة