الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مرحلة متقدمة في الحرب الباردة ضد الصين / الناتو يواجه تقاطعات جدية بين قواه الرئيسية

رشيد غويلب

2021 / 9 / 22
الارهاب, الحرب والسلام


وصف الرئيس الفرنسي ماكرون الناتو مرة بأنه “ميت سريريا”. وانتقد في تشرين الثاني 2019 الحلف لـ “عدم وجود تنسيق إطلاقا، في اتخاذ القرارات الاستراتيجية بين الولايات المتحدة وحلفائها في الناتو”.
بعد أن قررت أستراليا إنهاء عقدها مع فرنسا لشراء 12 غواصة نووية، بقيمة 56 مليار يورو. استدعى ماكرون في 17 أيلول الحالي سفراء بلاده في الولايات المتحدة وأستراليا للتشاور. وأكدت فرنسا غضبها الشديد بسبب هذه الخطوة. لقد خسر المجمع الصناعي العسكري لثالث أكبر مصدر للأسلحة في العالم صفقة مهمة. ويمثل قرار التخلي عن عقد شراء الغواصات الفرنسية المبرم في عام 2016 لصالح شراكة جديدة مع الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا العظمى سلوكًا غير مقبول بين الحلفاء. وأن العواقب تمس جوهر التحالفات والشراكات الفرنسية، لأهمية المحيطين الهند ي، والهادي بالنسبة لأوروبا. وتحدث وزير الخارجية الفرنسي لو دريان عن قرار “وحشي” لبايدن، على غرار قرارات دونالد ترامب، وأن القرار يبين الحاجة إلى مزيد من “السيادة الاستراتيجية” الأوربية.

ما الذي حدث؟
في 15 أيلول الجاري أعلنت الولايات المتحدة وبريطانيا العظمى وأستراليا عن تحالف عسكري جديد باسم AUKUSمختصر اسماء البلدان الثلاثة، لمنطقة المحيطين الهندي والهادي، ستزود بموجبه الولايات المتحدة وبريطانيا العظمى أستراليا بغواصات تعمل بالطاقة النووية وصواريخ توماهوك كروز، تستخدم في المحيط الهادي وستقوم بدوريات في المحيط الهندي. قال رئيس الوزراء البريطاني جونسون خلال الإعلان عن التحالف “نتوقع أن نسرع في تطوير أنظمة دفاع متقدمة أخرى في مجالات الفضاء الإلكتروني والذكاء الاصطناعي وأجهزة الكمبيوتر الكمية والقدرات تحت الماء”.

حرب باردة جديدة

رد الفعل الصيني أعلنه المتحدث باسم وزارة الخارجية تشاو ليجيان، الذي أكد على أن الصين تعتبر نفسها هدفًا واضحًا لهذا “الناتو في المحيط الهادئ” ولا سيما الأسطول النووي الأسترالي المقدم من الولايات المتحدة وبريطانيا، وتدين الصين هذه الخطوة، باعتبارها تهديدًا “للسلام والاستقرار الإقليميين”. والمقلق بشكل خاص حصول استراليا على غواصات تعمل بالطاقة النووية، حتى لو لم يتم تسليحها بأسلحة نووية، لقد وصل الصراع الجيوسياسي المركزي في القرن الحادي والعشرين إلى مستوى جديد من التصعيد. وإن الاتفاقية بين الدول الثلاث ستؤدي إلى تعميق سباق التسلح في منطقة المحيطين الهندي والهادي وستلحق أضرارا جسيمة بالجهود العالمية للحد من الانتشار النووي.
تأتي الاتفاقية على خلفية سنوات من تسريع تطوير القدرات العسكرية للولايات المتحدة، والتي يصفها العديد من المحللين بأنها المرحلة الأولية لحرب باردة جديدة، تهدف إلى الحد من نمو الاقتصاد والنفوذ الدولي الصيني. وقال بايدن في خطاب ألقاه أمام الكونغرس في نيسان الفائت: “نحن في منافسة مع الصين ودول أخرى لتحقيق النصر في القرن الحادي والعشرين.” المواجهة مع الصين معركة لا تحدث إلا مرة واحدة في كل جيل. و”نحن في نقطة تحول رئيسية في التاريخ.” وقال للصحفيين: “في ظل حكومتي”، لن تحقق الصين هدفها المتمثل في تصبح “الدولة الرائدة، والأغنى والأقوى في العالم”.
وتأتي أهمية دور أستراليا، على الرغم من عدم عضويتها في الناتو، من كونها شريكًا دائما للحلف، في كل حروبه من فيتنام إلى العراق وأفغانستان. بالإضافة إلى ذلك، ترتبط الولايات المتحدة الأمريكية مع أستراليا أيضًا فيما يسمى بتعاون “العيون الخمس” لأجهزة مخابرات تحالف يضم أستراليا ونيوزيلندا وكندا وبريطانيا والولايات المتحدة. وأستراليا عضو في اتفاقية عسكرية أخرى “الحوار الأمني الرباعي” يضم إلى جانبها الهند واليابان والولايات المتحدة، وهو تحالف آخر ضد الصين.
إن ما يحدث يعيد إلى الأذهان جهود الولايات المتحدة في تأسيس حلف الناتو في أواخر أربعينات القرن العشرين، في سياق معاداتها للشيوعية والإتحاد السوفيتي.

قلق فرنسي – أوربي

لا يتعلق الأمر بالنسبة لفرنسا بفقدان الصفقة فقط. لقد اتخذ ماكرون موقفًا سياسيًا مختلفًا عن موقف الولايات المتحدة في منطقة المحيطين الهندي والهادي، ويحاول أن يسلك “طريقًا ثالثًا”، باعتباره “حليفًا مستقلًا”، لا يتبع أثر واشنطن في الحرب الباردة ضد الصين. وقد عبر الرئيس الفرنسي عن موقفه هذا في قمة الناتو في 10 حزيران الفائت. والتصرف الأمريكي يعني بالنسبة لفرنسا، أن أوربا قليلة الأهمية، أو لا تعني شيئا للولايات المتحدة. وتواجه فرنسا صعوبة في كسب ألمانيا إلى جانبها، بسبب خسارة شركات ألمانية صفقة الغواصات في عام 2016، لصالح منافستها الفرنسية، لذلك كانت رد المستشارة الألمانية، اثناء لقائها الرئيس الفرنسي في 16 أيلول في قصر الاليزيه حذرا.
الاتحاد الأوروبي صامت، لكنه ينظر بقلق إلى الإستراتيجية الأمريكية الجديدة. بعد الابتهاج بانتصار بايدن، جاء الانسحاب الفوضوي من أفغانستان دون إبلاغ الأوروبيين، الذين أجبروا على التعامل مع ملف اللاجئين الأفغان، وسبق ذلك أزمة لقاحات كورونا، حيث لم تساعد الولايات المتحدة في البداية أوروبا. ويأتي توقيت التحالف الجديد، عشية عرض إستراتيجية الاتحاد الأوروبي لمنطقة المحيطين الهندي والهادي، وهو الجزء الأول من مشروع يسمى “البوابة العالمية” الذي ينوي الاتحاد الأوروبي بموجبه توقيع اتفاقيات دولية تتجاوز التجارة في مجالات الصناعة والتكنولوجيا الرقمية والاتصال، ومصادقة “الأمن البحري” ايضا.
وكانت استراليا قد ألغت عقدا، مع إيطاليا أيضا، بقيمة 23 مليار يورو لشراء 9 فرقاطات، هي الأحدث عالميا وجاهزة للاستخدام لصالح عرض بريطاني في طور التصميم.
إن رسالة الولايات المتحدة واضحة: لا مكان للاتحاد الأوروبي في المحيط الهادي. وأن منطقة التوسع والنفوذ الأوروبي، على أساس “التحالف الأمريكي البريطاني” الجديد، مع استثناءات قليلة، تقتصر على منطقة البحر الأبيض المتوسط والخليج وأفريقيا، ولا تشمل المحيط الهادي، باعتباره منطقة تركيز استراتيجي للولايات المتحدة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اليسار الاوربي
ماجد فيادي ( 2021 / 9 / 22 - 21:58 )
هل يتفق اليسار الاوربي مع اليسار الالماني في الدعو للخروج من الناتو؟؟؟
امريكا تبحث عن سياسة جديدة وحلفاء جدد تجعلها مستمرة في هيمنتها على الاقتصاد العالمي، السياسة الجديدة ممكن ان تكون على حساب حلفائها الحاليين، وهذا يتضح في عدة مناسبات مثل خروج بريطانيا من الاتحاد الاوربي وخروج امريكا بقرار فردي من افغانستان وتغيير استراليا صفقة الغواصات، القائمة تطول

اخر الافلام

.. قبل عمليتها البرية المحتملة في رفح: إسرائيل تحشد وحدتين إضاف


.. -بيتزا المنسف- تثير سجالا بين الأردنيين




.. أحدها ملطخ بدماء.. خيول عسكرية تعدو طليقة بدون فرسان في وسط


.. سفينة التجسس بهشاد كلمة السر لهجمات الحوثيين في البحر الأحمر




.. صراع شامل بين إسرائيل وحزب الله على الأبواب.. من يملك مفاتيح